سلط موقع “الإمارات71” في تقرير له الضوء على قضية ابتعاد الشباب الإماراتي عن إمامة المساجد وغياب الشعائر المرتبطة برمضان من دروس الوعظ وحلقات العلم، متحدثاً عن أسباب ذلك المرتبطة بتغييرات كبيرة شهدتها البلاد.
وتحدث التقرير الذي رصدته (وطن) عن غياب أصوات الإماراتيين من الفئات العمرية الشابة عن إمامة المساجد والشعائر الرمضانية في صلاة التراويح والقاء الكلمات في المساجد التي كانوا يداومون عليها طيلة الشهر المبارك.
ويأتي ذلك رغم زيادة عدد المساجد في الدولة مقابل تراجع في أعداد الأئمة المواطنين إلى مستويات غير مسبوقة.
نسبة المواطنين الإماراتيين في إمامة المساجد
ووفق إحصائيات تعود لعام 2020 يعمل في الإمارات (4,102) إمام مسجد و(1,402) مؤذن، لكن نسبة المواطنين لاتتجاوز 121 إماماً ومؤذناً مواطناً، يمثلون 5 بالمئة فقط من إجمالي الأئمة في عام 2014، بسبب عدم توفر إحصائيات جديدة.
وأوضح المصدر أن هذه الظاهرة تأتي نتاج تفاعل مجموعة من العوامل التي تهدد بمزيد من العزوف عن هذه الوظيفة السامية.
وأضاف أن معظم هذه العوامل تقع على عاتق الدولة والجهات المسؤولة التي دائماً ما تعد بتوطين هذه الوظائف.
ويبدو أن جهات أعلى ترى في عزوف المواطنين عن إمامة المساجد منحة لا محنة وطنية، وفق ما ذكره تقرير “الإمارات71”.
شروط إمامة المساجد في الإمارات
وقلصت الهيئة العامة لشؤون الأوقاف في الإمارات الشروط لإمامة المساجد بهدف جذب المواطنين ومع ذلك لا يوجد إقبال منهم على إمامة المساجد.
واشترطت الدولة لإمامة المساجد حفظ جزء واحد من القرآن وشهادة ثانوية وشهادة حسن سيرة وسلوك.
وقدمت سلطات أبوظبي بشكل متكرر علاوات مالية شهرية بنسبة 50% من الراتب الأساسي لجميع العاملين في المساجد من الأئمة والمؤذنين على مستوى الدولة التابعين للهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف.
وكل ذلك لم يجذب الشباب الإماراتي لإمامة المساجد لأسباب متعددة أبرزها أن مستحقات أئمة المساجد ضمن الحد الأدنى من الأجور في الدولة، حيث يحصل إمام المسجد الإماراتي على حوالي 6000 درهم وهو راتب ضئيل لا يقارن بالوظائف الأخرى الحكومية.
وحسب القانون الإماراتي الساري يبلغ متوسط رواتب موظفي الحكومة الاتحادية في الدولة حوالي 16000 درهم شهرياً، ويحط ذلك من قدر هذه الوظيفة الجليلة ويدفع المواطنين للبحث عن وظائف أخرى.
قيود تخالف أبسط مبادئ حريات وحقوق الإنسان
وعلاوة على ذلك تمنع السلطات المواطنين الذين بنوا المساجد من دفع رواتب للأئمة والمؤذنين العاملين في المساجد التي أصبحت تحت مظلة الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف.
ومن أسباب عزوف الشباب عن المساجد مصاعب ترتبط بالحصول على ترخيص إمامة المسجد لوجود شروط وضوابط معظمها مرتبطة بجهاز “أمن الدولة”.
ترتبط تلك القيود التي تنافي أبسط الحريات ومبادئ حقوق الإنسان بتيار فكري معين تفرض على إمام المسجد أن يكون تابعاً له.
وكانت الإمارات قد منحت في العقد الماضي تيار الصوفية المدخلية حق الوصول والسيطرة على مساجد الدولة وحتى الافتاء وفي مقدمتها: مؤسسة “طابة” و”مجلس حكماء المسلمين”.
ولا تسمح الحكومة الإماراتية باللقاءات خارج أوقات الصلوات في المسجد، وتملك كاميرات مراقبة في كل المساجد مرتبطة بمراقبة أمنية طوال الصلوات.
كما تحظر أي أنشطة للمساجد بما في ذلك أنها لا تسمح “بأي شكل من الأشكال لأي شخص ما بإلقاء دروس أو خطب في المساجد سوى المأذون لهم بهذه المهمة.”
كل ذلك فضلاً عن المواد الفضفاضة التي تقمع الحريات وتفرض رقابة أمنية هائلة على المساجد.
الإماراتيون في خوف دائم من الأنشطة الدينية
ولهذا يخشى المواطنون أن يكونوا عرضة لانتقام جهاز الأمن، وجرّهم للمحاكم بتهم زائفة تربطهم بالمعتقلين السياسيين الذين مضى على اعتقالهم 12 عاماً.
وفضلاً عن ذلك يرفض بعض الشباب الإماراتي الالتحاق بالمعاهد الدينية لأسباب تعليمية مثل طول مدة الدراسة أو صعوبة المناهج الدراسية، وعدم الرغبة في العيش مع الحد الأدنى للأجور مع مخاوف من السجن والاعتقال.
وخلال سنوات مضت كانت مؤسسات الدولة نشطة في شيطنة الأنشطة المسجدية، وأئمة المساجد فتسببت في نظرة سيئة وخوف وقلق دائم.
وفضلاً عن ذلك فإن سياسات أبوظبي في التشجيع على الانفلات الأخلاقي والديني أدى إلى تغيّر نمط حياة الشباب الإماراتي إلى أمور أخرى.
المصدر – الصحف الإماراتية