كشفت مصادر مطلعة تفاصيل ما وصفته “بتقرير أولي” رفعته لجنة أمنية شُكلت من عدة فصائل في غزة أهمها حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي، بشأن عملية تحرير الأسيرين الإسرائيليين المزعومة والعملية الإسرائيلية الأخيرة في رفح.
ولوحظ خلال الأيام الماضية الاهتمام الهوليودي من قبل إسرائيل بعملية تحرير الأسيرين “فرناندو سيمون مارمان” و”لويس هار” في رفح، وإنتاج مقطعين ونشرهما على نطاق واسع للعملية رغم عدم وجود أي اشتباك خلالها، ورغم علم جيش الاحتلال بمكانهما منذ أسابيع، طبقًا للتقارير الإسرائيلية.
قوات الاحتلال تبث تسجيلا تزعم انه خلال تحرير اسيرين من رفح .. الشريط يفتقد لحظة الوصول الى الاسيرين . pic.twitter.com/BAHwnoVoj2
— مصدر مسؤول (@fouadkhreiss) February 13, 2024
وبحسب المصادر التي رفضت الكشف عن هويتها لدواع أمنية، فإن التقرير لجنة التحقيق المشار إليه قد استند إلى تحرك سريع قامت به فور انتهاء العملية، حيث تم اعتقال أشخاص من عائلة “أبو سرور” وبعض الأشخاص في كتيبة المجاهدين.
والأحد الماضي، أعلن جيش الاحتلال تحرير أسيرين إسرائيليين في رفح جنوب قطاع غزة بعملية عسكرية ليلية، تزامنت مع قصفٍ عنيف على المدينة أسفر عن استشهاد نحو مئة شهيد فلسطيني وإصابة العشرات.
القيادي في حماس أسامة حمدان: الروايات الميدانية تشير إلى أن الأسيرين في #رفح لم يكونا لدى كتائب القسام pic.twitter.com/rjVyNtsf0B
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) February 12, 2024
البداية كانت يوم طوفان الأقصى
بداية هذا الموضوع يعود إلى تاريخ 7 أكتوبر ـ عملية طوفان الأقصى ـ فبعد تحطيم الجدار الفاصل بين مستوطنات غلاف غزة وقطاع غزة بفعل هجوم كتائب القسام في هذا اليوم، دخل إلى مستوطنات الغلاف تنظيمات وأشخاص مدنيين “وكلٌ كان له هدفه ومبتغاه في ظروف كان من الصعب التحكم بها والسيطرة على كل تفاصيلها” تقول المصادر.
وبحسب التقرير الأولي الذي كشفت عنه المصادر ورفعته لجنة أمنية شُكلت من عدة فصائل في غزة، فإن عملية أسر المستوطنين وجنود الجيش الإسرائيلي كانت العنوان الأبرز في عملية “طوفان الأقصى” والتي تم فيها الاجتياح الواسع لمستوطنات الغلاف؛ وفي حين ركزت الكتائب العسكرية على أسر الجنود والضباط قامت مجموعات أخرى بأسر مدنيين وأطفال وكبار في السن.
وتابعت المصادر أنه بسبب الهجوم الاسرائيلي المعاكس والذي شمل شن الغارات الجوية على معظم مناطق قطاع غزة، على مدار الساعة كان من الصعب ضبط الأمور من قبل قوات المقاومة والسيطرة على الأحداث وإجراء تقييم للنتائج، ومعرفة ما هو عدد الأسرى الإسرائيليين الذين تم جلبهم إلى قطاع غزة ومن هي الجهات التي بحوزتها أسرى.
أسرى لدى عائلات تتبع كتيبة المجاهدين
وتبيّن فيما بعد وفق “التقرير الأمني” محل الذكر أن بعض العائلات قامت بأسر إسرائيليين. وهذه العائلات تتبع لكتيبة المجاهدين والتي هي جزء من تنظيم حركة المجاهدين التي أسسها عمر أبو شريعة عام ٢٠٠٦.
والمعروف أن حركة المجاهدين شهدت انشقاقات وانقسامات عديدة وجميعها تحمل إسم الذراع المسلح “لكتيبة المجاهدين“. ومعظم سلاحهم فردي وليس لديهم تجهيزات على الأرض، ومعظم تشكيلاتها تأخذ الطابع العائلي والعشائري.
وبحسب التقرير الأمني للفصائل والذي كشفت عنه المصادر، فإنه في ٧ أكتوبر قامت كتيبة المجاهدين بقيادة محمد أبو سرور بأسر الإسرائيليين “فرناندو سيمون مارمان” (٦٠ عاما)، ولويس هار (٧٠ عاما)ـ وعادوا بهما إلى قطاع غزة وبالذات لمدينة رفح، مكان سكن وعمل محمد أبو سرور، وتم وضعهما في أحد البيوت وكان يتم نقلهما بين فتره واخرى من مكان لآخر.
محمد أبو سرور وضع الأسيرين في عهدة أخ له واثنين من أولاد عمه، وكانت وظيفتهم المحافظة عليهما وحراستهما وتولي شؤون إطعامهم وعلاجهم؛ ولكن صاحب القرار الأول والأخير كان محمد أبوسرور.
استشهاد محمد أبو سرور ومصير الأسيرين
وتابعت المصادر أنه في بداية شهر يناير الماضي، استشهد محمد أبو سرور في محيط مدينة خانيونس، وأصبح شقيقه وأولاد عمه بلا مرجعية، حيث لا علاقات تنظيمية لهم مع أي طرف أو شخص؛ وأصبحوا يتصرفوا بالأسيرين وفق اجتهادهم وتقديرهم.
ليقوموا بنقل الأسيرين الإسرائيليين فوراً إلى منطقة في مخيم الشابورا والتي لديهم فيها ثقل عائلي ووضعوهما في احد بيوتهم. وحيث أن خبرتهم وثقافتهم متدنية ـ بحسب التقرير الأمني لفصائل المقاومة ـ فقد تمكن احد الأسيرين وهو الأسير “لويس هار” من استمالة بعضهم ونجح باختراقهم وقدم إغراءات لهم وربما وعدهم بالكثير حتى وصل الأمر بهم لتسهيل اتصاله هاتفياً مع ابنته.
حيث أخبرهم الأسير الإسرائيلي أن ابنته صاحبة شركة كبيرة ولها عدة فروع في الخارج وأنها ستوفر لهم أي شي يطلبوه، ويمكن أيضا أن تساعدهم في الخروج من غزة وتوفير لجوء سياسي لهم في أية دولة غربية.
خيانة مقابل المال ووعد بالخروج من غزة
ويواصل التقرير الأمني للفصائل عن “هجوم فح” بأن اتصالات ابنة الأسير الإسرائيلي استمرت معهم وباتت تلك الاتصالات دائمة ولكنها كانت تتم بإشراف ومراقبة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
وهناك معلومات غير مؤكده حتى الآن بأن ابنة الأسير أوصلت مبالغ مالية لأشخاص ربما يكونوا من أقارب الخاطفين الذين يقيمون في كل من بريطانيا والسويد، على أن يتسلموا المبلغ المتفق عليه لحظة الافراج عن المخطوفين، مع وعد بمساعدتهم على الخروج من غزة إلى مصر ومن ثم لإحدى الدول الأوروبية.
وكشفت التقرير أيضا أن الخاطفين كانوا قد رفضوا عرضا قدمته لهم ابنة الأسير الإسرائيلي ليحضروا مع الأسيرين إلى إسرائيل، ومن ثم يغادرو إلى بلد اللجوء حيث عرضت عليهم إخلاء مسؤوليتهم القانونية عن عملية الخطف وأنها تضمن سلامتهم في إسرائيل لحين مغادرتهم.
وفي إحدى المراحل تم الاتفاق معهم على نقل الأسيرين إلى محيط الغلاف حيث تجري تنفيذ الصفقة بحيث تكون ابنة الأسير موجودة في نقطة بعيدة عن جيش الاحتلال، حيث ستلمهم المبالغ المتفق عليها وستستلم منهم الأسيرين.
ويتابع التقرير الأمني الأولي لفصائل المقاومة بشأن “عملية رفح” والتي كشفت تفاصيله المصادر، أنه خلال تلك المرحلة تم تحديد ثلاث تواريخ لتنفيذ الصفقة، إلا أن ابنة الأسير اتصلت بهم وطلبت التأجيل تحت عنوان مخاوف أمنية ومن أجل ضمان سلامة الجميع ولإنجاح الصفقة.
موعد الصفقة وتفاصيل العملية
وأخيراً تم تحديد الموعد النهائي في تمام الساعة الواحدة فجرا من يوم، الاثنين 12 فبراير.
وكانت تفاصيل العملية التي تم الاتفاق عليها أن يحضر أحد الخاطفين إلى نقطه تم الاتفاق عليها وتقع في محيط مدينة رفح ويلتقي ابنة الأسير، ويحصل منها على المبلغ. عندها يتصل تلفونيا بالخاطفين الآخرين ليبلغهم أنه تسلم المبلغ، ويطلب منهم التحرك لنقطة معينة لتسليم الأسيرين بعد أن يكون هو قد غادر ومعه المبلغ.
وكشف التقرير أن هذا بالفعل ما حدث تحت غطاء عملية رفح والهجوم العسكري الإسرائيلي، فمع وصول الخاطف الأول لمقابلة ابنة الأسير انطلقت العمليه العسكرية الشاملة بعد أن كانت إسرائيل قد توصّلت لكافة التفاصيل اللازمة بخصوص المنطقة التي يقع فيها البيت المتواجد فيه المخطوفان وعدد من في البيت، ورصدوا المنطقه بأسرها من خلال طائرات الاستطلاع.
عملية شاملة في كل رفح للتضليل
وبحسب المصادر فقد انطلقت العملية العسكرية في كل أنحاء رفح للتضليل إلا في المنطقة القريبة من المنزل الذي يتواجد فيه الأسيرين، حيث وصلت قوات الاحتلال إلى المنطقة وصعد الجنود إلى البيت.
وبدون ضجيج وبدون أي إطلاق نار أخذو الأسيرين الإسرائيليين والخاطفين الاثنين ومن الواضح أنهما إما اعتقلا أو قتلا، وكذلك الأمر بالنسبة لمن ذهب أولاً لمقابلة ابنة الأسير.
ولفتت المصادر إلى أنه في هذه العملية التي وُصِفت بالبطولية والمعقدة من قبل جيش الاحتلال، والتي نفذتها إسرائيل بجيشها وأمنها وحكومتها استشهد أكثر من 100 فلسطيني بنيران الاحتلال.
وتابعت أنه كان بإمكان القوات الإسرائيلية إنجاز المهمة بدون ما وصفته بهذا “الإخراج الاستعراضي” كما حدث في الطريقة التي تم بها تحرير الرهينة السابقة، ولكنهم أرادوا تسويق هذه العملية بهذه الطريقة لأهداف سياسية وباعتبارها إنجاز بطولي خارق.
المعلومات تتفق مع ما كشفه قيادي بحماس
هذه الملعومات المسربة يدعم معظم ما جاء فيها ويؤكد صحتها تصريحات خرجت يوم، الاثنين، عن القيادي في حماس محمد نزال، الذي كذب الرواية الإسرائيلية بشأن عملية الاحتلال في رفح والتي قادت إلى استعادة الأسيرين.
وفي حديثه لـ”تلفزيون العربي” أكد القيادي بحماس أن الرواية التي يروج لها الاحتلال بشأن تحرير الأسيرين الإسرائيليين “كاذبة”، وتهدف إلى رفع المعنويات داخل الرأي العام الإسرائيلي.
وأوضح نزال أن العملية الإسرائيلية “كانت عادية كون المحتجزين الإسرائيليين كانا في شقة مدنية وتم أسرهما من قبل مدنيين فلسطينيين في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي”. كما أوضح نقلًا عن شهود عيان بأنه لم يتم الاشتباك مع مقاتلي القسام كما زعم الاحتلال.
وأشار نزال أيضا إلى أنه “لم تحدث أي عملية ذات خصوصية في البناية التي يتواجد فيها الأسيران، حيث دخلت قوات الاحتلال بناء على معلومات استخبارية وأخذت الأسيرين دون حدوث أي عملية اشتباك مع المقاومة”.
وأكد القيادي بحماس أيضا أن قوات الاحتلال “لم تستطع الوصول إلى أيّ أسير لدى المقاومة وتحديدًا لدى كتائب القسام منذ عملية طوفان الأقصى.”
واعتبر محمد نزال أن نتنياهو يريد صنع “انتصار وهمي” والزعم بأنه قادر على الوصول إلى الأسرى وأنه لا حاجة لأي عملية تبادل.
كما نوه القيادي بحركة حماس إلى أن كتائب القسام عندما أعلنت عن عدد الأسرى أكدت وجود 250 أسيرًا لديها في البداية وأكدت وجود 50 آخرين عند جهات مختلفة بغزة.
المصدر – وكالات – شبكة رمضان