مع الصراع الداخلي الدموي الذي يعيشه السودان تسببت تدخلات الإمارات في دعم أطراف الأزمة بإزعاج كبير للقوات المسلحة السودانية، ما جعل التوتر بينهما يصل حد الغليان، وفق تقرير لموقع “amwaj” الإخباري التحليلي.
وبحسب التقرير فإن ما يفسر تلك الأزمة في العلاقات الخطوات العسكرية والدبلوماسية التي اتخذها الطرفين ممثلاً بقوات الدعم السريع الذراع العسكري الإماراتي في السودان، التي يتزعمها حميدتي والقوات المسلحة السودانية التي يقودها عبدالفتاح البرهان.
ولطالما حذرت التقارير الإعلامية من خطر توغل دولة الإمارات في قتل السودانيين بحثا من أبو ظبي عن النفوذ في إفريقيا، على النحو الذي يهدد بزعزعة استقرار المنطقة.
تدخل إماراتي كبير
وفي الشهر الماضي سيطرت قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو الملقب “بحميدتي”، على ولاية الجزيرة المعروفة باسم “سلة خبز” السودان.
و أعطى ذلك حميدتي تفوقًا عسكريًا كبيرًا على القوات المسلحة السودانية حسب التقرير.
وأواخر تشرين الثاني/نوفمبر 2023 انتقد الفريق أول ركن ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة السودانية تدخلات الإمارات في السودان مشبهاً إياها “بدولة المافيا”.
كان ذلك في خطاب ألقاه في أحد المقرات العسكرية. وبعد أقل من أسبوعين من الخطاب، أعلنت السلطات في الخرطوم أن 15 موظفًا من السفارة الإماراتية في السودان أشخاص غير مرغوب فيهم، وأمرتهم بمغادرة البلاد خلال 48 ساعة.
وأكد تقرير “أمواج” التحليلي الذي كتبه “Giorgio Cafiero” أن ما تقدمه الإمارات لقوات الدعم السريع يشمل الدعم المالي والسياسي والعسكري بشكل مستمر وكبير وواضح قبل بداية الأزمة.
وكان ذلك الدعم العامل المهم في إنجازات حميدتي في ساحة المعركة ما يثير تساؤلات حول سبب تأخر قرار عبد الفتاح البرهان باتخاذ إجراء دبلوماسي ضد الإمارات حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2023 وبشكل خجول لا يرقى لمستوى التدخل الذي يوصف بالسافر في الشؤون الداخلية السودانية.
لكن هذا التأخر لا يعني عدم توتر العلاقة لدرجة كبيرة بين القوات المسلحة السودانية وإدارة أبوظبي التي تواصل حتى اليوم نقل الأسلحة والمواد الحربية عبر تشاد إلى السودان لتوفير الرعاية الصحية للجنود الجرحى.
دور الإمارات في تعويم حميدتي
وأجرى حميدتي جولة في ستة بلدان أفريقية فيما قررت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية “إيغاد”، دعوة قائد قوات الدعم السريع إلى اجتماع في العاصمة الأوغندية.
كل ذلك أدى بشكل خطير إلى “إضفاء الشرعية” على حميدتي ومجموعته شبه العسكرية من وجهة نظر البرهان والقوات المسلحة السودانية حسبما ذكر التقرير.
ولعبت الإمارات دورًا مهمًا في جهود تطبيع حميدتي كرجل دولة سوداني تماماً كما فعلته في مصر مع نظام عبدالفتاح السيسي.
ويظهر المسؤولون الإماراتيون تفضيلًا للحكم العسكري في السودان وهو ما أدى إلى ظن البرهان ودائرته الداخلية أن تعزيز علاقاته مع الإمارات سيكون مفيدًا لبقائهم السياسي.
وكان مسؤولو القوات المسلحة السودانية قد اكتفوا بالتلميح إلى دعم الإمارات لحميدتي، لكن الانتقادات العلنية الأخيرة التي وجهها العطا تكشف عن تدهور كبير في العلاقة بين الجانبين.
هل يكفي الاستياء الأمريكي لردع أبوظبي؟
وعن موقف واشنطن ذكر تقرير “أمواج” أن عدد من صناع السياسات في واشنطن بدؤوا بإدانة دعم أبو ظبي لقوات الدعم السريع، ودعوا الإمارات إلى التوقف عن مساعدة حميدتي في الصراع.
وفي 19 ديسمبر/كانون الأول 2023، أرسل عشرة مشرعين ديمقراطيين في واشنطن رسالة إلى وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، يحثونه فيها على وقف دعم قوات الدعم السريع.
وأعرب أعضاء الكونغرس عن مخاوفهم بشأن التقارير التي تفيد بأن أبو ظبي تقدم الدعم المادي، بما في ذلك الأسلحة والإمدادات للقوة شبه العسكرية.
وأكد المشرعون الأمريكيون خطورة توفير الإمارات للأسلحة لحميدتي وعدوا ذلك انتهاكًا لحظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على دارفور عام 2004، والذي يهدف إلى منع توريد أو بيع أو نقل الأسلحة والمواد ذات الصلة إلى كيانات في غرب السودان.
ويتطلع الكثير من أعضاء القوات المسلحة السودانية إلى رؤية الولايات المتحدة تتبنى إجراءات أكثر حسمًا ضد أبو ظبي.
خيبة أمل تجاه واشنطن
ووفق التقرير الذي قدم قراءة تحليلية للحرب السودانية، فإن الفصائل المتحالفة مع القوات المسلحة السودانية تشعر بخيبة أمل إزاء رد فعل واشنطن البارد تجاه تورط الإمارات المتزايد في الصراع.
وتعتقد الفصائل السودانية أن إهمال إدارة بايدن للسودان هو السبب الرئيسي وراء تحقيق حميدتي وقوات الدعم السريع مكاسب كبيرة.
ويعد موقع السودان الاستراتيجي على طول البحر الأحمر أمرًا بالغ الأهمية، لأنه بمثابة بوابة لبقية أفريقيا من خلال سلاسل التوريد وطرق التجارة الدولية.
ومثل غيرها من الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، لدى دولة الإمارات العربية المتحدة مصالح اقتصادية وأمنية غذائية كبيرة في السودان، خاصة مع تزايد حدة تحديات تغير المناخ.
كل ذلك يشير إلى مخاطرة ستقوم بها دولة الإمارات العربية المتحدة في حال قطعت جميع علاقاتها مع القوات المسلحة السودانية. وإذا فشلت قوات الدعم السريع في السيطرة الكاملة على البلاد.
ومن المرجح أن يستمر ضباط القوات المسلحة السودانية في السيطرة على منطقة البحر الأحمر السودانية، حيث استثمر الإماراتيون مليارات الدولارات.
المصدر – وكالات – شبكة رمضان