بعد أن شهدت النمسا في الأيام الماضية مظاهرات شبه يومية مؤيدة للفلسطينيين، بينما حظرت السلطات بعضها الآخر. ماذا يقول القانون النمساوى ، تشير الفقرة الأولى في المادة الثامنة من الدستور النمساوى: “لجميع النمساويين الحق في التجمع بشكل سلمي بلا سلاح بدون تسجيل أو طلب إذن ويتعين وجود عقبات وعوائق كبيرة في حال أريد تقييد هذا الحق في التجمع وفرض حظر على المظاهرات؛ إذ يجب أن يكون للحظر مبررات قوية، كما تؤكد أعلى محكمة نمساوية، المحكمة الدستورية العليا
تختلف قرارات المحاكم في النمسا حسب مكان المظاهرة والمنظمين. ويعود ذلك لأن السلطات يجب أن تقيَم، قبل المظاهرة، المخاطر لتحديد احتمال وقوع مخالفات وجرائم. هل حدثت في المظاهرات السابقة بشكل متكرر في مكان معين أو مدينة محددة أعمال شغب ومخالفات؟ وهل قام المنظمون في الماضي باستبعاد المخالفين أم لا؟
فقد أشارت سوزانا راب وزيرة الأندماج اليوم الأحد الموافق 19 من نوفمبر 2023 أن يجب الالتزام بالقيم النمساوية والأوروبية للمهاجرين وهذا واجب من الضروري تنفيذه والا التعرض لعقوبات قانونية صارمة قد تصل إلى 2500 إيرو غرامة مستحقة
وأكدت الوزيرة راب أن مشاركة الآلاف في مظاهرات ضد الموقف الرسمي للدولة النمساوية تفرض سن تشريعات جديدة لمنع عداء السامية في النمسا المحظورة بشدة .
وأوضحت الوزيرة أن اللاجئين الحاصلين على قرار لجوء إيجابي حاليًا مجبرون على إكمال دورات اللغة الألمانية واجتياز دورات القيم النمساوية “الاندماج” .
واشارت الوزيرة الى ضرورة التزام أولياء الأمور بالتعاون مع المدارس وايضا التصدي للجماعات التى ظهرت مؤخرا في المجتمع تحت اسم ” حماة الاخلاق” والتى سيتم فرض غرامات عليها تصل إلى 2500 يورو.
ولفتت الوزيرة الى ان التشريع الجديدة سيجعل منح الجنسية بعد الإقامة القانونية -بدون تورط في اي أمور غير قانونية – لمدة 10 سنوات واذا اصر الحاصلون على ازدواج الجنسية بالاحتفاظ بالجنسية الاصلية يفقدون الجنسية النمساوية.
ونوهت الوزيرة الى رغبة الحكومة في تغليظ العقوبة في جريمة التحريض على الكراهية خاصة عبر الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.
كما أعلن المستشار النمساوى، كارل نهيمر في وقت سابق عزمة على فرض حظر على حركة حماس المصنفة على مستوى الاتحاد الأوروبي كمنظمة إرهابية. وسيكون هذا في حال حدوثه خطوة إضافية، حيث لا يوجد فرع رسمي لحماس في النمسا، وقد تم حظر جمعيات ومنظمات قريبة من الحركة قبل عدة سنوات.
في حديث لشبكة رمضان الإخبارية قال أحد المنظمين للمظاهرات الداعمة لغزة، “هذه مجتمعات تبيع أكذوبة المساواة بين البشر، وهو ما كنت قد صدقته، المجتمعات الغربية متساوية بين بعضها، لكن بقية الشعوب متخلفة في نظرهم، وضمنها الشعوب العربية، يرون أن لديها درجة أقل من الإنسانية”.
وأضاف المتحدث، “يمنعوننا من التجمعات والمسيرات وأي أحداث، وهناك من يُطردون ويحظر عليهم الحديث إذا ما انتقدوا إسرائيل”، موضحا أن هناك عنفا ضد من يحملون الأعلام الفلسطينية، بينما تنتشر الأعلام الإسرائيلية، منتقدا بشدة موقف الحكومة النمساوية الداعم لـ “قتل الأبرياء في غزة”.
جدل المظاهرات الفلسطينية
مع بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، رفعت عدد من البلديات الأعلام الإسرائيلية على مقارها في المدن النمساوية تعبيرا عن التضامن مع إسرائيل، في المقابل منعت الشرطة مظاهرات عدة مؤيدة للفلسطينيين قبل أن تحدث، لأسباب “أمنية ولإمكانية معاداة السامية، أو التحريض على العنف”، حسب تصريحات مسؤولين، كما اشتبكت الشرطة مع متظاهرين رفضوا قرار المنع، واعتقلت العشرات منهم، خاصة في الحى الأول بوسط العاصمة فيينا
ودأبت سلطات بعض الولايات على المنع المسبق للتجمعات المتعلقة بالقضية الفلسطينية منذ مدة، حيث منعت شرطة جراتس تخليد ذكرى النكبة في آخر سنتين على الأقل، بالمسوغات ذاتها. وقالت، إنه في احتجاجات سابقة بمناسبة هذه الذكرى، وقعت أعمال عنف وأُنكر حق إسرائيل في الوجود”. وخلّف قرار المنع استياء كبيرا، وانتقدته منظمة “هيومن رايتس ووتش”، منبهة إلى أنه يمثل “قيودا غير مسوغة على الحق في حرية التعبير والتجمع”.
يأتي هذا في سياق وضع النمسا حدودا كبيرة على انتقاد إسرائيل، وترى السلطات أن أي نقد يجب ألا ينزلق إلى شيطنتها ومن ذلك وصفها بدولة الإرهاب، أو الدعوة إلى إزالتها، بحكم مسؤولية النمسا التاريخية تجاه اليهود.
لذلك ترى شبكة رمضان الإخبارية ، أن القرار بمنع مناصرة القضية الفلسطينية هو قرار سياسي، لأسباب منها: التحالف مع إسرائيل وما سماه “عقدة الذنب للإجرام النازي بحق اليهود”، وتحوّل نقد إسرائيل إلى شكل من أشكال معاداة السامية ، وأن هذه القرارات منافية للدستور النمساوى
معايير مزدوجة
السلطات النمساوية سمحت بمظاهرات مساندة لإسرائيل شارك فيها كبار المسؤولين النمساويين، سمحت بالعديد من تجمعات التضامن مع غزة في مدن عدة، بعد تكرار المظاهرات الرافضة للحظر المسبق، خاصة إثر ارتفاع حصيلة الضحايا في غزة.
لا شك هناك حالات فردية لمعاداة السامية في بعض المظاهرات، لكن يُسمح هنا بمظاهرات للنازيين، وكذلك ضد إجراءات كورونا، كما أن المسيرات الداعمة لأوكرانيا تتضمن أحيانا عنصرية ضد الروس ويسمح بها”، وأن الكثير من المظاهرات الفلسطينية في النمسا لم تتضمن أي حالة عنف، أو خطاب كراهية.
المصدر – شبكة رمضان