سلطت مجلة “نيوزويك” الأمريكية الضوء على تخوفات أمريكية متزايدة بعد نجاح حركة المقاومة الفلسطينية حماس، في هزيمة أكبر منظومة تكنولوجية في المنطقة، من خلال عملية “طوفان الأقصى” التي انطلقت في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وعلى إثرها شنت إسرائيل حرباً وحشية على قطاع غزة.
وأشارت دراسة مفصلة لهذه الأحداث نشرتها المجلة إلى أن حماس استطاعت اختراق سلسلة الجدران والسياجات الأمنية الإسرائيلية التي تعج بأجهزة الاستشعار والأسلحة الآلية المدعومة بشبكة استخبارات إلكترونية دقيقة والتي أنفقت عليها إسرائيل أكثر من مليار دولار حتى عام 2021.
واستطاعت المقاومة الفلسطينية هزيمة كل تلك الأجهزة التي تراقب كل مكالمة هاتفية ورسالة نصية وبريد إلكتروني في قطاع غزة، بتكنولوجيا هي ذاتها التي يستخدمها الجيش الأمريكي للحفاظ على سلامة مواطنيه ومراقبة مصالحه في جميع أنحاء العالم.
فضيحة كبرى للتكنولوجيا الإسرائيلية الأمريكية
وحين تسلل الآلاف من مقاتلي حماس عبر الدفاعات الإسرائيلية في عملية طوفان الأقصى ثم قتلوا 1200 إسرائيلي واحتجزوا نحو 240 رهينة، فضح تلك التكنولوجيا على حقيقتها وأظهر كم أنها دفاعات معيبة إلى حد كبير حسب وصف نيوزويك.
وشكل ذلك حالة صدمة عميقة إزاء الحالة التي ظهر بها ضعف الاحتلال وفي القاعات الرسمية الأمريكية ذهب البعض إلى التحليل بأن ما جرى أثبت فشل الاعتماد المفرط على الأمن عالي التقنية للحفاظ على المنشآت والأوطان.
وذكر خبراء عسكريون أمريكيون أنه “إذا كان الأمن الإسرائيلي غير قادر على توفير الحماية ضد منظمة ذات تكنولوجيا بسيطة نسبياً مثل حماس، فما هو الدمار الذي يمكن أن تحدثه روسيا أو الصين أو أي خصم متقدم آخر؟
ووصفت الخبيرة الأمريكية “إيمي نيلسون” الدروس التي يتعلمها البنتاغون من عملية طوفان الأقصى بالهائلة وأهمها أن الجيوش الأكثر حداثة لن تفوز بالمعركة بالضرورة، خاصة إذا كانت الحدود المحصنة بالتكنولوجيا لا يزال من الممكن اختراقها.
كيف اخترقت حماس الحصون الإسرائيلية؟
واستطاع أكثر من 2500 من مقاتلي حماس من الدخول والتجول بحرية عبر الجدران والأسوار الحدودية الإسرائيلية وخلالها وتحتها، ولم يواجهوا مقاومة تذكر.
وبقي هؤلاء لساعات واستطاعوا اجتياح القرى الإسرائيلية، وعدد قليل من المواقع العسكرية وقتلوا حوالي 1200 شخص وعاد معظم المهاجمين إلى غزة، وسحبوا معهم حوالي 240 رهينة.
وما يسمى بالجدار الحديدي يتكون من جدران وسياج لا يرتفع حتى 20 قدماً فوق سطح الأرض وحسب، بل يمتاز بعمقه الذي يجعل من الصعب حفر الأنفاق تحته.
كما تتميز الحدود بمجموعة كبيرة من المعدات المتطورة، بما في ذلك مئات من كاميرات الرؤية الليلية، وأجهزة استشعار الزلازل لالتقاط أصوات الأنفاق من الأعماق، وأجهزة استشعار حرارية للكشف عن حرارة الجسم أو السيارة.
وفضلاً عن ذلك هناك الرادار لاكتشاف تهديدات الطيران وروبوتات متنقلة على شكل دوريات، بالإضافة إلى إمكانية إطلاق المدافع الرشاشة الآلية الموجودة أعلى الجدران من منشآت بعيدة أو تشغيلها بواسطة تنبيهات أجهزة الاستشعار لإطلاق النار من تلقاء نفسها.
تكيتكات بسيطة أذلت الاحتلال
وبدأ الهجوم بعض التكتيكات البسيطة لهزيمة الدفاعات الذكية ومنع إطلاق الإنذارات ومنع إطلاق النار، حيث أطلقت النار على الكاميرات وأجهزة الاستشعار الأخرى والرشاشات الآلية التي يمكن التعرف عليها بسهولة.
وأدى ذلك إلى تعطيل أجهزة الاستشعار ثم قامت كتائب القسام بتفجير أبراج القيادة والاتصالات الثلاثة البارزة المبنية في الجدار بمتفجرات تم إطلاقها بمقذوفات صغيرة أو أسقطتها طائرات بدون طيار.
وقُتل العديد من الجنود في الكيبوتسات بعدما نجحت حماس في القيام بالتشويش على اتصالات الهواتف المحمولة القادمة من المنطقة الحدودية.
وتقول “نيوزويك” إنه من المحتمل أن مقاتلي كتائب القسام استخدموا أجهزة تشويش تجارية محمولة، متاحة على الإنترنت مقابل مبلغ زهيد يصل إلى 800 دولار أمريكي.
وهذه الأجهزة تستخدم تقنية بسيطة لتعطيل الإشارات، مثل إطلاق الضوضاء الإلكترونية على الترددات التي تستخدمها شركات الهاتف المحمول.
فشل القبة الحديدية
كما أثبتت الحرب فشل منظومة القبة الحديدية جراء إطلاق وابل من الصواريخ يصل إلى 5000 صاروخ من غزة واخترقت عشرات الصواريخ المدن والقرى الإسرائيلية وأصابتها.
وأكدت المجلة الأمريكية تفوق حماس علي التكنولوجيا متسائلة عما يمكن أن يفعله هؤلاء الخصوم المحتملون الأكثر تقدمًا لتحدي التفوق التكنولوجي الدفاعي الأمريكي.
وتدور تساؤلات مقلقة عما يمكن أن يحصل للاحتلال إذا اندلعت حرب عالمية ووقفت الصين أو روسيا ضد الاحتلال، باعتبار أن إسرائيل محسوبة على الولايات المتحدة.
وذكرت المجلة أنه على إسرائيل أن تعيد تقييم اعتمادها على الأمن عالي التقنية ومعرفة الدروس التي يمكن استخلاصها من “رعب السابع من أكتوبر” وفق وصفها.
المصدر – مجلة نيوزويك الأمريكية – شبكة رمضان – وكالات