بالصور – شاب فقير كادت الملاريا أن تنهي مشواره الاحترافي.. من هو النيجيري فيكتور أوسمين ملك نادى نابولي الجديد؟

وضع اللاعب الدولي النيجيري، فيكتور أوسمين، بصمته في تاريخ نادي نابولي الإيطالي بعدما قاد فريق الجنوب للتتويج بلقب “السكوتيدو” لأول مرة منذ حقبة النجم الأرجنتيني مارادونا، الذي أسهم بقسطٍ كبيرٍ في نيل اللقب عامي 1987 و1990.

وضمن نابولي تتويجه بلقب الدوري الإيطالي لكرة القدم للموسم الجاري “2022-2023” قبل 5 جولات من نهاية المسابقة، وذلك بعد نقطة التعادل التي عاد بها، مساء الخميس 4 مايو/أيار 2023، من ديار نادي أودينيزي (1-1)، بفضل الهدف الذي سجّله المهاجم النيجيري فيكتور أوسمين في الدقيقة الـ52، بحيث رفعت تشكيلة المدرب لوتشيانو ساباليتي رصيدها إلى 80 نقطة، بفارق 16 نقطة كاملةٍ عن الملاحق المباشر، نادي لاتسيو، ما يعني استحالة فقدان نابولي الصدارة مهما كانت نتائج مبارياته في الجولات الخمس المتبقية من المنافسة.

أفضل هدّاف إفريقي في تاريخ الدوري الإيطالي

ويعتبر هدف أوسمين يوم الخميس الماضي، هو الهدف رقم 22 الذي سجله في الموسم الحالي في الدوري الإيطالي، ما يجعل النجم النيجيري أفضل هدّاف إفريقي في موسمٍ واحدٍ في تاريخ مسابقة “السيري أ”، أي أحسن من أسطورة الكرة الكاميرونية صامويل إيتو، الذي سجل 21 هدفاً بقميص نادي إنتر ميلان، في موسم “2010- 2011”.

النيجيري فيكتور أوسمين

كما أصبح أوسمين أفضل هدّاف إفريقي في تاريخ الدوري الإيطالي برصيد 46 هدفاً، مُناصفة مع المهاجم السابق لنادي ميلان، الليبيري جورج وياه، مع إمكانية الانفراد بهذا الإنجاز، في حال توقيع هدف واحد على الأقل في المباريات المتبقية من الموسم.

وما كان فيكتور أوسمين ليدخل تاريخ نادي نابولي لو لم يتحلّ بالصبر، ويتجاوز المحن والصعاب التي مرّ بها  في صغره وفي بداية مشواره الاحترافي بأوروبا. فقد عانى فيكتور من الفقر، فور ولادته يوم 29 ديسمبر/كانون الأول 1998 بمدينة لاغوس، العاصمة الاقتصادية لنيجيريا، وسط عائلة كانت تضم أيضاً، إضافة للأب والأم، 4 شقيقات وشقيقاً واحداً.

فيكتور أوسمين.. باع المياه في شوارع لاغوس لإعالة عائلته

وقصد المساهمة في إعالة العائلة، فقد كانت الأم تبيع المياه داخل الأكياس والقوارير الصغيرة في طرقات وشوارع لاغوس المكتظة، وكانت تحمل على ظهرها ولدها الصبي فيكتور، قبل أن يصبح هو أيضاً يمارس “التجارة” نفسها، في سن صغيرة جداً، بعد وفاة والدته، وبعد فقدان والده منصب عمله.

وقد تعاون الطفل فيكتور وشقيقه الأكبر أندرو وشقيقته الكبرى في سد رمق الجوع والتكفل بمصاريف العائلة، بحيث كان أندرو يبيع الصحف الرياضية، فيما كانت الشقيقة تبيع الفواكه في شوارع لاغوس.

وبالموازاة مع ذلك كان  فيكتور أوسمين يدرس بمدرسة ” أوليسوسين” الابتدائية، حيث ظهرت موهبته في كرة القدم، بحيث كان يمارس رياضته المفضلة رفقة زملاء الدراسة، كما تم صقل تلك الموهبة من طرف شقيقه أندرو، الذي كان لاعباً مُتميزاً في فريق حيه لكن دون أن يسعفه الحظ في الانضمام إلى أحد الأندية الكبيرة بنيجيريا.

وبخلاف أندرو، يمكن القول إنّ الحظ لم يُدر ظهره لفيكتور أوسمين لكي يُظهر قدراته الكروية الفنية على أعلى مستوى، إذ لفت انتباه بعض كشافة إحدى الأكاديميات الشهيرة لكرة القدم بنيجيريا، وهي أكاديمية “أولتيمات ستريكزر”، فانضم إليها سنة 2008، حيث تلقى تكويناً رياضياً جيداً سمح له بتلقي،  دعوة من المدرب إيمانويل أمونيكي في العام 2014، للالتحاق بمنتخب نيجيريا للناشئين ( أقل من 17 سنة).

أفضل هداف في مونديال الناشئين لسنة 2015

وساهم أوسمين في تأهل منتخب ناشئي نيجيريا إلى الدورة النهائية لكأس العالم لكرة القدم لأقل من 17 عاماً، التي جرت بالتشيلي في صيف 2015،  ثم انفجرت موهبته خلال تلك النهائيات، بحيث قاد منتخب بلاده للتتويج باللقب العالمي، بعدما سجل 10 أهداف كاملة، منحته أيضاً جائزة أفضل هداف في البطولة.

وانتهت سنة 2015 بأفضل طريقة ممكنة لفيكتور أوسمين، بحيث نال جائزة أفضل لاعب واعد في إفريقيا من طرف الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، كما ظفر بعقد احترافي مع نادي فولسبورغ الألماني، بدأ سريانه رسمياً يوم 1 يناير/ كانون الثاني 2017،  بعقد لمدة 3 سنوات ونصف، بعدما دفع مبلغ 3.5 مليون يورو لأكاديمية “أولتيمات ستريكزر”، ما شكّل أغلى صفقة في تاريخ انتقالات اللاعبين من نيجيريا إلى أوروبا.

معاناة كبيرة في بداية احترافه بأوروبا

وبالمقابل، فقد كانت بداية فيكتور أوسمين مع فولسبورغ بأسوأ طريقة ممكنة من الناحية الرياضية، حيث التحق بفريقه الجديد وهو يعاني من إصابة خطيرة على مستوى الركبة تعرض لها بنيجيريا، في بداية شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2016، ما أجّل خوضه لمباراته الأولى مع  النادي الألماني إلى يوم 13 مايو/أيار 2017، عندما دخل كلاعب بديل في الدقيقة الـ59 من مباراة في إطار مسابقة “البندسليغا” أمام نادي بوروسيا مونشنغلادباخ.

النيجيري فيكتور أوسمين

وتواصلت معاناة أوسمين مع الإصابة، في موسمه الثاني مع فولفسبورغ، بحيث تعرض لإصابة على مستوى القدم في أواخر شهر فبراير/شباط 2018، حرمته من التدريب لمدة أسبوعين، ثم إصابة أكثر خطورة، وهذه المرة على مستوى الكتف، أبعدته عن الملاعب من 27 أبريل/نيسان إلى 15 يوليو/تموز 2018.

ولم يهنأ أوسمين من تعافيه من تلك الإصابة سوى أيامٍ قليلة فقط، بحيث أصيب بمرض الملاريا، ما أثر كثيراً على حالته البدنية وأضعف حظوظه في إقناع مسؤولي ناديي بروج وزولته فارجيم البلجيكيين حيث قام بتجارب فنية معهما على أمل الانضمام لأحدهما في صيف العام ذاته.

شارلوروا البلجيكي منح فيكتور أوسمين طوق النجاة 

كان فيكتور يدرك جيداً في تلك الفترة أنّه أصبح لاعباً غير مرغوب فيه في فولفسبورغ، ولذلك فقد سعى لإعادة  بعث مشواره الاحترافي من بوابة الدوري البلجيكي، فأتيحت له فرصة إجراء التجارب مع بروج وزولته، ولكنها كانت فاشلة، فكاد يفقد الأمل في تحقيق مبتغاه، قبل أن يمنحه نادي بلجيكي آخر طوق النجاة في الأيام الأخيرة من الميركاتو الصيفي لسنة 2018.

ويتعلق الأمر بنادي شارلوروا الذي ضمه لصفوفه يوم 22 أغسطس/آب 2018 على سبيل الإعارة لموسمٍ واحدٍ، مع بند أحقية الشراء.

وبالفعل فقد استعاد أوسمين مع نادي شارلولروا نشوة اللعب وفرحة التألق، حيث سجل 20 هدفاً ومنح 4 تمريرات حاسمة في 36 مباراة رسمية بكل المسابقات المحلية، منها 19 هدفاً في الدوري البلجيكي، احتل بفضلها المركز الثالث في ترتيب هدافي البطولة.

النيجيري فيكتور أوسمين

واستفاد نادي شارلورا ، بدوره، من صفقة أوسمين، بحيث وبعد نهاية موسم الإعارة، اشترى عقد النجم النيجيري من فولفسبورغ بـ3.5 مليون يورو، ثم باعه في الفاتح من أغسطس/آب 2019، لنادي ليل الفرنسي، مقابل 22.4 مليون يورو، ما يعني أنه كسب حوالي 19 مليون يورو في شهرٍ واحدٍ فقط.

وواصل أوسمين تألقه ضمن نادي ليل، مستفيداً من الثقة التي وضعها فيه المدرب الفرنسي، كريستوف غالتييه، المدير الفني الحالي لنادي  باريس سان جيرمان،  وقد نجح في تسجيل 18 هدفاً في 38 مباراة، منها 13 في الدوري الفرنسي، وذلك على الرغم من انتهاء الموسم الكروي بفرنسا بشكلٍ مبكر، في مارس/آذار 2020، بسبب جائحة كورونا.

وكان ذلك التألق كافياً ليلفت انتباه الأندية الأوروبية الكبيرة، على غرار نادي نابولي الإيطالي الذي صرف 75 مليون يورو يوم 31 يوليو/تموز 2020 للاستفادة من خدمات فيكتور أوسمين.

وتؤكد الأرقام أنّ أداء أوسمين مع نادي نابولي يتطور من موسمٍ لآخر، فقد سجل 10 أهداف ومنح 3 تمريرات حاسمة في موسمه الأول “2020- 2021″، ثم  سجّل 18 هدفاً وصنع هدفين آخرين، في الموسم الثاني “2021-2022″، قبل أن ينفجر في الموسم الجاري “2022- 2023″، بتسجيله 27 هدفاً وتقديمه 5 تمريرات حاسمة في 34 مباراة رسمية بكل المسابقات المحلية والأوروبية، في انتظار زيادة الغلة خلال الـ5 جولات  المتبقية من الدوري الإيطالي.

ولا يزال فيكتور أوسمين متعاقداً مع نابولي إلى يونيو/حزيران 2025، ولكن من غير المستبعد أن يغادر فريق عاصمة الجنوب الإيطالي في الصيف المقبل، في ظل العروض المغرية التي تلقاها المهاجم المتألق من أندية أوروبية عملاقة وغنية، على غرار ريال مدريد الإسباني وبايرن ميونخ الألماني ومانشستر يونايتد الإنجليزي وباريس سان جيرمان الفرنسي. وتشير آخر التقارير إلى أنّ إدارة نادي نابولي غير مستعدة للتخلي عن  جوهرتها الإفريقية بأقل من 140 مليون يورو.

المصدر – وكالات – شبكة رمضان

شاهد أيضاً

“الإمبراطور الأبيض”.. مقاتلة الجيل السادس الصينية المصممة للهيمنة على السماء والفضاء

تشهد المنافسة بين الصين والولايات المتحدة تصعيداً ملحوظاً في العديد من المجالات، من أبرزها التسابق …