مع بداية شهر رمضان، صٌبغت بعض شوارع فيينا بعبق الوطن الأم؛ إذ يتسابق المهاجرون إلى شراء بضائع تحمل رحيق الذكريات والصيام وسط الأهل.
ففي سوق شهير بالحي الـ16 بفيينا، لم يكن اليوم اعتياديا؛ فالزحام مرتبط بشهر الصوم، ويتبضع المقيمون أو اللاجئون من الدول العربية والإسلامية، من أجل إعداد إفطار أول يوم رمضان.
واكتظ الممر الطويل العابر لعدد من الشوارع، بعشرات المارة، يحدقون أحيانا، ويتوقفون أحيانا أخرى، أمام بضائع يعرفونها جيدا وكأنهم عادوا للحظات عبر الزمان، إلى نهار مماثل تعد فيه العائلة مكتملة طعام الإفطار، قبل أن تفرقهم الأقدار.
وأمام أحد الأكشاك، وقف مصريا لا يصدق أكياس التمر و”العرق سوس” المتراصة، وهي تعيده سنوات إلى الوراء؛ حيث كان يهرع إلى متجر قريب من بيت العائلة بالقاهرة لشراء مثل هذه الأكياس قبل الإفطار.
وأمام أحد متاجر الخضراوات، توقف الزمن للحظات أمام اكتظاظ سيدات محجبات أمام صناديق البطاطس والخيار وغيرها، وكأن أحد شوارع مدينة عربية سافر عبر الزمن إلى قلب أوروبا.
وتقول “أمينة”؛ وهي ربة بيت سورية، لـ”شبكة رمضان الإخبارية”، “بداية شهر رمضان تحتاج استعدادا مختلفا ومائدة مختلفة.. أنا هنا للحصول على بعض الخضراوات بأسعار أقل من متاجر التجزئة الكبرى”.
وبعد خطوات من الخضراوات، احتشد مجموعة من المارة أمام كشك سوري يبيع منتجات البقالة الشهيرة، والبلح، وعلب الفول المدمس والمكسرات والمخللات، وغيرها.
وبين الأكتاف المتلاصقة غير العابئة بفيروس كورونا ولا نحو 3 الألف حالة إصابة بالفيروس سجلتها النمسا، السبت، وقف المصري “سعيد” يفكر في عدد علب الفول التي يحتاجها للسحور في الأيام المقبلة.
ويقول “سعيد”: “هنا الأسعار أرخص من المتاجر الكبيرة؛ سواء نمساوية أو تركية، لذلك أحصل على ما أحتاجه من هنا.. وفي العموم، الأسعار ارتفعت في كل مكان مقارنة بالحال من أشهر قليلة”.
ويتابع: “هنا أيضا منتجات تذكرنا بأوطاننا الأم، تعيدنا ولو عاطفيا لأيام لمة العائلة وشوارع تعرفنا ونعرفها”.
ولا يخلو السوق من أجانب يحبون الأطعمة العربية والتركية، أو تجذبهم الأسعار المنخفضة مقارنة بالأماكن الأخرى؛ حتى سار اعتياديا أن تسمع شابة ثلاثينية، تقول لبائع سوري، بلكنة غربية “هومس”، قاصدة الحمص المعد على الطريقة السورية الذي رافق محبيه في رحلة اللجوء الصعبة في 2015، إلى قلب أوروبا.
وتقول بيترا إرينرايخ، وهي مواطنة نسماوية، بابتسامة عريضة، “أتمنى شهرا سعيدا لكل المسلمين والمسلمات”
وفي الحي الـ10 من العاصمة النمساوية، أعلن كشك يعد سندوتشات “الكباب” أو الشاورما على الطريقة التركية، تقديم ساندوتش واحد مجانا لكل صائم في أول أيام شهر رمضان.
واصطفت الطوابير أمام الكشك الذي وزع الوجبة المجانية بالفعل على طالبيها في النصف الثاني من النهار.
وبدأ شهر رمضان في النمسا، السبت، إذ يبلغ عدد ساعات الصيام 14 ساعة ونصف، تبدأ في الـ4:55 توقيت آذان الفجر، وتنتهي في تمام الـ19:32؛ توقيت آذان المغرب.
ويبلغ عدد المسلمين في النمسا نحو 800 ألف شخص، منحدرون من دول مختلفة، بينها سوريا ومصر والعراق وشمال أفريقيا، من أصل نحو 9 ملايين شخص تقريباّ “تعداد السكان فى النمسا”.
المصدر – شبكة رمضان