عمل في وظائف غير مستقرة ومحفوفة بالمخاطر فضلا عن الكسب المحدود هذا هو حال كثير من مهاجرين يعيشون في النمسا. هذا ما توصلت إليه دراسة حديثة مشتركة أشرفت عليها جامعة فيينا ومركز بحثي نمساوي. بعض القائيمن على الدراسة طالبوا بضرورة إجراء تغييرات لتحسين أوضاع المهاجرين. المزيد في التقرير التالي
بينت دراسة حديثة مشتركة أشرفت عليها جامعة فيينا ومركز بحثي نمساوي أن المهاجرين في النمسا باتو مضطرين إلى العمل في وظائف غير مستقرة ومحفوفة بالمخاطر بمعدل أعلى بكثير من المواطنين. ووجدت الدراسة أن 13٪ من هؤلاء المهاجرين يكسبون القليل جدا من المال لدرجة أنهم لا يستطيعون إعالة أنفسهم، على الرغم من أعمالهم.
يؤكد دانيال شونهير من معهد سورا “Sora Institute” لصحيفة دير ستاندرد النمساوية أن المهاجرين باتوا مضطرين للحصول على أعمال تتميز بظروف عمل خطرة وغير مستقرة، أكثر بكثير من المواطنين النمساويين. وبحسب الخبير يعمل الكثير من هؤلاء المهاجرين بعقود قصيرة الأجل، ومرهقة صحيا مع أوقات عمل غير منتظمة للغاية. في حين يكسب 13٪ منهم القليل جدًا، على الرغم من أعمالهم التي يؤدوها.
وعبر دراسة مشتركة أجراها معهد سورا، أحد معاهد البحوث الاجتماعية الرائدة في النمسا، بالتشارك مع جامعة فيينا، ونشرت يوم الأربعاء، 14 ديسمبر . وضحت الدراسة العديد من المواضيع المختلفة المتعلقة بالهجرة، بما في ذلك سياسات التوظيف والاندماج والنتائج، والتمييز وكراهية الأجانب وكراهية الإسلام والمشاركة السياسية للمهاجرين.
ويقول شونهير إنه منذ جائحة كورونا بات على المهاجرين التواجد بشكل غير متناسب في وظائف أساسية مثل مراكز الرعاية وعمال في السوبرماركت وورش البناء وعمال زراعيين. قد يكون جزء من سبب اضطرارهم على تولي هذه الوظائف هو أنهم لا يملكون التدريب أو التعليم أو المستويات اللغوية الصحيحة للحصول على وظائف أفضل وتمتاز بشروط عمل أكثر راحة. بيد أن شونهير يرى أيضا أن أاضطرار المهاجرين إلى شغل هذه الوظائف له أسباب أخرى أيضا من بينها “أن الموظفين الأجانب يتعرضون للتمييز الهيكلي”، بحسب اعتقاده.
مصاعب في العثور على عمل
في عام 2021، أجرى معهد الإحصاء الوطني النمساوي Statistik Austria تعدادا مصغرا بين العمال المهاجرين. ووجدوا أن ربع أولئك الذين ولدوا في الخارج والذين تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عاما أبلغوا عن نوع من الصعوبة في العثور على وظيفة كانوا مؤهلين لها، وبحسب تقرير صحيفة ديرستاندرد. أفاد حوالي 8٪ من أولئك الذين ولدوا في الخارج بأنهم يشعرون بالتمييز ضدهم في وظائفهم الحالية.
ويوجد في النمسا حاليا 1.6 مليون شخص تقريبا يحملون جنسية أجنبية. ومع ذلك، فإن دمج هؤلاء الأشخاص في المجتمع وتجنيسهم ليصبحوا مواطنين نمساويين يعمل “بوتيرة منخفضة”، بحسب الصحيفة النمساوية. فمن بين كل 100 أجنبي، يحصل شخص واحد فقط في السنة على الجنسية النمساوية.
جزء من هذه الأسباب تكمن في مشكلة الموارد المالية، فمن أجل التقدم بطلب للحصول على الجنسية، يحتاج المهاجر إلى إثبات أن لديه دخلا ثابتا لا يقل عن 1,200 يورو شهريا، وفي جامعة فيينا، قارنت إيفون فرانس وصول المهاجرين إلى سوق العمل في النمسا مع وصول الدول الأوروبية الأخرى.
وتوضح الخبيرة للصحيفة النمساوية ينبغي أن تكون الوظائف المتوفرة في سوق العمل مفيدة من أجل الاندماج فتعلم اللغة مفيد ويساعد على زيادة التفاعل المجتمعي والشعور بالتواصل والانتماء للمجتمع الأوسع”. بيد أن الأمر لا يكون كذلك دائما، ففي الواقع تشعر أعداد متزايدة من المهاجرين بالتنمر أو التعرض لتعليقات وقحة وهم يشعرون أنهم معزولون عن زملائهم ويمكن أن يكون لذلك تأثير ضار على الاندماج المجتمعي بشكل عام.
وتأمل فرانس أن تبدأ النمسا في تقديم المزيد من برامج التدريب للمهاجرين، والعمل على جعل الإجراءات البيروقراطية أكثر وضوحا حتى يتمكن طالبو اللجوء أو الذين يرغبون بالحصول على الجنسية من تحقيق نتائج أفضل وأسرع.
إيراني في النمسا
في السياق ذاته تحدث رجل إيراني، يدعى عبد الرضا غايمي، إلى دير ستاندرد عن محاولاته المتكررة من أجل الحصول على عمل بعد وصوله إلى النمسا عام 2015. يعمل غايمي كمبرمج كومبيوتر وقال لدير ستاندرد إنه أرسل بالفعل حوالي 387 طلب عمل. بيد أنه تم رفضها جميعا. ويوضح “كانت جميع الوظائف التي تقدمت لها تقريبا في قطاع تكنولوجيا المعلومات، شعرت بخيبة أمل حقا”. وعاش غايمي بعد وصوله إلى النمسا في سكن للاجئين، حيث تابع العديد من دورات تكنولوجيا المعلومات وحصل على إقامة وإذن للعمل في النمسا. بيد أن غايمي وبعد تعرضه للرفض المتكرر للعمل، قام بتأسيس منصته الخاصة، المسماة Redev. حيث أراد استخدام الذكاء الاصطناعي من أجل خلق فرص تواصل أكثر بين الموظفين أو الراغبين في الحصول على عمل في قطاع تكنولوجيا المعلومات وبين أصحاب العمل.
وفقا للصحيفة النمساوية فقد حصلت منصته على معدلات إقبال عالية بنسبة 93٪ وبات لديه أكثر من 2,200 متخصص في تكنولوجيا المعلومات مسجلين وحوالي 70 شركة. ويعلق غايمي “في بعض الأحيان في قطاع شؤون الموظفين، ليس لديهم المعرفة المطلوبة للعثور على الأشخاص المناسبين لشغل وظائف معينة”. ويبدو أن شركته يمكن أن تكون مفيدة للاقتصاد النمساوي. كما هو الحال في العديد من البلدان الأخرى في أوروبا، حيث ذكرت غرفة التجارة النمساوية أن البلاد تفتقر إلى حوالي 24000 عامل في قطاع التكنولوجيا، مقارنة بعشرة ألاف وظيفة شاغرة عام 2018.
ويعتقد المهاجر الإيراني أنه في بعض الأحيان قد يتم رفض العديد من طلبات التوظيف بشكل آلي، فقط لأن شخصا ما لديه خلفية أجنبية. وقال لدير ستاندرد: “تلقيت رفضا في الثالثة صباحا، أو بعد دقيقتين من إرسال سيرتي الذاتية، وهذا لا يمكن أن يحدث إلا مع البرمجيات”.
تعتقد كاثرين تيغل وهي موظفة في شركة لتوظيف العاملين بقطاع التكنولوجيا أن النمسا بحاجة إلى إجراء تعديلات، فالحاجة إلى عمال وموظفين أجانب ستتزايد في في المستقبل. وتقول: “لا يمكن لنا في النمسا أن نرفض الأشخاص بالرغم من كونهم مؤهلين، هذا يجب أن يتوقف. وأوضحت مسؤولة التوظيف كيف أنها رأت العديد من أصحاب العمل يرفضون شخصا ما على أساس جنسيته، حتى عندما كانت جميع المتطلبات الأخرى مناسبة.
المصدر – ع.أ.ج – شبكة رمضان