بقدمين حافيتين، استطاع اللاعب الهندي محمد سالم إذلال فريق الإنجليز الذين كانوا آنذاك يحتلون الهند وحقق لناديه المحلي بطولات دحضت فكرة “التفوق البريطاني” التي كان يروجها الاستعمار.. شق سالم طريقه إلى نادي سلتيك الأسكتلندي الشهير واستطاع تحقيق جماهيرية هناك ليصبح أول لاعب هندي يلعب في أوروبا، لكن الحنين إلى الوطن غلبه في نهاية الأمر… إليكم قصة اللاعب الهندي المسلم محمد سالم:
من هو محمد سالم؟
وُلد محمد سالم في مدينة كلكتا الهندية عام 1904، وعمل في شبابه بمهنة الصيدلة قبل أن يحوّل تركيزه إلى شغفه الحقيقي: كرة القدم.
كان سالم يبلغ من العمر 22 عاماً عندما انضم لنادي كرة قدم محلي يدعى شيتارانجان، وتنقّل من بعده في أندية محمدان الرياضي ونادي غرب البنغال ونادي آريان.
ولمع نجم سالم بشكل أساسي في نادي محمدان الرياضي، فقد ساعد ناديه في الفوز بأول دوريات كرة القدم في مدينة كلكتا عام ١٩٣.
من الجدير بالذكر، أن الفوز في دوريات كرة القدم بكلكتا آنذاك كان حكراً على الفرق البريطانية المكونة بشكل أساسي من عناصر من الجيش البريطاني المحتل للهند.
أول فريق هندي يفوز بالبطولة
تأسس نادي محمدان مع بداية النضال لنيل الاستقلال، وكان يعتبر رمزاً للهوية الإسلامية في البلاد وحظي بدعم كبير من سكان كلكتا وإقليم البنغال.
لذلك لم يكن فوز فريق محمدان بالبطولة عام 1934 مجرد فوز عابر، بل كان رمزاً يدحض فكرة “التفوق البريطاني” التي حاول الاستعمار ترسيخها.
ومن اللافت للانتباه أن الفريق الهندي كان يلعب حافي القدمين في تلك البطولة، فقد اكتفى أعضاء الفريق بلف بعض الضمادات على أقدامهم، ورغم ذلك تمكنوا من الفوز على الإنجليز الذين كانوا يرتدون الأحذية.
ويعتبر محمد سالم النجمَ الأبرز الذي قاد فريقه نحو هذا النصر التاريخي، إذ لم يسبق أن فاز فريق هندي قبل ذلك في مباراة أو بطولة مقابل الإنجليز.
من الهند إلى أسكتلندا
بعد تألقه في المباريات التي خاضها مع نادي محمدان، كان من المقرر أن يلعب سالم مباراتين ضد الفريق الأولمبي الصيني عام 1936، وبالفعل خاض سالم المباراة الأولى بجدارة لكنه اختفى قبل المباراة الثانية بظروف غامضة.
تبين لاحقاً أن سالم قرر التوجه إلى أسكتلندا لتجربة حظوظه هناك مع نادي سلتيك الأسكتلندي.
كان مدير النادي آنذاك هو ويلي مالي، الذي يعتبر أحد أساطير زمانه، فقد كان مسؤولاً عن فريق النادي لمدة 43 عاماً، من 1897 إلى 1940 وفاز بـ30 لقباً.
وقبل نهاية فترة إدارته في النادي أراد مالي أن يجرب أداء اللاعب الهندي سالم الذي يلعب حافي القدمين.
“أعطِ الكرة لسالم”
أثار سالم إعجاب مدير النادي، وفي 28 أغسطس/آب 1936، لعب مع سلتيك ضد نادي غالستون (Galston F.C) في مباراة تحالف الدوري أمام 7 آلاف مشجع.
وما إن مرت دقائق على بدء المباراة حتى جذب سالم أنظار المشجعين على الفور، وعلى الرغم من أنه كان يلعب دون حذاء هذه المرة أيضاً، فإنه ساهم في 3 تمريرات حاسمة ضمنت لفريقه فوزاً ساحقاً بنتيجة 7-1.
اجتذب سالم أيضاً حشداً واسعاً من المشجعين في المباراة الثانية التي خاضها، إذ لم يعتد الجمهور وجود لاعب ملون وحافي القدمين في فريق سلتيك، وأراد كثيرون رؤية موهبة الرجل الهندي التي تحدثت عنها الصحف مطولاً.
حتى إن شعار الجمهور في هذه المباراة كان: “أعطِ الكرة لسالم”.
كانت إدارة سلتيك سعيدة بالاهتمام الذي حظي به اللاعب الهندي وبالإيرادات التي كان يحققها وعرضت عليه منحه 5% من الأرباح والتعاقد معه لموسم 1936-1937.
سالم يفضل العودة للوطن
على الرغم من النجاح الكبير الذي حققه سالم، فإن الحنين إلى الوطن غلبه، فقرر عدم قبول عرض النادي الأسكتلندي والعودة إلى مدينته كلكتا للعب مجدداً في نادي المحمدان الرياضي، حيث فاز بلقبين جديدين في عامي 1937 و1938.
بقي سالم في الهند حتى توفي عام 1980 عن عمر يناهز 76 عاماً، ولا يزال يعرف إلى اليوم بأنه أول لاعب كرة قدم هندي يلعب في نادٍ أوروبي.
المصدر – وكالات