مصريون لا عرب..طقطوقة لحنها وغناها.. وسيم السيسي في بيتنا الذي في “الفولكس تيياتر”

فيينا – شكة دبوس: محمد عزام—–

 استضاف بيتنا الذي في “الفولكس تيياتر” حكاءً عظيماً قدم إلينا خصيصاً من المحروسة وفي كيسه الكثير من العجائب.. عجائب وغرائب من كل صنف ولون.. طب وفلك.. وجعارين منقوش على ظهورها ـ وفق تفسيره ـ أننا مصريون لا عرب!!

أول السطر:

بداية.. أرفع العمامة للرجل الثمانيني، والذي لساعات طوال، بطول ليالينا في بلاد الفرنجة.. ووسط حشد أتي من كل حواري وأزقة مدينتنا الرمادية.. ليستمع للحكاء القادم من مدينة الإنتاج الإعلامي وشارع الصحافة.. أرفع العمامة.. نعم.. لما يتمتع به الرجل من قدرة فائقة على الحكي، مجارياً حكائون من ذات الصنف أبرزهم الشيخ الشعراوي ومصطفى محمود.. واللواء عبد العاطي مخترع جهاز الكفتة لعلاج الإيدز، والمخصص للمصريين دون بقية خلق الله..

وللذين لم يسعدهم الحظ، وتخلفوا لسبب ما عن الحضور، نورد لهم شذرات من نفحات الحكاء:

ـ المصريون أول البشرية؛

ـ المصريون أول من أقام صرح العدل؛

ـ الأهرام لم تكن مقابر للحكام.. بل محطات لتوليد الطاقة!

طبعاً لا اعتراض لدينا على ما تفضل به من إلصاق جُلّ الفضائل على “أجدادنا” المصلوبون على جدران معابدهم.. باعتبار أن نية الرجل كانت طيبة ومحمودة.. وربما أراد أن يخفف عن الأحفاد شدة أعوام الرمادة التي تمددت في جنبات المحروسة.. ولعله أراد أن ينبه المنزعجون من مخاطر سد النهضة الأثيوبي.. أن الحل كامن تحت أقدام أبو الهول.. وأن زر الإنارة مخبوء في ذيل التمثال.. وبضغطة واحدة نقدر أن نخرج لساننا لأبي أحمد.. ننير القري والنجوع.. وزنقات تونس الخضراء فوق البيعة..

.. ما علينا يا سيدات وسادة سكر زيادة.. كل الذي مضى اعتبرناه من باب “النكات” التي يعشقها أهل المحروسة.. لكن ما جعلنا نقطب الجبين ونبتئس، رغم ترحيبنا بالحكاء.. أنه أطلق بالفم المليان مقولة هي مقولة كارثية.. قال الحكاء أننا “مصريون لا عرب“..

سار الرجل على درب آخرون قالوا بهذا السخف في سنوات عجاف:

ـ طه حسين.. أول من أشعل فتيل هذه المعركة عندما كتب بجريدة كوكب الشرق عام 1933 مقالة قال فيها “إن المصريين قد خضعوا لضروب من البغض وألوان من العدوان جاءتهم من الفرس واليونان، وجاءتهم من العرب والترك والفرنسيين”؛

.. حينها رد عليه عبد الرحمن عزام أول أمين لجامعة الدول العربية، في مقالة بعنوان: “أليست مصر عربية؟”، نشرها فى جريدة البلاغ المصرية، وطالبه بـ”أن يتفضل بذكر بعض الحوادث التى تدخل العرب المسلمين فى زمرة البغاة المعتدين”، وأكد عزام على عروبة المصريين قائلاً: “قبل المصريون دين العرب وعادات العرب ولسان العرب وحضارة العرب وأصبحوا عرباً فى طليعة العرب”، وأضاف: “والذى نعلمه من البحث عن أنساب أقاليم مصرية بأكملها أن أكثرية دماء أهلها ترجع إلى العرق العربى”، وكتب مجدداً: “لقد فعلت آلاف السنين فعلها، لأن مما لاشك فيه أن امتزاج العرب بقدماء المصريين واشتراكهم مع العرب في أرومة واحدة هو قول يؤيده ما بين الهيروغليفية والعربية من التشابه القوي، وقد كان العرب يدّعون خؤولة قدماء المصريين لهم قبل ظهور الإسلام بقرون طويلة”.

ـ ولم يكن طه حسين وحده صاحب هذه الفرية.. بل جاراه في السير في نفس الزقاق سلامة موسى ولويس عوض وآخرون.. وكان آخرهم توفيق الحكيم الذي دعا في السبعينيات إلى: تحييد مصر أو بصياغة أخرى انعزالها عن عالمها العربى، لا شأن لها بأزماته وقضاياه.

.. في المقابل نورد لكم ما يلجم هذه الدعاوى، التي وإن كان بعض من أطلقوها حسنو النية.. إلا إنها دعاوى خطرة، المستفيد الرئيس منها أولئك الذين جاءوا في غفلة من الزمان واحتلوا بقعة مقدسة عند ناسنا مسلمين وأقباط:

.. القول الفصل.. قال به الدكتور جمال حمدان صاحب “موسوعة شخصية مصر 1984”:

“مصر.. عربية هي بالأب، وفرعونيّة بالجدّ، وبين الأب والجدّ وشائج قربى أكثر ممّا يدركه قصّار النظر”..

.. الكاتب مصطفى كامل الشريف أشار في كتابه “عروبة مصر من قبائلها” الذي أصدره عام 1965 إلى هذه النوعية من الدعاوى باعتبارها تهدف الى “عزل مصر عن الوطن العربي” ووصف من يرددون هذه الدعاوى بأنهم “يتجنون على التاريخ ويقلبون الحقائق” وأنهم “دعاة هزيمة وأبواق تفرقة” لأن “عزل مصر ضربة للعرب في كل مكان”.

ويصف الشريف في كتابه عروبة مصر بأنها حقيقة “متألقة كنور الشمس في كبد السماء” موكداً أن مصر عرفت العروبة قبل دخول الإسلام إليها.

.. وأضاف: يخبرنا الرحالة الإغريق.. أن العرب استوطنوا الصحراء الشرقية فيما بعض القبائل مثل لخم وجزام انتشرت على الساحل من العريش إلى الإسكندرية، بل قاومتا الفتح الإسلامي في أول الأمر، ودلالة ذلك هو أن العرب كانوا ممن اتصل بهم المصريون في العصور القديمة واختلطوا بهم.

.. وينقل عن عالم التشريح والمصريات الانجليزي “جرافتون اليوت سميث” قوله إن “العرب المحدثين” يتفقون في ملامحهم  مع سكان مصر في عصر ما قبل الأسرات.

.. وفي كتابه “العقد الثمين” يرى العالم الأثري المصري الراحل أحمد باشا كمال، الذي يذكره التاريخ لاكتشافه خبيئة الدير البحري عام 1881 أن المصريين القدماء كانوا يطلقون على بلاد اليمن اسم “بون” وكانوا يعتقدون أن أصولهم تعود الى تلك البلاد.

أما نجله الدكتور حسن كمال فذهب في كتابه عن “تاريخ السودان القديم” إلى أن المصريين والسودانيين على حد سواء أصلهم واحد وأنهم حضروا إلى وادي النيل من بلاد العرب عن طريق الصومال.

ويشير كمال إلى ما ذكره المؤرخ ديودور الصقلي من أن أصل المصريين يعود الى “بلاد العرب الجنوبية” وأنهم نزلوا في بداية الأمر شواطئ القارة الافريقية عن طريق إثيوبيا ثم تقدموا نحو شمال القارة ودخلوا مصر.

.. ويضيف كمال: تشير كتابات الرحالة الأجانب إلى أن العرب كانوا يسكنون مصر قبل ظهور الدين الإسلامي، حيث ذكر المؤرخ اليوناني استرابون الذي زار مصر في القرن الرابع الميلادي أن مدينة قفط (الواقعة في محافظة قنا حالياً) هي مدينة عربية خالصة لأن نصف سكانها على الأقل يتحدثون اللغة العربية.

ويذكر عباس عمار في كتابه “المدخل الشرقي لمصر” أن الإسلام أتى إلى مصر وعلى حدود سيناء وفي نواحيها الشرقية قبائل عربية مسيحية من “غسان” و”لخم” و”جذام” وأن جيش عمرو بن العاص وجد في حصون سيناء مثل العريش ورفح قوماً من العرب المسيحيين كانوا يؤدون حتى تلك اللحظة المال إلى المقوقس حاكم مصر.

.. وخلاصة القول، أن العروبة لم تكن يوماً بالغريبة على أرض مصر.. فكما يؤكد الجغرافي المصري الجليل الراحل جمال حمدان “لا تعارض ولا استقطاب بين المصرية والعربية، وإنما هما اللُّحمَة والسٌداة في نسيج قومي واحد”.

.. ويذكر المؤرخ اللبناني ـ الأمريكي فيليب حتى أن موجة الهجرات السامية إلى مصر تعود إلى 3500 عام قبل ميلاد السيد المسيح، حين انزاحت أقوام من شبه الجزيرة العربية الى شواطئ أفريقيا الشرقية ثم استقرت في مصر.

ويؤكد حتى أيضاً أن هناك تشابهاً بين اللغتين العربية والمصرية القديمة يسوغ معه ردها إلى أصل واحد.

وهي النتيجة ذاتها التي وصل إليها أحمد باشا كمال الذي وضع معجماً ضخماً للغة المصرية القديمة في 22 مجلداً حيث أوضح في محاضرة ألقاها عام 1914 “إن كثرة مطالعتي في اللغة المصرية القديمة منذ كنت في الثامنة عشرة من عمري إلى أن بلغت الستين مهّدت لي سبيل الوصول إلى اكتشاف غريب مفيد، ألا وهو أن اللغة العربية واللغة المصرية القديمة من أصل واحد، إن لم يكونا لغة واحدة افترقتا بما دخلهما من القلب والإبدال، كما حصل في كل اللغات القديمة”.

ومن أمثلة الكلمات المصرية القديمة ومرادفاتها من العربية وفقاً لكمال كلمة: حنت، وهي الحنطة، وترا: ذرة، زت: زيت، زدتو: الزيتون.

.. يا عمنا..

الحكاء القادم من مدينة الإنتاج الإعلامي.. راسنا وجعنا.. دقيقة سكوت لله..

.. المستفيد الأول من سلخ مصر عن عروبتها هو الكيان الصهيوني ومن ورائه دولة إسرائيل.

وحتى نجبر بخاطرك:

مصر فرعونية وقبطية وإسلامية.. وعربية.. هي كل هذا بفعل التراكم التاريخي.

وأكثر من ذلك.. وكما قال نابه يفتش عن المعنى ولا يقف على ناصية شارع الضباب: “الواضح من تاريخ مصر مابعد العصر الفرعوني أن الحضارة المصرية مكونة من جملة من الطبقات الحضارية اليونانية والرومانية والبيزنطية والعربية والمملوكية والتركية والأوربية الحديثة، وهذه الطبقات ليست بالضرورة متراكمة ترتاح فيها طبقة فوق طبقة وترتاح كلها على البنية التحتية الفرعونية، ولكن تكونت منها سبيكة أو مزيج من عناصر مختلفة، وفي بعض الأحيان نجد في الشخصية المصرية مظاهر انعدام في الانسجام ومتناقضات وبقايا ندوب، ولكن هذا في الأغلب راجع إلى سوء هضم هذه العناصر وسوء تمثيلها في الهوية المصرية”.

.. وحسب المفكر الجغرافى الدكتور «جمال حمدان» فإن مصر إذا ما انعزلت داخل حدودها تتعرض للتهميش السياسى، تستباح تماماً، وإذا ما خرجت إلى محيطها الطبيعى تنهض وتتقدم وتكتسب صفة الدولة الإقليمية الكبرى.

.. د. مصطفى الفقي صديق الحكاء قال في مقال مطول أن “القطرية تقسيم محبب لدى من لا يريدون تضامناً قومياً ولا تكاملاً عربياً”.

.. ونختم بالكاتب عبد الله السناوي.. “بالثقافة والمصير والتاريخ فمصر عربية مشدودة إلى محيطها العربى، الانعزال عنه حكم بالإعدام التاريخى وإهدار لأمنها القومى فى صميم اعتباراته”.

ناسنا في “بيتنا الذي في الفولكس تيياتر”..

شكر الله سعيكم.

شكة دبوس – الإعلامى محمد عزام

شاهد أيضاً

بالصور – تعرف على بنك أهداف نتنياهو داخل إسرا؟؟ئيل الذين انقلب عليهم

لا يقتصر “بنك الأهداف” على الفلسطينيين فقط عند بنيامين نتنياهو، فالعديد من المسؤولين الإسرائيليين أيضاً …