حصد الباحث العربى الشاب عمران العاشوري، مطلع هذا الشهر، جائزتين عالميتين، بعد نجاحه في تحقيق رقم قياسي عالمي في مجال الطاقة الحديثة، عبر تمكنه من تحسين كفاءة ما يعرف بالخلايا الشمسية المزدوجة.
الجائزة الأولى التي حصل عليها العاشوري هي جائزة أفضل رسالة دكتوراة من مدينة أدلرزهوف العلمية ببرلين لهذا العام، والثانية جائزة أفضل رسالة دكتوراة بمعاهد هيلمهولتز العلمية بألمانيا لعام 2021، والتي يعمل بها أكثر من 8000 طالب دكتوراة في الوقت الحالي.
وجاء في حيثيات منح الجائزتين أن العاشوري نجح في تحقيق الرقم القياسي العالمي في تحسين كفاءة الخلايا الشمسية المزدوجة “Tandem Solar Cells” (سيليكون – بيروفيسكايت).
مجلة العلوم الأميركية المرموقة “Science” احتفت بالإنجاز العلمي الذي حققه العاشوري، بنشر نتيحة البحث التي توصل إليها خلال أبحاثة لنيل درجة الدكتوراة من معهد هيلمهولتز برلين للطاقة والمواد وجامعة برلين التقنية.
العاشوري نجح في تحسين كفاءة الخلايا الشمسية المزدوجة
العاشوري تحدث فى المؤتمر الصحفى وشرح ما هي الخلايا الشمسية المزدوجة وما أهميتها ولماذا يعتبر هذا الإنجاز العلمي مهما وطفرة كبيرة في مجال الطاقة بالمستقبل؟
وقال العاشوري إنه “في الوقت الراهن يبذل العلماء في شتى المجالات جهودا علمية مضنية لتحقيق أهم أهداف اتفاقية باريس للمناخ وهو الإبقاء على معدل التغير في درجة حرارة كوكب الأرض تحت الدرجتين المئويتين، ولتحقيق ذلك يجب جعل استهلاك الوقود الأحفوري في أقل المستويات الممكنة، ولن يتم ذلك سوى بتدبير مصادر طاقة بديلة نظيفة ومتجددة، وواحدة من أهم تلك المصادر إن لم يكن أهمها على الإطلاق هي الخلايا الشمسية”.
وتابع: “تنقسم الخلايا الشمسية لعدة أنواع طبقا لنوع المواد المستخدمة داخلها لتحويل ضوء الشمس إلى تيار كهربائي، ومن أشهر تلك المواد هي مادة السيليكون التي تمثل المادة الرئيسية في الغالبية الساحقة من الخلايا الشمسية المنتشرة تجاريا اليوم على نطاق واسع، وتتميز بلونها الأزرق الداكن، ولكن علميا وبدون الدخول في تعقيدات فيزيائية، فلا يمكن لأي مادة لوحدها أن تمتص ما يزيد عن 31 بالمئة من ضوء الشمس، وتعرف تلك النظرية بحد شوكلي-كوايزر، وللتغلب على هذا المانع الطبيعي، فكر العلماء في دمج عدة خلايا شمسية في خلية واحدة، وتصمم الخلايا بحيث تمتص كل واحدة منها جزءا مختلفا من ضوء الشمس عن الأخرى، وبالتالي يزداد الامتصاص لأقصى درجة وتزداد الكفاءة لأقصى حد ممكن، وتسمى تلك الخلايا بالخلايا الشمسية المزدوجة Tandem Solar Cells”.
عمران العاشوري، كشف أنه “خلال أبحاثه لنيل درجة الدكتوراه، فقد تميز في أبحاث الخلايا الشمسية المزدوجة التى تتكون من خلية سيليكون في الأسفل وخلية بيروفيسكايت في الأعلى، ونجح بعد جهود مضنية وسنوات من البحث والدراسة في تحقيق أعلى كفاءة فى العالم لهذا النوع المعقد من الخلايا الشمسية بنسبة 29.15 بالمئة، متفوقا على الرقم القياسي السابق الذي كان مسجلا باسم شركة أوكسفورد للخلايا الشمسية”.
وأوضح: “تمكنت من تحقيق ذلك عبر إضافة مادة سمكها جزيء واحد داخل خلية البيروفيسكايت العلوية وظيفتها امتصاص الشحنات الموجبة بكفاءة، ولكن الأمر لم يكن بتلك السهولة، فقد استغرق هذا الإنجاز أكثر من ثلاث سنوات والمئات من المحاولات لتطبيق تلك المواد بشكل سليم فيزيائيا وكيميائيا، ولكن نجحت المحاولات في النهاية”.
وأكد العالم الفلسطيني أن “إضافة خلية جديدة من نوع بيروفيسكايت لخلايا السيليكون التقليدية وضع بعدا جديدا لتطوير الخلايا الشمسية مرتفعة الكفاءة، ففي السنوات الأخيرة وصلت تكنولوجيا خلايا السيليكون إلى حد التشبع وانخفض معدل ارتفاع كفاءتها بحثيا بشكل كبير وانخفض كذلك عدد الباحثين العاملين ف تطويرها، وتكمن أهمية هذا النوع من الخلايا الشمسية في سهولة تصنيعها وارتفاع كفاءتها مقارنة بالأنواع السائدة حاليا والتي تتراوح كفاءتها بين 18 و20 بالمئة فقط”.
واستطرد العاشوري قائلا: “لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل ما تزال هناك آمال واسعة لتطوير هذا النوع من الخلايا الشمسية لتتخطى 30 بالمئة خلال السنوات القليلة القادمة، وهو ما يعتبر هدفا رئيسيا لصناعة الخلايا الشمسية المزدوجة، وجهات التمويل الأوروبية بدأت بالفعل في تمويل الشركات الرائدة في مجال الخلايا الشمسية لتتبنى هذا النوع الجديد من الخلايا، ومن أشهر تلك الشركات أوكسفورد لتكنولوجيا الخلايا الشمسية بمدينة براندنبورج الألمانية. وقد نجحت تلك الشركة في تجميع أكثر من 70 مليون دولار من التمويلات وحققت قفزات في طرق التصنيع التجاري لهذا النوع الواعد من الخلايا الشمسية”.
وأوضح أن: “الدول العربية خصوصا دول شمال إفريقيا يجب أن تكون أول المهتمين بالتكنولوجيات الجديدة في الخلايا الشمسية نظرا لقرب تلك الدول من أوروبا (سوق ضخم للطاقة) وغناها الكبير بالطاقة الشمسية وارتفاع عدد ساعات الإشعاع الشمسي فيها عن بقية دول العالم، الأمر الذي سينعكس على اقتصاديات تلك الدول بالإيجاب ليس في مجال الطاقة فحسب بل فى مجال تحلية المياه والإنتاج الزراعي والحيواني”.
أستمع إلى حياة جديدة
تجدر الإشارة إلى أن عمران العاشوري، حصل على البكالوريوس والماجستير في الفيزياء من جامعة ديسبورج إيسن الألمانية والدكتوراه من جامعة برلين التقنية ومعهد هيلمهولتز برلين للطاقة والمواد، ويعمل حاليا كباحث لأبحاث ما بعد الدكتوراة فى نفس المعهد.
ويعتبر عمران العاشوري ناشطا بيئيا حيث يعمل متطوعا في مؤسسة Climactivity الناشطة في مجال تعريف الجماهير بأهمية الحفاظ على البيئة والتحذير من آثار التغير المناخي المدمرة، ويخطط للاستمرار في أبحاث الخلايا الشمسية بهدف رفع كفاءتها وثباتها وجعلها أسهل وأقرب للإنتاج التجاري أو الاتجاه للعمل في مجال الهيدروجين الأخضر بصفته الثورة القادمة في عالم الطاقة المتجددة، كما يتوقع العاشوري.
ويخطط العاشوري كذلك للاستمرار في العمل كمتطوع لرفع الوعي فى قضايا المناخ والبيئة وتبسيط الأمور العلمية الشائكة في هذا المجال لعموم الناس بغرض حماية كوكب الأرض من التغيرات المناخية.
المصدر – إسكاى نيوز عربية – شبكة رمضان