مراقبون: شبح الانقسام يخيّم مجددا على السياسة الأوروبية تجاه روسيا

عكس الوحدة النادرة التي أبداها أعضاء الاتحاد الأوروبي إزاء روسيا في بداية غزوها لأوكرانيا، يرى مراقبون أن الخلافات بدأت تظهر، سيما حول العقوبات على موسكو. وهناك من يتهم ألمانيا بالأنانية ويرى أن “المفتاح بيد برلين”.

يرى مراقبون أن شبح الانقسام عاد ليخيّم على العلاقات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بعد أن كان الغزو الروسي لأوكرانيا بعد وحدة نادرة في بداية الغزو الروسي لأوكرانيا. يقول عضو البرلمان الأوروبي من يسار الوسط ورئيس الوزراء الإيطالي الأسبق إنريكو ليتا “حتى الآن، أظهرت أوروبا وحدة استثنائية. ندخل الآن فترة قرارات صعبة”.

ويشكل موضوع النفط والغاز الروسي حجر الزاوية في اختلاف مواقف الدول الأوروبية: هل يجب التوقف عن شراء الطاقة من روسيا التي تمول عائداتها بشكل مباشر جهدها الحربي في أوكرانيا، رغم تواصل اعتماد العديد من الدول الأوروبية عليها من ألمانيا إلى سلوفاكيا؟

يذكر أن الغاز الروسي يشكل حوالي 40 بالمئة من استهلاك دول الاتحاد الأوروبي من الغاز وحوالي ثلث وارداتها الخام.

منذ بدء الهجوم الروسي في 24 شباط/فبراير، شدّد الأوروبيون عقوباتهم على النخبة والاقتصاد الروسيين مع كل تصعيد جديد، مراهنين على أن الكلفة التي سيتكبدها الرئيس فلاديمير بوتين قريبا ستكون باهظة إلى درجة لا تسمح له بمواصلة الحرب.

فقد جمّدت دول الاتحاد الأوروبي حتى الآن ما لا يقل عن 29,5 مليار يورو من الأصول الروسية والبيلاروسية (تعمل وحدات روسية في أوكرانيا انطلاقا من بيلاروس المجاورة). ووافقت الدول الأعضاء على حظر واردات الفحم الروسي وإغلاق الموانئ الأوروبية أمام السفن الروسية.

يقول إنريكو ليتا لوكالة فرانس برس إن “العقوبات التي تم اتخاذها شديدة للغاية لكنها تحتاج إلى وقت لتحقيق نتائج”. ويتابع “كلنا توقعنا عملية تستغرق بضعة أيام أو حتى أسابيع قليلة، لكننا نجد أنفسنا اليوم في وضع لا نرى نهايته”.

في الأسابيع التي سبقت الحرب، لوّحت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي بمجموعة عقوبات شديدة، على أمل أن تثني فلاديمير بوتين عن التدخل في أوكرانيا.

ويشير نائب مدير معهد “صندوق مارشال الألماني” في باريس مارتن كوينز الى أن “ذلك جعل من الممكن الرد بسرعة بعد 24 شباط/فبراير، لكنه بلغ حدوده، وصارت تُطرح مسألة الغرض من العقوبات”.

اختلاف حول حظر استيراد الطاقة من روسيا

ويوضح لفرانس برس أن الجدل يتركز الآن على “قضية الطاقة والحيّز الزمني للعقوبات”، إذ لن يدخل الحظر المفروض على الفحم الروسي حيز التنفيذ حتى مطلع آب/أغسطس المقبل، بعد 120 يوما من نشر حزمة العقوبات الجديدة في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي.

وتضغط بولندا ودول البلطيق من أجل إجراءات أكثر صرامة وأسرع بشأن الغاز والنفط. لكن الدول الأكثر اعتمادا على الطاقة الروسية، وفي صدارتها ألمانيا، تطلب مزيدا من الوقت لإيجاد بدائل، ما يثير غضب دول أعضاء أخرى.

من جانبه، يقول أستاذ العلوم السياسية الألماني أولريش شبيك عبر تويتر “برلين بيدها مفتاح تشديد الضغط على بوتين. لكن (المستشار أولاف) شولتس يدير أذنا صمّاء ويبدو أنه يعتقد بإمكان تجنّب هذا القرار. سمعته تتضرر بشكل كبير”.

وترفض برلين حتى الآن فرض عقوبات على قطاع الغاز والنفط الروسي ، الذي تعتمد عليه بنسبة كبيرة. وقال وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر الاثنين إن ألمانيا لا يمكنها الاستغناء عن إمدادات الغاز الروسي “في الوقت الراهن”، وأن قطعها “سيضرنا أكثر من روسيا”.

وأشارت مديرة “المعهد النمساوي لأوروبا وسياسة الأمن” فيلينا تشاكاروفا في تغريدة إلى أن “مدفوعات الاتحاد الأوروبي لروسيا مقابل الطاقة منذ بداية الحرب في أوكرانيا تساوي 27,3 مليار يورو، 9,465 مليارات للنفط، 17,1 مليارا للغاز، وتسعة ملايين للفحم”.

فاقمت المجر بقيادة رئيس الوزراء فيكتور أوربان الخلافات بإعلان استعدادها لدفع ثمن الغاز الروسي بالروبل، عكس بقية دول الاتحاد الأوروبي.

ويهدد الرئيس الروسي بقطع الإمدادات عن الدول التي ترفض الالتزام بقرار الدفع بالروبل الذي اتخذه ردا على تجميد 300 مليار دولار من الاحتياطيات الروسية بالعملات الأجنبية.

خلافات حول كيفية التعامل مع موسكو

يؤكد إنريكو ليتا أنه “مع فوز أوربان الأحد، سيكون هناك دائما +السيد لا+ داخل الاتحاد الأوروبي. المجر بلد صغير ولكن قدرتها على إلحاق الضرر كبيرة في الموضوعات التي يلزم التصويت عليها بالإجماع”.

من نقاط الخلاف الأوروبية الأخرى كيفية التعامل دبلوماسيا مع روسيا، فقد انتقد رئيس وزراء بولندا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على خلفية محادثاته العديدة مع زعيم الكرملين منذ بدء الحرب.

وقال رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافتسكي “ما من أحد تفاوض مع هتلر”، وردّ عليه ماكرون بأنه “يميني متطرف معاد للسامية” ما قاد وارسو لاستدعاء السفير الفرنسي لديها.

ويعتبر مارتن كوينز أن لهذه التصريحات قبل كل شيء “أهدافا سياسية داخلية”. وأضاف “هناك ضغط هائل على الأوروبيين، وخصوصا وارسو وبرلين وباريس، لمواصلة العمل معا بشأن الموضوع الأوكراني”.

المصدر – ع.ج.م/ع.أ.ج (أ ف ب)

 

شاهد أيضاً

قانون لجوء الأجانب في مصر يثير الجدل.. كيف أجبر الاتحاد الأوروبي القاهرة على الإسراع بتمريره؟

مررت الحكومة المصرية بشكل مبدئي قانون لجوء الأجانب الذي أثار جدلاً حقوقياً وشعبياً واسعاً خلال …