موظف سابق في السوسيال السويدي مديرتي تورطت في اعتداءات على الأطفال

شهادة مفجعة تلك التي صرح بها موظف سابق في السوسيال السويدي حول سحب أبناء المهاجرين من أسرهم، فبعد انتشار وسم “أوقفوا خطف أطفالنا” بصورة واسعة عبر منصات التواصل الاجتماعي خرجت تظاهرات بمشاركة مئات من المهاجرين في العاصمة السويدية ستوكهولم تنديداً بظاهرة سحب الأطفال من أسرهم لأسباب تقول الحكومة إنها تتعلق بـ”أمان الأطفال”.

كنا قد نشرنا تحقيقات سابقة تتعلق بانتهاكات جسيمة يرتكبها السوسيال بشأن إجراءات سحب الأطفال، وفي هذا التقرير نقابل واحداً من المحققين الذي كان منوطاً به سحب الأولاد ليدلي لنا بشهادته والتي حملت تفاصيل خطيرة.

موظف سابق في السوسيال السويدي: استقلت بعدما طفح الكيل

يقول المحقق لعربي بوست: “عملت في هذه الدائرة 10 أعوام رصدت فيها انتهاكات كبيرة أدت لاستقالتي في نهاية المطاف، انتهاكات تتعلق بتحريف أقوال الأطفال أو اعترافات الأسر لإعطاء الحق لسحب الطفل وإيداعه بإحدى الدور الحاضنة، الأمر كله يتعلق بشبهة فساد يصعب توثيقها إذ لا توجد رقابة على الموظفين الإداريين”.

يضيف الرجل أنه وبعد سحب الأطفال يتم منحهم لشركات مسؤولة عن توزيعهم على دور رعاية أو أسر حاضنة، تتقاضى الأسر الحاضنة أو الدور ما يقرب من 40 ألف كرون (4300 دولار أمريكي) على الطفل الواحد، وفي بعض الأحيان أكثر إذا استلزم الأمر وفق حالة الطفل.

ويسمح القانون السويدي الخاص المتعلق برعاية القصر (تحت الـ18 سنة) لهيئة الخدمات الاجتماعية المعروفة باسم “سوسيال-Social” سحب جميع أطفال العائلة، إذا ما تعرّض أحدهم لظروف تعتبرها الخدمة الاجتماعية غير مناسبة ضمن الإطار العائلي، مثل العنف، أو عدم القدرة على إعطاء الطفل ما يحتاج إليه من أساسيات.

المديرة متورطة وتمت إقالتها.. 

وفي تفصيلة صادمة قال إن مديرته في العمل تورطت في حادثة اعتداء جنسي على 9 من الأطفال المسحوبين وقد تمت إدانتها بعد تحقيقات واسعة ما أدى إلى إقالتها من العمل بعد الضغط على دائرة السوسيال، لكن الأمر لم ينته عند هذا الحد وفق ما صرح به، إذ إن الانتهاكات لم تنته.

يشير الموظف الذي قابلناه إلى أن اسم الطفل ربما يكون في بعض الأحيان نقمة عليه، فمجرد وجود اسم عربي كـ محمد أو أحمد، هو مبرر كاف لعدم استكمال التحقيقات من الأساس، حدث هذا عشرات المرات وفق ما رصد وأدلى به في شهادته.

لين المغربية.. حقيقة القصة 

أدلى الرجل في شهادته بتفاصيل واقعة انتحار الأم المغربية “لين” التي شغلت الرأي العام السويدي حين أنهت حياتها بعدما رفض السوسيال إعادة طفلها إليها، ووفق رصده قال المحقق السابق إن تحقيقات السوسيال التي ورد فيها أن الأم مريضة نفسياً هي تحقيقات كاذبة، وأن السوسيال هو من دفعها لزيارة طبيب نفسي ووفروا لها طبيباً خاصاً بهم أعطى إليها مجموعة من العقاقير التي سببت لها انتكاسة قوية.

وأن لين هي من لجأت إلى السوسيال بنفسها ولم تطلب إلا مساعدة مادية بعدما هجرها زوجها لتتمكن من الإنفاق على ابنها، خدعها السوسيال، هكذا صرح. وأضاف: “تعرضت لين لخدعة كبيرة ليتمكنوا من إثبات أنها غير جديرة بتربية الطفل، لكنها كانت في كامل قواها العقلية، ولم تطلب إلا مساعدة مادية حتى دخلت في حالة اكتئاب شديدة أوصلتها إلى الانتحار”.

كان مشهداً قاسياً هذا الذي أهال فيه ابن “لين” التراب على قبر والدته بعدما سمحوا له بحضور وداعها الأخير، هذا اللقاء الذي حرمت فيه منه حين قدمت طلبات كثيرة برؤية نجلها قوبلت جميعاً بالرفض.

الحكومة تنفي.. 

الحكومة السويدية من جانبها نفت الاتهامات الموجهة إليها من جانب الأسر، ولم تعلق على التظاهرات التي خرجت في العاصمة السويدية ستوكهولم 2022 للتنديد بسحب الأطفال.

لكنها وعلى حسابها الرسمي الناطق باللغة العربية غردت: “يحق لجميع الأطفال في السويد التمتع بطفولة آمنة، الدولة لا تريد فصل الطفل عن أسرته. يحدث هذا إذا اتضح وثبت أن هناك خطراً على الطفل، والقرار النهائي بشأن الأطفال ليس في أيدي الخدمات الاجتماعية، ولكن في يد القضاء هذا لا يعني انقطاع الاتصال بالوالدين، وهناك حالات يعود فيها الأطفال إلى عائلاتهم”.

وأضاف الحساب أن الناس ربما شاهدوا جانباً واحداً فقط من القصة، وأنه بينما لم يكن من الممكن التعليق على حالات فردية، “ينصبُّ التركيز الأساسي على عدم تعرض الطفل للأذى الجسدي أو النفسي”.

الأطفال المسحوبون لا يعودون أبداً.. 

يعلق المحقق على القانون القاضي بعودة الأطفال إلى أسرهم بعد 6 أشهر من السحب، يقول إن القانون يلزم السوسيال بإعادة الأبناء إلى أسرهم بعد فترة يسميها فترة تأهيل، لكن المحققين يستغلون أن الأسر لا تدري تفاصيل هذا القانون، وبالتالي لا يعيدون الأطفال أبداً، مضيفاً: “لم أرَ حالة واحدة من الحالات التي حققت فيها عادت إلى أهلها على مدار فترة عملي في السوسيال، عودة الأبناء حالة نادرة الحدوث، وحتى لو عادوا يعودون في حالة نفسية سيئة جداً”.

تقول هالة الهادي، وهي أم عراقية لـ”عربي بوست” إن ابنتها عادت إليها بعد صراع في المحاكم دام لمدة 7 أعوام، تضيف: “من عادت ليست ابنتي، ابنتي الآن تهددني حين أحاول تقويم سلوكها بأن تعود إلى الأسرة الحاضنة مرة أخرى، لا تقبل أي نوع من الرقابة ولا التوجيه وسلوكها أصبح غير مقبول، ابنتي كانت طفلة مطيعة جداً حين سحبوها مني لكنها عادت تتناول المخدرات وتصادق الشباب ولا أستطيع السيطرة عليها”.

سجلت هالة شهادتها بدموعها، هذه ليست الشهادة الوحيدة التي يسجلها آباء عن سلوك أبنائهم بعد عودتهم أو حتى إن لم يعودوا، يقولون إنهم يتابعون أبناءهم على مواقع التواصل الاجتماعي ويشعرون بحالة صدمة حين يرون أولادهم يتناولون المشروبات الكحولية وهم لا يزالون في عمر الـ 14 أو 15 عاماً، ولا يستطيعون حتى التعليق.

من جانبه، يقول صالح العلي وهو أب لـ 7 أبناء إن السوسيال سحب ابنته آلاء البالغة من العمر 12 عاماً بعدما كتب زملاؤها في المدرسة رسالة إلى المعلمة في الفصل على لسانها أنها تُعنف في المنزل ويتم ضربها، كانت الرسالة أشبه بمزحة على حد وصفه، ويؤكد أن ابنته لا تجيد اللغة السويدية أصلاً فكيف ستكتب هذه الرسالة، كانت اللعبة أشبه بعقاب ينفذ على الخاسر فيها وحين خسرت آلاء في اللعبة كتب أصدقاؤها الرسالة لكن المعلمة اتصلت بالسوسيال فوراً، وأبلغتهم ليتم سحب الطفلة”.

يقول صالح إن السوسيال أتى إلى المنزل في نفس اليوم للتحقيق، ورغم أنه طلب من صديقاتها الشهادة وبالفعل أدلوا بشهادة أن الأمر لم يتجاوز كونه مزحة إلا أن ذلك لم يغير في واقع الأمر شيئاً ما دفع زوجته للهروب بأبنائه الـ 6 إلى تركيا لتتمكن من حمايتهم من السحب.

القانون لا يطبق.. 

ينص القانون السويدي على أن سحب الأطفال يتم بعد فترة من التحقيقات، تتبعها إنذارات إلى الأهالي، ومن ثم 3 أشهر كمهلة قبل إتمام عملية السحب، لكنه وبالنظر إلى الإجراءات الفعلية التي يتخذها السوسيال- وهو سلطة عليا- فإن خروجات عديدة تحصل بشكل غير قانوني.

كانت الحقوقية زينب لطيف، منسقة مجموعة Barnens rättigheter لحقوق الأطفال قد صرحت في مقابلة سابقة لـ”عربي بوست”، إن المسؤولين ينتفعون من تسليم الأطفال إلى أسر محتضنة؛ إذ تدفع الدولة للأسر السويدية مبالغ كبيرة نظير استضافتهم الأطفال، تصل في بعض الأحيان إلى 7 آلاف دولار على الطفل الواحد، ويزيد المبلغ إذا استطاعت الأسرة إثبات أن الطفل يعاني أمراضاً نفسية تحتاج إلى علاج أو أعراض توحد، أموال يستفيد منها أيضاً المسؤولون الذين من المفترض أنهم يوكلون مهمة الاحتضان إلى هذه الأسر.

توضح لطيف: “تنقطع الصلة بين الأهل والأطفال، لأنه وفقاً للقانون بعد سحب الطفل يتم إخضاع الأسر إلى فترة من التأهيل النفسي والاجتماعي لتهيئتهم لإعادة احتضان الطفل مرة أخرى، لكن وقف الاتصال تماماً يتم تحت ذريعة أن الطفل يحتاج إلى فترة إبعاد عن أهله للتعافي النفسي، مدة قد تطول إلى سنوات في بعض الأحيان ينفصل فيها الآباء عن أبنائهم بشكل تام، ينسلخون عن أفكارهم وعاداتهم ومشاعرهم تجاه آبائهم ما يؤثر بالسلب على مسار القضايا لاحقاً، وفق ما صرحت به زينب.

المصدر – موقع عربى بوست

Check Also

النمسا ترسل 81 جندياً إلى مهمة الأمم المتحدة في لبنان

أرسلت النمسا 81 جندياً، من بينهم 10 سيدات، للانضمام إلى قوة الأمم المتحدة المؤقتة في …