قال فينسنت بريسون (27 عاماً)، وهو مراسلٌ فرنسي اخترق فريق الحملة الرئاسي لإريك زمور، إنه كان شاهداً على ثقافة عنصريةٍ وحملات إنترنت سرية يقودها “جيش ظلٍّ على فيسبوك”، إلى جانب التعديلات المتكررة التي تُجرى على صفحة المناظر اليميني المتشدد التي تعد الأكثر مشاهدةً في فرنسا.
حسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، الخميس 17 فبراير/شباط 2022، فقد قضى أكثر من ثلاثة أشهر كعضوٍ موثوق في “الجيل زد”، وهو الاسم الذي تُعرف به مجموعة أنصار زمور من الشباب.
ممارسات عنصرية ضد العرب والسود
يقول بريسون، الصحفي الحر الذي يكتب للعديد من الصحف، مثل Le Monde الفرنسية: “إذا كنت من أصولٍ سمراء أو عربية، فستجد أن زمور يؤمن بالاستيعاب الثقافي من الناحية الرسمية: اعمل بكد، وتكيّف مع الثقافة الفرنسية، وسوف تصبح فرنسياً مثل البقية. ولكن على أرض الواقع، سيظل أنصار زمور يرونك أقل فرنسيةً منهم. ويمكن وصف هؤلاء بأنهم الوجوه الأكثر اعتدالاً ممن يقبلهم الرأي العام في حملته. وأعتقد أن هذا الأمر يطرح تساؤلات خطيرة حول الوعود بالمساواة في المعاملة تحت حكم زمور”.
بينما ذكر بريسون بكتابه “في قلب الجيل زد Au Coeur de Z”، الذي نُشِر الخميس 17 يناير/كانون الثاني، كيف أنه في ليلته الأولى مع مجموعةٍ من النشطاء الشباب المكلفين بتعليق الملصقات، في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، “سمع أحدهم يستخدم كلمة (زنوج)، دون أن يحرك أحدٌ ساكناً”.
في حين قال ناشطٌ آخر لأحد مؤيدي زمور من أصولٍ عربية، إنه لن يبيع له منزله مطلقاً “بهذا الوجه الذي يمتلكه”.
كما قال أيضاً إنه كان شاهداً على محادثةٍ بين عضوين بارزين يتحدثان عن حراس موقف السيارات ذوي البشرة السمراء في مركز مَعارض على مشارف باريس، حيث عقد زمور أول تجمعاته الانتخابية في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وأشارا إلى الحراس في المحادثة باسم “مامادو”. ويُعَدُّ مامادو اسماً إفريقياً فرانكوفونياً يُستخدم في فرنسا لوصف العاملين من ذوي البشرة السمراء، ويُعتبر إهانةً عنصرية.
بينما زعم زمور أنه سيمنع العائلات من منح أطفالها أسماءً أولى غير فرنسية، في حال انتخابه رئيساً للبلاد، مما يعني أن الناس لن يعود بإمكانهم تسمية أبنائهم محمد، “ولكن يمكنهم استخدام محمد في خانة الاسم الأوسط”.
حملات إلكترونية
أردف بريسون أنه ذُهِلَ بسرعة اندماجه في المجموعة، حيث تمت ترقيته إلى قائمةٍ “نخبوية” من الأفراد الموثوقين المكلفين بالنوم في مقر حملة زمور بالدائرة الثامنة من العاصمة البريطانية؛ ليؤدوا دور حراس الأمن مقابل توقيع كتابٍ، أو الحصول على صورة، أو تناول الغداء مع زمور.
انضم بريسون كذلك إلى حملة زمور السرية شديدة التطور على الإنترنت، والتي تُدار عبر مجموعات دردشة مشفرة على تليغرام بواسطة مدير الاستراتيجية الرقمية للمرشح، صمويل لافونت. وأوضح بريسون: “ليس هذا عملاً علنياً على الإطلاق، بل هي مهمةٌ سرية. هذه ليست طريقةً شفافة في إدارة الحملات السياسية”.
في حين يصف الكتاب كيف يتلقى “جيش ظلٍّ” من مئات متطوعي زمور الأوامر بالانضمام لسلسلةٍ متنوعة من مجموعات فيسبوك التي تتراوح بين محبي المطرب الفرنسي الراحل جوني هاليداي، وصولاً إلى مشجعي ناديي لانس وليون لكرة القدم، وانتهاءً بعشاق البيتزا، ومناهضي التطعيم، وحركات الاحتجاج الراديكالية.
“يقومون بنسخ ولصق المحتوى من موقع الحملة المركزي، حيث يمكنهم نشر المحتوى نفسه عبر 20 مجموعةً مختلفة. ويتعلق الأمر بخلق انطباعٍ بوجود أعدادٍ كبيرة من الناس في هذه الحركة الهائلة على الإنترنت”.
كذلك، هناك وحدةٌ أخرى تعرف باسم “ويكيزيديا WikiZédia”، وهي مكلفةٌ بتعديل صفحات ويكيبيديا المرتبطة بزمور، خاصةً صفحة المناظر الفردية التي تمت مشاهدتها 5.2 مليون مرة في عام 2021، مما يجعلها أكثر الصفحات من ناحية الزيارات على الموسوعة الرقمية.
كما اطلع بريسون على وثيقةٍ لاستراتيجية الإنترنت تقول إن أفراد ويكيزيديا يُفترض بهم جعل زمور “ظاهراً قدر الإمكان على ويكيبيديا”، من خلال وضع روابط واستشهادات بآرائه في أكبر عددٍ ممكن من الموضوعات، إلى جانب إدراج جميع مقابلاته التلفزيونية.
أشار بريسون كذلك إلى تصريحات مديرٍ فرنسي في ويكيبيديا، اسمه جولز، قال إن أنشطة ويكيزيديا تعتبر “غير مسبوقةٍ” بالنسبة لحزبٍ سياسي في فرنسا. كما تتعارض مع مبادئ الموقع الأساسية القائمة على الحياد والموضوعية.
واستغرق الكتاب ستة أشهر ليتحول من فكرةٍ إلى نسخةٍ نشرتها Éditions Goutte d’Or، التي سبق أن نشرت تقارير سرية أخرى احتلت عناوين الأخبار. وقد ظل كبار المحامين الفرنسيين في مجال الإعلام يراجعون مخطوطة الكتاب حتى الأسبوع الماضي، قبل نشره.
المصدر – عربى بوست