دخل عدد من الناشطين السياسيين وأنصار حراك “مواطنون ضدّ الانقلاب”، الخميس 23 ديسمبر/كانون الأول 2021، في إضراب عن الطعام بمقر حزب تونس الإرادة، تنديداً بما اعتبروه “انتهاكات” وللمطالبة باستئناف المسار الديمقراطي.
كذلك، فقد أعلن رئيس الجمهورية الأسبق المنصف المرزوقي وعدد من نواب البرلمان اعتزامهم الانضمام إلى إضراب “مواطنون ضد الانقلاب”؛ احتجاجاً على ما يعتبرونه انقلاب 25 يوليو/تموز والمحاكمات العسكرية للمدنيين وما وصفوه بالتضييق على الحريات والمرسوم 117 الذي أصدره قيس سعيد.
احتجاج “مواطنون ضد الانقلاب”
في سياق موازٍ أكد “مواطنون ضد الانقلاب”، أن قيس سعيد يتجه لتثبيت حكمه الفردي المتنكر تحت قرارات شعبوية، معتبرين أن سعيد أقحم المؤسسة الأمنية في انقلابه، معتدياً بوحشية على اعتصام “مواطنون ضد الانقلاب”، وهو يدفع بقوة الدولة بضرب معارضيه بعد عزلته داخلياً وخارجياً.
كذلك، قال حراك “مواطنون ضد الانقلاب” في بيانهم: “لم يعد أمام المناضلين سوى خوض المعركة بأجسادهم. نعلن انطلاقنا في إضراب جوع احتجاجي؛ لمواجهة آلة القمع والحكم الفردي الذي يسعى لإخماد صوت معارضيه”.
أضاف البيان: “يهدف إضرابنا للسراح الفوري للنواب المساجين والتوقف عن المحاكمات العسكرية وإطلاق سراح المواطنين الذين اعتقلوا يوم الاعتصام وايقاف التتبعات ضدهم، والكف عن تهديد القضاء وهرسلته وتوظيفه لتصفية الخصوم على غرار محاكمة منصف المرزوقي الوهمية، والعدول عن ممارسات التضييق والمنع على تحركات الأحزاب والمواطنين، والكف عن توظيف المؤسسة الأمنية وإقحامها في الصراع السياسي واختراقها بتعيينات قائمة على الولاء، وتعطيل حرية الإعلام والهيئات الوطنية”.
منعطف قمعي في تونس
من جانبه قال عضو الهيئة التنفيذية للمبادرة الحبيب بوعجيلة، إن “الدعوة للإضراب عن الطعام تأتي بعد دخول تونس في منعطف قمعي حقيقي”.
استشهد بوعجيلة بـ”الاعتداء على اعتصام المبادرة يومي 17 و18 ديسمبر/كانون الأول 2021، ومنع عدد من الحزبيين من التظاهر في شارع الحبيب بورقيبة (بالعاصمة)، إضافة إلى التضييق على الإعلام”.
مضى قائلاً: “الانقلاب أخذ منعطفا جديداً وخطيراً بالتضييق على الحقوق والحريات والانفراد بالحكم، ولذلك نبدأ في إضراب عن الطعام؛ احتجاجاً على تلك الممارسات القمعية”.
حكم سياسي
من جانبه اعتبر الرئيس التونسي الأسبق محمد المنصف المرزوقي، أن الحكم الصادر ضده بالسجن “سياسي” ورد فعل على مطالبته المتواصلة بـ”إسقاط الانقلاب ومحاكمة المنقلب”.
قال المرزوقي في مقابلة مع الأناضول، إنّه يرد على الأسئلة ولا يرد على الشتائم أو التهم، “خاصة عندما تكون بسخافة وآتية من منقلب على الدستور (في إشارة إلى الرئيس قيس سعيد) ضد مَن أمهَر هذا الدستور”.
الأربعاء، أصدرت محكمة تونسية حكماً ابتدائياً بسجن المرزوقي (76 عاماً) غيابياً لمدة أربع سنوات؛ بتهمة “الاعتداء على أمن الدولة الخارجي”، فيما نفى الرئيس الأسبق صحة اتهامه بالتحريض على بلاده.
مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أصدر القضاء التونسي مذكرة اعتقال دولية بحق المرزوقي، على خلفية تصريحات له في أكتوبر/تشرين الأول 2021، قال فيها إنه سعى إلى إفشال عقد القمة الفرنكوفونية في بلاده، أواخر العام الجاري.
بعد أن كان مقرراً عقد القمة بجزيرة جربة جنوب شرقي تونس في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أوصى المجلس الدائم للفرنكوفونية بتأجيلها إلى العام المقبل، مع حفظ حق تونس في استضافتها.
سحب الجواز الدبلوماسي
أعلن سعيد، منتصف أكتوبر/تشرين الاول 2021، أنه سيتم سحب جواز السفر الدبلوماسي “من كل من ذهب ليستجدي الخارج لضرب المصالح التونسية”.
جاء ذلك بعد أن اتهمت نقابة السلك الدبلوماسي (تضم موظفي وزارة الخارجية) المرزوقي بتحريض سلطات دولة أجنبية على اتخاذ تدابير عقابية ضد بلاده، وهو ما نفاه المرزوقي، واعتبره “أكاذيب”.
في رده على سؤال عن الخطوات التي سيتبعها بعد صدور الحكم ضده، قال المرزوقي، إنه سيتجاهل ذلك وسيواصل حياته الطبيعية ونشاطه السياسي تونسياً وعربياً.
اعتبر المرزوقي الموجود حالياً في فرنسا، أنّ الهدف الأساسي من إصدار حكم بحقه هو إثناؤه عن العودة إلى أرض الوطن.
أردف: “طلبت من الإخوة في الميدان تقييم متى يجب أن أعود لكي تكون العودة مساهمة في التعجيل بعودة الشرعية.. وحالما يعطونني الضوء الأخضر سأرجع إلى تونس”.
جبهات مناهضة للانقلاب
تشكلت في الأشهر الماضية جبهات مناهضة لتدابير سعيّد الاستثنائية على غرار تنسيقية الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية التي تضم كلاً من “التيار الديمقراطي” و”التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات” والحزب الجمهوري، ومبادرة “مواطنون ضد الانقلاب” المتكونة من شخصيات سياسية ونشطاء وحقوقيين.
منذ 25 يوليو/تموز 2021، تعاني تونس أزمة سياسية حادة، حيث بدأ سعيد إجراءات استثنائية، منها: تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وترؤسه للنيابة العامة، وإقالة رئيس الحكومة، وتوليه السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة عَيَّنَ رئيسةً لها.
رفضت غالبية القوى السياسية والمدنية في تونس هذه الإجراءات، وتعتبرها “انقلاباً على الدستور”، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها “تصحيحاً لمسار ثورة 2011″، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية (جائحة كورونا).
في حين تعتبر مبادرة “مواطنون ضد الانقلاب” البديل السياسي في حال تم رحيل الرئيس قيس سعيّد، بعد الخطوات التصعيدية التي تستعد لاتخاذها رفقة مجموعة من الأحزاب السياسية.
إذ تريد مبادرة “مواطنون ضد الانقلاب” أن تجعل من تاريخ 17 ديسمبر/كانون الأول 2021، شعلةً تنطلق منها عملية التصعيد في مواجهة الانقلاب، كما كانت انطلاقاً في مواجهة نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
وكالات – غربى بوست