تستمر الفجوة في الأجور بين النساء والرجال في النمسا بالانخفاض تدريجيّاً بحسب الأرقام والإحصائيات الرسمية الصادرة عن السلطات ، وفي أحدث الأرقام لهذا العام 2021 يبلغ متوسط الفارق في الدخل في ولاية فورارلبيرغ 26.2 في المائة ، فإن كل امرأة تكسب الآن 37,8 يورو مقابل كل 100يورو يكسبها الرجل ، ، بمعنى أخر أن المرأة تعمل من هذا اليوم 27 سبتمبر وحتى نهاية العام مجانًا مقارنة بالرجال ، خاصة في مقاطعة فورارلبرغ مقارنة مع الولايات النمساوية الأخرى
هذه هى الثقافة السائدة على مستوى العالم التي تقضي بأن تحصل المرأة على راتب شهري أقل من الرجل، لاعتبارات متعلقة بأي شيء آخر غير الكفاءة المهنية والجد والتفوق، كاعتبار الرجل المسؤول الأول عن الأسرة ماديا، وذلك كفيل بحصوله على راتب شهري أكبر من المرأة التي تعمل في المجال نفسه.
وتشير بيانات البنك الدولي إلى وجود فجوة كبيرة بين الجنسين في الدخل والأجور، فدخل النساء في المتوسط يقل ما بين 10 و30% عن دخل الرجال، لكن هناك تفاوت كبير بين البلدان المختلفة في هذا الشأن، ففي بيان للمفوضية الأوروبية كشف أن النساء في دول الاتحاد الأوروبي يتقاضين أجورا لا تزال أقل بنسبة 16.2% من الرجال
اليوم 27 من سبتمبر يوافق كل عام في مقاطعة فورارلبيرج يوم المساواة في الأجور بين الرجل والمرأة، وقالت السيدة ” Iris Seewald” ،رئيسة نقابات النساء في فورارلبرغ، أن هذا الفرق الكبير غير مقبول على الإطلاق
وأكدت السيدة إيرس إنه هذا ظلم لا يطاق أننا في عام 2021 ما زلنا بعيدين حتى الآن عن المساواة الحقيقية بين الرجل والمرأة في سوق العمل ، ولذلك نحن بحاجة ماسة إلى مجموعة من الإجراءات لسد فجوة الدخل على المدى الطويل على سبيل المثال الحق القانوني في مكان لرعاية الأطفال منذ عيد ميلاد الطفل الأول وبأجر أفضل، خاصة في المهن التي تهيمن عليها الإناث
والمعروف أن ولاية فورارلبرج، تحتل المركز الأول في النمسا بفارق دخل يزيد عن 26 في المائة بين الرجال والنسا، – تليها النمسا العليا بنسبة 22.9 في المائة، والعاصمة فيينا هي الأفضل بنسبة 12.5٪، وأما المتوسط العام فى فرق الدخل على مستوى النمسا فهو 18.5 بالمائة
وأضافت إيرس بالطبع أن الدخل المنخفض للمرأة له تأثير كبير على مجالات الحياة الأخرى، حيث لا يقتصر الأمر عند انخفاض الدخل فقط لدى النساء، بل أن معاشاتهن التقاعدية هي الأخرى أقل بكثير من الرجال. حيث تحصل النساء في المتوسط على 42 بالمائة من المعاشات التقاعدية التي يحصل عليها الرجال ، أنه فرق كبير بشكل لا يصدق
وهذا بدوره يزيد من مخاطر فقر المسنين، ولا يعتبر التوزيع العادل للدخل مسألة عدالة فحسب، بل هو أيضًا إجراء وقائي ضد الفقر في سن الشيخوخة وخطوة أساسية نحو تقرير مصير المرأة.
قبل 25 عاما كانت النساء يأخذن في المتوسط 84 بالمئة من رواتب الرجال، لذلك فإن الفجوة في الأجور آخذة في التناقص، رغم أن الفرق لا يزال موجوداً.
تحاول المرأة إثبات كفاءتها وقدراتها، حتى أن بعض أصحاب الأعمال يفضلون توظيفها لالتزامها وجديتها، لكن في وقت ما تضطر أغلب النساء للتغيب عن العمل والخروج في إجازات لأشهر عدة أثناء الحمل والولادة، في حين يعود بعضهن إلى العمل بدوام جزئي بعد الولادة، مما يعطي ذريعة لواضعي قوانين العمل لمعاقبة النساء على طبيعتهن الأنثوية المختلفة، واهتمامهن بعائلاتهن.
أحد الأسباب التي تقف وراء ذلك، هي أن النساء يقضين أوقات أكثر بكثير مع أطفالهن في المنزل مقارنة بما يفعله الرجال، الأمر الذي يبدو جلياً في الدخل الذي يحصلن عليه.
وتدعو نساء ÖGB إلى اتفاق جماعي بحد أدنى للأجور يبلغ 1700 يورو، وهو أمر ملح بشكل خاص في المهن التي تهيمن عليها النساء
ويطالب النقابيون بتخفيض ساعات العمل ونماذج وقت العمل الصديقة للأسرة مثل وقت عمل الأسرة المقدم في الصيف، وهو نموذج يخلق حوافز لتوزيع أكثر عدلاً لرعاية الأطفال والعمل المربح بين الرجال والنساء.
ومن الاسباب الرئيسية التي تفسر هذا الإختلاف بين معاشات الرجال والنساء، أن المهن التي يسيطر عليها الرجال تكون رواتبها أعلى، كما أن النساء يعملن في الغالب بدوام جزئي ويقضين أوقاتاً أكثر بكثير في المنزل مع أطفالهن مما يفعله الرجال.
أشاد تقرير اقتصادي دولي صدر العام الماضي بالمشاركة العالية، والدور الكبير الذي تلعبه المرأة النمساوية في اقتصاد بلادها.
وقال التقرير الصادر عن وكالة PWC في مؤشرها السنوي تحت عنوان ” المرأة في العمل” إنه إذا كانت جميع البلدان الـ 35 الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD تتمتع بمشاركة عالية من القوة العاملة النسائية كما في النمسا، فإن الاقتصاد العالمي سينمو بنحو 50000 مليار دولار
أوردت DW تقريراً بينت فيه أن المكاسب التي حققتها النساء في أوروبا على صعيد التعليم، وزيادة أعدادهن ضمن قوة العمل الأوروبية.
وذكرت أنه مازال متوسط أجور النساء العاملات في دول الاتحاد الأوروبي أقل بنسبة 16% عن متوسط أجور الرجال الذين يؤدون نفس الوظيفة.
وحسب DW فإن نسبة الفرق بين أجور النساء والرجال لم تشهد أي تحسن ملموس في أوروبا خلال السنوات العشر الأخيرة وهي عند حوالي 16%.
ويتباين معدل تفاوت الأجور بين النساء والرجال بقوة بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. على سبيل المثال، تحصل المرأة العاملة في إستونيا على أجر يقل بنسبة 25% عما يحصل عليه زميلها الرجل في نفس الوظيفة، في حين أن أجر المرأة في رومانيا يقل بنسبة 5% فقط عن الرجل. وفي ألمانيا، صاحبة أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، يقل أجر المرأة بنسبة 21% عن أجر الرجل، مقابل 15% في فرنسا.
ورغم أن التقدم نحو تضييق الفجوة في الأجور بين النساء والرجال يسير ببطء على مدى السنوات العشر الأخيرة، حققت دول مثل السويد وهولندا وإسبانيا معدل تقدم أسرع في هذا السياق.
وتقول “فيرا يوروفا” مفوضة شؤون العدالة بالاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي، إن هذه الفجوة “إهدار لاقتصادنا.. تمثل النساء أكثر من 60% من خريجي الجامعات. ويجب أن يعني هذا حصولهن على وظائف أفضل، وأجور أعلى”.
وغالبا ما تخضع السياسات التي تؤثر على الأجور والترقيات للأنظمة القضائية في الدول الأعضاء وهو ما يجعل من الصعب الوصول إلى حلول لهذه المشكلة على مستوى الاتحاد الأوروبي ككل.
والحقيقة أن الفجوة في الأجور معضلة. وتشير الدراسات إلى أنه لا يمكن تفسير حوالي ثُلثي حالات التفاوت وفقا لعوامل موضوعية مثل الدرجة الوظيفية أو المؤهل الدراسي أو العمل نصف الوقت. وبدلا من ذلك، هناك عديد من أشكال التمييز التي لا يمكن لمسها بسهولة في أماكن العمل.
ومن الموضوعات التي حظيت باهتمام في الآونة الاخيرة، ما يسمى بـ “الأجر العقابي”، حيث تُفاجأ المرأة العاملة التي تحصل على إجازة لرعاية أطفالها لدى عودتها إلى العمل مجددا بتعيينها في وظيفة أقل أجرا أو تحويلها إلى عاملة بدوام غير كامل.
وفي مثل هذه الحالات تتأخر ترقيات المرأة وعلاوات الراتب والمكافآت مقارنة بزميلها الرجل. ومن التفسيرات المحتملة الأخرى لهذه الفجوة في الأجور، أن المرأة أكثر استعدادا لقبول الوظائف الأقل أجرا أو الأقل استقرارا في سوق العمل مثل الرعاية المنزلية وأعمال النظافة.
وعلى مدى الحياة، يكون لهذا التمييز في الأجور تداعيات سلبية على مستحقات التقاعد الخاصة بالنساء. ونظرا لأن المرأة تعمل بشكل عام عدد سنوات أقل من الرجل، وتدفع اشتراكات أقل في صندوق التقاعد، وبالتالي تحصل على رواتب تقاعد أقل عند ترك العمل. وتبلغ نسبة التفاوت في رواتب التقاعد بين النساء والرجال في الاتحاد الأوروبي حوالي 36% أي حوالي ضعف نسبة التفاوت في الأجور. ومن أجل علاج بعض صور التفاوت، أصدر الاتحاد الأوروبي توصيات وبيانات توضيحية تظهر حجم ومجالات وجود التفاوت.
وفي عام 2017 أصدرت المفوضية الأوروبية خطة عمل تتضمن 20 مقترحا لحل المشكلة بنهاية عام .2019 ومن الوسائل الأسهل نسبيا لعلاج هذه المشكلة، إصدار قانون لضمان شفافية الأجور في أماكن العمل المختلفة.