سلطت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، الضوء على كواليس جديدة للساعات الأخيرة قبل سقوط العاصمة الأفغانية، والتي تكشف عن الدور الذي لعبه الرئيس الهارب أشرف غني في سقوط البلاد في كل هذه الفوضى، بعد أن رفض شروط حركة “طالبان” في مفاوضات أجريت في قطر، وحال دون السماح لمواطنيه بالهرب مبكراً من البلاد، بينما فر هو باستعمال طائرة هليكوبتر.
حسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، الإثنين 23 أغسطس/آب 2021، فإنه في الوقت الذي أصبحت فيه سيطرة طالبان على كابول أمراً حتمياً بحلول منتصف الأسبوع الماضي، فإن الفوضى والرعب التي شهدتها أفغانستان في الأيام القليلة الماضية لم تكن كذلك.
صفقة رفضها الرئيس الأفغاني
أفادت الصحيفة الأمريكية بأنه في ظل اجتياح المسلحين لأفغانستان، واستيلائهم على البلدات ثم المدن الكبرى، عرض مفاوضوهم في قطر صفقة كان من شأنها المساعدة في وقف القتال، مع فترة انتقالية مدتها أسبوعان لتشكيل حكومة جديدة.
وما السعر الذي وُضِع لهذه الصفقة؟ استقالة الرئيس أشرف غني الذي هاجمته الحركة منذ فترة طويلة ووصفته بأنه “زعيم دمية”.
فقد رفض، في خطاب على التلفزيون يوم السبت، 14 أغسطس/آب، هذا الأمر وأصر على استمرار الجيش في القتال، رغم أنه ألمح إلى مناقشات وراء الكواليس.
ووفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار المقترح، يتوسط القادة السياسيون الأفغان في نوع من اتفاق تقاسم السلطة، بما في ذلك الرئيس السابق حامد كرزاي، الذي بقي في كابول ويقود الآن محادثات مع طالبان حول شكل قيادتهم الجديدة، وفقاً لتقارير Bloomberg.
منع شعبه من الهرب
كان من الممكن أن يمنح ذلك أولئك الذين أرادوا الفرار نافذة أطول قليلاً للهروب، دون الحاجة إلى التفاوض حول نقاط تفتيش طالبان في المدينة. وربما أمكن الاتفاق حتى على ممر بري.
لكن بدلاً من ذلك، اتخذ غني خطوات صارمة لمنع هجرة مواطنيه، وأمر مكتب الجوازات بالتوقف عن إصدار وثائق جديدة قبل أسبوع من سقوط كابول، وفقاً للتقارير. وعندما فر بعد أيام بطائرة هليكوبتر أثناء زحف طالبان نحو كابول، ضاعت الفرصة إلى الأبد.
ومن المنفى، نشر غني بياناً على فيسبوك قال فيه إنه غادر لتجنب إراقة الدماء. ومن المؤكد أنه كانت هناك مخاوف حقيقية من حدوث قتال دموي من شارع إلى شارع إذا انتقلت طالبان إلى العاصمة المكتظة بالسكان، لكن الفوضى التي أعقبت رحيله خلقت معاناتها الخاصة المباشرة، وقد تترك إرثاً أطول بكثير من الألم.
في الجهة الأخرى، تعهدت طالبان بأنها لن تواصل العمليات الانتقامية، لكنها تبحث أيضاً عن أهداف مرتبطة بالغرب من باب إلى باب.
وحين تتخلى وسائل الإعلام العالمية عن اهتمامها، يمكن أن تسوء الأمور بالنسبة لأولئك الذين لديهم ارتباطات أجنبية أو حكومية.
كما أدى الغضب والازدراء اللذان أثارهما رحيل غني إلى تفاقم الحزن المرير على اختياراته الأخيرة خلال منصبه في أفغانستان؛ الأمر الذي تسبب في الكثير من الألم لبقية الشعب، الذين لم يكن لديهم طائرات هليكوبتر تحت الطلب.
يذكر أن غني كان تكنوقراطياً يتسم بالإدارة الدقيقة ويمتلك مزاجاً جامحاً ولديه إيمان مطلق بذكائه، وقد ألّف كتاباً قبل وصوله إلى السلطة بعنوان “Fixing Failed States – إصلاح الدول الفاشلة”، الذي شهد موجة من المراجعات الجديدة في الأسبوع الماضي.
وكالات إخبارية