“صافيني مرّة، على قدّ الشوق، جبّار، وزوروني كل سنة مَرّة”، من منّا لم يسهر أياماً وليالي وهو يستمع إلى المطرب المصري عبد الحليم حافظ ، الذي أبكى وأفرح الملايين حول العالم بصوته العذب وأغانيه التي لا تزال حيّة حتى يومنا هذا.
وعلى الرغم من أنَّ حياة العندليب الأسمر كانت قصيرة، إذ توفي وهو بعمر الـ48 عاماً، فإن حياته كانت مليئة بالأحداث الحزينة والسعيدة في آن معاً، وترك وراءه بصمة لا تشبه بصمة أحد.
من هو عبدالحليم حافظ؟
وُلد المطرب المصري عبدالحليم حافظ واسمه الحقيقي عبدالحليم عليّ شبانة في 21 يونيو/حزيران 1929، بقرية الحلوات في محافظة الشرقية، وكان الأخ الأصغر بين أفراد عائلته.
لم ينعم العندليب بعائلة سعيدة كما الآخرين، إذ عاش يتيم الأبوين بعد أن توفيت والدته بعد ولادته بأيام قليلة، كما توفي والده قبل أن يبلغ عاماً واحداً، لينتقل بعدها للعيش في منزل خاله “متولي عماشة”.
بداياته وطريقه نحو الشهرة
كانت بدايات حبّ عبدالحليم حافظ للموسيقى عندما التحق بـ”كُتّاب الشيخ أحمد”، كما أصبح رئيساً لفرقة الأناشيد بالمدرسة التي تعلم فيها، وعندما تخرّج في الثانوية التحق بمعهد الموسيقى العربية في عام 1943، وتحديداً بقسم التلحين، قبل أن يتخرج عام 1948.
أثناء دراسته وبعدها عمِل المطرب المصري بمجال التدريس الموسيقي في عدّة مدن، بينها القاهرة وطنطا والزقازيق، ولم يكمل بهذا المجال سوى 4 سنوات، قبل أن يقرر الاستقالة، للالتحاق بفرقة الإذاعة المصرية التي عمِل فيها عازفاً على آلة “الأوبوا” قبل أن تتم إجازته ليصبح مطرباً.
ووفقاً لما ذكرته صحيفة “العربي الجديد”، فإنَّ شهرة العندليب بدأت عندما استغل فرصة غياب المطرب عبدالغني السيد الذي كان سيسجل واحدة من الأغاني وأعلن أنّ بإمكانه تسجيلها.
ليتمكن بعد أغنيته الأولى التي يُعتقد أنها كانت “صافيني مَرَّة”، من تسجيل عشرات الأغاني للإذاعة.
كما يقال إنّ عبدالغني السيد قال عن موهبة عبدالحليم حافظ: “الظاهر إنّ الواد دا حيقعّدنا في البيت”.
عبدالحليم حافظ.. مُغني الشعب ورمزاً لثورة يوليو
بما أن بداية شهرة عبدالحليم حافظ الفنية ترافقت مع اندلاع ثورة 23 يوليو/تموز 1952، فقد كانت تلك الفترة فرصة مواتية ليصبح أحد الأصوات المعبرة عن فكر واتجاهات الثورة.
فقدَّم أول أغنية وطنية له رفقة المطربة عصمت عبدالعليم بعنوان “العهد الجديد”، وهي من كلمات محمود عبدالحي وألحان عبدالحميد توفيق زكي.
وفي العام 1956 وتحديداً بعد تنصيب جمال عبدالناصر رئيساً للجمهورية المصرية، قدّم العندليب أول أغنية وطنية له، من ألحان الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب وهي “إحنا الشعب” التي حققت نجاحاً كبيراً، مهدت له الطريق لغناء أغانٍ وطنية أخرى، أبرزها “الله يابلدنا” التي جاءت عقب العدوان الثلاثي على مصر.
صوت عبدالناصر المؤثر
ووفقاً لما ذكره موقع الجزيرة، فإن الكاتب الراحل يوسف إدريس أكد أنّه كانت لعبدالحليم أهمية خاصة في حياة المصريين وفي ثورة 23 يوليو/تموز 1952، كما أن الشاعر السوري نزار قباني أكد أن العندليب كان مطرب الجماهير الذي قاد شعبه في الثورة، وأنه كان بمثابة “وزارة اتصال” حقيقية لعبدالناصر.
حتى إن إسرائيل بحد ذاتها اعترفت بدور العندليب عندما قال وزير دفاعها آنذاك موشيه ديان: “عبدالحليم هو يد عبدالناصر في التأثير على الجماهير العربية وعلينا أن نرفع هذه اليد”.
أشياء لا تعرفها عن حياة عبدالحليم
بعيداً عن أن العندليب عبدالحليم حافظ كان مدرسة غنائية لا تتكرر، فإن هناك العديد من التفاصيل التي قد يجهلها كثيرون حول حياته المليئة بالأحداث، سنقدم إليكم بعضها كما أوردتها النسخة العربية من موقع دويتشه فيله الألماني.
رفض إلقاء بيان انقلابي على ملك المغرب
اشتهر عبدالحليم حافظ بصداقته للعديد من رؤساء الدول العربية، لعل أبرزهم كان الملك المغربي الحسن الثاني الذي أهداه سيارة فاخرة بمفتاح ذهبي، لم يكن يملك منها في كل مصر سوى الرئيس محمد أنور السادات.
إضافة إلى أن العنلديب كان بالمغرب في عام 1971، أثناء قيام مجموعة من الضباط بانقلاب عسكري فاشل، وطلبوا منه أن يلقي بيان الانقلاب في الإذاعة المغربية بصوته، لكنه رفض ذلك رغم التهديدات.
أغنية “تخونوه”
من منا لا يعرف أغنية “تخونوه”؟ ولكن هل كنتم تعرفون أنها في الأصل كانت للمطربة ليلى مراد وقد غنتها بالفعل؟
لكنّ إعجاب عبدالحليم الكبير بالأغنية دفعه إلى الإلحاح على الفنانة المصرية لتتنازل له عنها وبالفعل حدث ذلك.
المطرب الوحيد الذي انتحرت معجبة له بعد وفاته
يُعتقد أنَّ عبدالحليم حافظ هو المطرب العربي الوحيد الذي انتحرت إحدى معجباته بعد معرفتها بخبر وفاته، وذلك عندما ألقت بنفسها من شرفة منزلها.
نعشه الذي حُمل في جنازته كان فارغاً!
لم يكن هذا الحشد الكبير الذي قُدِّر بما يتراوح بين 3 و4 ملايين شخص، يعلم أنّ نعش عبدالحليم الحافظ الذي كانوا يحملونه فوق أكتافهم كان فارغاً!
وكشفت عائلة العندليب قبل سنوات، سبب هذه الخطوة، مبررة أن وزير داخلية مصر حينها خشي من تدافع الناس الكبير على النعش، فقرر إبقاء النعش الحقيقي في المسجد وإخراج نعش فارغ للجماهير.
أجرى 61 عملية جراحية خلال حياته
أصيب العندليب الأسمر بداء البلهارسيا عندما كان يلعب رفقة أقربائه عندما كان صغيراً في ترعة القرية، وتفاقم لديه المرض لاحقاً في عام 1955 وتحديداً بعد انتهائه من تصوير فيلم “لحن الوفاء” رفقة شادية وحسين رياض وزوزو نبيل ووداد حمدي وحسن البارودي.
ومع مرور الأيام ساءت حالته بشكل كبير، ليصاب بمرض تليف الكبد الكامل، وفي العام 1972 أصيب بنزيف شديد تحديداً بعد إحيائه حفلاً في المملكة المغربية، ليبدأ رحلة تنقُّل بين المشافي حتى توفي في 30 مارس/آذار 1977 بمستشفى كينجز كوليدج في العاصمة البريطانية لندن، عن عمر ناهز 48 عاماً فقط.
في حين يتداول البعض أن عبدالحليم حافظ كان يردد جملة “أنا ابن القدر”، وذلك بسبب إجرائه نحو 61 عملية جراحية خلال حياته.
أشهر أغاني عبدالحليم
على الرغم من مرور عدة عقود على وفاة المطرب المصري، فإنه لاتزال أغانيه حاضرة في أذهان الناس، سواء مَن عاصره أو حتى من الجيل الجديد، ولعل أبرز أغانيه التي توصف بأنها لاتموت:
- قارئة الفنجان
- جبّار
- ظلموه
- وحياة قلبي وأفراحه
- أول مَرّة تحب يا قلبي
- موعود
- رسالة من تحت الماء
- الهوا هوايا
- سوّاح
- صافيني مَرّة
- توبة
- من غير ليه
- لست وحدك حبيبها
أشهر أفلام عبدالحليم
أما بالنسبة لأشهر أفلام عبدالحليم حافظ التي قدَّمها خلال مسيرة حياته القصيرة فهي:
- “لحن الوفا”، بمشاركة البطولة مع شادية.
- “أيامنا الحلوة”، بمشاركة البطولة مع فاتن حمامة.
- “ليالي الحب” بمشاركة البطولة مع آمال فريد.
- “موعد غرام”، بمشاركة البطولة مع فاتن حمامة.
- “فتى أحلامي”، بمشاركة البطولة مع منى بدر.
- “حكاية حب”، بمشاركة البطولة مع مريم فخر الدين.
- “معبودة الجماهير”، بمشاركة البطولة مع شادية.
- “أبي فوق الشجرة”، بمشاركة البطولة مع ميرفت أمين.
وكالات – شبكة رمضان الإخبارية