صدمة عارمة تسبب بها خبر قتل عائلة مسلمة في كندا كانت تمارس رياضة المشي مساء يوم الأحد 6 يونيو/حزيران 2021، عندما قرر شاب يبلغ من العمر 20 سنة أن يدهسها بشاحنته، فقتل الأب والأم والابنة والجدة، وترك طفلاً عمره 9 أعوام يتيماً يعاني من إصابات خطيرة.
العائلة التي سارع أبناء الجالية مشاركة أي معلومات لديهم عنها، كانت من العائلات الناشطة مجتمعياً مع المسجد المحلي للمدينة، فالأم أكملت للتو دراستها العليا في الهندسة البيئية، بينما يعمل الأب كطبيب علاج فيزيائي، وابنته كانت تلميذة ناشطة في المدرسة الثانوية، وكانت ستكون ممثلة عن الطلاب المسلمين لنشاطها المجتمعي، وفق ما صرحت مصادر مقربة من العائلة لـ”عربي بوست”.
ورغم مأساوية الحدث الذي شهد التفاف السلطات حول العائلة ذات الأصول الباكستانية والمنظمات الاجتماعية والدينية حول العائلة والجالية المسلمة في مدينة لندن، إلا أنه ليس الحادث الأول من نوعه في كندا، وإن كان الأكبر والأكثر وقعاً في المدينة الصغيرة الواقعة إلى الجنوب الشرقي من مقاطعة أونتاريو.
To coincide with a vigil being held tonight at the #LdnOnt Muslim Mosque, City Hall and the J.A. Taylor Building at Wellington and Dundas will be lit green tonight in honour of the victims of the deadly attack which took place earlier this week on Hyde Park Rd.#OurLondonFamily pic.twitter.com/dR2cKtvbLN
— City of London (@CityofLdnOnt) June 8, 2021
ازدياد حوادث الكراهية ضد المسلمين
في 29 يناير/كانون الثاني 2017، مساء يوم الأحد بالتحديد، قُتل 6 رجال مسلمين في المركز الثقافي الإسلامي بمدينة كيبيك، لتترمل نساؤهم ويتركوا خلفهم 17 طفلاً يتيماً.
وعلى الرغم من الدعوات إلى العمل والوعود السياسية التي طُرحت آنذاك لمواجهة الإسلاموفوبيا في الأيام والشهور والسنوات التي أعقبت إطلاق النار على مسجد كيبيك، لم تتوقف الإسلاموفوبيا في كنداـ وتبددت اللحظة تدريجياً بعد ذلك الحادث الأليم.
وخلال ذلك العام-أي 2017- سجلت كندا 349 حادثة جريمة كراهية أبلغت عنها الشرطة ضد المسلمين في كندا.
ويمثل ذلك قفزة بنسبة 151 نقطة مئوية عن العام السابق لعام 2016، الذي شهد 139 تقريراً من هذا القبيل.
وحسب ما نشرت صحف كندية محلية، فإن الأرقام الأولية لعام 2018 سجلت حدوث 173 جريمة كراهية من هذا القبيل.
Londoners asked to for 'human chain' from fatal crash site to mosque ahead of vigil https://t.co/VNij4coQxT pic.twitter.com/snRXTCVrgY
— CBC London (@CBCLondon) June 8, 2021
وفي عام 2020، قُتل عامل صيانة المسجد محمد أسلم زفيس، البالغ من العمر 58 عاماً، طعناً أثناء جلوسه خارج مسجد بمدينة إيتوبيكوك جنوب تورنتو، بينما كان يراقب عدد الأشخاص الذين دخلوا من أجل الامتثال للوائح الصحية العامة لمكافحة فيروس كورونا.
كان المهاجم المدعو جيلهيرم فون نيوتيجيم البالغ من العمر 34 عاماً، من المتعاطفين مع النازيين الجدد وله علاقات بعدد من الجماعات اليمينية المتطرفة.
أما مدينة لندن نفسها، والتي شهدت حادثة قتل العائلة المسلمة، سجلت الشرطة عام 2016 إصابة طالب إيراني في جامعة ويسترن بارتجاج في المخ بعد تعرضه للضرب ووصفه بـ”العربي”، رغم أنه إيراني.
وصفت السلطات وقتها الاعتداء بأنه جريمة كراهية، وقال رئيس بلدية لندن إن “الإسلاموفوبيا لا مكان لها في كندا”.
ورغم أن هذه الأرقام ليست بالقليلة، إلا أنها لا تروي القصة كاملة، إذ تشير هيئة الإحصاء الكندية نفسها إلى أن غالبية جرائم الكراهية في كندا، حوالي الثلثين، لا يتم الإبلاغ عنها.
وتتجسد الإسلاموفوبيا في تخريب المساجد والاعتداءات الجسدية على المسلمين، بما في ذلك العنف ضد المسلمات اللائي يرتدين الحجاب أو النقاب، وصولاً إلى جرائم القتل المتعمدة.
وتم تصوير المسلمين على أنهم “أعداء الداخل” الذين يهددون استقرار الأمة، ووفقاً لاستطلاع راديو كندا عام 2017 عندما كان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في البيت الأبيض وبعدما فرض حظراً على دول إسلامية، أبدى معظم الكنديين (74%) رغبتهم في اختبار القيم الكندية للمهاجرين المسلمين، بينما فضل 23% فرض حظر على هجرة المسلمين، وهو مستوى من الدعم يرتفع إلى 32% في كيبيك.
وقتها سارعت وسائل الإعلام إلى إلقاء اللوم على هذا الموقف العدائي من المسلمين إلى الأجواء السياسية التي خلقتها إدارة ترامب تجاه المسلمين والمهاجرين والأقليات بشكل عام.
الإسلاموفوبيا في كندا
ولكن تاريخ كندا على المستوى السياسي شهد محطات روجت للإسلاموفوبيا؛ على سبيل المثال، كانت حقبة رئيس الوزراء المحافظ ستيفن هاربر مليئة بالسياسات التي تستهدف المسلمين، مثل “قانون عدم التسامح مطلقاً مع الممارسات الثقافية البربرية”، وشهادات الأمان (التي تتضمن أدلة ومحاكمات سرية)، وقانون مكافحة الإرهاب، وحظر النقاب المقترح في احتفالات المواطنة.
لا تزال العديد من هذه السياسات قائمة، ومع ذلك، لم يعد هناك حظر على النقاب في احتفالات المواطنة، ووافق مجلس الشيوخ على مشروع قانون لإزالة اللغة “البربرية” من “قانون الممارسات الثقافية البربرية”.
وساهمت سياسات كيبيك، مثل مشروع قانون 94 الذي يحظر النقاب في الأماكن العامة والمدنية وميثاق القيم، أيضاً في تهيئة هذه الأرض الخصبة للخوف من الإسلام وتعزيز “القلق الأبيض”.
الإنترنت ساحة الكراهية
على شبكة الإنترنت، تنتشر الآراء المؤيدة للقومية البيضاء وكراهية الأجانب، الأمر الذي اكتسب زخماً، ومؤخراً بات هناك ما يقرب من 100 مجموعة من العنصريين البيض تنشط في كندا، حسب ما نشرت صحيفة Global News الكندية.
ومن هذه المنظمات:
- The Clann Northern Alberta Infidel Division
- Wolves of Odin
- Soldiers of Odin
- Loyal White Knights
- The Proud Boys
I’m horrified by the news from London, Ontario. To the loved ones of those who were terrorized by yesterday’s act of hatred, we are here for you. We are also here for the child who remains in hospital – our hearts go out to you, and you will be in our thoughts as you recover.
— Justin Trudeau (@JustinTrudeau) June 7, 2021
قرارات الحكومة الليبرالية
رئيس الوزراء جاستن ترودو وصف عملية قتل الأسرة في لندن بأنه “هجوم إرهابي”، وهو التعبير نفسه الذي استخدمه رئيس حزب المحافظين المعارض إرين أوتول ورئيس حزب الديمقراطيين الجدد جغميت سينغ.
وتأتي الإدانة واسعة النطاق والتعريف بالإسلاموفوبيا بعد أكثر من 4 سنوات على تمرير مجلس العموم لقانون أثار الجدل حول تحديد واستئصال الكراهية ضد المسلمين سمي بـ Motion 103.
القانون الذي قدمته النائبة الليبرالية من ميسيسوجا إيرين ميلز، طالب الحكومة الفيدرالية بالإقرار بثلاثة أشياء:
إدانة الإسلاموفوبيا وجميع أشكال العنصرية النظامية والتمييز الديني.
قمع المناخ العام المتزايد من الكراهية والخوف.
إجبار لجنة التراث العمومي على تطوير نهج على مستوى الحكومة للحد أو القضاء على العنصرية النظامية والتمييز الديني، بما في ذلك الإسلاموفوبيا.
الاقتراح غير الملزم تعرض لنقاش مرير في أوتاوا قبل الموافقة عليه في نهاية المطاف، واعتبر منتقدو القانون أن الاقتراح سيحد من حرية التعبير ويخصص المسلمين بمعاملة خاصة.
وعلى إثره، صدر تقرير للجنة التراث حول العنصرية المنهجية والتمييز الديني والإسلاموفوبيا في عام 2018.
واختتم التقرير بـ30 توصية، بما في ذلك إنشاء خطة عمل وطنية منسقة وتحسين جمع البيانات حول جرائم الكراهية، وتطوير برامج تعليمية وتدريبية جديدة لنبذ هذه الأفكار الخطيرة، بدءاً من مناهج التعليم وطريقة تعامل المجالس التعليمية في المدارس والجامعات مع الحوادث المشابهة تجاه جميع الأقليات.
عربى بوست – شبكة رمضان الإخبارية