لماذا ترفض ألمانيا طلبات لاجئين اعتنقوا المسيحية وترحلهم لبلدهم؟

تتعرض السلطات الألمانية للانتقاد لترحيلها طالبي لجوء مسلمين اعتنقوا المسيحية، في هذه المقابلة مع DW ترد نائبة رئيس المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين على هذه الانتقادات وتبرر قرارات المؤسسة وطريقة بتها في طلبات اللجوء.

هل يجوز أن ترحل ألمانيا طالبي لجوء إيرانيين اعتنقوا المسيحية؟ في حوار سابق مع DW اتهم القس غوتفريد مارتنز المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا “بامف” مؤخرا بـ “السطحية” و”السخرية”. لكن أورسولا غريفين براشما، نائبة رئيس “بامف”، ترفض هذه الاتهامات وتوضح في حوارها التالي مع DW آلية عمل المكتب وموقفه من هذه القضية.

دويتشه فيله: سيدة غريفين براشما، أسقف طهران الكلداني الكاثوليكي، طالب في زيارة له إلى سويسرا بتفهم الإيرانيين الذين تركوا بلادهم واعتنقوا المسيحية في أوروبا. حيث إنهم في إيران مهددون بعقوبة الإعدام. فما مدى الخطر والتهديد المحدق بالإيرانيين الذين اعتنقوا المسيحية ويتم ترحيلهم إلى بلادهم رغم ذلك؟

أورسولا غريفين براشما: لدى المكتب الاتحاد للهجرة واللاجئين “بامف” معلومات وبيانات شاملة ومفصلة عن كل بلد، يتم الرجوع إليه لدى اتخاذ القرار، أي قرار البت في طلب اللجوء. ونعتمد على ذلك فيما إذا كانت الممارسة الدينية المسيحية أو اعتناقها يمكن أن يؤدي فعلاً إلى الملاحقة في إيران. لكن هناك اختلافات، فالخطر في الأرياف أكبر منه في المدن. إذن هناك ملاحقة للمسيحيين في إيران، ولكن ليس كل مسيحي تتم ملاحقته. فأتباع الكنائس المعترف بها، مثل الأرمن غير ملاحقين. على أي حال، فالأمر يتعلق الأمر بظروف الشخص نفسه على حدة.

كثير من الإيرانيين الذين يلجؤون إلى ألمانيا، يعتنقون المسيحية ويتم تعميدهم. كيف تنظرين إلى ذلك؟

طبعاً تغيير الدين مسألة أساسية ويجب مراعاتها عند اتخاذ القرار، لكن الأمر يتعلق دائماً بكل حالة على حدة. والأمر مختلف حين  لا يعتنق أحدهم المسيحية هنا إلا بعد أن يكون قد تم رفض طلب لجوئه، ويكون تعميده سبباً لاحقاً لطلب لجوئه. وبالنسبة لتغيير الدين هنا في ألمانيا، نفحص الأمر، وإلى حد ما هو مسألة تكتيكية من أجل اللجوء.

لكن وحسب رأي رئيس الأساقفة، ماذا لو كانت أسباب تغيير الدين قد نضجت قبل الهروب وطلب اللجوء؟

طبعاً هناك لاجئون يأتون إلى ألمانيا وهم يحملون هذه الأفكار معهم، ويتواصلون بشكل مباشر مع المسيحية في ألمانيا لأول مرة، ويشعرون بالارتياح من الناحية الروحية، هذا يكون سبباً وجيها لتوفير الحماية لهم. وبوضوح أكثر: حين يتم تعميد أحدهم في ألمانيا فإنه مسيحي ونحن لا نشكك في ذلك. ولكننا نحاول أيضاً توضيح فيما إذا كان بالنسبة لهذا المسيحي الإيمان الجديد مسألة روحية ويذهب إلى الكنيسة في المناسبات فقط، أم أنه مؤمن بقوة بمعتقده الجديد وينشط في مجتمعه الكنسي ومعروف هناك؟ هذا أيضاً مقياس حاسم، يجب اتخاذه بعين الاعتبار لدى البت في الطلب.

أنت نفسك ناشطة في الكنيسة البروتستانتية، هل تعرفين أحداً قد اعتنق المسيحية والإيمان بها روحياً فقط، أي العيش من دون ارتباط بالمجتمع (الكنيسة) والعبادة؟

في الكنيسة التي أعمل فيها كواعظة، ليس هناك من نزح من الشرق الأوسط ولجأ إلى ألمانيا واعتنق المسيحية. لكن لدينا على سبيل المثال من انتقلوا من الكنيسة الكاثوليكية إلى البروتستانتية، ولكنهم ليسوا بالكثيرين. وأعرف من خلال خبرتي الطويلة في الكنيسة – وهي تمتد لعقود – بأن هناك طرق مختلفة عديدة لكيفية ممارسة الناس عقائدهم الدينية.

تقولين من البديهي أن يعترف “بامف” بتعميد اللاجئ وفي الوقت نفسه تتحدثين عن البحث فيما إذا كان اعتناقه المسيحية لأسباب تكتيكية تتعلق بطلب اللجوء، هذا يعني أن هناك ثمة فحص للتعميد؟

لا، وبكل وضوح لا. إن الأمر يتعلق هنا بتوضيح كيفية تشكل الهوية الدينية لطالب اللجوء، ولا يتعلق بفحص الإيمان أو ما شابه ذلك. علينا أن نوضح فيما إذا كان طالب اللجوء المطلوب ترحيله إلى وطنه مهدداً بالملاحقة أم لا. فإذا تشكل لدينا انطباع بعد فحص كل الحقائق والأدلة أنه ستتم ملاحقته هناك بسبب معتقداته، حينها نضمن له الحماية. لذلك فإنه دائما يعتبر أمراً مساعداً لنا حين ترسل لنا الكنيسة وثيقة حول كيفية ممارسته لحياته الدينية في الكنيسة واقعياً. وقبل كل شيء يتعلق الأمر بالتنبؤ بنمط حياته في وطنه لاحقا. تحدثت المحكمة الدستورية الاتحادية  ذات مرة عن أنه يجب أن تتشكل لدينا قناعة حول كيفية تشكل الهوية الدينية لطالب اللجوء، للتنبؤ بسلوكه في وطنه

أورسولا غريفين براشما، نائبة رئيس “بامف” ترى أن رفض طلبات بعض اللاجئين الذين اعتنوا المسيحة وترحيلهم أمر مبرر

لكن، وحسبما يؤكد خبراء مختلفون، لا يبدأ الخطر على الحياة لدى الممارسة العملية الملفتة للدين، وإنما يبدأ الخطر عند تبديل الدين، حيث ينظر إلى ذلك على أنه ردة، وهذا يهدد الحياة.

هذا يختلف من بلد إلى آخر. في أفغانستان الأمر هكذا تماماً، فعند الإعلان عن تغيير الدين، يبدأ التهديد بالملاحقة. وفي باكستان هناك اختلاف كبير من منطقة إلى أخرى. أما في إيران فيتعلق الأمر بشكل كبير بسلوك الشخص نفسه. فالجمهورية الإسلامية تولي أهمية كبيرة لالتزام الناس، وحين تلاحظ أن شخصاً ما يروج لمعتقداته المسيحية ويحاول أن يقنع المسلمين بها، بالطبع سيكون هناك خطر عليه حينها. فالأمر يتعلق بشكل كبير بكل حالة على حدة.

هناك اتهامات متكررة لبعض فروع “بامف” في برلين وأيزنهوتن شتات بولاية براندنبورغ مثلًا، بأنه يتم فحص وضع من غيّر دينه بشكل صارم، حيث هناك تقييم من خلال وحدات نصية ونتائج سلبية؟

نبذل جهدنا دائماً لتحقيق الاتساق في عملية اتخاذ القرار (البت في طلبات اللجوء). ولهذا هناك مبادئ توجيهية موحدة مثل تعليمات خدمة اللجوء، وهي تنظم بدقة التعامل مع حالات اللاجئين الذين غيروا دينهم. لدينا أيضاً مبادئنا التوجيهية لكل بلد من بلدان المنشأ. كما يوجد لدينا في فروع المكتب والمقر الرئيسي بنورمبرغ آلية للتأكد من صحة القرار. وأخيراً هناك ما يسمى بمقارنة معدل الحماية. في النصف الثاني من 2020 لوحظ معدل أقل من المتوسط​​ في منطقة برلين. تم التحقق من ذلك وظهر أنه يمكن تصحيح الانحرافات بشكل معقول من وجهة نظرنا. ولكن أيضاً في برلين وبراندنبورغ، كان هناك ما مجموعه 26 إجراء في عامي 2020 و2021 بشأن 40 طالب لجوء إيراني منحناهم الحماية بسبب تغييرهم دينهم. لذلك فالأمر لا يعني أن كل شيء مرفوض.

26 حالة من مجموع كم حالة؟

لا أستطيع تحديد ذلك بالضبط، فالأسباب المقدمة فردية بحيث لا يمكن إجمالها إحصائياً. لكن بالتأكيد ليس هناك رفض عام. هناك في برلين وبراندنبورغ أيضا قبول لطلبات اللجوء ولو أنه دون المعدل العام على المستوى الاتحادي، التي بالطبع يمكن أن يكون لها أيضاً أسباب إحصائية نظراً للعدد المنخفض نسبياً من الإيرانيين المتحولين دينياً، فيما يتعلق بالعدد الإجمالي لطالبي اللجوء. ويمكنني أن أؤكد لكم بأننا نحاول التعامل بشكل عادل مع كل حالة على حدة وفي كل فرع من فروع المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين “بامف”.

أورسولا غريفين براشما حقوقية، منذ مايو/ أيار 2020 نائبة رئيس المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين “بامف”، وهي موظفة في المكتب منذ 35 عامًا كما عملت ثلاث سنوات كقاضية في المحكمة الإدارية.

أجرى الحوار: كريستوف شتراك

 

 

 

Check Also

النمسا ترسل 81 جندياً إلى مهمة الأمم المتحدة في لبنان

أرسلت النمسا 81 جندياً، من بينهم 10 سيدات، للانضمام إلى قوة الأمم المتحدة المؤقتة في …