يحاول النظام السوري توجيه رسالة للغرب من خلال انتخابات شكلية ينافس فيها مرشحان آخران الأسد، إذ أن الأمر محسوم ومعروف مسبقا أن الأسد هو الفائز فيها. لكن تبقى الكلمة الأخيرة لروسيا وإيران وليس للناخبين السوريين.
الانتخابات الرئاسية السورية شكلية وتبدو كأنها عرض مسرحي، إذ أن الفائز فيها معروف حتى قبل إجرائها، وهو بشار الأسد الذي سُيعاد انتخابه لفترة رئاسية رابعة تمتد لسبع سنوات. ورغم تقدم رقم قياسي من المرشحين بلغ 51 مرشحا بأوراق ترشحهم لخوض السباق الانتخابي، إلا أن المحكمة الدستورية العليا قررت أن ثلاثة مرشحين فقط من سيخضون غمار السباق وهمعبد الله سلوم عبد الله الذي شغل في السابق منصب وزير الدولة لشؤون مجلس الشعب ومحمود أحمد مرعي الذي يمثل “معارضة الداخل” فهو الأمين العام للجبهة الديمقراطية المعارضة السورية، بالإضافة إلى الرئيس الحالي بشار الأسد الذي يحكم البلاد منذ عام 2000. ومنذ عدة أيام، تنظم مسيرات يشارك فيها الآلاف وهم يحملون صور بشار الأسد الذي تسيطر أسرته على مقاليد الأمور في سوريا منذ خمسة عقود.
أعلن الجناح السياسي لـ”قوات سوريا الديموقراطية” في مناطق سيطرة الأكراد، أنه “غير معني” بالانتخابات. ووصف الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، المدعوم من تركيا، الانتخابات بـ”المسرحية”.
“الكلمة الأخيرة لروسيا”
وتعد إيران وروسيا أكبر داعمي الأسد، فقد وفرت موسكو الدعم العسكري للنظاممع دخول الصراع عامه الرابع وتحديدا عام 2015 عندما كانت القوة العسكرية السورية في أضغف حالاتها، فيما شمل الدعم الإيراني إرسال مسلحين من حزب الله اللبناني.
وفي مقابلة مع DW، قالت لينا خطيب، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المعهد الملكي للشؤون الدولية “تشاتام هاوس”، إن إعادة انتخاب الأسد “لا يجب أن يُنظر إليها باعتبارها دليل على قوته ونفوذه، بل يتعين النظر إليها على أنها دليل على قوة روسيا بل ومؤشر على استفادة روسيا وإيران من حالة التقاعس النسبي للغرب في تنفيذ ما يسعى إليه لتسوية النزاع”.
وترى خطيب أن روسيا وحدها القادرة على تحديد الفائز والخاسر في الانتخابات الرئاسية السورية. وتقول في هذا السياق، “أعتقد أن روسيا إذا لم تكن تريد إعادة انتخاب الأسد، لما كان المضي قدما في إجرائها ممكنا. فحاليا بقاء الأسد في السلطة يخدم المصالح الروسية. لكن رغم ذلك ومع مرور الوقت وفي حالة إبرام اتفاق بشأن الصراع السوري، وقد يتضمن أن تقدم موسكو تنازلات، فأعتقد أن روسيا قد لا تعارض رحيل الأسد”.
قبل إجراء الانتخابات نظم أنصار الأسد مسيرات في عدة مدن بينها العاصمة دمشق
التطبيع الإقليمي
ويدرك الأسد أنه في حاجة إلى تطبيع العلاقات على المستوى الإقليمي في يوم ما. فعلى سبيل المثال، تدعم مصر عودة سوريا إلى الجامعة العربية بعد تعليق عضويتها في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2011 بسبب فشل دمشق في وقف إراقة الدماء. أما الإمارات فقد أعادت فتح سفارتها في دمشقعام 2018 فيما أعادت سلطنة عمان تعيين مبعوثها في سوريا أواخر العام الماضي.
وهو ما يشير إليه جوليان بارنز داسي، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية.
ففي مقابلة مع DW، يقول داسي “هناك رغبة للتحرك في مسار تطبيع العلاقات ومحاولة عودة سوريا إلى محيطها العربي من أجل مزاحمة النفوذ الإيراني والتركي في المنطقة”. ورغم تلك المساعي وبالنظر إلى العقوبات المفروضة على سوريا، فليس من المحتمل الوصول إلى تفاهمات واتفاقيات ملموسة في هذا الصدد في وقت قريب.
أما بالنسبة للسوريين البالغ عددهم قرابة 18 مليون نسمة بينهم 11 مليون شخص يُعتقد إما أنهم شردوا من منازلهم أو لقوا حتفهم في المعارك العسكرية، فلن يطرأ أي تغيير أو تحسن في ظروف حياتهم قريبا بغض النظر عن نتائج الانتخابات. فحتى اليوم، لا يزال السوريون ينتظرون طي صفحة الصراع، وهو ما سيمهد الطريق أمام الدعم الدولي لإعادة إعمار بلادهم.
-جينيفر هوليس/ م ع
أعلن الجناح السياسي لـ”قوات سوريا الديموقراطية” في مناطق سيطرة الأكراد، أنه “غير معني” بالانتخابات. ووصف الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، المدعوم من تركيا، الانتخابات بـ”المسرحية”.