كشف موقع Middle East Eye البريطاني، في تقرير له نشر الأحد 23 مايو/أيار 2021، عن وثيقة وصفها بـ”السرية للغاية” تكشف عن مخطط كان يعده كبار مستشاري الرئيس التونسي قيس سعيد، من أجل إعلان الانقلاب عن الحكومة المنتخبة الحالية، وذلك بعد جذب خصوم سعيد السياسيين إلى القصر الرئاسي، وإلقاء القبض عليهم، إلى جانب كبار السياسيين ورجال الأعمال الآخرين.
حسب الموقع البريطاني، فإن هذه الوثيقة التي توصل إليها، المؤرَّخة بتاريخ 13 مايو/أيَّار، كانت مُوجَّهة إلى نادية عكاشة، مديرة الديوان الرئاسي، وتحدِّد كيف سيسن الرئيس فصلاً من الدستور يمنحه سيطرةً كاملةً على الدولة، في حالة الطوارئ الوطنية، وذلك في الوقت الذي تكافح فيه هذه الحكومة جائحة فيروس كورونا المُستجَد ومستويات الديون المتزايدة.
تفاصيل عملية
بموجب الخطة، التي سُرِّبَت من مكتب عكاشة الخاص، يدعو الرئيس إلى اجتماعٍ عاجل لمجلس الأمن القومي في قصره بقرطاج، تحت ستار الجائحة والوضع الأمني والحالة المالية العامة للبلاد.
سيعلن سعيد بعد ذلك “ديكتاتورية دستورية” يقول عنها كاتبو الوثيقة إنها ستكون أداةً “لتركيز كل السلطات في يد رئيس الجمهورية”.
كما وصفت الوثيقة الوضع بأنه “حالة طوارئ وطنية”، تنص على ما يلي: “في مثل هذه الحالة يكون دور رئيس الجمهورية أن يجمع كلَّ السلطات في قبضته حتى يصبح مركز السلطة التي تمكِّنه حصرياً من كلِّ السلطات التي تمكِّن حكمه”.
بعد ذلك، ينصب سعيد كميناً للحاضرين- والذين يشملون رئيس الوزراء هشام المشيشي، وراشد الغنوشي، رئيس البرلمان وزعيم حزب النهضة- بالإعلان عن أنه سيفعِّل الفصل الـ80 من الدستور الذي يسمح للرئيس بالاستيلاء على السلطات في حالة الطوارئ الوطنية.
وتنص الوثيقة على أنه لن يُسمَح للمشيشي والغنوشي بمغادرة القصر، وأن القصر سيُفصَل عنه الإنترنت وجميع الخطوط الخارجية. وفي تلك المرحلة، سيوجِّه الرئيس خطاباً تلفزيونياً إلى الأمة بحضور المشيشي والغنوشي للإعلان عن انقلابه.
الإقامة الجبرية
ثم تنص الوثيقة على تعيين اللواء خالد اليحياوي قائماً بأعمال وزير الداخلية، ومن المقرر نشر قوات مسلحة “على مداخل المدن، والمؤسسات والمرافق الحيوية”.
في الوقت نفسه، يتم وضع الشخصيات الهامة قيد الإقامة الجبرية، ورد في الوثيقة السرية: “من حركة النهضة.. نور الدين البحيري، ورفيق عبدالسلام، وكريم الهاروني، وسيد الفرجاني، ومن نواب كتلة الكرامة، وغازي القرعاوي، وسفيان طوبال، ورجال أعمال، ومستشارون في ديوان رئيس الوزراء، إلخ”.
وقول الوثيقة أيضاً إنه من أجل زيادة القبول الشعبي للانقلاب، سيتوقف دفع كل فواتير الكهرباء والمياه والتليفونات، والإنترنت، والقروض البنكية والضرائب لمدة 30 يوماً، وستنخفض أسعار السلع الأساسية والوقود بنسبة 20%.
تعليقاً على الأمر، قال عضو في حكومة الرئيس لصحيفة Middle East Eye البريطانية، رداً على سؤاله إن كانوا يظنون أن سعيد خطط لانقلاب: “لا أعتقد ذلك. إنها مجرد شائعة من شائعات فيسبوك. في تونس يمكنك سماع أي شيء”.
وتنص الوثيقة على أنه بمجرد أن يفجر الرئيس مفاجأته أمام رئيس الوزراء ورئيس البرلمان سوف يقصيان إلى مكان غير معروف ويتركان للنسيان.
منا تقول الوثيقة: “ثم تنتهي الجلسة ولا يُسمح للحاضرين بمغادرة قصر قرطاج، في حين تُقطع الاتصالات والإنترنت عن منطقة القصر الرئاسي مؤقتاً قبل وبعد الجلسة”.
تحييد رئيس الوزراء
تتضمن الخطة أيضاً اقتراحات بمنع أي برلماني مطلوب من المحاكم التونسية من مغادرة البلاد، وإعفاء جميع المحافظين المنتمين لأي حزب سياسي من مناصبهم.
بالإضافة إلى أن رئيس الجمهورية سيُجري “تعديلاً وزارياً شاملاً، إذ يُبقي فقط على رئيس الوزراء، ولا أحد غيره”.
في السياق نفسه، قال مصدر سياسي رفيع المستوى تربطه علاقات وثيقة بالرئاسة، رداً على السؤال عن سبب رغبة سعيد في الإبقاء على رئيس الوزراء في ظل استبدال كل وزرائه، إن هذا سيكون سبيلاً لتحييده دون الاضطرار إلى إقالته على الفور، لأنها عملية معقدة تتضمن تصويتاً من البرلمان.
وقال المصدر الذي طلب عدم كشف هويته إنه من المفترض أن يبقى المشيشي رئيساً للوزراء لفترة مؤقتة، لتجنب كل هذه الخطوات.
كما قال المصدر القريب لمستشاري سعيد إن الخطة طرحت للمناقشة في دوائر قريبة من الرئيس منذ شهر أبريل/نيسان 2021، لكنها لم تُقدم له مباشرة.
تمهيد الطريق “لانقلاب ناعم”
سبق اتهام سعيد، الذي تولى السلطة في عام 2019، أنه يعمل على تمهيد الطريق “لانقلاب ناعم” داخل تونس.
في وقت سابق من العام الحالي، وصف منصب الرئيس بأنه “القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكرية والمدنية” في خطاب حضره المشيشي والغنوشي.
وقال: “لا يوجد تمييز. القانون ونصوص العالم وقانون العقود والالتزامات كلها تذكر ذلك. القوات المسلحة هي الجيش وقوى الأمن”.
كما أثار ذكره الخاص لسلطة الرئيس على قوى الأمن الداخلي أجراس الإنذار داخل المؤسسة السياسية التونسية.
في الشهر الماضي، أوقف سعيد أيضاً الجهود البرلمانية لإنشاء محكمة دستورية، وهي عنصر أساسي في الثورة التونسية، وفعل بديهي لتعزيز الديمقراطية التونسية.
وكانت المحكمة ستصبح الأولى من نوعها في العالم العربي.
في يناير/كانون الثاني، رفض سعيد أيضاً أداء اليمين لوزراء اختارهم المشيشي في تعديل وزاري، قائلاً إن الأفراد المعنيين لديهم تضارب في المصالح.
وقال المصدر السياسي: “الحل الوحيد هو الحوار، الرئيس قيس يرفض كل مبادرات الحوار.. كان مشروعه يقتضي تعديل الدستور، وإلغاء الانتخابات التشريعية”.
وكالات – شبكة رمضان الإخبارية