عالم آثار: النبي سليمان كان ملك بحار العالم القديم وأساطيله وصلت إلى إسبانيا

اشتُهر النبي سليمان بن داود بحكمته وملكه الواسع الذي تحدثت عنه الكتب السماوية الثلاثة، إضافة إلى قدرته على التواصل مع الحيوانات وتسخير الجن في خدمته، لكن هل كنت تعلم أنه امتلك كذلك أكبر أسطول سفن تجارية بالعالم القديم؟ متخصص في علم الآثار البحرية يجمع أدلة تثبت ذلك:

النبي سليمان.. ملك بحار العالم القديم

بالنسبة لعلماء الآثار، لطالما كان النبي سليمان أحد أكثر الألغاز غموضاً، فقد كافح أولئك لإيجاد نقوش أو آثار تدل على مكان قصره العظيم ومعبده الذي قيل إنه بُني في القدس قبل 3000 عام وفقاً للروايات التوراتية، لكن هذا البحث المضني كان دون جدوى.

ورغم أنه لا وجود لآثار تدلنا على مكان معبد سليمان، فإن هناك بعض الآثار والدلائل التي تثبت أنه كان أول قطب مهيمن بمجال الشحن البحري في العالم القديم، إذ موَّل العديد من الرحلات البحرية لحلفائه الفينيقيين، وذلك وفقاً للدكتور شون كينغسلي، العالم البريطاني المتخصص في علم الآثار البحرية.

وسَّع كينغسلي نطاق بحثه ليمتد عبر البحر الأبيض المتوسط إلى إسبانيا وجزيرة سردينيا الإيطالية، هناك وجد كينغسلي أنَّ الأدلة الأثرية تدعم الأوصاف التوراتية للشراكة بين سليمان، الذي تفوّق على كل ملوك الأرض في الثراء والحكمة، والملك حيرام الفينيقي الذي كان يرسل إلى سليمان خشب الأَرز والذهب، وفقاً لصحيفة The Guardian البريطانية.

النبي سليمان.. ملك البحار القديم

البحث خارج حدود القدس

كينغسلي قال لصحيفة The Observer البريطانية: “أجريت دراستي البحرية على نطاق واسع جداً لم يسبق التطرق إليه. كان علماء الآثار على مدى 100 عام يبحثون في الأراضي المقدسة بفلسطين، لاسيما القدس. ومع ذلك، لا يوجد دليل قاطع يتلاءم مع الروايات الملحمية الواردة في سفر الملوك عن قصر سليمان ومعبده (المعروف أيضاً لدى اليهود بـ”هيكل سليمان”). لكن استكشاف آثار الموانئ والمستودعات وحطام السفن أسفر عن أدلة جديدة تقلب مسار السعي لمعرفة الحقيقة رأساً على عقب”.

استكشف عالم الآثار البريطاني عدداً من مدن الموانئ الأندلسية، وعلى بُعد 70 كم من مدينة هيويلفا (ولبة) الإسبانية، زار كينغسلي أيضاً موقع منجم “ريو تينتو” التاريخي الذي كان يُستخرج منه الذهب والفضة والرصاص والنحاس والزنك في العالم القديم.

عندما ذهب كينغسلي إلى المنجم، أدرك على نحوٍ حاسم أنه المكان الذي تشير إليه الخرائط القديمة والروايات التاريخية باعتباره تلة سليمان.

تشير إحدى روايات القرن الـ17 إلى أنَّ تلة سليمان كان يُطلق عليها سابقاً قلعة سليمان، فيما يصف آخرون أشخاصاً أرسلهم الملك سليمان إلى هناك للحصول على الذهب والفضة.

في هذا الموقع، وجد علماء الآثار أدوات تعدين قديمة، مثل مدقات مصنوعة من الغرانيت وأوعية حجرية مستخدمة لسحق المعادن وبقايا خَبَث الرصاص الذي يحتوي على نسبة عالية من الفضة.

قال كينغسلي إنَّ تحليل النظائر أظهر أنَّ مخزون الفضة الذي تم اكتشافه بإسرائيل جاء في الأصل من أيبيريا. وكشفت حفريات في مدينة هيويلفا القريبة عن أدلة على وجود الإسرائيليين والفينيقيين في هذا المكان، من بينها أنياب أفيال وفخار وأدوات كانت تستخدم في الوزن.

استكشاف عاصمة ترشيش التوراتية

خلص عالم الآثار البريطاني إلى أنَّ مدينة هيويلفا الإسبانية هي الأنسب لتكون عاصمة ترشيش التوراتية، وهي مدينة أو منطقة جغرافية ذُكرت في الكتاب المقدس العبري واشتهرت بتصدير كميات كبيرة من المعادن.

لم يستطع العلماء تحديد موقع ترشيش بالتحديد، حيث اعتقدوا أنها تقع في مكان ما جنوب إسرائيل إلى البحر الأحمر، وقد تكون في منطقة ما بين إثيوبيا وتونس.

لكن ثمة نصوص وآثار أكثر حسماً تدعم وقوع أرض ترشيش في هذه المنطقة من شبه الجزيرة الأيبيرية الجنوبية، التي كانت تُعرف في العصور القديمة باسم “تارتيشوش” (Tartessos)، وهو اشتقاق يوناني من كلمة “ترشيش”.

النبي سليمان.. ملك البحار القديم

الآثار تدل على امتلاك سليمان أساطيل من السفن

استكشف عالم الآثار البحرية شون كينغسلي، أكثر من 350 حطام سفينة خلال الأعوام الـ30 الماضية، وهو ما يشير إلى أنَّ النبي سليمان كان يملك أساطيل من السفن.

قال كينغسلي إنَّ “بناء المدن والقصور والهيكل الرئيسي الأول لم يكن بتكلفة متواضعة. جلبت الرحلات البحرية الطويلة إلى بلاد أوفير الواقعة في مكان ما بفلسطين وترشيش أطناناً من الذهب والفضة والأحجار الكريمة والرخام إلى البلاط الملكي”.

وأضاف: “لم تستطع إسرائيل ولبنان الاستفادة من موارد الذهب والفضة المحلية. اضطر رجال الأعمال التوراتيون إلى النظر إلى آفاق أخرى. كانت أرض ترشيش مصدراً حيوياً لإمداد سليمان بالفضة. وقد أُشيرَ في سفر حزقيال، أحد أسفار العهد القديم، إلى أنَّ ترشيش تعاملت تجارياً مع سليمان، بسبب ثرواته الهائلة”.

وتابع كينغسلي: “ما تم اكتشافه في جنوب إسبانيا لا يمكن إنكاره، حيث عُثر على آثار للفينيقيين متناثرة بغزارة بدايةً من موقع منجم ريو تينتو إلى مالقة، الأمر الذي يثبت قطعياً أنَّ سفن الشرق الأدنى قد أبحرت إلى هذه الأراضي بحلول عام 900 قبل الميلاد.

أصبتُ بذهول عندما لاحظت في الروايات القديمة اسم تل كانت تُستخرج منه الفضة في ريو تينتو، تل سليمان. لقد اندمج التاريخ التوراتي وعلم الآثار والأساطير معاً ليكشفوا عن مكان أرض ترشيش التي طال البحث عنها واحتُفي بها في العهد القديم”.

واختتم حواره مع صحيفة THe Observer البريطانية قائلاً: “يبدو أنَّ حكمة سليمان تجسدت أيضاً في تخطيطه البحري. فقد موَّل الرحلات الفينيقية البحرية المسافرة ذهاباً وإياباً”.

وكالات – شبكة رمضان الإخبارية

شاهد أيضاً

النمسا – حلول رقمية مبتكرة لتقليل انبعاثات قطاع التنقل

دشنت النمسا برنامجا جديدا للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة في مجال التنقل، يركز على تحقيق …