تحتفل مصر من كل عام فى العاشر من رمضان، بذكرى انتصار 10 رمضان 1393 هجرية، “حرب اكتوبر 1973″، والتي انتصر فيها الجيش المصري على العدو الإسرائيلي، وسطّر أعظم معركة في التاريخ الحديث بعبور قناة السويس واقتحام خط بارليف المنيع الذي أطلق عليه “أسطورة الجيش الإسرائيلي”، والذي سقط تحت أرجل أبطال الجيش المصري.
وفي هذا الإطار، فقد كان فضيلة الشيخ الدكتور عبدالحليم محمود شيخ الأزهر الشريف، في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، مهتما بإسهام الأزهريين في معركة العاشر من رمضان وقد استعان في هذا الصدد بأساتذة جامعة الأزهر ورجال الدعوة لرفع الروح المعنوية لأبناء القوات المسلحة قبل المعركة.
وعند لقاء العلماء بأبناء الجيش في شهر رمضان أثناء الحرب أفتى بعض الدعاة للجنود بأنه نظرا لحرارة الجو وحاجة الحرب إلى كامل طاقتهم من المستحب الأخذ برخصة جواز الإفطار لتكون عونا لهم في الانتصار على العدو الصهيوني غير أن بعض الجنود أجابوا قائلين: “لا نريد أن نفطر إلا في الجنة”.
ورصد كتاب “حرب أكتوبر والمعركة القادمة” للكاتب أحمد سمير عبدالحميد، رؤية الشيخ عبدالحليم محمود في المنام قبل الحرب، حيث رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعبر قناة السويس ومعه علماء المسلمين والقوات المسلحة ظهرا يوم العاشر من رمضان فاستبشر خيرا وأيقن بالنصر وأخبر الرئيس السادات بتلك البشارة.
تعجب السادات مما سمع لأنه في ذلك الوقت لم يحدد ساعة الهجوم وموعد الحرب بشكل نهائي رغم أن يوم العاشر من رمضان كان ضمن الأيام المقترحة للحرب ولكن كان هذا سريا للغاية ولا يعرفه سوى السادات وبعض قادة القوات المسلحة، واقترح عليه الشيخ عبدالحليم محمود أن يأخذ قرار الحرب مطمئنا إياه بالنصر إن شاء الله.
لم يكتف الشيخ بهذا بل انطلق عقب اشتعال الحرب إلى منبر الأزهر الشريف وألقى خطبة توجه فيها إلى الجماهير والحكام مبينا أن حربنا مع اسرائيل في سبيل الله وأن الذي يموت فيها شهيد وله الجنة أما من تخلف عنها ثم مات فإنه يموت على شعبة من شعب النفاق.
وقد وزعت نشرة على جميع قادة القوات المسلحة المصرية بعد زيارة الشيخ عبدالحليم محمود للرئيس السادات، ذُكرت فيها الرؤية: “كان رأى بعضهم رسول الله يمشي فيها بين جنودنا مشرق المحيا واضح الابتسامة كما رأى أحد الصالحين أن رسول الله في منزل شيخ الأزهر الدكتور عبدالحليم محمود فذهب الرائي إليه بالغرفة المجاورة ليخبره بمقدم الرسول فوجده يصلي فانتظر إلى أن انتهى من صلاته ثم أخبره فقال إني أعرف لأنني ذاهب معه إلى سيناء”.
ويقول الرائي: “ثم رأيت شيخ الأزهر يرافق الرسول صلى الله عليه وسلم إلى سيناء حيث يشرق بنوره الكريم هنالك وأخذا يتنقلان معا بين الجنود”.
حكاية ملحمة.. الذكرى 48 لانتصار العاشر من رمضان
تهل علينا اليوم، الخميس، الذكرى الـ 48 لانتصار العاشر من رمضان، الموافق السادس من أكتوبر عام 1973، تلك الحرب التى تمثل الانتصار الأعظم فى تاريخ مصر، التى لم تكن مجرد حرب عابرة فى تاريخ العسكرية المصرية المليئة والحافلة بالبطولات، بل كانت حدثا فريدا من نوعه أثار العالم أجمع، حيث شهد هذا اليوم أكبر الانتصارات المصرية والعربية، وتمكن المصريون حينها من عبور قناة السويس، أكبر مانع مائي فى العالم، وتحطيم دفاعات خط بارليف الحصينة، وتلّقى العدو ضربة قاسية تحطمت فيها أسطورة الجيش الذي لا يقهر.
وفى الحقيقة تُعد الحروب فى الغالب هي التجربة الأكثر مقدرة على ترك أثر فى مصير الدول والبصمة على الأرض، حيث يظهر من خلالها معادن الرجال ومدى قدرة صلابة الشعوب في مواجهة الأزمات، فالدولة بكل ما تملكه من عناصر ومقومات بشرية تصبح على المحك في مثل هذا الاختبار الكبير في محاولة لاسترداد الحق أو دفع العدوان.
الشعب المصرى بكافة مستوياته يحتفل خلال ساعات بالذكرى الثامنة والأربعين لانتصارات حرب أكتوبر المجيدة 1973، حيث تُدشن تلك الاحتفالات ابتداء من اليوم حتى نهاية الشهر، إلا أن السؤال الذى يطرح نفسه خلال تلك الاحتفالات، كيف كان حال الجريمة فى مصر أثناء تلك المعركة الحاسمة، ومدى قدرة الشعب على الخروج من النكسة التى تعرض لها.
وفى الحقيقة فإن المثل العربى القديم قال: “تنكشف الأخلاق في ساعة الشدة”، بينما المثل الشعبى يقول: “وقت الشدة تبان معادن الناس”.. وهو عادة ما يتردد على ألسنة المصريين وقت الشدائد والمحن، فالظروف الصعبة دائما هى تجمع الناس أو الشعوب بكل توجهاته على قلب رجل واحد، وهو الأمر الذي بدوره حدث فى حرب السادس من أكتوبر 1973