أعلن وزير الصحة النمساوي رودولف أنشوبر، استقالته من منصبه، بسبب ما وصفه بـ”الإنهاك” خلال إدارته أزمة فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19”.
وواجه أنشوبر (60 عاما) خلال توليه وزارة الصحة اعتراضات وتهديدات بالقتل، بسبب القيود وإجراءات الإغلاق التي فرضها للحد من انتشار فيروس كورونا.
وقال أنشوبر خلال مؤتمر صحفي الثلاثاء: “قررت الاستقالة من وظيفتي (..)، أنا منهك وطاقتي استنفدت (..)، وأشعر أن 15 شهرا من تولي وزارة الصحة وكأنها 15 عاما”، محذرا في الوقت ذاته من الاستهانة بجائحة كورونا.
وأكد الوزير النمساوي المستقيل أن بلاده لم تخرج من الأزمة بعد، موجها شكره للذين عملوا معه خلال الفترة السابقة، قائلا: “أؤمن بكل ما قمنا به من عمل جيد (..)، لكن لا أحد معصوما عن الأخطاء”.
وأشار إلى أنه عانى من مشاكل صحية مؤخرا، وقد غاب عن العمل الأسبوع الماضي، إلى جانب أخذه إجازة لمدة أسبوع أوائل الشهر الماضي عندما دخل المستشفى، منوها إلى أن “الحكومة حاربت الموجة الأولى من الوباء بوحدة صفوفها”، بحسب تعبيره.
وتابع أنشوبر: “ازداد التوتر من داخل الحكومة وخارجها، ما جعلني أشعر في كثير من الأحيان بأنني وحيد إلى حد بعيد”.
ومنحت الشرطة المعلم السابق حماية في تشرين الأول/ نوفمبر الماضي، بعد تلقيه تهديدات بالقتل من قبل معارضي الإغلاق والذين ينكرون وجود فيروس كورونا.
وقال رئيس الوزراء النمساوي سيباستيان كورتز إن أنشوبر “ضحى بنفسه” من أجل البلاد، مشيدا “بالتزامه”.
يشار إلى أن أنشوبر من حزب الخضر وتولى وزارة الصحة أوائل العام الماضي، وذلك قبل وقت قصير من بدء فيروس كورونا بالتفشي بسرعة في القارة الأوروبية، وسيحل مكانه العضو بالحزب ذاته وولفغانغ موكستين، وهو طبيب يميل إلى رفض إجراءات الإغلاق واتخاذ قرارات “غير شعبية” لإنقاذ صحة الناس.
لفت وزير الصحة النمساوي إلى أن بلاده “تخوض أخطر أزمة صحية منذ عقود، ومن ثم تحتاج الجمهورية في هذا الوقت إلى وزير في كامل لياقته بنسبة 100%”، في حين أنه هو “ليس كذلك في الوقت الحالي، ولن يكون في الأسابيع المقبلة إذا لم يسحب فرامل الطوارئ”، ويخفف من وتيرة العمل الزائد قليلاً.
فيما أوضح أنشوبر أنه “لما كان الوباء لا يأخذ فترات راحة، فإن وزير الصحة لا يمكن له أن يأخذ قسطاً من الراحة أيضاً”، ومن ثم فقد اختار الاستقالة من منصبه.
إذ كانت النمسا إحدى أوائل دول أوروبا الغربية التي فرضت ارتداء الأقنعة الطبية، العام الماضي، وتمكنت الحكومة من تخفيف إجراءات الإغلاق العام لأول مرة بسرعة.
مثل عديدٍ من البلدان الأوروبية الأخرى، جاهدت النمسا منذ الخريف لإيجاد توازن بين السماح باستمرار الأنشطة وتقييدها. وعوّلت النمسا بشدة على فتح بعض القطاعات للأشخاص غير المصابين بالفيروس، لكنها عجزت عن كسر سلسلة متوالية من عمليات الإغلاق التي اضطرت إليها. وحتى الآن البلاد لديها معدل إصابات أعلى بكثير من ألمانيا المجاورة لها.
ختم وزير الصحة النمساوي كلامه بالقول: “بوجه عام، أعتقد أننا قمنا بعملٍ جيد، وفي وباء كهذا ليس هناك أحد بلا أخطاء، الجميع يرتكب أخطاء… فقد كنا في منطقة مجهولة لنا”.
بدوره، شكر رئيس الوزراء كورتس وزيرَ الصحة المستقيل، وتمنى له الشفاء العاجل. وكتب كورتس على تويتر: “استقالة أشنوبر تبيّن أن التعامل مع الوباء يشكّل إنهاكاً ليس فقط لكل فرد من سكان البلاد، لكن أيضاً لكل شخص يتحمل مسؤولية سياسية، ويعمل ليل نهار ويتعين عليه اتخاذ قرارات صعبة”.