الإثنين , 25 نوفمبر 2024

الإمارات ترسل مساعدات إلى أثيوبيا بعد يومين من تهديدات السيسي

أعلنت الإمارات إرسال مساعدات إنسانية إلى إقليم “تيغراي” الإثيوبي بعد يومين من تهديدات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بـ”رد لا يمكن تخيله سيتردد صداه في المنطقة” في حال تأثرت إمدادات بلاده من المياه بسبب السد الذي تشيده إثيوبيا.

تأتي المساعدات الإماراتية المتكررة في إطار المساعدات الإنسانية التي تفرضها العلاقات الوطيدة بين البلدين كما يقول مسؤولو أبو ظبي، ويراها مراقبون أنها تأتي في إطار تعزيز وتدعيم حكومة آبي أحمد للحفاظ على استقرار البلاد وبالتالي مصالحها هناك.

وكان السيسي أكد، الثلاثاء، أن المساس بحق مصر في المياه خط أحمر، وقال: “نحن لا نهدد أحدا ولكن لا يستطيع أحد أخذ نقطة مياه من مصر، وإلا ستشهد المنطقة حالة عدم استقرار لا يتخيلها أحد ومن يريد أن يجرب فليتفضل”.

وفي أعقاب تصريحات السيسي، أصدرت دول عربية بيانات تدعم حقوق مصر والسودان المائية في مياه النيل، مؤكدة على أن “أمنها المائي جزء لا يتجزأ من الأمن العربي”.

من ناحيتها، جاء موقف الإمارات مغايرا أقرب للحياد واكتفت في بيان لها، بالدعوة لاستمرار المفاوضات، معربة عن “اهتمامها وحرصها الشديد على استمرار المفاوضات للوصول إلى حل يرضي الجميع”

خيبة أمل مصرية
كان مصدر حكومي مصري قال إن “الإمارات، حتى الآن، لم تدعم مصر في مسألة السد الإثيوبي، رغم قدرتها على ذلك بما تتمتع به من استثمارات كبيرة في إثيوبيا”.

وأوضح المصدر أن الإمارات لديها أفكار ومصالح في منطقة البحر الأحمر، وهذا أمر مختلف عن دعم مصر، فيما تشهد العلاقات بين القاهرة وأبو ظبي مرحلة “إعادة حسابات”، بحسب وصف مسؤولين مصريين.

“دور مريب”
يرى مراقبون أن موقف أبو ظبي الأخير، يعكس توترا مكتوما بين البلدين على خلفية التباين في مواقف البلدين إزاء العديد من قضايا المنطقة، على رأسها الاندفاع الإماراتي سياسيا واقتصاديا وعسكريا نحو “تل أبيب” وقيادة حملة غير مسبوقة للتطبيع مع إسرائيل، تتجاوز الدور المصري.

وفتح الباب على مصراعيه مع إسرائيل على المستوى العسكري من خلال التوافق على نشر منظومة القبة الحديدية في القواعد العسكرية الأمريكية في دول الخليج بعد موافقة المسؤولين الإسرائيليين، حسبما ذكرت صحيفة “هآرتس” العبرية مطلع العام الجاري.

وقبل أن يجف حبر التطبيع بين البلدين في أكتوبر 2020، وقعا اتفاقا يتعلق بشحن النفط الخام ومنتجاته القادمة من الإمارات، إلى الأسواق الأوروبية عبر خط أنابيب للنفط في “إسرائيل” يربط بين البحرين الأحمر والأبيض المتوسط، وليس عبر قناة السويس أو خط أنابيب سوميد المصري.

إضافة إلى موقف الإمارات المتحفظ على محاولات استئناف العلاقات الدبلوماسية بين تركيا ومصر على خلفية رسائل التقارب بين أنقرة والقاهرة، وما تبعها من تفاهمات بين الجانبين في بعض القضايا مثل تحييد خطاب قنوات إعلام المعارضة المصرية التي تبث من إسطنبول.

وكذا تغلغل أبوظبي في القرن الإفريقي وبناء شبكة علاقات قوية مع إريتريا وإثيوبيا من خلال توفير الدعم الاقتصادي والعسكري يعزز تواجدها في المنطقة ويسهل عليها التحكم في طرق الملاحة في باب المندب جنوبي البحر الأحمر بدعوى مواجهة النفوذ التركي، بحسب خبراء.

مصالح الإمارات الخاصة
أرجع عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان المصري سابقا، محمد جابر، الموقف الإماراتي إلى الدعم الكبير الذي توفره لإثيوبيا في بناء السد، وقال: “موقف الإمارات ليس بمستغرب؛ فهي من أوائل الدول التي دعمت بناء السد في إثيوبيا واستثمرت فيه بمبالغ كبيرة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، ولا يخفى ذلك على النظام المصري، ومساعدتها بهدف استقرار الأوضاع هناك وبالتالي مصالحها”.

وأوضح أن “دول الخليج تدرك أن أمن مصر المائي يمثل جزءا من أمنها لأن الكثير من المزروعات المصرية تصدر إليها وفي حال حدوث أزمة في الزراعة في مصر فإن هذه الدول جميعا سوف تتأثر بها، وبالتالي فإن مساندة مصر في دفاعها عن حقها في مياه النيل أمر طبيعي، لكن الإمارات لها حسابات أخرى تتعلق بمصالحها”.

سباق المياه والمضائق
في معرض تعليقه قال كاتب وباحث خليجي إن “الموقف الإماراتي من تصريحات السيسي بشأن مياه النيل يتماشى مع موقفها من أزمة غلق قناة السويس بسبب جنوح سفينة حاويات في مدخلها الجنوبي؛ لم يكن لها موقف معلن وقوي وداعم لمصر؛ لأن أبو ظبي أصبحت جزءا من منظومة الاستثمار الإسرائيلي في قضية الهيمنة على المياه والمضائق”.

وأكد الباحث في الشؤون الخليجية، الذي فضل عدم ذكر اسمه أن الإمارات تتحرك باتجاه أن يكون لها استثمارات استراتيجية تعيد قراءة المشهد بالمنطقة تحت سقف واحد وهو سقف المشاريع الإسرائيلية، وكأنها (الإمارات) تستقرئ المستقبل حيث أن المرحلة المقبلة مرحلة صراعات مياه وتدخل معها صراعات المضائق المائية والطاقة”.

وبيّن أن “إسرائيل تتحرك في خطين مزدوجين؛ خط طريق الحرير مع الصين، وتريد أن تكون هي المحطة الرئيسية بالمنطقة، والسيطرة على مضائق المياه، وشراكتها مع الإمارات تجعل موقفها أقوى في باب المندب، من جهة وقناة بن غوريون التي يتحدثون عنها من جهة أخرى”، مشيرا إلى أن “الإمارات وضعت قدما هنا وهناك، وتتصور مشهدا مستقبليا تأمل من خلال الشراكة الاستراتيجية مع إسرائيل أن يكون لها دور قادم أقوى من جيرانها بالمنطقة”.

مصالح شخصية وبالإنابة
يعتقد الأكاديمي والخبير السوداني في القضايا الأفريقية، الدكتور محمد أحمد ضوينا، أن “مواقف الخليج متغايرة تجاه السودان ومصر ومنحازة لإثيوبيا فيما يتعلق بأزمة سد النهضة؛ بسبب وجود استثمارات كبيرة لهم هناك، وبعض دول الخليج لها مصالح مرتبطة بمنابع النيل إما عن نفسها وإما بالوكالة عن آخرين لهم أطماع في النيل لأسباب عقائدية واقتصادية وسياسية”.

وأضاف لذلك ستسعى لاكتمال مراحل السد والملء الثاني، ولهذا نرى محاولات من بعض تلك الدول لإثناء السودان تارة والقاهرة تارة أخرى عن التشدد مع إثيوبيا، وإبداء المرونة حتى يتم الانتهاء من بناء السد وظهر ذلك جليا في مبادرة الإمارات الأخيرة لحل مشكلة السودان وإثيوبيا من جانب وحل أزمة سد النهضة من جانب آخر، وعاد الوفد السوداني من أبو ظبي محبطا يائسا”.

وذهب بالقول إلى أن “من مصلحة الإمارات اكتمال بناء سد النهضة لسببين؛ الأول اقتصادي والآخر بالوكالة عن بلد آخر وبالتالي لم يجد التدخل الإماراتي ترحيبا من مصر أو السودان، وإثيوبيا تمضي في خططها بدعم دولي وإقليمي”

 

 

شاهد أيضاً

انتخابات ولاية إشتاير مارك.. اليمين المتطرف يحقق فوزا تاريخيا بنسبة 35.4%

تشير التقديرات الأولية إلى فوز حزب الحرية النمساوي اليميني المتطرف والذي أسسه نازيون سابقون بالانتخابات …