في ظل تسابق الدول والحكومات حول العالم على تطعيم مواطنيها بلقاحات مختلفة مضادة لفيروس كورونا، يُثار الكثير من الأسئلة حول الآثار الجانبية لأخذ اللقاحات المعتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية، التي تعمل كل منها بطرق مختلفة، وما إذا كانت هناك اختلافات بين الآثار الجانبية المتوقعة.
ويتناول تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية هذا الأمر بالاعتماد على بيانات التجارب السريرية التي جمعتها إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) لاستكشاف أنواع الآثار الجانبية الأكثر شيوعاً المرتبطة باللقاحات المصرح بها حالياً للاستخدام في حالات الطوارئ في الولايات المتحدة.
1- ما الأعراض الجانبية الشائعة للقاحات كورونا؟
تشمل أكثر الأعراض الجانبية شيوعاً لجميع اللقاحات الالتهاب في موقع الحقن والتعب والصداع والوجع في العضلات. أما الأعراض الأقل شيوعاً فتشمل الغثيان والرعشة والحمى، وتسبب غالبية الأعراض شعوراً بالانزعاج، لكن ليس لدرجة تعطيل العادات اليومية.
2- هل لقاحات “كوفيد-19” آمنة؟
نعم آمنة، إذ تُختَبَر سلامتها في تجارب كبيرة تشمل عشرات الآلاف من الأشخاص، ثم تستمر إدارة الغذاء والدواء الأمريكية ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في مراقبة بيانات سلامة اللقاحات، بما في ذلك الآثار الجانبية، بعد التصريح باستخدام اللقاحات. ويُشَار إليها أحياناً باسم تجارب المرحلة الرابعة، وترافق هذه المراقبة الإبلاغ عن أية أعراض جانبية من خلال سجلات سلامة اللقاحات.
ويمكن أن تساعد هذه الدراسات المستمرة في تحديد الآثار الجانبية النادرة، وتحديد الأشخاص الذين قد تكون لديهم حساسية خاصة تجاه اللقاح، مثل احتمال حدوث تفاعل تحسسي.
3- الأعراض الجانبية للقاح موديرنا
وجدت تجربة سريرية شارك فيها أكثر من 30 ألف شخص في 99 موقعاً في الولايات المتحدة أنَّ اللقاح آمن وفعال، ويحمي الناس من “كوفيد-19” في 94.1% من الحالات. ومن بين هؤلاء المشاركين في التجربة تلقّى 15168 شخصاً اللقاح، فيما تلقى الباقون علاجاً وهمياً.
الأعراض الجانبية عقب الجرعة الأولى من موديرنا
استخدمنا نتائج تجارب اللقاح لوصف مدى احتمالية تعرض الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و64 عاماً لأثر جانبي معين في غضون أسبوع واحد من تلقي جرعة اللقاح، وفي المتوسط تختفي هذه الأعراض في غضون ثلاثة أيام، أو أقل في الغالب.
وأبلغ 86.9% من الأشخاص عن الشعور بالألم مكان الحقن، 3% منهم كان لدرجة كبيرة أشعرتهم بعدم الراحة، فيما أبلغ 19% من المجموعة التي تلقت العلاج الوهمي عن هذا العرض.
وظهر التعب على 38.5% من الأشخاص، 1% منهم شعروا بانزعاج شديد، فيما أبلغ 29% من المجموعة التي تلقت العلاج الوهمي عن إصابتهم بهذا العرض.
الآثار الجانبية عقب الجرعة الثانية من موديرنا
تتمثل واحدة من السمات الرئيسية لنظام الجرعتين في أنَّ المتلقين يكونون أكثر عرضة لظهور الآثار الجانبية بعد الجرعة الثانية.
4- الأعراض الجانبية للقاح فايزر
استخدمت تجربة هذا اللقاح 152 موقعاً في أنحاء العالم. وبينما كانت الغالبية من هذه المواقع في الولايات المتحدة بواقع 130، شملت مواقع التجارب أيضاً البرازيل والأرجنتين وجنوب إفريقيا. وشارك في التجربة أكثر من 43 ألف شخص، ووُجِد أنَّ اللقاح فعال بنسبة 95% في الوقاية من “كوفيد-19″، ويطبق التلقيح بفايزر نظاماً من جرعتين يفصل بينهما 21 يوماً.
على عكس موديرنا، درست شركة فايزر الآثار الجانبية في فئتين عمريتين منفصلتين: الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و55 عاماً، والأشخاص الأكبر من 55 عاماً، وتبيَّن أنهم أقل عرضة للإصابة بآثار جانبية. ومثل لقاح موديرنا كانت بعض الأعراض الجانبية أكثر شيوعاً عقب الجرعة الثانية.
5- الأعراض الجانبية للقاح جونسون آند جونسون
شملت تجربة جونسون آند جونسون، وهو أحدث لقاح يُصرَّح باستخدامه في الولايات المتحدة، أكثر من 40 ألف شخص في 19 منطقة جغرافية، أهمها جنوب إفريقيا، حيث وُجِد أنَّ اللقاح أقل فاعلية قليلاً ضد مُتغيِّر B1351، أو ما يُسمَّى بـ”البديل الجنوب إفريقي”. ووجدت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية أنَّ هذا اللقاح فعال بنسبة تزيد عن 66% في الوقاية من مرض “كوفيد-19” المتوسط إلى الشديد.
وبالرغم من أنَّ نسبة الفاعلية هذه أقل من اللقاحين المذكورين أعلاه، فإن لقاح جونسون آند جونسون يوفر حماية مثالية من الأعراض الخطيرة التي تستدعي الإيداع في المستشفى، والوفاة، ويُحسِّن من محاربة الوباء. ويتطلب لقاح جونسون آند جونسون جرعة واحدة فقط، وله معدل آثار جانبية أقل بشكل عام.
6- ما سبب ظهور الأعراض الجانبية بعد أخذ اللقاحات؟
تُمثل الأعراض الجانبية علامةً على أنَّ اللقاح يحفز الجسم على تطوير رد مناعي. وقد تكون هذه الأعراض مزعجة، لكنها مؤشر أيضاً على أنَّ اللقاح يعمل كما ينبغي.
ويقول غريغ بولاند، رئيس تحرير دورية Vaccine الطبية ورئيس مجموعة أبحاث اللقاحات في مركز Mayo Clinic الطبي، “ما نبحث عنه، نحن خبراء اللقاحات، هو مبدأ الاعتدال. فنحن لا نرغب في استجابة مناعية قليلة جداً، ولا زائدة عن الحد، بل كل ما نريده هو استجابة كافية”.
7- لماذا يجب الوثوق في هذه البيانات؟
في علم اللقاحات، تُوصَف هذه الأعراض الجانبية الخفيفة غالباً بأنها “أحداث سلبية”. وفي دراسات اللقاح المضاد لـ”كوفيد-19″، جمع الباحثون معلومات عن كل شيء من الكسور في عظام الورك إلى النوبات القلبية؛ لمراقبة سلامة هذه اللقاحات.
وهنا قال بولاند: “لدينا نظام قوي للغاية في الولايات المتحدة (لتتبع الأحداث السلبية للقاحات). وبهذه الطريقة تمكَّنا من تحديد خطر ظهور رد فعل تحسسي مفرط في مجموعة معينة من الأشخاص بمعدل 2.4 إلى 4.5 لكل مليون شخص، وهو أمر لم يكن بإمكانك إنجازه بهذه السرعة في الماضي”.
وأهم ما في الأمر أنَّ الغالبية العظمى من هذه الآثار الجانبية لا تتعلق باللقاحات، لكنها تُوثَّق مع ذلك لضمان عدم وجود نمط، وللتحقق من سلامة واحد من التدخلات الطبية القليلة التي تُمنَح للأشخاص الأصحاء.