حوّلت العاصفة الثلجية التي تجتاح النمسا ودولا أوروبية أخرى، الشوارع والطرقات إلى طرق في غاية الخطورة بسبب احتمال انزلاق المشاة والسيارات. وأدى استمرار تساقط الثلوج إلى نقص حاد في نوع معين من الملح يُستخدم لإذابة الثلج
تفرض القوانين النمساوية أن يتولى تنظيف الطريق أمام بيته من الثلوج في فصل الشتاء. وإذا حدث وتزحلق أحد المارة على الثلوج أمام بيت ما وأصيب بضرر، فإن صاحب البيت يعتبر مسؤولا عن هذا الضرر ويتم تغريمه. لذلك يشاهد المرء أناسا كثيرين وهم يجرفون الثلوج من أمام بيوتهم رغم البرد القارص، أو يرشون نوعا معينا من الملح فوق الطرقات فيذوب الثلج بعد فترة قصيرة.
وقد أطلقت بعض الولايات النمساوية تحذيرات طقس سيئ يتسبب بالانزلاق سواءاً مشيا على الأقدام أو باستخدام السيارات ، وطلبت من السكان في فيينا والنمسا السفلى وبورغنلاند عدم النزول للشارع إلا للضرورة بسبب خطر التزحلق بعد ذوبان ثلوج الأمس
وومن المحتمل قد تؤثر موجة الجليد والصقيع هذه على حركة السكك الحديدة والملاحة الجوية، كما يمكن أن تنزلق قطع جليدية من أسطح المنازل و الأشجار على رؤوس المشاة والحيوانات والسيارات مما يزيد من خطورة في المال والأرواح
وعادة تستعد البلديات والمجالس القروية النمساوية لفصل الشتاء بشراء آلاف الأطنان من هذا الملح وتخزينه، وتتولى سيارات خاصة مهمة رشه فوق الشوارع والطرقات العامة. إلا أن البلديات استهلكت مخزونها من هذا الملح، بسبب كميات الثلوج الهائلة التي ما زالت حتى اليوم تكسو شوارع المدن النمساوية. والآن أصبح ملح إذابة الثلوج أكثر المواد الخام المطلوبة، حتى أن البعض أطلق عليه اسم الذهب الأبيض لندرته. وحتى أكبر شركة لاستخراج هذا الملح في أوروبا، وهي شركة K+S الألمانية عاجزة عن تلبية الطلب المتزايد، رغم رفع إنتاجها ليصل يوميا إلى 25 ألف طن.
مدينة تحت الأرض
ويوجد أكبر منجم لاستخراج الملح في ألمانيا في منطقة بيرنبورغ الواقعة في شرق ألمانيا. ويقول فينفريد غونتر مدير المنجم “تبلغ مساحة منطقة الحفر حوالي 20 كيلومترا مربعا، وهذا يعني 7 كلم من الشرق إلى الغرب، و3 كلم من الشمال إلى الجنوب، وهذه المساحة تعادل مساحة مدينة صغيرة“.
تستخرج شركة K+S الملح في عدة دول، ويصل إنتاجها السنوي إلى 30 مليون طن، يذهب 15 بالمائة منها لاستخدامه في إذابة الثلوج والباقي لصناعة السماد الكيماوي. لكن توالي فصول الشتاء الباردة في أوروبا وسقوط كميات كبيرة من الثلوج، يرفع الطلب على ملح الرش. إلا أن زيادة الإنتاج ليست بهذه السهولة كما يرى فينفريد غونتر “للحصول على مزيد من الملح لا بد من زيادة الإنتاج في هذا المنجم، وهذا يعني زيادة عدد العاملين، لكن الحد الأقصى لطاقتنا الإنتاجية في الوقت الراهن يبلغ 600 طن في الساعة”. وهذه الكمية لا تكفي لتغطية حاجة الدول الأوروبية في الوقت الراهن، لذلك استوردت الشركة 100 ألف طن من شركات تابعة لها تعمل في أمريكا الشمالية وتشيلي.