تقرير- ميدل إيست آي الإنجليزى: لماذا ترحِّل الإمارات رجال الإيغور العاملين لديها؟

نشر موقع «ميدل إيست آي» الإخباري الناطق باللغة الإنجليزية ، تقريرًا للكاتب عريب الله، الصحافي المقيم في العاصمة البريطانية لندن والمهتم بشؤون الأقليات واللاجئين والمهاجرين من جنوب آسيا إلى الخليج، تناول فيه المظالم الواقعة على طائفة الإيغور، والذين امتد لهيب المظالم حتى طالهم خارج حدود الصين؛ حيث يتعرض الأزواج للملاحقة في دولة الإمارات العربية المتحدة إرضاءً للسلطات الصينية التي تطالب بتسليمهم دون وجه حق لتحتجزهم في معسكرات أُعدَّت خصيصًا في الصين لإعادة تأهيلهم وتثقيفهم بما يتوافق مع السياسة الصينية، ويمحو هويتهم الإسلامية.

ترحيل إلى الصين دون توجيه اتهام

يستهل الكاتب مقاله بعبارة صادمة مفادها أن زوجة رجل من طائفة الإيغور المسلمة يُشتبه في ترحيله إلى الصين من دولة الإمارات العربية المتحدة طلبت معرفة مكان وجود زوجها لأول مرة منذ اختفائه. وقالت أمانيسه طالب في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي: إن زوجها أحمد طالب رُحِّل إلى الصين، رغم أنه لم يقترف أية جريمة، تاركًا وراءه طفلين في الإمارات. واعتُقِل أحمد، البالغ من العمر 35 عامًا، الذي يُعرف في الصين باسم إحيميتي تاليفو، عندما زار مركزًا للشرطة في مدينة دبي في عام 2018 للحصول على بعض الأوراق.

وتعتقد زوجته أمانيسه طالب أن بكين طلبت تلك الأوراق لنصب فخ في دبي من أجل القبض على أحمد ثم ترحيله لاحقًا إلى الصين. وبحسب ما ذكرت زوجته عمل أحمد بشركة لوجستيات في أبوظبي لمدة خمس سنوات قبل أن يؤسس شركته الخاصة في العاصمة الإماراتية. وقالت أمانيسه: «بدأتُ أشك في أن هذا الإجراء ربما كان فخًا نُصب له من جانب الحكومة الصينية لأن أخا زوجي طلب منه إحضار بعض الأوراق الرسمية من دبي التي تثبت أنه ليس لديه سجل جنائي في الإمارات». وتابعت «ولهذا ذهب إلى مركز الشرطة دون أي تردد؛ لأنه لم يرتكب أي جريمة قط».

السلطات الإماراتية تنتهك حقوق الإنسان إرضاءً للصين

ويلفت الكاتب إلى أن وثائق صادرة من محكمة إماراتية حصلت عليها «ميدل إيست آي» أظهرت أن الصين طلبت تسليم أحمد طالب. وقضى المدَّعي العام في دبي في 2018 لصالح طالب بعد أن أخفقت الصين في تقديم الوثائق المطلوبة لتسليمه. وجاء في الحكم الصادر من المحكمة أن على الإماراتيين «إغلاق ملف تسليم تاليفو إحيميتي… لعدم تسلُّمِهم المستندات المطلوبة من السلطات الصينية التي طلبت تسليم الشخص».

لكن في اليوم نفسه الذي صدر فيه الحكم قالت أمانيسه: إن الإماراتيين طلبوا منها إحضار جواز سفر أحمد مقابل الإفراج عنه. وأعطَتهم فيما بعد جواز سفر أحمد بعد أن رفضت تسليمه في البداية حفاظًا على سلامته.

ورَوت أمانيسه القصة بإيجاز قائلة: «قالوا لي إنهم سيعيدون لي زوجي إذا أعطيتهم جواز السفر، وصدَّقتهم». وأضافت: «أعطيتهم جواز السفر، لكنهم بلا خجل لم يفوا بوعدهم». وعلى الرغم من الحكم الذي صدر لصالحه اتصل أحمد طالب بعد ثلاثة أيام من اعتقاله بزوجه، وقال: «إن الإماراتيين أخذوا عينة من دمه، ويعتزمون ترحيله إلى الصين».

وقالت أمانيسه على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «لقد صُدمت ولم أصدق أن شيئًا كهذا يمكن أن يحدث». وتوجهت أمانيسه إلى مركز الشرطة متسلحة بالحكم الصادر من محكمة دبي للمطالبة بالإفراج عن زوجها، لكنه كان قد نُقِل بالفعل إلى أبوظبي. وعلى الفور، سافرت أمانيسه إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي، وطلبت تفسيرًا لسجنه رغم أوراق المحكمة التي تأمر المسؤولين الإماراتيين بالتوقف عن احتجازه. وفي وقت لاحق أبلغ مسؤولون إماراتيون أمانيسه أن زوجها رُحَّل إلى الصين. ومنذ ذلك الحين لم تسمع أمانيسه أي شيء عن مكان زوجها، وتخشى أن تكون السلطات الصينية قد نقلته إلى معسكر اعتقال الإيغور.

وقالت أمانيسه في مقطع فيديو لها على «فيسبوك»: «كنت حاملًا في الشهر التاسع تقريبًا أثناء ذلك، وفي ظل كل هذا التوتر والحزن ذهبت إلى «شرطة أبوظبي الدولية (الإنتربول)» مع ابني البالغ من العمر خمس سنوات، وطلبت منهم إطلاق سراح زوجي».

وأضافت: «إنهم (ضباط الشرطة) لم يكلفوا أنفسهم عناء الاطلاع على الأوراق، وقالوا إننا لا نعرف الجريمة التي ارتكبها زوجك، لكن سيتعين علينا إرساله إلى الصين». وختمت قائلة: «ونقلوا زوجي إلى مكان آخر، ومنذ ذلك الحين فقدتُ الاتصال به».

وفي حديثها عن تجربتها قالت أمانيسه: «عشنا في هذا البلد منذ ست سنوات ونحُبه. لكنهم انتهكوا حقوقنا الإنسانية وخدعونا». وتأتي شهادتها بعد أن ذكرت «ميدل إيست آي» في عام 2018 أن شخصًا آخر من الإيغور كان يعيش في دبي يُشتبه في ترحيله إلى الصين.

من هم الإيغور؟ ولماذا تستهدفهم الصين؟

وفي هذا الصدد يقول كاتب المقال: إن عبود جليل السوبي، وهو طالب دراسات إسلامية سابق في جامعة الأزهر بالقاهرة، هرب من الصين إلى مصر في عام 2012 لكي يتمكن من ممارسة عقيدته بحرية ودون خوف من السلطات الصينية، ثم سافر إلى دبي في عام 2017 لتعلم اللغة الإنجليزية. ووفقًا لما ذكرته عائلته بعد عدة أشهر من سفره تعرَّض سوبي للاختطاف على يد ضباط شرطة إماراتيين لا يرتدون الزي الرسمي. ولم يزل مكانه مجهولًا، لكن عائلته تخشى من أن السلطات الصينية نقلته إلى معسكر لإعادة التأهيل في الصين.

وفي العام الماضي ذكرت «هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)» أن الإمارات تعاونت مع بكين لترحيل الإيغور إلى الصين. وعلاوةً على ذلك أظهرت وثائق صينية سُرِّبت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية في عام 2020 كيف أدارت بكين معسكرات إعادة التأهيل والمراقبة الجماعية لسكان الإيغور في مقاطعة شينغجيانغ. وأظهرت مقتطفات من الوثائق كيف حددت الصين ما يقرب من 6 آلاف شخص من الإيغور كانوا في الخارج أو لديهم أوراق للسفر، وكيف كان من المقرر أن تراقبهم الدولة الصينية.

وأمرت السلطات الصينية المسؤولين بتعقب الأفراد «الذين لا يمكن استبعاد الاشتباه بتورطهم في الإرهاب» و«تعقب الأفراد بمجرد عبورهم الحدود ووضعهم في (معسكرات) التأهيل والتدريب المكثفة».

وفي نهاية مقاله أفاد الكاتب أنه منذ عام 2014، شرعت الحكومة الصينية في حملة ضد الأقلية المسلمة في المقاطعة الشمالية الغربية للبلاد. وتقع تلك المنطقة على حدود قيرغيزستان، وكازاخستان، ومنغوليا، وتخضع للسيطرة الصينية منذ عام 1949. ويبلغ عدد الإيغور حوالي 10 ملايين شخص في مقاطعتهم الأصلية – وهو عدد يفوقه على نحو متزايد عدد السكان الصينيين المنحدرين من عرق الهان الذين استقروا في المنطقة. ويقال إن ما لا يقل عن مليون من الإيغور محتجزون في معسكرات اعتقال؛ حيث يخضعون لـ«إعادة تأهيل» سياسي، بينما تخضع المنطقة نفسها لمراقبة مكثفة، وتطفلية للغاية.

 

شاهد أيضاً

“الإمبراطور الأبيض”.. مقاتلة الجيل السادس الصينية المصممة للهيمنة على السماء والفضاء

تشهد المنافسة بين الصين والولايات المتحدة تصعيداً ملحوظاً في العديد من المجالات، من أبرزها التسابق …