يؤمن كثيرون بحدوث الحب من أول نظرة، عندما تتسارع دقات القلب ويُشلّ التفكير ويخسر الإنسان السيطرة على نظرات عيونه لوهلة؛ أو هكذا صورت لنا الأفلام الرومانسية والأدبيات هذا النوع من الحب، ولكن رغم رومانسية الفكرة فهل هذا الحب حقيقي أم مجرد إعجاب؟
وفقاً لنتائج دراسةٍ نُشرت نسخة منها، في ديسمبر/كانون الأول عام 2017، بدورية International Association for Relationship Research العلمية، لم تُجر كثير من الدراسات العلمية حول حقيقة وجود الحب من أول نظرة، حتى الآن.
لذا استخدم الباحثون ثلاث منصات تشمل الدراسة المعملية، والدراسة عبر الإنترنت، وثلاثة أنشطة مواعدة، حسب ما نشره موقع How Stuff Works.
وإجمالاً، عمِل الباحثون مع 400 مشارك، غالبيتهم من التلاميذ الهولنديين والألمان، الذين أبلغوا عن نحو 500 لقاء. وسألوا المشاركين أولاً عما إذا كانوا قد عايشوا تجربة الحب من أول نظرة من قبل، ثم طُلِبَ منهم التعليق على مدى الجاذبية الجسدية للأشخاص الذين أعجبوهم.
كذلك طلب الباحثون من المشاركين الإبلاغ بأنفسهم عن شعورهم إزاء مفاهيم مثل الحميمية، والجاذبية الجسدية، والالتزام في العلاقات، والشغف وغيرها من المفاهيم المرتبطة بالحب الحقيقي الدائم.
وأظهرت الاختبارات أنّ 32 من المشاركين مرّوا بتجربة الحب من أول نظرة، 49 مرة (مما يعني أنّ أغلبهم لم يمر بها فعلياً)، ولكن لم تكُن هناك علاقةٌ قوية تتضمن مثلاً الالتزام والحميمية.
وليس من المفاجئ أن ذلك الحب من أول نظرة كان متماشياً تماماً مع اعتبار الشريك جذاباً من الناحية الجسدية.
وكتب الباحثون بالدراسة: “تجارب الحب من أول نظرة تتميّز بالشغف الشديد، وليس الحميمية أو الالتزام. كما أنّ الانجذاب الجسدي يتنبّأ بدرجةٍ كبيرة، بالإبلاغ عن الحب من أول نظرة. لذا نقترح أنّ الحب من أول نظرة ليس شكلاً مميزاً من أشكال الحب، ولكنّه عامل جذبٍ أولي قوي يعتبره البعض حباً من النظرة الأولى، سواءً في لحظة النظرة الأولى أو بأثرٍ رجعي”.
وعنى الباحثون بـ”الأثر الرجعي” أنّ العديد من الناس يُلصقون شعار الحب من النظرة الأولى بعلاقاتهم الناجحة بعد فترة، مسلّطين الضوء على أنّ الأمر “ربما يكون مجرد ذكرى مُسلية يخلقها الأزواج لتعزيز علاقتهم”.
لذا فربما كانوا يعتبرون شريكهم مثيراً للغاية منذ البداية، وأرادوا التعرف عليه أكثر. وبعد بضع سنوات من العلاقة، يتحوّل الأمر إلى قناعة بأنّه كان “الشخص المناسب لي”.
لماذا يفترض البعض أنه حب من النظرة الأولى؟
من المؤكد أن هناك شيئاً يمكن من خلاله تفسير حدوث الاتصال الفوري مع شخص ما في اللحظة التي تلتقي فيها عيونهما، ومن وجهة نظر علمية، يمكن حصر هذه الأسباب بما يلي:
1- تفاعل كيميائي حقيقي في عقلك يجعلك تشعر بالحب
أوضحت أخصائية العلاج النفسي العصبي الدكتورة تريشا ستراتفورد، لصحيفة Huffpost: “عندما تشعر كأنك تقع في الحب، في تلك اللحظة يحدث تفاعل كيميائي بالعقل ويطلق كل تلك المشاعر الدافئة والغامضة. يفرز الدماغ الدوبامين والسيروتونين”.
وشبهت ستراتفورد دماغ الشخص في تلك اللحظة كأنه “دماغ شخص ينتشي بالهيروين”، وأوضحت أنه بسبب هذه المواد الكيميائية، قد تشعر بالارتباط الفوري مع شخص ما.
2- “وهْم إيجابي” يعيشه الشريكان
كشفت دراسة أجراها باحثون بجامعة جرونينجن عام 2017، أن الحب من النظرة الأولى قد يكون في الواقع “وهماً إيجابياً”، ما يعني أن الشريكين قد يفترضان وقوعهما في الحب على الفور، بسبب شعورهما المستمر بعد شهور أو سنوات أخرى.
3- الجاذبية أولاً وأخيراً
في دراسة نشرت بمجلة علم الأعصاب، اكتشف العلماء أنه يمكن للناس أن يقرروا على الفور تقريباً ما إذا كان الشخص المعني جذاباً أم لا، وأكدت أن ظاهرة الحب من النظرة الأولى لا يمكن أن تحدث من دون هذا الانجذاب الأولي.
في غضون ثوانٍ (أو حتى أقل)، يحسم العقل ما إذا كان مهتماً بمن ينظر إليه، ويمكن أن يكون هذا غالباً مؤشراً على علاقة دائمة.
أكثر الأسئلة شيوعاً عن الحب من أول نظرة
هل يُمكنك حقاً أن تقع في الحب من أول نظرة؟
من المستبعد، وقد ثبت أنّ هذه التجربة تتعلّق أكثر بالشبق أو الانجذاب الجسدي، وليس الحب الحقيقي.
ما الذي يعنيه الحب من أول نظرة في الحقيقة؟
يُوصف الحب من أول نظرة عادةً بأنّه انجذابٌ أولي قوي تجاه شخصٍ ما.
لماذا هذا الحب خطير؟
لأن الدراسة التي أُجريت عن الحب من أول نظرة، كشفت أنّ تلك اللحظة تتسم عادةً بانجذابٍ أولي قوي، وليس مشاعر الحميمية أو الالتزام التي تُعتبر ضرورية من أجل حبٍّ حقيقي ودائم.
كيف أتعامل معه؟
من المهم التقدم بالعلاقة لتجاوز فكرة الحب من أول نظرة، عن طريق التعرّف إلى الطرف الآخر أكثر قبل حسم الأمر بأنه الشخص المناسب أو شريك الحياة.
بكلام آخر، لا تقلق إذا لم تشعر بالحب من النظرة الأولى مع الشخص الذي تواعده. ما يهم حقاً هو كل ما يحدث في العلاقة بعد ذلك الاتصال الأول وبناء تجارب وذكريات مشتركة يمكن أن تدوم مدى الحياة.