قدمت الحكومة الهولندية، الجمعة 15 يناير/كانون الثاني 2021، استقالتها بسبب فضيحة هزت الطبقة السياسية في البلاد، وذلك قبل شهرين من الانتخابات التشريعية، وهو القرار الذي يتزامن أيضاً مع أزمة صحية تعرفها البلاد، من جرّاء انتشار فيروس كورونا المستجد.
ويتعلق الأمر بما وصفته الصحف الدولية بـ”الفضيحة المدوية”، إذ أقدمت الحكومة على اتهام آلاف الأسر بالحصول على مساعدات اجتماعية عن طريق الاحتيال؛ ما دفع عدداً منها إلى إرجاعها وأغرقها في أزمات مالية كبيرة، قبل أن يتبين للحكومة أن هذه الاتهامات كانت خاطئة، أما ما زاد الطين بلة، فهو اتهام الحكومة بالتمييز العنصري، لأن أغلب هذه الأسر من مزدوجي الجنسية.
تفاصيل القضية
حسب تقرير لوكالة “فرانس برس”، الجمعة، فقد أعلن رئيس الوزراء الهولندي، مارك روتي، استقالة حكومته، بسبب فضيحة اتهام آلاف العائلات خطأ بالاحتيال للحصول على مساعدات اجتماعية.
وكانت هذه العائلات أُجبرت على إعادتها، ما أغرق عدداً كبيراً منها في مشكلات مالية خطيرة. كما واجه العديد منها تمييزاً عرقياً استناداً إلى ازدواج الجنسية.
رئيس الوزراء الهولندي،مارك روتي
كما أكد تقرير برلماني نُشر في ديسمبر/كانون الأول، أن المسؤولين أنهوا مخصصات آلاف العائلات المتهمة خطأ بالاحتيال بين 2013 و2019، قبل إجبارها على إعادة الأموال التي تلقتها على مدى عدة سنوات، في مبالغ وصلت في بعض الحالات إلى عشرات الآلاف من اليورو.
فيما يُتهم عدد من كبار القادة السياسيين، بينهم العديد من الوزراء، بأنهم فضّلوا غض النظر عن هذا الخلل الذي كانوا على علم به.
ضغوطات كبيرة
وحسب صحيفة “لوبوان” الفرنسية، نقلاً عن مصادر هولندية، فإن الأحزاب الأخرى بالائتلاف الحاكم كانت مترددة في المطالبة باستقالة الحكومة، معتبرةً أن عليها تحمُّل المسؤولية عن هذه الفضيحة التي طالت نحو 26 ألف والد.
تضيف الصحيفة نفسها، أنه إذا لم تستقل الصحيفة، فإنها كانت ستواجه تصويتاً بحجب الثقة في البرلمان، الأسبوع المقبل.
هذا وقد اشتدت الضغوط على الحكومة منذ أمس الخميس، مع استقالة زعيم حزب العمل الهولندي المعارض لوديويك أششر، ووزير الشؤون الاجتماعية من 2012 إلى 2017، في ظل الائتلاف الحكومي السابق برئاسة مارك روته.
في السياق نفسه، تؤكد الصحيفة أن محامي الضحايا فاسكو جرونيفيلد، قدم شكوى، الثلاثاء 12 يناير/كانون الثاني، ضد ثلاثة وزراء في مناصبهم ووزيرين سابقين، من بينهم لوديويجك أشير. بعد أن نشر العديد من الآباء القلقين مقطع فيديو يوم الإثنين يطالبون فيه الحكومة بالاستقالة.
كما تم الكشف عن أن مسؤولي الضرائب “صنفوا عرقياً” نحو 11000 شخص على أساس جنسيتهم المزدوجة، بما في ذلك بعض المتضررين من قضية الإعانة العائلية.
جدير ذكره أنه في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلنت الحكومة الهولندية أنها ستدفع 30 ألف يورو على الأقل لكل الأسر المعنية خلال الأشهر الأربعة المقبلة، لكن هذا لم يكن كافياً لانفراج الفضيحة.
فضيحة دمّرت حياة الأسر
كان تحقيق برلماني كشف في كانون الأول/ديسمبر قطع إعانات عن آلاف العائلات المتهمة بصورة خاطئة بارتكاب عمليات احتيال بين 2013 و2019.
فقد طُلِب من عائلات كثيرة إرجاع مبالغ تقدّر بعشرات آلاف اليورو استفادت منها على مدار سنوات. وتشير تقارير إعلامية إلى أنّ العديد من الأزواج انفصلوا في ظل الضيق الذي عانوا منه نتيجة لذلك.
وارتفعت الأصوات المعارضة بشكل أكبر عقب استقالة زعيم حزب العمّال المعارض لوديويك أشر من منصبه الحزبي لكونه شغل منصب وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة روتي السابقة.
وقال زعيم اليمين المتطرف الهولندي خيرت فيلدرز المعروف بتصريحاته الحادة ضدّ الهجرة والإسلام، إنّ استقالة الحكومة “أمر صائب”.
إذ كتب في موقع تويتر “تمّ تجريم أبرياء ودمّرت حياتهم … من غير المعقول استمرار (الوزراء) في مناصبهم وكأنّ شيئاً لم يحدث”.
من جانبه، صرح زعيم حزب الخضر جيسي كلافر الذي كان بدوره دعا روتي إلى التنحي، بأن الاستقالة قد تشكّل “انطلاقة جديدة، نقطة تحوّل” بالنسبة إلى هولندا.