ماريا و جونتر – قصة حب و قدر

فببنا – د. هادي التونسي —-

ماريا سيدة جميلة فاتنة مولودة لأسرة ثرية, فوالدها شخصية عسكرية ذات خبرة دولية, و والدتها شخصية مسيطرة, لكن كلاهما علي حد علمه رباها بصرامة لتصبح مدعاة للفخر. و لكن هل يضمن ذلك لفتاة حريتها و سعادتها ؟
= جونتر جنتلمان و شخصية قيادية في عمله كمعماري. والداه كانا بالغي الحنان, فمنحا الدفء و الأمان و الحب و الرعاية المخلصة لأبنائهما الثلاث بشكل مثالي, يصعب ان يتوفر في أسر أخري. جونتر يشعر بسعادة بمفرده, لكن هل يجد مثل تلك العلاقات في زواج ؟

أمران, أو قل حلمين, كانا في مخيلة الشابين حينما التقيا لأول مرة. كانت قد بلغت السابعة عشر, و كان يكبرها بأربعة أعوام عندما تقابلا أثناء ممارسة الألعاب المائية في بحيرة بجانب منزل الأسرتين. فهل كان الابجار بالقوارب الشراعية و السيطرة علي تقلبات الرياح رمزا لبحثهما عن الحرية و الإنجاز ؟

= حاول جونتر المعجب إظهار عواطفه بإتزانه المعهود, لكن ماريا الفاتنة كانت تريد ما هو أكثر من محب حساس, بل أرادت شريكا يشع ذلك النوع من القوة الذي تطلعت أن تجده في نفسها حينما تمردت علي الأم المسيطرة, فكيف كان لها في ذلك السن أن تميز بين رجل يتظاهر بالقوة لكنه غير متاح عاطفيا, و أخر يتمتع بالقوة الداخلية, حين كان حولها معجبون كثر, و كانت الحياة واعدة ؟

= فماذا كانت ماريا تتوقع من شاب مخلص لو لم تلق بادراته الحانية قبولا مرتين؟ فماريا الواثقة من جاذبيتها كانت تأمل أن يلاحقها بعزيمة واثقة ترضي غرورها و تؤكد انها المختارة. لكنه لم يجتز الاختبار.

= جونتر المحبط , مفضلا سكينته, وجد أنه من الأوفق أن يلجأ للزواج التقليدي, لكن الاطفال و العلاقة الزوجية السطحية لم يكونوا كافيين لإشباع إيمانه بتحقيق الحلم, فحاول الزواج ثانية بإمرأة جادة أحبها, و أنجب منها قبل ان تخنق روحه الحرة المتطلعة للعدل و الإحترام بشخصيتها الطاغية غير المتسامحة, فكان الشقاء و الصراع كفيلين بتدمير معبد الحب , فهل يفقد الأمل ؟

=و ماريا في إعادة لاواعية للنمط الأبوي تزوجت و أنجبت من شخص بادي القوة, لكنه أناني غير متسامح, ثم إنغمست بعد الطلاق في علاقة لسنوات مع طبيب شهير تجنب الزواج منها اثرا راحته الشخصية. فهل كان لظاهر القوة في هذين الشريكين ان يفي بإحتياجها و بحقها العاطفي أن تكون محل حب و رعاية حقيقيين ؟

= الي البحيرة حيث كان اللقاء الأول, عاد جونتر مهندسا بارزا يشتري ارض بناء, فهل كان إختيار المكان رغبة لاواعية في إستعادة ذكريات الأسرة الدافئة التي افتقدها في كل علاقاته الزوجية ؟ بل أكثر من ذلك هل كان الاختيار إتاحة لفرصة ما ربما يجد خلالها جميلته ماريا ؟ هل كان يكتب قدره بإصراره علي أن اليوتوبيا ليست مستحيلة ؟

= ربما كان أمرا هينا منذ ثلاثين عاما أن يتخليا عن علاقة عاطفية, ربما لو تواعدا لم تكن العلاقة لتتحمل رغباتهما المتصارعة , و لكن ماذا عنهما الأن و قد جربا البدائل , و إستوعبا الدروس, و فهما حقيقة ما يريدانه ؟

= أدركت ماريا أن القوة الحقيقية داخلية, فبعيدا عن الإحتياج الخائف للتحكم في الاخرين و عن الأشخاص الأنانيين المنكفئين علي ذواتهم ببخل عاطفي, هي تحتاج شريكا محبا راعيا هادئا مستقرا, و ليس شخصا سطحيا مدعيا القوة.

= و جونتر الأن كشريك مناسب يحتاج ان يحقق حلما طال انتظاره, و أن يتمتع بمشاركة الحياة مع شريكة تلقائية تتذوق جمال الدنيا برقي الاسلوب, لتحيي الطفل داخله, و تضيف الحيوية و المرح لطبيعته المثالية الانعزالية.

= فكلاهما إذن يحتاج الأخر. فهل كان القدر ارحم حينما لم يتزوجا منذ البداية ؟ هل يستحق الأمر مع تقدم السن أن يستمعا الي نداء القلب بملاحقة الحلم الجارف ؟ هل حقا فات وقت أن نحلم حينما يتقدم العمر ؟

إسأل ماريا و جونتر
د. هادي التونسي

فيديو الدكتور هادى التونسى مع برنامج وصال علي الفضائية المصرية و يتعرض في غالبه للتطوير الفوري للشخصية حضوريا و عن بعد، و خاصة للمقيمين في دول اخري و في زمن الكورونا، اضافة لعرض بعض تجارب عمله الدبلوماسي.

شاهد أيضاً

قانون لجوء الأجانب في مصر يثير الجدل.. كيف أجبر الاتحاد الأوروبي القاهرة على الإسراع بتمريره؟

مررت الحكومة المصرية بشكل مبدئي قانون لجوء الأجانب الذي أثار جدلاً حقوقياً وشعبياً واسعاً خلال …