مع ختام سنة 2020 نستعرض أبرز الاختراعات والمبادرات العربية التي خرجت للنور في محاولة لمواجهة جائحة كورونا من خلال جهود جماعية وفردية: روبوتات في تونس ومصر، تعليم عن بعد في دول عدة، ومبادرات إنسانية أخرى.
كالأفعوانية؛ هكذا يمكن وصف عام 2020 مع اقتراب نهايته، ولعل أكثر ما يمكن تذكره من أحداث هذا العام هو جائحة كورونا، التي اكتسحت العالم بأشهر قليلة وأثرّت على جميع نواحي الحياة، وما زالت.
وفي حين يرى البعض أن العالم لن يعود كما كان عليه قبيل الأزمة، فإن اختراعات ومبادرات جديدة تؤكد هذه الرؤية، فقد انطلق المبتكرون والنشطاء والعلماء بكل جهد ، وسعوا لجعل غيمة “كوفيد- 19” تمر بشكل أكثر سلاسة على المصابين وعائلاتهم وعلى البشرية بشكل عام، والخروج من الجائحة بأقل الخسائر الممكنة.
والدول العربية لم تكن استثناء؛ فقد ظهرت مبادرات وأفكار وابتكارات واختراعات من مختلف هذه الدول، تهدف لتسهيل تدابير الإغلاق، أو لمساعدة الفرق الطبية بإجراء الفحوصات، أو حتى لتوفير بيئة نفسية وعقلية مناسبة.
روبوتات للتعقيم والفحوصات.. إلى الإنقاذ
الكثير من الاختراعات والابتكارات المتميزة تتربع في هذه المجموعة، إذ عكف المخترعون والمخترعات العرب على تقديم أفضل ما لديهم لمساعدة الجهات الصحية في جمع المعلومات الطبية وإجراء الفحوصات.
ولعل “كيرا -03″ على رأس قائمة أشهر الابتكارات في هذه الفئة، إذ أن هذا الروبوت المصري للمهندس محمود الكومي لقي اهتماماً كبيراً من وسائل إعلام عالمية، ووصل إلى قائمة الأمم المتحدة لـ”أفضل 50 ابتكارا إفريقيا لمواجهة أزمة كورونا”.
ويعكف الروبوت على جمع البيانات الطبية للأفراد من خلال إجراء فحوصات كورونا عليهم، وقياس درجة حرارتهم، وأخذ عينات الدم وإجراء أشعة موجات صوتية على القلب وأشعة إكس ويعرض النتائج للمريض على شاشة مثبتة على صدره. ويمتلك “كيرا-03” وجهاً مشابهاً للوجه البشري، ما يجعله متميزاً عن غيره من الابتكارات الأخرى في هذه المجموعة.
أما الروبوت الآخر فقد لا يملك وجهاً جذاباً كرفيقه، ولكن “ياسمين” التونسي يعكف على إجراء الكثير من الفحوصات في المستشفى الجامعي سهلول، ويساعد بالتقليل من التعاطي المباشر مع المرضى المصابين بالفيروس، ويجري الفحوصات عليهم، ويجيب عن أسئلتهم “باللهجة التونسية”.
و”ياسمين” هو نتاج تعاون بين شركتي “إيكومباس” و”إينوفا روبوتيك” المتخصصة بمجال الروبوتات والذكاء الصناعي، ومُصَنًع بشكل كامل في تونس.
الروبوت الآخر قادم من قطر، ويدعى بـ”الروبوت الحارس” للمهندس وطالب الدكتوراة علي الراشد. وكغيره من زملائه الروبوتات في هذه الفئة، فهو يجمع البيانات الطبية للأفراد، ولكن يختص بمقرات العمل بالتحديد، إذ يجري مهامه أمام بوابات أماكن العمل، ويتعرف عمّن لا يرتدون الكمامة، وكذلك يعقم الأسطح بالمطهرات السائلة أو الأشعة فوق البنفسجية.
تقديم يد العون … “الصيحة الإيجابية المميزة”
وسط كل الخوف والقلق من الجائحة، ومع ضعف الجاهزية في جميع الدول على حد سواء، فإن التضامن الاجتماعي كان “بطل” هذه الفترة، فقد خرجت مبادرات فردية أو جماعية في كثير من المدن العربية، شعارها “تقديم يد العون”.
أحد أكبر هذه المبادرات انطلقت من المغرب، بعد أن قام أغنياء ووزراء وبرلمانيون وشركات في البلاد، بتقديم تبرعات مالية سخية لصندوق مكافحة الوباء، وصلت في مجموعها إلى أكثر من ثلاثة مليارات دولار، بناء على ما ذكره موقع فرانس 24.
وفي عًمان بالتحديد، فإن شركة “إنوتك” الصغيرة والمتخصصة بالطباعة ثلاثية الأبعاد؛ قررت إنتاج وتصنيع أجهزة تنفس اصطناعية وأقنعة، وتوزيعها بشكل مجاني على مختلف المؤسسات الصحية.
أما في لبنان فأصبح مصطلح “كتفي بكتفك” أكثر واقعية، حينما انطلقت مبادرة بذات الاسم، لتشكيل شبكة أمان شعبية تقدم المساعدات لمن فقد عمله بسبب الأزمة.
وفي تونس “حبس” 150 عاملاً أنفسهم داخل مصنع ينتج معدات الوقاية الطبية، لإنتاج الأقنعة والبدل المعقمة الخاصة بمكافحة العدوى، وأغلقوا على أنفسهم المصنع، مع مؤن تكفيهم لشهر كامل، وذلك للحفاظ على بيئة عمل خالية من الفيروس، فيما قامت مطاعم عدة في الضفة الغربية بتقديم وجبات مجانية للمرضى، أو للمقيمين في الحجر الصحي.
وانتشرت مبادرات إنسانية أخرى على هذه الشاكلة في مصر وسوريا والعراق وغيرها من الدول العربية.
“أنت لست وحدك، نحن معك”
أدت تدابير الإغلاق إلى تزايد العنف المنزلي ضد النساء، وأصبح من الصعب عليهن طلب المساعدة، ولهذا أصبح هناك ضرورة لإيجاد طرق جديدة تتمكن منها المعنفات من الوصول إلى بر الأمان.
روبوت “شامة” المغربي، كان أحد أبرز هذه المبادرات، حيث توجه صندوق الأمم المتحدة للسكان بطلب المساعدة من جامعة القاضي عياض بمدينة مراكش، التي بدورها وفرت الروبوت المغربي تحت إشراف الباحثة هاجر مصنف، والتي ذكرت في حديث خاص لها مع “سكاي نيوز عربية”، أن الروبوت قادر على التفاعل مع الإنسان ولديه القدرة على تحليل تعابير الوجه. وقد استعان الصندوق الأممي بـ”شامة” في إطلاق الحملة العالمية لمناهضة العنف، من خلال شريط فيديو للتعبئة ضد العنف على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي الأردن نشطت مبادرة تحت شعار “أنت مش لحالك إحنا معك”، وذلك للتعامل مع الضغط النفسي والقلق والتوتر والخوف من تفشي الفيروس، وضمت 45 طبيباً نفسياً ونحو 23 معالجاً، وقامت على عقد جلسات للراغبين عبر استخدام تطبيقات الاتصال المرئي.
بينما قرر مجموعة من طلاب علم النفس والاجتماع بجامعة عجمان في الإمارات المتحدة بإطلاق مبادرة “تكاتف” وذلك لتقديم التوعية النفسية والاجتماعية لجميع أفراد الأسرة، في محاولة لتقليل مشاعر الخوف والقلق.
التعليم عن بعد … المستقبل هنا
لم تؤثر الجائحة على القطاعات الصحية والاقتصادية فقط، بل أن القطاع التعليمي العربي عانى في البداية إثر عدم تمكن الطلبة والتلاميذ أو المعلمين من التوجه إلى مقاعد الدراسة ، ولكن التكنولوجيا استطاعت تقديم يد المساعدة في هذا المجال، وجعلت إمكانية التعليم في المنزل ممكنة.
آلاف المدرسين والمدرسات في كل الدول العربية تقريبا، لجئوا إلى التعليم عن بعد عن طريق الإنترنت ووباستخدام تطبيقات الاتصال المتاحة لتدريس تلاميذتهم أو طلابهم الجامعيين وتوصيل المعلومة إليهم، بطريقة مباشرة بالصوت والصورة، أو من خلال تسجيل الدروس والمحاضرات وتحميلها على الإنترنت.
فيما أطلقت المنصة الإلكترونية التعليمية المفتوحة باللغة العربية “مدرسة”؛ حملة توعوية بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة.
ووفرت الحملة محتوى إلكترونيا لتثقيف الأطفال صحياً ومواصلة التعلم وتطوير مهاراتهم واكتساب مهارات جديدة، ودعمهم نفسياً وذهنياً، من خلال تقديم معلومات حول سبل الوقاية من العدوى، إلى جانب توفير الدعم النفسي لهم، ومساعدتهم على التأقلم مع التغيرات الجديدة.
وقدمت وزارة التعليم المصرية موقع edmodo الذي أتاح التواصل بين التلاميذ والمدرسين عن طريق فصول افتراضية، ووصل عدد مستخدميه من التلاميذ لأكثر 10 ملايين طالب حتى الآن، حسب وسائل إعلام مصرية، فيما تخطط الوزارة لأن يستفيد نحو 22 مليون تلميذ من الخدمة، وأعلن وزير التربية والتعليم المصري طارق شوقي أن امتحانات الثانوية العامة القادمة ستكون إلكترونية لجميع الطلاب النظاميين.