هل سمعت باسم ساندر بيتشاي من قبل؟ ذلك الشاب لم يكن يملك دولاراً واحداً وعمره 23 عاماً، حتى إن والده عمِل عاماً كاملاً ليوفر له تذكرة سفره إلى أمريكا، لكنه الآن يملك أكثر من 600 مليون دولار، وأصبح المدير التنفيذي لشركتي جوجل وAlphabet، وأحد المديرين التنفيذيين الأعلى أجراً في وادي السيليكون.
تعالوا نعرف قصة الصعود المذهل لمدير جوجل، ساندر بيتشاي
شاب هندي من أسرة فقيرة يسافر إلى أرض الأحلام؛ أمريكا
“قضى والدي عاماً كاملاً يدخر من راتبه ليوفر لي ثمن تذكرة رحلتي إلى أمريكا، لأتمكن من الالتحاق بجامعة ستانفورد. كانت هذه هي المرة الأولى التي أركب فيها طائرة. وكانت مرَّتي الأولى التي أستخدم فيها جهاز كمبيوتر، عندما وصلت إلى أمريكا. أعتقد أن الشيء الوحيد الذي أوصلني إلى ما أنا عليه الآن هو شغفي بالتكنولوجيا وعقلي المتفتح، بينما كنت أواجه الكثير من التحديات في سنوات شبابي، كانت الحوسبة هي النقطة الوحيدة المضيئة بالنسبة لي“.
From A Lower Middle-Class Family To Being Google's CEO, Sundar Pichai's Story https://t.co/dt6hbK4rvg pic.twitter.com/jlH7sV1fBx
— Naresh Nambisan | നരേഷ് (@nareshbahrain) October 15, 2016
كانت هذه جزءاً من رسالة بيتشاي هندي الأصل (حصل على الجنسية الأمريكية أيضاً) إلى طلاب الجامعة في حفل تخرج افتراضي أُقيم لدفعة 2020 على موقع يوتيوب المملوك لشركة جوجل، وسط جائحة فيروس كورونا، شارك فيه أيضاً الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما والسيدة الأولى السابقة ميشيل أوباما والمغنية الأمريكية بيونسيه وليدي غاغا، وفرقة البوب الكورية الجنوبية BTS، والناشطة الباكستانية مالالا يوسفزاي وغيرهم من نجوم المجتمع.
نشأ بيتشاي في تشيناي بالهند، حيث كان والده يعمل مهندساً كهربائياً، وكانت والدته محررة لاختصار النصوص (مُختزلة)، ولم تكن أسرته غنية، حتى إنه هو وشقيقه الأصغر كانا ينامان في غرفة المعيشة بمنزلهم المكون من غرفتين.
On a recent trip to India, CEO @sundarpichai visited his alma mater (and old dorm room at @IITKgp) for the first time in 23 years. #tbt pic.twitter.com/oziRoZBFs0
— Life at Google (@lifeatgoogle) January 19, 2017
لاحظت عائلة بيتشاي موهبته في تذكُّر الأرقام عندما استطاع أن يتذكر كل رقم هاتف اتصل بهم على هاتفهم الأرضي. درس بيتشاي الهندسة المعدنية في المهد الهندي للتكنولوجيا بمدينة خراجبور الهندية، وبفضل تفوقه الدراسي حصل على منحة دراسية لإكمال دراسته في جامعة ستانفورد الأمريكية.
كان الانتقال إلى كاليفورنيا قفزة كبيرة بالنسبة له، إذ قال بيتشاي في مقابلة نقلها موقع Business Insider الأمريكي: “لطالما أحببت التكنولوجيا وأثناء طفولتي حلمت بوادي السيليكون. كنت أقرأ عنها، وأسمع قصصاً من عمي”.
لكنه أيضاً لم يكن يتحمل الأعباء المادية الكبيرة عند وصوله لأمريكا في عام 1996، حيث كان شاباً بسيطاً عمره 23 عاماً لم يسبق له الخروج من بلده، ولم يعمل بعد لتوفير احتياجاته المادية، إذ قال عن تلك الفترة: “كان كل شيء باهظ الثمن، لم أصدّق أن حقيبة ظهر بسعر 60 دولاراً”.
الدراسة ثم الانضمام لشركة جوجل كموظف
التحق بيتشاي بالمنحة، وحصل على ماجستير من جامعة ستانفورد، ثم التحق بكلية وارتون بجامعة بنسلفانيا للحصول على ماجستير إدارة الأعمال. بدأ العمل في شركة Applied Materials، وهي شركة أمريكية توفر المعدات والخدمات والبرامج لتصنيع رقائق للإلكترونيات.
أجرى مقابلة في Googleplex (مقر شركة جوجل بولاية كاليفورنيا) في يوم كذبة أبريل بالعام 2004، وصادف أنه اليوم نفسه الذي أطلقت فيه الشركة Gmail. اعتقد الجميع، ومن ضمنهم بيتشاي، في البداية، أن خدمة البريد الإلكتروني المجانية كانت إحدى مزح جوجل.
بعدها، بدأ العمل على ابتكار شريط أدوات بحث Google، وقد أصبحت الفكرة مهمة في عام 2006، عندما جعلت Microsoft محرك Bing هو محرك البحث الافتراضي الجديد على Internet Explorer. هذه التنافسية وقتها ساعدت بيتشاي في إقناع الشركات المصنِّعة للكمبيوتر بتثبيت شريط البحث مسبقاً على أجهزتهم لتخفيف تأثير هذا التغيير، إذ اقتنع مؤسسا جوجل؛ لاري بيدج وسيرجي برين، بأن شركتهما عليها أن تبني متصفحها الخاص، وهو ما انتهى بابتكار Chrome الذي نستخدمه الآن.
خلال فترة عمله بالشركة كموظف، كان بيتشاي محبوباً، إذ كان يركز على عمله ونتائجه بدلاً من محاولات لفت الانتباه، وبدأ أيضاً في تحمل مزيد من المسؤوليات، حيث تولى إدارة قسم Android في عام 2013، والذي كان دافعاً لـ”جوجل” لصنع هواتفها الذكية.
يعتقد أنه لعب دوراً أساسياً أيضاً في المساعدة في استحواذ Google على شبكة Nest بقيمة 3.2 مليار دولار في عام 2014، وكان أيضاً وراء ابتكار نظام التشغيل Chrome OS الذي يشغل أجهزة الكمبيوتر المحمولة Chromebook الرخيصة من Google.
حتى إنه اعتبر مترجماً للشريك المؤسس لـ”جوجل”، لاري بيج، مترجماً بخصوص فهم أفكاره ورؤيته وإيصالها للفرق الأخرى العاملة بالشركة.
أدت هذه البراعة ونجاحه مع منصات جوجل Chrome وApps وAndroid إلى ترقيته المهمة التالية في أواخر عام 2014، عندما عيَّنه بيج مسؤولاً عن جميع مجالات منتجات الشركة تقريباً، وضمن ذلك البحث والخرائط وGoogle+ والتجارة والإعلانات والبنية التحتية، وهنا تحديداً أصبح الرجل الثاني في جوجل بعد بيج، الذي يحترم بيتشاي، إذ كتب في مذكرة ترقيته:
“يتمتع سوندار بقدرة هائلة على رؤية ما ينتظرنا وتشجيع الفرق حول الأشياء المهمة، نحن نرى أنه مناسب تماماً لهذا الدور”.
بعد عام تقريباً، غيرت الشركة هيكلها المؤسسي، ولم يكن من المستغرب أن يتم اختيار بيتشاي لقيادة Google، لأنه كان مسؤولاً عن منتجاتها الأساسية. إذ أعلن مؤسسا جوجل؛ لاري بيدج وسيرجي برين، في نهاية 2019، عن تركهما الإدارة التنفيذية للشركة الأم Alphabet التي أسساها منذ 21 عاماً ليديرها بيتشاي، بينما يقومان هما بدور الأبوين الفخريين لها. (Alphabet التي أُسست في أكتوبر/تشرين الأول 2015، وتولى إدارتها منذ التأسيس بيدج وبرين، تملك أكثر من 12 شركة، منها شركة “وايمو” لتكنولوجيا السيارات المتحركة بلا قائد، وشركة “فيريلي” لبرامج الرعاية الصحية، وقد ظهرت في عام 2015 كجزء من خطة لإعادة هيكلة جوجل)
الآن، وبجانب هذه الإنجازات المهنية، فإنه حقق إنجازات مادية أيضاً، إذ تقدَّر ثروة هذا المهندس الطموح بـ600 مليون دولار، وفق موقع Celebrity Net Worth المهتم بإحصاء ثروات المشاهير.
وليس من المستغرب أيضاً أن الناس في موطن بيتشاي الأصلي، ينظرون إليه على أنه بطل. إذ قالت المحاضرة هارشا بهوجل: “لقد فعلت ما حلم الجميع بفعله”، بينما كان بيتشاي يجري جلسة أسئلة وأجوبة مع الطلاب في جامعة دلهي.
Also got to visit my alma mater (and old dorm room!) for the first time in 23 years. Thanks to everyone @IITKgp for the warm welcome! pic.twitter.com/OUn7mlKGI7
— Sundar Pichai (@sundarpichai) January 7, 2017