كشفت وثيقة رسمية سرَّبتها مصادر أمنية، عن إرسال قوات سودانية إلى ليبيا بطلب إماراتي لدعم ميليشيا الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر، لتؤكد التقارير السابقة التي تحدثت عن إرسال الإمارات جنوداً سودانيين للقتال إلى جانب حفتر في ليبيا.
فيما قالت وكالة “الأناضول” إنه بينما لم يتسن الحصول على تعليق سوداني بشأن الوثيقة حتى ساعة نشر الخبر، أكدت مصادر أمنية صحتها الثلاثاء 8 ديسمبر/كانون الأول 2020.
قوات سودانية في ليبيا بطلب إماراتي
أوضحت المصادر أن طلب أبوظبي دعم حفتر بالقوات جاء خلال اجتماع عقده مسؤولون إماراتيون مع قائد قوات الدعم السريع السودانية محمد حمدان دقلو (حميدتي) بالعاصمة الخرطوم؛ ما يلقي الضوء على المساعي الإماراتية الخفية التي تقوض الاستقرار في ليبيا.
كما ذكرت أنه -خلال الاجتماع- وعد الوفد الإماراتي حميدتي بتقديم دعم مالي وعسكري له مقابل إرسال قوات سودانية إلى ليبيا، وبناء على ذلك وافق الأخير على إرسال لواءين إلى ليبيا.
حسب الوثيقة الموجهة إلى حميدتي، قال مدير إدارة الشؤون العسكرية بقطاع جنوب دارفور في قوات الدعم السريع، العميد الركن حامد جمعة آدم: “لقد تم تفويج 1200 جندي من معسكر نيالا إلى قاعدة الجفرة (650 كلم جنوب شرق طرابلس)”.
أكمل العميد آدم: “لتنضم (تلك الوحدات العسكرية) إلى قواتنا الباسلة المرابطة في بنغازي، وفق الترتيبات العسكرية والأمنية والمالية المنصوص والمتفق عليها مع الجانب الليبي ودولة الإمارات”.
بينما أشار آدم إلى أن إرسال قوات سودانية تم استجابة إلى خطاب تلقاه من حميدتي، في 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
حميدتي سبق له نفي إرسال الخرطوم مقاتلين إلى ليبيافيما تفند الوثيقة تصريحات متلفزة لحميدتي، في مايو/أيار الماضي، نفى فيها إرسال قوات سودانية إلى ليبيا دعما لميليشيا حفتر.
إذ قال حميدتي آنذاك: “لسنا مرتزقة، والزعم بوجود مرتزقة سودانيين وميليشيا جنجاويد في ليبيا خاطئ ولا أساس له”.
كانت ميليشيا حفتر حاولت قبل يومين اقتحام معسكر للجيش يتبع للحكومة الليبية في مدينة أوباري جنوبي ليبيا، لكن محاولتها باءت بالفشل.
كما لفتت المصادر الأمنية إلى أن الهجوم على المعسكر في أوباري جرى بعد إعلان قبائل في جنوب ليبيا دعمها للحكومة، مشيرة إلى احتمال أن تكون قوات سودانية تم إرسالها سابقاً للانضمام لحفتر هي من نفذت الهجوم.
جيوش من المرتزقة تحت راية حفتر
خلال شهر مايو/أيار الماضي، قالت وكالة الأناضول إنها وثقت لجوء قوات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر إلى استخدام مرتزقة من السودان في حربها ضد الحكومة الليبية المعترف بها دولياً، بعد اقتفاء أثرهم بعملية مسح لآلاف الصور ومطابقتها بخرائط الأقمار الصناعية.
رغم أن تقارير الأمم المتحدة تشير بشكل كبير لوجود مقاتلين مرتزقة سودانيين في ليبيا، تم خداعهم وشراؤهم من قبل شركة “بلاك شيلد” الأمنية (مقرّها الإمارات)، فإن داعمي حفتر ما زالوا ينكرون وجودهم. حيث عملت الإمارات على إنشاء فصائل عسكرية منهم وتمويلهم وتدريبهم للقتال تحت راية المشير حفتر، والمشاركة في معركة طرابلس.
من أكثر العناصر الأجنبية لفتاً للانتباه بين قوات حفتر ميليشيات الجنجويد، ذات السجل الإجرامي في السودان، والمتمردون التشاديون، ومرتزقة شركة “فاغنر” الروس.
هذا الانخراط الكبير للمرتزقة الأجانب في إراقة دم الليبيين تناولته تقارير الأمم المتحدة أيضاً، لكن يتم تجاهله من قبل حفتر وداعميه. مراسلو وكالة الأناضول تتبَّعوا عبر معطيات مرئية أثر المرتزقة السودانيين الذين يستخدمهم حفتر بدعم من الإمارات العربية المتحدة.
تتبع أثر المرتزقة السودانيين في ليبيا
قالت “الأناضول” في تحقيقها الذي نُشر السبت 2 مايو/أيار: في المرحلة الأولى من البحث أجرى المراسلون عملية مسح كامل لكل النصوص والتقارير المكتوبة التي تحتوي على عبارات “المرتزقة السودانيون” و”ليبيا”.
وفقاً للمعلومات التي حصلوا عليها فإن قوات سودانية تلقت تدريبات عسكرية لمدة 3 شهور في منطقة غياثي (230 كلم غرب العاصمة الإماراتية أبوظبي).
بعد خضوعهم للتدريبات، يتم نقلهم إلى المطارات القريبة من مدينتي بنغازي (1000 كلم شرق طرابلس)، وسرت (450 كلم شرق طرابلس)، وميناء رأس لانوف النفطي (650 كلم شرق طرابلس)، وقاعدة الجفرة الجوية. ومنها يتم فرزهم إلى مناطق مختلفة من البلاد ليحاربوا الحكومة الليبية.
في إطار البحث فحص مراسلو “الأناضول” المعطيات المرئية التي تشير إلى وجود المقاتلين السودانيين في المدن المذكورة، لكن تجاهلوا مقاطع الفيديو التي التُقطت في أماكن مغلقة تخصّ مواقع مختلفة، أو من المستحيل التحقق منها، ليتبقى عدد قليل من الفيديوهات.
وقع الاختيار على فيديو يحمل عنوان “المرتزقة السودانيون يقاتلون في بنغازي من أجل حفتر”، من أجل تحليله.
نظراً للاستخدام النشط للحساب الذي أُخذ الفيديو منه، على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكون الصور التي تم تحميلها من ليبيا فقط، فإن ذلك عزّز احتمال تصوير الفيديو في بنغازي. واستخدم مراسلو الأناضول تقنية “تحديد المواقع”، للتأكد بنسبة مئة في المئة.
يظهر في الفيديو ما بين 100 إلى 200 مقاتل سوداني وهم يُقسمون على القتال لصالح حفتر، وتم رسم خريطة من منظور علوي، من خلال إخراج تسلسل المباني التي تظهر في الفيديو.