كشف الدكتور خليل المصري، المتخصص في نقل الحيوانات من مناطق الكوارث والحروب، عن المهمة المستحيلة، التي تمثلت في ترؤسه فريقا لإنقاذ فيل، ونقله من باكستان، حيث ظل مقيدا بسلسلة لمدة 30 عاما، إلى كمبوديا في محمية طبيعية، بواسطة طائرة شحن، الأمر الذي بدا مستحيلا بالنظر إلى أن الفيل يزن 5 أطنان.
واستحوذت قضية الفيل الباكستاني “كافان” على اهتمام العالم، إذ قادت المغنية الأمريكية الشهيرة “شير” حملة الدعاية لها، لتتناقل وسائل الإعلام العالمية أدق تفاصيلها وأحداثها لحظة بلحظة، واعتبرها مدافعون عن حقوق الحيوان في العالم بأنها أكثر الوقائع مأساوية في تاريخ حدائق الحيوان في العالم، إذ لم يحدث مطلقا أن قضى حيوان في الأسر مقيدا بسلاسل حديد وفي قفص 30 عاما، كما خرجت العديد من الدعوات العالمية لإنقاذه، قبل أن يقع الاختيار على الدكتور خليل لتولي المهمة المستحيلة.
واشتهر المصري، ابن محافظة الفيوم، المقيم في النمسا، عالميا بـ”أنديانا جونز الحيوانات” وهذا هو سر اختياره للقيام بالمهمة المستحيلة، حيث يتحدث لـ”الوطن” عن كواليس إنقاذ الفيل الباكستاني “كافان” الذي أصبح أيقونة عالمية.
* بداية ما هي حكاية الفيل الباكستاني كافان؟
منذ 37 عاما، قام رئيس سريلانكا وقتها، بتقديم هدية إلى نظيره الباكستاني عبارة عن فيل، وبعد عام تم إيداعه في حديقة حيوان إسلام آباد، وهناك عاش مقيدا في سلسلة لمدة 30 سنة، ليلا نهارا، وهو ما لفت انتباه كثيرين، وكان أمرا بالغ المأساوية، وبدأ الناس يهتمون ويطالبون الحكومة باتخاذ إجراء لكن دون جدوى.
*وماذا حدث ليحدث كل هذا الاهتمام الدولي؟
مؤخرا تم تسليط الضوء على حديقة حيوان “إسلام اباد” بعد نفوق مئات الحيوانات بها بسبب الإهمال والفساد، وبعض المحامين رفعوا قضية ضد الحكومة، وقادت المغنية الأمريكية الشهيرة “شير” حملة ضد الحديقة، وفي 2016 قمت بإعداد تقرير عن الحديقة، وأوصيت في التقرير بعدد من التوصيات لتحسين أحوال الحيوانات في الحديقة، وتوسعة مكان الفيل “كافان”، الذي شكل خطرًا على العمال، حيث سبق وأن قتل عددا من العمال المهتمين به، لعدم وجود خبرة للتعامل مع الفيل، وفي 2020 وتحديدا في مايو حكم القضاء الباكستاني بنقل حيوانات حديقة إسلام آباد لأماكن مهيأة لها، وتكون محميات طبيعية، ومن ثم بدأت السلطات المعنية نقل الحيوانات وللأسف في شهر يوليو العام الحالي، وخلال نقل أسدين تم إشعال النار في أقفاصهما حتى الأسود تذهب لقفص النقل، وهو ما تسبب في حادث مأساوي، حيث نفق أسدان نتيجة الاختناق، وهو ما تسبب في دعاية سيئة لباكستان.
*وكيف تم اختيارك لنقل حيوانات الحديقة؟
بعد مقتل الأسدين، اختارت الحكومة منظمة “فور بوس” للمساعدة في نقل الحيوانات بطريقة احترافية، واختارتني محكمة باكستان لأكون صديقا للمحكمة، وهي سابقة لم تحدث في باكستان أن يتم اختيار أجنبي لإعطاء توصيات بنقل الحيوانات، وفي أغسطس ذهب الفريق إلى باكستان وتم نقل 37 حيوانا، بينها ذئاب وقردة، لأماكن مختلفة داخل باكستان وخارجها، وتبقى الفيل ودبان وتم إجراء عمليات مهمة لها.
* لماذا وصفوا المهمة بالمستحيلة؟
لأن الفيل يزن 5 أطنان ويحتاج الى طائرة عملاقة، وهي عملية معقدة وكبيرة وخطرة لحياة الفيل والطائرة، وهو ما استدعى مشاركة الجيش الباكستاني وأجهزة عديدة في الحكومة، وقام الجيش بتأمين الطريق من الحديقة حتى المطار، وكان هناك بيطري متخصص وأدوية كاملة، حتى لا نفاجأ بالفيل يقع في الطائرة وهو ما قد يؤدي إلى كارثة.
*كيف تمت العملية؟
تدربنا عليها لمدة 3 شهور كاملة، بكل تفاصيلها بداية من عملية النقل إلى المطار في باكستان إلى كمبوديا، خاصة أن الرحلة طويلة من باكستان إلى كمبوديا، وداخل كمبوديا، حيث يتم نقل الفيل لمدة ثماني ساعات كاملة داخل الطائرة ثم إلى المحمية الطبيعية في كمبوديا.
* وأين يوجد الفيل الآن؟
يوجد في كمبوديا في محمية طبيعية، وهو في الحجر الصحي لشهر في مكان مهيأ لحماية الفيل، ومحاط بسور قوي من الأسمنت العالي، والمحمية على مساحة 15 ألف هكتار.
*وما هو وضعه الصحي؟
يحتاج إلى علاجات كثيرة نتيجة العناية السيئة على مدار 30 عاما، حيث كان يأكل 200 كيلو جرام قصب سكر، وهو ما تسبب في حالة سيئة للفيل، حيث زاد وزنه كثيرا، وتم تغيير أسلوب التغذية وبناء عليه تم إعداد برنامج تغذية لأنقاص وزن الفيل 400 كيلو وهو ما ساعدنا على نقله، كما أن صحته أصبحت أفضل كثيرا.
*وهل يعيش الفيل منفرداً في المحمية؟
الأفيال مثل الإنسان، لها حياة اجتماعية و”كافان” يُعرف في العالم بالفيل الأوحد، ومعه الآن 3 إناث آسيوية، وكان الوحيد الآسيوي في باكستان، حيث يوجد بها أفيال أفريقية.
*وما هي منظمة four paws؟
“الفو بوز” تهتم برعاية الحيوانات في العالم ومناطق الكوارث، والكلاب الضالة لها وتوجد مهام كثيرة للمنظمة، والعمل الذي نقوم به شاق ويحتاج إلى ترتيب مع السلطات.
*هل توجد علاقة لك بمصر حاليا؟
أعيش في النمسا منذ 30 عاما، وأنا طبيب بسيط أعمل مع فريق، ودراستي في مصر، وبالرغم من حصولي على الجنسية النمساوية، إلا أنه حينما يسألني أحد أقول أنا مصري أصلي ومش نمساوي، ومصر تعيش في وأفتخر أني مصري، ودرست الحياة البرية في مصر والنمسا وجنوب أفريقيا، وحصلت على دكتوراه فخرية من بلغاريا، وشهادات تقدير من دول عديدة في العالم، وصديق للقضاء الباكستاني بالخبرة، وهو شرف للمنظمة، وأعمل منذ 30 عاما في هذا المجال.
* من المؤكد ان إنقاذ الحيوانات البرية أمر في غاية الصعوبة؟
بالطبع حيث نتعامل مع حيوانات مفترسة، لكن نتلقى تدريبات بشكل دائم في هذا الشأن و”كافان” أُطلق عليها المهمة المستحيلة، ويطلق عليّ في النمسا “انديانا جونز الحيوانات” نسبة إلى الممثل الأمريكي هارسون فورد في سلسلة أفلامه الشهيرة، والتخطيط والتنسيق شىء مهم قبل كل شىء، وقمت بمهمات في دول عديدة في دول العالم من بينها وقت وقوع تسونامي في سيرلانكا لانقاذ الحيوانات، وتم نقل 720 حيوانا من حديقة حيوان طرابلس في ليبيا، وفي مصر وقت قيام ثورة 25 يناير ساعدت في تغذية 3 آلاف جمل وحصان في منطقة الأهرامات، وأيضا في الأقصر وأسوان، بسبب توقف السياحة، وتم إنقاذ حيوانات كثيرة من حديقة حيوانات حلب في سوريا، وكانت مهمة خطيرة، وفي العراق تم إنقاذ حديقة حيوان الموصل وقت الحرب على داعش، وفي غزة ذهبت 8 مرات منها في 2014 وقت الحرب، و2019 وتم انقاذ حيوانات منها وفي كرواتيا واليونان، وفي السودان تم إنقاذ أسود، وفي أيام الكورونا تم تغذية حيوانات كثيرة في دول العالم ولدينا 100 فيل نقوم بتغذيتها في العالم، وتم إنقاذ 30 دبا، وتم إنشاء محمية بالتعاون مع الأميرة عاليا في الأردن، وتم إنشاء محمية طبيعية لإيواء الحيوانات، وسيتم نقل دببة من باكستان إلى الأردن الأسبوع المقبل.