احتجت منظمات مجتمع مدني وأكاديميون وقادة رأي ديني في النمسا، ضد ازدياد الضغوط على المسلمين بعد الهجوم الإرهابي في 2 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
ودعت تلك المنظمات الحكومة إلى تجنب الخطوات التي من شأنها أن تعرض الحقوق والحريات الأساسية للخطر.
وعقد مركز “التوثيق والإرشاد من أجل مسلمي النمسا”، الأربعاء، مؤتمراً صحفياً عبر الفيديو كونفرنس، شارك خلاله رسالة مشتركة مفتوحة إلى الحكومة، جرى إعدادها بدعم من منظمات غير حكومية.
وتضمنت الرسالة المشتركة مطالب مثل حماية الحقوق الأساسية، ووضع حد لاعتبار المسلمين “مشتبهاً بهم” محتملين.
وقالت رئيسة المركز أليف آدم: إن اعتقال 30 ناشطاً وأكاديمياً مسلماً في 9 نوفمبر، و”مشروع قانون مكافحة الإرهاب” الذي أعلنته الحكومة في 11 من الشهر نفسه، قيدت بشدة الحقوق والحريات الأساسية”.
وأعربت عن قلقها من أن العنصرية، خاصة ضد الجالية المسلمة في البلاد، قد تكتسب بعداً أكثر هيكلية.
وذكرت أن هناك بالفعل أنظمة قانونية كافية ضد الأشخاص أو الجماعات التي تشكل خطراً على المجتمع.
وأكدت ضرورة إيضاح كل جانب من جوانب الهجوم الإرهابي وخاصة الأخطاء التي ارتكبتها السلطات قبل الهجوم وإطلاع الجمهور عليها.
ودعت آدم إلى عدم تطبيق الأنظمة الجديدة التي تقيد الحقوق والحريات الأساسية.
واعتبرت أن “مشروع قانون مكافحة الإرهاب” الجديد الذي أعلنته الحكومة يهدف إلى إظهار المسلمين كأفراد يرتكبون جرائم من الناحية القانونية والسياسية والاجتماعية.
من جهته، أشار المحلل السياسي، الأكاديمي بنيامين أوبراتكو، إلى أن قبول الإسلام السياسي كجريمة بذريعة محاربة الإرهاب ليس نهجاً مناسباً.
وقال أوبراتكو، عضو هيئة التدريس في جامعة النمسا، “ندخل في الدائرة نفسها مرة أخرى بمشروع القانون المقترح (قانون مكافحة الإرهاب). سيساعد هذا الاقتراح على تعزيز الشعور بالريبة وعدم الثقة تجاه المسلمين في المجتمع”.
وأضاف أن الهجمات على المسلمين ازدادت في أوروبا خاصة بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، مشيراً إلى أنه كلما زادت الأعمال الإرهابية ازدادت الاعتداءات العنصرية ضد المسلمين.
أما القس الإنجيلي، الأكاديمي ماتياس جيست، فاحتج أيضاً على مشروع قانون مكافحة الإرهاب، مشيراً إلى أن محاولة تعريف الإسلام السياسي كعنصر إجرامي ستكون له عواقب سلبية.
وقال جيست: “إذا تمت محاولة تشويه صورة جماعة دينية في النمسا جزئياً، أو تصويرها على أنها مشتبه بها أو مهاجمتها، فإن التضامن ضروري وفق تقاربنا الذي لا يميز بين الأديان، لأن حرية الفكر والدين معرضة للخطر”.
وفي 12 نوفمبر/تشرين الثاني، أدلى رئيس الوزراء سيباستيان كورز، بتصريحات حول “حزمة قوانين لمكافحة الإرهاب”، خلال مؤتمر صحفي عقده مع وزراء حكومته.
وأوضح كورز، أن أكثر من 300 شخص غادروا النمسا للانضمام إلى منظمات إرهابية مثل “داعش”، لافتاً إلى أن نصفهم عاد إلى البلاد.
وأشار إلى أن معظم العائدين حالياً في السجن، إلا أن ثمة من أنهوا مدة عقوبتهم ويواصلون حياتهم في الخارج.
وأفاد بأنه في إطار مشروع القانون الجديد، يمكن أن يعاد إلى السجن الأشخاص الذين أكملوا عقوباتهم ولكنهم ما زالوا يحملون آراء متطرفة ويشكلون خطراً على المجتمع.
وأكد كورز ضرورة تقييد حرية حركة المدانين بالإرهاب بعد خروجهم من السجن، حيث سيجري تتبعهم بواسطة أصفاد إلكترونية.
ولفت إلى أن المواطنين مزدوجي الجنسية بوجه خاص الذين أدينوا كمقاتلين إرهابيين أجانب أو بتهم إرهابية، يمكن سحب الجنسية النمساوية منهم.
كما سيتم أيضاً اتخاذ إجراءات جديدة ضد “الإسلام السياسي”، بذريعة أنه “يغذي الإرهاب”، بحسب مزاعم كورز.
وتأتي حزمة القوانين الجديدة على خلفية هجوم مسلح شهدته العاصمة فيينا في 2 نوفمبر/تشرين الثاني، أسفر عن مقتل 5 أشخاص بينهم المنفذ، وإصابة 17 آخرين.