تحدَّث الرئيس السابق باراك أوباما، في مذكراته المنتظر صدورها الثلاثاء 17 نوفمبر/تشرين الثاني، عن الأمريكيين الذين كانوا فريسة لـ”الأرواح المظلمة التي طالما كانت تتربص على حواف الحزب الجمهوري المعاصر: متمثلة في رهاب الأجانب، ومعاداة الفكر، ونظريات المؤامرة الفصامية، وكراهية أصحاب البشرة السمراء والبنية”.
صحيفة The Guardian البريطانية ذكرت أن الرئيس الرابع والأربعين تطرق في الجزء الأول من مذكراته إلى دونالد ترامب، “ووعده بإكسيرٍ لعلاج القلق العنصري” لدى ملايين الأمريكيين المفزوعين من وجود رجل أسود في البيت الأبيض.
أوباما قال في كتابه A Promised Land (أرض موعودة): “كان الأمر كما لو أن وجودي المباشر في البيت الأبيض أثار ذعراً ذا جذور عميقة، وشعوراً بأن النظام الطبيعي تعرض لاضطراب. وهو ما استوعبه دونالد ترامب تماماً عندما شرع في إشاعة تأكيدات بأنني لم أُولد في الولايات المتحدة، ولذا فإنني رئيس غير شرعي”.
تشير تقارير إلى أن شركة Penguin Random House للنشر دفعت 65 مليون دولار للرئيس السابق وزوجته ميشيل أوباما؛ لكتابة كُتب عن الوقت الذي قضاه كلاهما في البيت الأبيض. وقد لاقت أولى مذكرات السيدة الأولى السابقة، بعنوان Becoming، استحساناً على نطاق واسع بعد صدورها في 2018.
يأتي الكتاب المنتظر صدوره في 768 صفحة، وهو الكتاب الأول في مذكرات تصدر بكتابين، ويغطي صعود أوباما إلى مجلس الشيوخ الأمريكي ثم البيت الأبيض ليكون الرئيس الـ44 للولايات المتحدة من 2009 حتى 2017. ويبدو أن الرئيس السابق واجه صعوبات مع كتابة المذكرات.
أوباما كتب في مقتطفات نشرتها مجلة The Atlantic الخميس 12 نوفمبر/تشرين الثاني: “كنت أظن أنني قادر على إنجازها ربما في 500 صفحة. وتوقعت أن تنتهي في عام. يمكن القول إن عملية الكتابة لم تسِر وفقاً لما خططت له”.
كما قال أوباما في مذكراته، إنه اختار بايدن ليكون مبعوثه إلى زعيم القاعدة الجمهورية في مجلس الشيوخ خلال عهده، ميتش ماكونيل، ويُعزى جزء من هذا إلى إدراكه “أن ما يفكر فيه ماكونيل هو أن التفاوض مع نائب الرئيس لم يثِر حفيظة القاعدة الجمهورية بالقدر نفسه الذي كان من الممكن أن يحدث في ظل إبداء أي تعاون مع (شخص أسود اشتراكي ذي أصول مسلمة)، فكان عليه أن يفعل ذلك”.
وذكر أوباما تفاصيل السخرية من ترامب في عشاء جمعية المراسلين بالبيت الأبيض في عام 2011، في الليلة نفسها التي كان فريق تابع لقوات العمليات الخاصة في البحرية الأمريكية يتأهبون للعثور على أسامة بن لادن وقتله. وذكر كذلك تفاصيل عرضين مفاجئين للمساعدة قدمهما ترامب من أجل سد التسريب الغازي في منصة ديب ووتر هوريزون في 2010، وعرض بناء جناح بحديقة البيت الأبيض. وقد رُفض كلا العرضين.
أوباما عرض كذلك في مذكراته النصيحة التي قدمها إليه نائبه آنذاك جو بايدن، بالتريث في ما يتعلق بإصدار الأمر ببدء عملية “رمح نبتون” التي أسفرت عن قتل بن لادن، وذلك حسبما ذكرت صحيفة The Guardian.
كتب أوباما: “كان جو يوازن بين مزايا وعيوب تنفيذ العملية”، في إشارة إلى العملية التي نفذتها قوات العمليات الخاصة في البحرية الأمريكية في أبوت آباد بباكستان، مطلع مايو/أيار 2011.
كانت معارضة بايدن تنفيذ العملية مثار خلاف في الدوائر السياسية للولايات المتحدة. خلال حملته الانتخابية هذا العام، زعمت إعلانات جمهورية هجومية أن بايدن عارض قتل بن لادن من الأساس.
بايدن قال إنه خلال مناقشة جماعية حول إصدار الأمر بتنفيذ العملية، نصح أوباما بالتريث وقال: “لا تذهب”. وقال كذلك إنه أخبر أوباما بعد ذلك بأن “يتبع غرائزه”. ويذكر أوباما في مذكراته ما ورد على لسان كبار المستشارين الحاضرين في غرفة العمليات التابعة للبيت الأبيض قبل تسع سنوات، إذ قالوا إن بايدن نصح باتخاذ الحذر.
أوباما كتب أن بايدن كان قلقاً مثل وزير الدفاع روبرت غيتس، بشأن “الآثار الهائلة في حال الإخفاق” ونصح بأن الرئيس ينبغي له “أن يؤجل أي قرار حتى تكون دوائر الاستخبارات أكثر يقيناً بأن بن لادن داخل المجمع”.
كما أوضح أوباما أنه “علِم أن جو، مثل غيتس، كان في واشنطن عند تنفيذ عملية مخلب النسر الفاشلة؛ نظراً إلى أنه كان حينها عضواً بمجلس الشيوخ عن ولاية ديلاوير.
كانت عملية مخلب النسر، التي نُفذت في أبريل/نيسان 1980، محاولة فاشلة لتحرير رهائن أمريكيين بإيران، مما أسفر عنها مقتل 8 جنود أمريكيين في تحطم مروحية، وتضررت بشدة على أثرها آمال الرئيس جيمي كارتر لإعادة انتخابه.
لم يتحدث أوباما عن المحادثات اللاحقة بينه وبين بايدن. لكنه تحدث عن الأوقات التالية مباشرة لتنفيذ المهمة. إذ كتب: “بمجرد إقلاع الطائرات المروحية، وضع جو يده على كتفي وضغط عليها وقال: أهنئك أيها الرئيس”.