تحبس الولايات المتحدة الأمريكية أنفاسها منذ أن أغلقت مراكز الاقتراع أبوابها، مساء الثلاثاء 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، لمعرفة رئيسها السادس والأربعين، وذلك في عملية انتخابية شرسة بين الرئيس الحالي دونالد ترامب الذي يسعى لولاية جديدة، ومنافسه الديمقراطي جو بايدن، الذي يسعى لانتزاع كرسي الرئاسه منه.
كان من المفترض أن يُعرف الفائز في هذه الانتخابات مساء الثلاثاء، إلا أن آلية الاقتراع عبر البريد التي فرضتها كورونا، والعدد الضخم من الناخبين الذين أقبلوا على هذه الانتخابات، أخرت فرز بعض الأصوات، خاصة في الولايات المتأرجحة، التي من شأنها أن تحسم النتيجة.
أين وصلت الأمور؟ أنهت معظم الولايات الأمريكية فرز الأصوات، ووضحت النتائج فيها، باستثناء 5 ولايات شديدة المنافسة، تجعل عملية الفرز تدخل مرحلة حرجة، فمن شأنها قلب النتيجة لصالح أحد المرشحين، وهي: بنسلفانيا، جورجيا، نورث كارولاينا، نيفادا، وألاسكا.
لحد الآن، وبدون تلك الولايات، يتقدم المرشح الديمقراطي بايدن على منافسه ترامب في عدد الأصوات بالمجمع الانتخابي، فقد حصد 264 صوتاً مقابل 214 لمنافسه ترامب، حيث يجب على المرشح الفائز أن يفوز بـ 270 صوتاً على الأقل لتحقيق الفوز.
من الأقرب للفوز؟ تظهر الأرقام، حتى كتابة هذا التقرير، أن المرشح الديمقراطي هو الأقرب إلى منصب رئاسة الولايات المتحدة، فهو بحاجة فقط إلى 6 أصوات، من المتوقع أن يحصل عليها من ولاية نيفادا، التي يتقدم فيها بشكل ضئيل على منافسه ترامب، حيث يفصل بينهما حتى اللحظة فقط 8 آلاف صوت تقريباً، وهو ما يعني أن النتائج قد تنقلب في أي لحظة.
كما أن ولاية كارولاينا الشمالية التي تحمل أهمية كبيرة نظراً لحصتها في المجمع الانتخابي وهي 15 صوتاً، تشهد منافسة شرسة جداً، حيث تتقارب الأرقام بشكل ملحوظ بين المرشحين، لكن الكفة تميل لمصلحة ترامب الذي يتقدم على منافسه بقرابة 80 ألف صوت، وذلك بعد أن تم فرز ما يقارب 94% من الأصوات في الولاية.
لكن هذا الوضع قد لا يدوم لمصلحة ترامب، فما يتم فرزه الآن هي الأصوات التي وصلت عن طريق البريد، وكما هو متداول في وسائل الإعلام، فإن معظم الأصوات البريدية تميل لمصلحة الديمقراطيين، وهو ما كان واضحاً في ولاية ميشيغان التي حقق فيها بايدن انتصاراً صعباً، بعد أن كان ترامب متقدماً عليه، إلا أن الأصوات البريدية قلبت النتيجة، وحُسمت الولاية لصالح بايدن، وأعطته قفزة مهمة بـ16 صوتاً في عدد الأصوات بالمجمع الانتخابي.
ترامب قلق ويشكك: هذا الوضع أثار القلق لدى الرئيس الأمريكي وحملته الانتخابية، فقد كان ترامب صريحاً وجريئاً في الطعن بمصداقية الانتخابات، وشن هجوماً متعدد الجبهات من خلال رفع دعاوى قضائية والمطالبة بإعادة فرز الأصوات.
لذلك تحركت حملة ترامب قضائياً، وطلبت من المحكمة العليا الأمريكية التدخل والفصل بشأن ما إذا كان ينبغي السماح لولاية بنسلفانيا، وهي ولاية رئيسية أخرى لا تزال تعكف على فرز مئات الآلاف من بطاقات الاقتراع عبر البريد، بقبول بطاقات الاقتراع التي تصل متأخرة، حيث يتقدم الرئيس على منافسه بايدن بما يقارب 200 ألف صوت بعد فرز ما يقارب 89% من الأصوات.
أيضاً تحرك الرئيس في ولاية جورجيا، ورفع دعوى قضائية، تطالب بوقف فرز الأصوات بالولاية، حيث يتقدم على منافسه بايدن بـ 28 ألف صوت، بعد فرز 98% من الأصوات.
كما لم تسلم الولايات التي أنهت فيها لجنة الانتخابات الفرز من هجمات الرئيس، فقد طالبت حملته بإعادة فرز الأصوات في ويسكونسن وميشيغان سعياً لوقف فرز الأصوات، بحجة أن المسؤولين لم يسمحوا للمراقبين بدخول مواقع الفرز، إلا أن تلك الولايات أنهت الفرز وحسمت الفوز فيها لصالح بايدن.
وتشير التوقعات إلى أن ترامب لن يستسلم بسهولة للنتائج، وسيحاول بكل الطرق الطعن بها، خاصة أنه رجل أكد أكثر من مرة أنه لا يحب الخسارة، وفي حال فوز بايدن بهذه الانتخابات، فإن الملياردير الأمريكي سيصبح أول رئيس أمريكي حالي يخسر محاولة إعادة انتخابه منذ جورج بوش الأب في عام 1992.
موقف الولايات من دعاوى ترامب: من جانبها وصفت وزيرة الخارجية في ولاية ميشيغان الأمريكية جوسلين بنسون الدعوى القضائية التي أقامتها حملة ترامب ضد الولاية سعياً لوقف عملية فرز الأصوات بالـ”تافهة”.
كما أكدت الوزيرة أن كل الأصوات الصحيحة التي أُدلي بها في الولاية تم فرزها بشكل آمن ودقيق.
أما حاكم ولاية بنسلفانيا، توم وولف، فخرج في مؤتمر صحفي للرد على اتهامات ترامب، وأكد أن عد الأصوات في انتخابات الرئاسة الأمريكية مستمر، وأنه يتسم بالشفافية، وفقاً لما نقلته عنه شبكة “سي إن إن“.
وولف دافع أيضاً عن شفافية عد الأصوات القادمة عبر البريد، مستعيناً بمدينة فيلادلفيا في الولاية كمثال، وقال: “إن عد الأصوات يتم نشره عبر الموقع الرسمي بث حي.. لا أرى أن هناك نقصاً في الشفافية ويبدو لي أننا لم نبلغ هذا الحد من الشفافية حتى الآن”
ماذا ينتظر نتائج الانتخابات الآن؟ يسمح القانون في معظم الولايات لمرشح بطلب إعادة الفرز إذا كان الهامش أقل من 1%، وهو ما قالت حملة ترامب على الفور إنها ستفعله.
كما أن الزيادة في التصويت عبر البريد هذا العام من شأنها أيضاً أن تعطي المرشحين فرصة للطعن أيضاً في صحة هذه البطاقات، وهو ما بدأ به ترامب بالفعل.
يمكن لهذه الدعاوى القضائية أن تشق طريقها إلى المحكمة العليا الأمريكية – السلطة القانونية النهائية في الولايات المتحدة.
لذلك يتوقع خبراء قانونيون أن النتيجة النهائية الرسمية للانتخابات قد تتعطل، بسبب طعون في كل ولاية على حدة، بشأن عدد من القضايا بما يشمل إمكانية إحصاء الولايات للأصوات التي تصل متأخرة عبر البريد وأُرسلت في يوم الانتخاب ذاته.
هذا الأمر حدث بالفعل عام 2000، عندما أوقفت المحكمة العليا إعادة فرز الأصوات في فلوريدا، وحكمت لصالح الجمهوري جورج دبليو بوش الذي أصبح رئيساً.
بجميع الأحوال، تبدأ حكومات الولايات في اعتماد نتائج انتخاباتها بعد أسبوعٍ من يوم الانتخابات، ويُمكن أن تتغيّر هذه المواعيد النهائية في حال إعادة فرز أصوات الولاية إذا كانت النتيجة متقاربةً بشدة.
وتأتي غالبية تلك المواعيد النهائية في آخر أسبوعين من شهر نوفمبر/تشرين الثاني، وتُعتمد كافة النتائج بحلول الثامن من ديسمبر/كانون الأول، باستثناء نتائج ولاية كاليفورنيا.