بينما يتابع العالم الانتخابات الأمريكية صباح 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أُعلن فوز إيمان جودة بمقعد في مجلس النواب الأمريكي عن الدائرة 41 بولاية كولورادو، عن الحزب الديمقراطي بالطبع. لتصبح بذلك إيمان ثالث مسلمة تصبح نائبة في الكونغرس الأمريكي، وهي ثاني مسلمة من أصولٍ فلسطينية تصبح نائبة، بعد رشيدة طليب التي فازت في 2018 وتجدد فوزها أيضاً في 2020.
We did it! I ran to make the #AmericanDream a reality for Everyone. I am a proud #Muslim, #PalestinianAmerican, & #firstgeneration American. And I am proud to be able to represent my communities & the people of #hd41 in the #Colorado state legislature! Now, let's get to work. pic.twitter.com/ndZ1Q3HrgY
— Rep. Iman Jodeh (@ImanforColorado) November 4, 2020
وأعلنت إيمان فوزها وشكرها لناخبيها عبر حسابها على تويتر. وكانت أغلب الاحتمالات تقود إلى أنّ إيمان ستفوز في سباقها الذي تخوضه ضد خصمها الجمهوري بوب أندروز، وهو معلم سابق وضابط إصلاحيات. لتصبح بذلك أول نائب مسلم بالولاية، وكذلك ثالث مسلم في الكونغرس الأمريكي.
أمريكية من أصلٍ فلسطيني
وُلدت إيمان جودة من والدين فلسطينيَّين، هاجرا من فلسطين إلى ولاية كولورادو بأمريكا عام 1974، وفق ما نشرته إيمان على موقع حملتها الانتخابية، فقد جاء والداها بحثاً عن “الحلم الأمريكي”، فبالنسبةِ لها كان الحلم الأمريكي “حقيقةً وليس كلاشية أو شعاراً سياسياً”، فقد عاشته بدايةً من هجرة والديها، منذ أكثر من 50 عاماً، وبدئهما مشروعاً صغيراً، ثم تطوُّر ونموّ مشروعهما معاً.
كانت والدتها مدرِّسة في كولورادو طيلة 30 عاماً، كذلك كان والدها مدرساً إلى أن امتلك مشروعه الخاص وأصبح رجل أعمال فلسطينياً – أمريكياً. تقول إيمان إنّ والديها “بدآ معاً من الصفر”، وجعلها ذلك تعيش “الحلم الأمريكي” حقيقةً.
والدا إيمان جودة / المصدر: موقع حملتها الرسمية
وتقول عن ذلك: “أشعر دائماً بالرهبة مما فعله والدايَ وأعطيانا إياه. لقد بدآ من الصفر وأعطياني وشقيقيّ وأختي حياة كل الأمريكيين كعائلة أمريكية بالكامل”. تعتبر إيمان نفسها أمريكية، فهي فتاة من كولورادو، وُلدت ونشأت وترعرعت فيها، خدمت عائلتها أيضاً في الجيش الأمريكي، وهي فخورةٌ بهذا وفق ما قالت في حوارها مع موقع westword الأمريكي.
دعم من بيرني ساندرز وحلم أن تصبح سياسية من الطفولة
تقول إيمان إن حبّها لوالدها والطريق الطويل الذي بدأه لتحقيق حلمه في أمريكا هو ما دفعها دوماً بطريقةٍ غير تقليدية لتدخل السياسة، فمن طفولتها أرادت أن تصبح سياسيّة تخدم الناس؛ لأنّ لديها تجارب مختلفة عن الآخرين تؤهلها لدخول حلبة السياسة.
حصلت إيمان على شهادتها الجامعية ثمّ درجة الماجستير في الإدارة العامة، كما تدرِّس حالياً بجامعة دنفر في “برنامج الإثراء”، كما تعلّم لمدة أربعة شهور في السنة في أحد برامج المدارس الثانوية.
بعد تخرجها أصبحت إيمان منسقة لأنشطة جمعية تحالف الأديان بولاية كولورادو Interfaith Alliance of Colorado،، وهي وجهٌ معروف أيضاً في أروقة مجلس النواب الأمريكي، حيث كانت تنافح عن القضايا المتعلقة بسياسات التعامل مع المسلمين، وفي عام 2008 أنشأت منظمة “تعرّف إلى الشرق الأوسط”، وهي منظمة غير ربحية مهمتها مد جسور التفاهم بين الأمريكيين وبين “إحدى أكثر المناطق التي يساء فهمها في العالم”، وفق ما تقول إيمان.
أمّا عن فلسطين، فتقول إيمان إنها “أرض الحليب والعسل”، فقد أراد والداها أن تحتفظ هي وإخوتها بروابطهم وتراثهم وتاريخهم وثقافتهم ولغتهم الأم، ولذلك فقد كانوا يزورون فلسطين في الصيف.
وعن زياراتها تلك تقول إيمان: “استمتعت بشمس الصيف وأنا ألعب تحت أشجار الليمون في بيت جدتي. وقد عرّضتني زيارة وطن والديّ للحرب والعنف والقمع الحاصل هناك ، وهو ما كان تناقضاً صارخاً مع الأمان والسلام والحرية التي تربيت عليها في أمريكا”.
صورة إيمان جودة مع جدتها في فلسطين / المصدر: موقع حملتها الرسمية
ترشحت جودة في تلك الانتخابات لتحل محل النائب الديمقراطي جوفان ميلتون، المضطر للتنحي عن الانتخابات لتجاوزه الحد الأقصى لفترات البقاء في منصبه، بعدما أعيد انتخابه لآخر مرة عام 2018.
ورغم أنه سينظر إلى إيمان باعتبارها أول مسلمة تكون نائبة عن منطقتها في ولاية كولورادو، وكذلك ثالث مسلمة في الكونغرس فإنها كانت واضحةً فيما يخص هذه النقطة، إذ قالت في حوارها لموقع westword: لن أترشح لأكون أول نائبة مسلمة، ولم يكن ذلك في نيتي من الأصل. أنا ترشحت لأنني أشعر بأن تجاربي الحياتية يمكن أن يكون لها تأثير حقيقي في دفع السياسة التقدمية وإدارة الأمور بطريقة أكثر إيجابية وتقدمية.
كما تحظى إيمان جودة بتأييد السيناتور عن ولاية فيرمونت، بيرني ساندرز، وفق ما ذكره موقع Coloradosun. وهو شخصية ذات ثقلٍ بالطبع في الأوساط السياسية التقدمية، ومشهور بدفاعه عن الرعاية الصحية بوصفها حقاً من حقوق الإنسان والدعوة إلى معالجة فورية لقضية التغير المناخي.
وعلى الجانب الآخر، كان خصم إيمان الجمهوري، بوب أندروز، يركّز على كون إيمان مسلمة، ففي أحد تصريحاته قبل الانتخابات قال إنه يخشى من “أنها قد تنظر إلى الأمور وتديرها بتركيز كبير على دينها”.
فوفقاً لأندروز “لدى إيمان نسبة معتبرة من المسلمين في الدائرة، ومع ذلك فهناك عدد غير قليل من الأمريكيين الأفارقة وذوي الأصول اللاتينية. لذلك آمل أن يتم تمثيلهم أيضاً. غير أن كل ما رأيته على موقعها على شبكة الإنترنت وسيرتها الذاتية وصفحتها على موقع فيسبوك هو ترويجها لدينها ولفلسطين. وأنا أعتقد أن ثمة أموراً أكبر وأهم من أجندتها الشخصية. وأريد أن يكون هناك تمثيلٌ للجميع”.
بينما تحاول إيمان من خلال تصريحاتها وخطاباتها وحملتها الانتخابية التركيز على الفئات المهمشة الأخرى في المجتمع الأمريكي، إذ تقول رداً على أندروز: من الأهمية بمكان احترام الديمقراطية وألا يُسمح بإهدار أصوات الناس. فقد ناضلت النساء لزمن طويل جداً من أجل الحصول على حقهن في التصويت والترشح. وقاتل الأشخاص الملونون لفترة أطول.
وفي هذا السياق، يقول كريس كينيدي، وهو نائب ديمقراطي من مدينة ليكوود، إن إيمان ستمكّن الهيئة التشريعية من خدمة الولاية على نحو أفضل. وأشار إلى أن المشرعين الديمقراطيين في مجلس النواب يتألفون الآن من نحو 70% نساء ونحو ثلث الأغلبية المكونة من 41 عضواً هي أشخاص ملونين.
وأضاف كينيدي: “أؤمن حقاً بأن ذلك يُثري قدرتنا على التأكد من أن السياسات التي نعمل عليها تساعد في رفع مستوى الناس في جميع أنحاء كولورادو على اختلاف تجاربهم الحياتية والأصول التي أتوا منها”.