كانت تعيش مرفوعة الرأس حتى كسر مجموعة من الذئاب البشرية كرامتها وكبريائها بلا شفقة أو رحمة .. تحملت ما لا يمكن لفتاة في مثل عمرها أن تتحمله .. تعرضت لأبشع جريمة وهي الاغتصاب
نصف ساعة كاملة كانت فريسة لأربعة من الذئاب البشرية، اتخذوامن المقابر وكرًا لملذاتهم وشهواتهم، دون أن تردعهم حرمة المكان ..بدأوا يتلذذون بصرخات تلك المسكينة، فالصمت يعم المكان اللهم إلا من صوت عويلها المتواصل الواهن.
ما شاهدته ولحظات الرعب التي تعرضت لها لن تمحوها ذاكرتها بداية من لحظة الالتفاف حولها ووضع السكين على رقبتها حتى تخضع لأوامرهم وحبس زوجها داخل مقبرة لينتهوا من جريمتهم.
على الرغم من مرور أسبوع على هذه الواقعة المؤلمة إلا أنها مازالت حديث الأهالي بمحافظة الإسماعيلية.
بدأت أحداث تلك الواقعة داخل محافظة الإسماعيلية، وتحديدًا منطقة تابعة لقسم ثان الإسماعيلية، حيث كانت تعيش عطيات، فتاة في العشرينات من العمر.. جميلة الملامح، تعمل عاملة نظافة بإحدى الشركات.
تزوجت تلك الفتاة منذ ما يقرب من ثمانية أشهر من شاب يدعى كريم، يعمل في مجال جمع الكراتين، حياتهما كانت هادئة مطمئنة، يحلمان فيها بالاستقرار والبحث عن لقمة العيش بالحلال، فكانت تعمل وتقف بجانب زوجها، مثلها مثل أي زوجة أصيلة، حتى حملت بين أحشائها جنينًا.
شعرا بسعادة غامرة، لكن سرعان ما انتابهما القلق، فوجدت أنهما سيقابلان مشاكل صعبة، لابد من التفكير في مستقبل ذلك الصغير، والبحث عن مصدر رزق جديد ليوفر له كل ما يحتاجه، حتى قرر زوجها شراء “تروسيكل”.
لم يكن وقتها يدري أن مصدر لقمة عيشه سيكون سببًا في قلب حياتهما رأسًا على عقب.
في يوم من الأيام استيقظ الاثنان ولم يجدا المركبة، فقد سرقها أحد اللصوص، حالة من الحزن انتابت الزوجان، دموع لا تتوقف من الزوجة المسكينة، ظلا طوال اليوم يبحثان عن مصدر رزقهما، لكن بلا فائدة، لم تذق عيونهما طعًما للنوم في تلك الليلة، وفي الصباح تلقى الزوج اتصالًا من مجهول يخبره أن يبحث عن دراجته النارية داخل المقابر لعله يجدها.
ابتسامة سرعان ما ارتسمت على وجه الزوج، ارتدى ملابسه وهم بالخروج من البيت، لكن صممت زوجته الذهاب معه خوفًا عليه، بالفعل ذهب الاثنان للمقابر، أخذا يتجولان داخلها ولكن بلا فائدة أيضِا، وأثناء خروجهما وقفت سيارة نصف نقل أمامهما ونزل منها أربعة أشخاص يحملون أسلحة بيضاء، هنا كانت الكارثة التي حدثت، اغتصاب الزوجة أمام زوجها وهومكتوف الأيدي لا يقوى على الحركة، دون أن تردعهم توسلاتها أو حرمة المكان المتواجدين فيه.
انتقلت “أخبار الحوادث” لمحافظة الإسماعيلية، والتي تبعد عن القاهرة عشرات الكيلو مترات، حتى نلتقي بالضحية لتروي لنا ما حدث معها.
نعلم جيدًا أن كلماتنا لا تستطيع أن تعبر عن مأساتها وأن الجمل لا تستوعب ما يغلى بداخل قلبها من جحيم، هنا في تلك الشقة البسيطة جدًا والتي تقع بالطابق الخامس التقينا بالزوجة، جاءت ترتدي العباءة السوداء منكسرة والحزن يكسو ملامح وجهها، جلست أمامنا والزوج بجانبها، بصوت خافت بدأت تحكي المأساة: “استيقظت أنا وزوجي في الصباح استعدادًا للذهاب للعمل، لكننا لم نجد التروسيكل، ظللنا نبحث عنه، لكن دون فائدة، وفي اليوم الثاني اتصل مجهول بزوجي يخبره أن نبحث عنه في المقابر، فقررت الذهاب معه، عقارب الساعة وقتها كانت تشير للتاسعة صباحًا، دخلنا نبحث بعيون زائغة والأمل بداخلنا، لكننا لم نجد شيئًا، أثناء الخروج تفاجأنا بسيارة نصف نقل ينزل منها أربعة أشخاص، وقتها وضع زوجي يده حول رقبتي كأنه يحميني، فسأله المتهم “مين البت دي”، فأخبرناهم أنني زوجته، واطلعوا على صور فرحنا، لكن لم يصدقنا أحد، وفي لحظات وجدتهم يضعون السيوف حول رقبة زوجي ويدخلوه القبر، بينما كبيرهم والذي يدعى إسلام أخذني من شعري وأنا أتوسل إليه أن يتركني”.
صمتت وكأنها تسترجع شريط الذكريات الأليمة، والمشهد المأساوي الذي تعرضت له، حتى انفجرت في البكاء، وقالت: “شعرت بأنني في كابوس مخيف، حاولت الصراخ بأقصى طاقتي، حاولت الهرب، لكنه وضع السكين على رقبتي، بوست رجله، طلبت منه أن يرحمني وأبلغته أنني مثل أخته، لكنه لم يستجب،قالي حرفيًا” هتقلعي ولا أقطعلك وشك”، لكننيدافعت عن شرفي باستماتة، وكلما توسلت إليه كانت ابتسامة مجنونة ترتسم على شفتيه، قاومته مقاومة يائسة، حتى انقض علي، وبعدما أنهى ما فعله حاولت أن ألملم ما تبقى من ملابسي، ولم أتفوه بكلمة واحدة فأنا أشعر بالذهول، أخذني وسلمني لزوجي دون أن أخبره شيئًا، وجدت زوجي ينظر لي وكأنه يحاول أن يفهم ما حدث معي.
عندما حاولنا الخروج، رفض المتهم، خوفًا أن نخرج ونأتي بأشخاص له أو أن نبلغ عنه، فطلب أن نركب معه سيارته، ولم يتركنا إلا بعدما خرجنا بمسافة كبيرة عن المقابر، وأنزلنا في مكان بعيد، ثم فر هاربًا، هنا استجمعت شجاعتي وأخبرت زوجي بما حدث لي…”.
استكملت والدموع لا تتوقف: “هذا باختصار ما حدث لي مع هذا الذئب الذي حكم على بأن أعيش وأنا اتمنى الموت في كل لحظة”.
تنهدت تنهيدة عميقة، وقالت: “كسرني وكسر نفسي خصوصًا وهناك أحد المتهمين كان يشاهد ما يحدث لي، أحاول أن أنسى لكنني لم أستطع، فكل ما أريده الآن هو إعدامه والقصاص العادل”.
هكذا أصبحت حياة تلك الفتاة، التي انطفأت بسبب ما فعله هذا الشخص، أصبحت تبكي وتخفي وجهها عن الجميع، تموت في اليوم ملايين المرات، كان أهون عليها أن تموت أثناء اغتصابها على أن تعيش وهي مكسورة، الزوج المقهور الذي كان في عالم آخر وهي تحكي لنا القصة، أصبح هو الآخر لا يستطيع مواجهة الناس، يتمنى هو الآخر الموت، فأن تقف عاجزًا لا تستطيع الدفاع عن عرضك وشرفك شعور لا يتحمله إنسان على وجه الأرض.
حاولنا أن نعرف شعوره وقتما حدثت الواقعة، فقال بنبرة صوت خافتة يعلوها الحزن: “لا أعرف ماذا حدث وكيف حدث ذلك، فعندما رأينا هؤلاء المتهمين خوفت على زوجتي ووضعت يدي على كتفها لحمايتها، لكن كاد أحدهم أن يقطع يدي، وانقض ثلاثة منهم على واضعين السيوف حولي رقبتي، ثم أدخلوني مقبرة، أمسك المتهم بشعر زوجتي، وذهب بها بعيدًا،حاولت الهروب لإنقاذ زوجتي، لكن كلما أحاول يهددوني بالسلاح، مر الوقت وأنا مذهولًا لا أعرف أين ذهبت زوجتي وماذا يحدث معها، الوقت يمر وأنا أشعر بالعجز، تتقاذفني الأفكار السوداء، حتى عادت ورأسي يوجد فيه ألف سؤال وسؤال، لكنها لم تتفوه بكلمة حتى تركنا هؤلاء المجرمون ، وجدتها تنهار في البكاء وقصت لي القصة كاملة ، وعلى الفور ذهبنا لقسم الشرطة للإبلاغ”.
داخل القسم.
جلست الزوجة المسكينة أمام رئيس المباحث، تروي مأساتها وجسدها يرتعش وعينها خائفة، “ماتخافيش .. والله حقك هيرجعلك قبل اليوم ما يخلص”، بهذه الكلمات طمأن المقدم مروان الطحاوي رئيس مباحث قسم ثان الإسماعيلية الضحية، ثم طلب مشروب لها بعدما خارت قواها من الطامة الكبرى التي ألمت بها، خلال دقائق استمع العقيد أحمد الصغير إلى أقوالها والتي أدلت فيها بأوصاف المتهمين، فاصطحبها على رأس قوة أمنية إلى المنطقة التي شهدت الواقعة، وهناك وجدت باقي أشيائها من ملابس ومفاتيح شقتها، ومثلت ما حدث معها.
علي الفور تشكل فريق بحث ولم تمر الساعات حتى تمكن رئيس المباحث ومعاونيه من إلقاء القبض على المتهمين، وتولت النيابة التحقيق معهم.
أسرة المتهم
على صعيد آخر، وبما أننا مازلنا في محافظة الإسماعيلية، ونعلم أن منزل المتهم يقع بالقرب من منزل الضحية، فكان من دافع المهنية أن نلتقي بأسرة المتهم.
لا ننكر أننا شعرنا بالخوف وتوقعنا أنهم سيرفضون مقابلتنا، لكن وجدنا الأم وابنتها وزوجة المتهم يأتون إلينا، بعدما طلبنا من أحد سكان المنطقة أن نتحدث معهم.
جلسوا أمامنا، وبدأت تنهار الأم قائلة: “أنا السبب في اللي وصل له، لو هيحاسبوا حد يحاسبوني أنا .. لم أستطع تربيته، توفى زوجي منذ أن كان صغيرًا، لجأت للزواج من شخص لشخص، فلم يجد ابني سوى الشارع أحن له من حضني، عرف طريق السرقة، أعلم أنه مسجل خطر ولكن الاغتصاب لا يمكن أن يفعل ذلك، فهو بريء، هو حاول معها ولكنه لم يعتدي عليها”.
بينما زوجة المتهم، قالت: “لم يمر على زواجي منه سوى شهور قليلة، لا يمكن أن يفعل ذلك أبدًا، فهو طيب، أتذكر جيدًا لحظة القبض عليه، أسدل الظلام ستائره، بينما كنا سنذهب للنوم، وجدنا طرقات على الباب بشكل مستمر، عندما فتحنا وجدت رجال المباحث يضعون الأسورة الحديدية في يده ويأخذونه للقسم، وأنا لا أعرف لماذا وما الذي فعله ليتم القبض عليه، ثم عرفت في الصباح بالواقعة، ولكنني لم أصدق أن زوجي فعل هذا، حتى الآن لم ألتق بها أو أتحدث معه”.
هكذا اتفقت أسرة المتهم أنه لص تخصص في سرقة الأموال، لكن لا يمكن أن يكون مغتصبًا، وبما أننا ليس بجهة تحقيق، فنحن نثق في القضاء وأن الحقيقة سوف تظهر كاملة ومن أخطأ سينال جزاء ما ارتكب.
اعترافات المتهمين
وقف المتهمون الثلاثة أمام رئيس النيابة يعترفون بتفاصيل جريمتهم الشنعاء، فقالوا: “كنا نجلس في المقابر نتعاطى المخدرات مع إسلام “المتهم الرئيسي”، تفاجأنا بدخول رجل وفتاة، اعتقدنا أنهما جاءا يمارسان الرذيلة بين المقابر، فوجدنا إسلام يخبرنا أن تلك الفتاة تعجبه وأنه أولى بها، فطلب مننا أن نكتف زوجها ونعطيه الفتاة للتعدي عليها جنسيًا، فقمنا بإشهار الأسلحة البيضاء في وجههما وكتفنا الزوج، بينما حاولت الفتاة استعطافه وإخباره بأنه زوجها لكنه لم يستمع لها، حتى اغتصبها وفررنا هاربين”.
أمر المستشار شريف معتز رئيس نيابات ثان وثالث الإسماعيلي بتجديد حبس المتهمين ١٥ يومًا، ووجهت لهم النيابة العامة عدة تهم، البلطجة واستعراض القوة واغتصاب سيدة تحت تهديد السلاح.