تحت عنوان “فيينا هتلر” تنظم شركات خاصة جولات سياحية في المدينة صاحبة التأثير الأكبر على الزعيم النازي الراحل أدولف هتلر
وتشمل الجولات بعض الأماكن التي عاش فيها هتلر شابا، وبعض الأماكن التي عاد إليها محتلا بعد سيطرة جيشه على العاصمة النمساوية.
لكن الرجل الذي قاد العالم إلى كارثة الحرب العالمية الثانية عاش في فيينا حياة صعبة أعمق بكثير مما تقدمه الجولات السياحية، ما كان له أثر كبير على تشكيل أفكاره ورؤيته للعالم.
حياة صعبة
وخلال 7 سنوات من الإقامة في فيينا في الفترة بين 1906 إلى 1913، عايش هتلر كل شيء تقريبا، الحلم والوهم، والأمل واليأس، والتشرد والحياة المستقرة، والرسم والموسيقى، وحتى السياسة.
عاصر جحيم الحرب العالمية.. نفوق تمساح هتلر
البداية كانت في عام 1906، حيث جاء هتلر إلى فيينا لأول مرة بعد أن أنهى دراسته الثانوية في مدينتي لينز وشتاير النمساويتين، وعاش مع صديقه يوهان برينز، ثم انتقل للإقامة مع صديق طفولة آخر هو أوغسط كيبوتسك.
وخاض الزعيم النازي امتحان القبول في أكاديمية الفنون الجميلة ليصبح رساما، لكنه فشل في اجتيازه مرتين في 1907، وكانت هذه الصدمة الكبرى التي حولت مجرى حياته، وربما تغير مساره لو قبلته الأكاديمية.
وفي ديسمبر/كانون الأول من العام 1906، توفيت والدته في مدينة لينز، فترك فيينا مؤقتا، لكنه عاد إليها مجددا في فبراير 1908، ليقيم في شقة متواضعة في شارع “شتومبر جاسه” في الحي السادس، تبلغ مساحتها 10 أمتار مربعة فقط.
لم يستطع الشاب أدلوف الوفاء بعقد الايجار، فانتقل للحياة في شقة أخرى مستأجرة من الباطن في شارع “فليبر شتراسا” في الحي الـ15، وطرد منها لعدم تمكنه من دفع الإيجار.
وتدهور الحال بهتلر حتى قاده إلى ملجأ المشردين في الحي الثاني عشر في عام 1909، ثم في الفترة بين 1910 و1913، عاش الزعيم النازي الراحل في عنبر للرجال، وهو مكان للإقامة الجماعية، بسبب قصر ذات يده.
من الفقر للقصر
بدت حياة هتلر في فيينا في الفترة بين 1906 و1913 صعبة، فقد كان فقيرا للغاية، يعيش أحيانا على نفقة أصدقائه، وأحيان أخرى لا يجد لقمة العيش، واضطر للعمل عاملا في كثير من الأماكن منها فندق “امبريال” شديد الفخامة في العاصمة النمساوية.
كما أن هتلر عاش مشردا بلا عمل في ملجأ طوال عام 1909، ثم عمل بدءا من 1910 حتى رحيله من فيينا إلى ميونخ في 1913، كرسام بالقطعة.
والمفارقة أن هتلر لم ينس هذا الماضي أبدا حتى بعد مرور 25 عاما، وتوليه قيادة ألمانيا، إذ عاد إلى فيينا مرة أخرى في 1938 بعد ضم النمسا إلى الإمبراطورية الألمانية، ونزل في فندق “امبريال” الذي كان قصرا في بداية تأسيسه، بل إنه جعل هذا الفندق الفخم مقر إقامته الرئيسي.
هتلر والموسيقي
بين فيينا وهتلر عامل مشترك هو الأوبرا، فالعاصمة النمساوية تشتهر بأهم دار أوبرا في أوروبا، والزعيم النازي السابق كان من أشد المحبين للأوبرا.
وعلى الرغم من أن هتلر لم يكن يملك الكثير من المال خلال إقامته في فيينا، كان يدخر من أجل حضور حفلات الأوبرا بشكل دوري، وكان من أشد المعجبين بالملحن الألماني المعادي للسامية، ريتشارد فاجنر.
وفي شارع “رينغ شتراسا” في وسط فيينا، تقع أكاديمية الفنون الجميلة التي حاول هتلر الالتحاق بها مرتين، لكنه فشل في اجتياز امتحانات القبول.
ورغم هذا الفشل الذي ترك غصة في حلقه، لم يهجر هتلر الفن، وكان يرى نفسا رساما ومهندسا معماريا، وكان يحلم بتحقيق ذلك.
وخلال الفترة بين 1910، و1913، عمل هتلر كرسام بطاقات بريدية بالقطعة في فيينا، ورسام شارع، حيث جنى بعض المال قبل أن ينتقل إلى ميونخ ويبدأ رحلته مع السياسة.
لكن كان هناك علاقة هامشية بين هتلر والسياسة في فيينا، أي قبل رحيله لميونخ، حيث كان يجلس في بعض المقاهي التي تشتهر بالجلسات الثقافية والندوات السياسية، مثل كافيه سنترال في وسط المدينة، ويشارك ويتبادل الآراء مع نخبة من المثقفين والسياسيين.