كيف ساهمت عملية إنقاذ سرية لـ زايد بن حمدان آل نهيان باليمن بتطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل؟

قال تقرير نشرته صحيفة Wall Street Journal، إن عملية عسكرية غير معتادة حدثت باليمن ساعدت في تمهيد الطريق بعد 3 سنوات، أمام صفقة التطبيع الإماراتية الإسرائيلية التي تُعيد تشكيل الشرق الأوسط.

الصحيفة قالت إنه في 11 أغسطس/آب عام 2017، تحطّمت مروحية إماراتية مليئة بالجنود المشاركين في هجوم على مسلحي تنظيم القاعدة داخل اليمن، مما أسفر عن مصرع 3 جنود وإصابة 7 آخرين بإصابات بالغة، بينهم زايد بن حمدان آل نهيان، ابن شقيق وصهر ولي عهد البلاد محمد بن زايد.

كما تضيف الصحيفة أن الإماراتيين لجأوا إلى الولايات المتحدة وطلبوا من أمريكا تنظيم مهمة إنقاذ عاجلة، وفي غضون ساعات، اندفعت القوات الخاصة الأمريكية لإنقاذ الأمير الإماراتي والجنود الآخرين. وحتى الآن، لم يعترف الجيش الإماراتي أو الأمريكي بأن القوات الأمريكية أنقذت الأمير الشاب ذلك اليوم.

دور اللواء ميغيل كوريا: كان الأمريكي المسؤول عن مهمة الإنقاذ هو اللواء ميغيل كوريا، الشخصية الاجتماعية من بورتوريكو الذي يعمل الآن مستشاراً خاصاً للبيت الأبيض وكبير مسؤولي مجلس الأمن القومي المختصين في السياسة الأمريكية داخل الخليج.

إذ نسّق اللواء كوريا، الذي كان حينها ملحقاً دفاعياً بسفارة الولايات المتحدة في أبوظبي، المهمة الخطيرة عام 2017؛ ما أسفر عن الاحتفاء بعودة الأمير إلى أرض الوطن، بعد 6 أشهر من التداوي في ألمانيا.

منذ ذلك الحين تطورت علاقة اللواء كوريا بالقادة الإماراتيين، وخلال المحادثات السرية التي رعتها إدارة ترامب بين إسرائيل والإمارات كان له دور كبير، لتتمخّض المحادثات عن إقامة علاقات بين أبوظبي وتل أبيب، في وثيقة سماها البيت الأبيض اتفاقيات أبراهام، ووُقِّعت في واشنطن.

مثّلت الاتفاقات أكبر إنجازٍ بذلته إدارة ترامب من أجل تعزيز العلاقات بين إسرائيل والخليجيين، بناءً على المصالح المشتركة المتمثلةـ كما تقول الصحيفة الأمريكيةـ في مواجهة إيران والتي حوّلت شكل العلاقات داخل الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة.

مسؤولو مختلف الدول اعترفوا بالدور البارز الذي أدّاه اللواء كوريا خلف الكواليس. وقبل الاحتفال بالتوقيع في الـ15 من سبتمبر/أيلول، داخل البيت الأبيض، وفقاً للحاضرين، أشار وزير الخارجية الإماراتي -شقيق ولي العهد الأصغر وعم الجندي الذي أنقذه الأمريكيون عام 2017- إلى اللواء كوريا وقال لترامب: “هذا اللواء فردٌ من أفراد عائلتي”.

بينما قال يوسف العتيبة، السفير الإماراتي النافذ بالولايات المتحدة والذي أدّى دوراً كبيراً في المحادثات، إنّ المحادثات كانت مبنيةً على ثقة الإمارات باللواء كوريا وبقية أفراد فريق البيت الأبيض.

ووقعت مهمة الإنقاذ عام 2017 بعد أيام من شن القوات اليمنية، المدعومة من أمريكا والإمارات، حملة عسكرية لإخراج مسلحي “القاعدة” من أحد أكبر معاقلهم. ولسنوات، نفّذت الولايات المتحدة غارات جوية ضد مسلحي “القاعدة” في اليمن، والذين يُعتبرون مجموعةً من أخطر قيادات الجماعة المتشددة.

اللواء كوريا كان داخل منزله في أبوظبي عام 2017، حين تلقى اتصالاً يُفيد بأن المروحية الإماراتية سقطت في اليمن أثناء تنفيذ مهمة لمكافحة الإرهاب. ورسمياً، قال المسؤولون الإماراتيون إنّ المشكلات الميكانيكية كانت السبب في سقوط المروحية. لكن المسؤولين الأمريكيين قالوا إنّ سبب سقوطها كان غامضاً، تاركين المجال مفتوحاً أمام احتمالية سقوطها، على يد المتشددين في اليمن.

في ذلك الوقت حملت طائرتان أمريكيتان من طراز Osprey فريقاً طبياً للقوات الخاصة إلى موقع تحطم المروحية في اليمن. ونقل الفريق الطبي الأمريكي الجنود السبعة المصابين جواً إلى متن “يو إس إس باتان”، السفينة الهجومية البرمائية الأمريكية في خليج عدن، وفقاً للمتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية بيل أوربان. ومات أحد الجنود في الطريق إلى السفينة، بينما نجح جراحٌ على متن الطائرة في إنقاذ إماراتيٍّ آخر توقّف قلبه. وفي الوقت ذاته طلب قادة الإمارات من الأمريكيين إذناً خاصاً لنقل الجنود الستة، وبينهم الأمير الشاب، إلى لاندشتول في ألمانيا حيث يمتلك الجيش الأمريكي مستشفى متخصص في علاج إصابات المعارك.

الولايات المتحدة نقلت الجنود الإماراتيين من السفينة عائدين إلى مطارٍ في اليمن، حيث كانت تنتظرهم طائرة الشحن C-17 العسكرية المجهزة بفريقٍ طبي خاص، من أجل نقلهم إلى ألمانيا.

مثّل الطيران بطائرة ضخمة من هذا النوع فوق اليمن خطراً كبيراً. لكن الولايات المتحدة حطّت بالطائرة في جنح الليل وطارت بها قبل شروق الشمس؛ لضمان سلامة الجميع.

الهامس في أذن العرب: في أواخر يوليو/تموز، سافر اللواء كوريا، الذي يُلقبه زملاؤه بـ”الهامس في أذن العرب”، إلى أبوظبي من أجل اجتماعٍ فردي مع الأمير محمد. وناقشا خلاله تفاصيل الصفقة، ليُؤكّد كوريا لمحمد بن زايد أنّ الولايات المتحدة ستضمن احترام شروطها، وفقاً للمسؤولين الأمريكيين.

قبل بدء الاجتماع، دعا الأمير محمد صهره -الذي جرى إنقاذه في اليمن عام 2017- للقاء اللواء كوريا. ووصل الشاب مبتسماً فوق كرسيه المتحرك. وقال اللواء كوريا مؤخراً: “الولايات المتحدة ليست بحاجة إلى شكر. أردت أن أُظهِر للإماراتيين أن مهمة الإنقاذ لم تكُن جزءاً من الصفقة”.

من ضمن ما ذكرته صحيفة Wall Street Journal، أن  فريق البيت الأبيض عمِل من أجل الخروج باسم للاتفاقيات بين إسرائيل والبحرين والإمارات، وحينها قال اللواء كوريا إن مجمع الأديان الذي تبنيه الإمارات في أبوظبي، يُعرف باسم “بيت العائلة الإبراهيمية”، لأنّ الإسلام والمسيحية واليهودية كلها فروع دينية من النبي إبراهيم. لذا اقترح اللواء كوريا تسمية الاتفاقيات باتفاقيات أبراهام (إبراهيم)، حسب الصحيفة.

حينها قال ترامب للواء كوريا والفريق داخل المكتب البيضاوي: “لقد أحببتُ الاسم!”. وفي 13 سبتمبر/أيلول، وقّع مسؤولو الإمارات وإسرائيل والبحرين والولايات المتحدة اتفاقيات أبراهام داخل البيت الأبيض.

 

شاهد أيضاً

“الإمبراطور الأبيض”.. مقاتلة الجيل السادس الصينية المصممة للهيمنة على السماء والفضاء

تشهد المنافسة بين الصين والولايات المتحدة تصعيداً ملحوظاً في العديد من المجالات، من أبرزها التسابق …