هل تعاني من خروج الريح بكثرة، لا بد أنه أمرٌ مزعج للجميع، ولكنه في نهاية المطاف ناتج طبيعي للهضم، فحين تتناول وجبةً ما تسهم الكائنات المجهرية بأمعائك الغليظة (القولون) في تفتيت الألياف والسكريات والنشويات في غذائك عن طريق تخميرها.
خروج الريح بكثرة وأسبابه
يقول أوغو إيروكو، طبيب الجهاز الهضمي في مدينة نيويورك لموقع Livestrong الأمريكي: “بينما تتغذى البكتيريا على هذه المواد تخلق نواتج غازية، منها الميثان والهيدروجين وثاني أكسيد الكربون والكبريتيد”.
وتابع: “تتراكم هذه الغازات في أمعائنا الغليظة، ثم تنتقل إلى أسفل عبر الأمعاء والمستقيم، حتى تبلغ فتحة الشرج، وفور وصولها إلى هناك تنفتح عضلتنا العاصرة الداخلية لإطلاق الهواء”.
إذاً، فإخراج الريح جزء من الحياة، لكن ما هو المعدل الطبيعي لإخراج الريح؟ الأمر يختلف بين شخص وآخر.
المعدل الطبيعي لإخراج الريح في اليوم
يقول الطبيب إيروكو: “يُخرج الشخص في المتوسط ريحاً ما بين 8 مرات و20 مرة يومياً، منتجاً ما يتراوح بين نصف لتر ولترين من الغاز”.
لكل منا معدَّل في إخراج الريح؛ أي أنك قد تُخرج الغازات أكثر أو أقل من شخص آخر بصفة يومية، لكن إن كان معدَّلك أعلى بكثير من المتوسط، أو لاحظت ارتفاعاً مفاجئاً، فحريٌّ بك تقصِّي الأمر.
تكرار إخراج الريح عادةً ما يكون مؤشراً جيداً
النظام الغذائي النباتي المليء بالأطعمة عالية الألياف -كالبقول والحبوب الكاملة والفواكه والخضراوات- مفيد للجسد.
إذ تساعد الألياف على خفض احتمالات الإصابة بأمراض القلب، والسكري، وأمراض الجهاز الهضمي، علاوةً على هذا فهي تجعلك تخرج الريح.
لماذا؟ لأن معظم الأطعمة تتحلَّل إلى سكريات أحادية بفعل الإنزيمات في الأمعاء الدقيقة، ثم تُمتصُّ إلى داخل مجرى الدم عن طريق البطانة المعوية.
لكن الأطعمة عالية الألياف أصعب في هضمها، إذ لا يمكن لجسدك امتصاص الألياف، لذا يمرِّرها عبر أمعائك الغليظة، حيث تعيش البكتيريا المعوية.
لذلك يجب أن تعرف أنّ هذه الكائنات المجهرية تحب التغذي على الألياف، وكلما زاد ما تتناوله منها زادت الغازات الناتجة عن ذلك، لحسن الحظ عادةً لا تكون للغاز الناتج عن الأطعمة عالية الألياف رائحة سيئة.
أسباب أخرى قد تجعلك تخرج الريح كثيراً
قد يعني إخراج الريح أكثر من اللازم وجود خللٍ ما في جسمك، لاسيما حين تصحبه أعراض أخرى كالإسهال أو الانتفاخ أو المغص.
ننصحك بأن تتصل بطبيبك إذا لاحظت أية مؤشرات خطر كوجود دمٍ في البراز، أو فقدان الوزن، أو تغيُّر كبير في عملية التبرُّز.
إليك الأسباب الأخرى المحتملة التي قد تزيد من معدلات الريح لديك:
1. الحساسية ضد اللاكتوز
وفق ما أوضحته المعاهد الوطنية الأمريكية للصحة (NIH)، يعاني ما يقرب من 65% من الناس مشاكلَ في هضم اللاكتوز، بسبب نقص إنزيم اللاكتاز في أمعائهم الدقيقة.
نتيجةً لذلك، تنتقل منتجات الألبان إلى القولون، حيث تخمِّرها البكتيريا المعوية، وتصدر ريحاً في أثناء ذلك.
إذا كنت تظن أن اللاكتوز قد يسبِّب لك مشكلةً، فقلل من استهلاكك لمنتجات الألبان على مدى أسبوعين ولاحظ الفرق.
2. ابتلاع كمية زائدة من الهواء
كلنا نبتلع قليلاً من الأكسجين مع الطعام، لكنك قد تكون تستقبل منه أكثر من اللازم، لاسيما إن كنت تلتهم طعامك سريعاً.
إذ يؤدي الأكل السريع إلى بلع الهواء، والحل هو أن تأخذ وقتك أثناء الأكل، وامضغ بعناية.
من الأسباب الأخرى لابتلاع الهواء الزائد التدخين، ومضغ العلك، وشرب المشروبات الغازية، وممارسة الرياضة المجهدة، ما يؤدي إلى ثقل في التنفس.
3. وجود فائض بكتيريا في الأمعاء الدقيقة
تقع معظم بكتيريا الأمعاء في قولونك، لكن إذا انتشرت إلى الأعلى نحو أمعائك الدقيقة فقد تعاني من حالةٍ تُدعى فرط النمو البكتيري في الأمعاء الدقيقة، أو SIBO.
وبالإضافة إلى إخراج الغازات، تشمل أعراض SIBO الأخرى: الانتفاخ، وعدم الارتياح في البطن، والإسهال، والإمساك.
استشر طبيبك إن كنت مشتبهاً في إصابتك بـSIBO. قد ينصحك بتقليل استهلاك الأشياء التي تساعد على نمو البكتيريا.
4. عدم هضم الطعام كما ينبغي
بعض الحالات الصحية، مثل الداء الزلاقي أو قصور البنكرياس (EPI) تعوق قدرة جسدك على امتصاص المواد الغذائية.
فحين يتناول مرضى الداء الزلاقي الغلوتين تُصاب أجسادهم بالتهابٍ يضرُّ بجزءٍ من الأمعاء الدقيقة، وهو ما يصعب من هضم الطعام.
وإن كنت تعاني من قصور البنكرياس فلن يستطيع بنكرياسك إنتاج ما يكفي من الإنزيمات لهضم وجبتك.
ونتيجةً لذلك، ينتقل كل ذلك الطعام غير المهضوم إلى القولون، حيث تنهشه بكتيريا الأمعاء.
ولمعرفة ما إذا كانت مشكلة الغازات لديك بسبب الداء الزلاقي أو قصور البنكرياس انتبه إلى صدور غازات ذات رائحة كريهة، أو خروج براز دهني شاحب يطفو على سطح ماء المرحاض، وفقدان الوزن.
من المؤشرات الأخرى أن الداء الزلاقي ينتقل بالوراثة.
5. تناول المُحَليات الصناعية
تتسبب بدائل السكر، ومنها السوربيتول والإكسيليتول في غازات زائدةٍ إلى جانب الإسهال وتقلصات المعدة.
ويرجع هذا إلى أن الأمعاء الدقيقة لا تجيد امتصاص هذه المُحليات، ولذلك تؤيضها بكتيريا القولون، ما ينتج عنه حدوث غازات، فتخلَّ عن هذه المواد ولْتَرَ ما إذا حدث تراجعٌ في إخراج الريح.
6. الإمساك
كلما ظل البراز في قولونك ازداد تخميره، وازدادت انبعاثاته من الغاز، وفضلاً عن ذلك قد يتسرب الهواء حول البراز المتحجر، إذا كان إخراج الريح ناجماً عن الإمساك كانت رائحته كرائحة البراز.
لتسيير الأمور اشرب كثيراً من السوائل، ومارس الرياضة.
7. متلازمة القولون المتهيج (IBS)
إذا صحب الريح الزائد أنواع أخرى من مشاكل المعدة (كالانتفاخ، وعدم الارتياح، والإسهال، والإمساك)، فقد يكون ذلك بسبب متلازمة القولون المتهيج.
بحسب Mayo Clinic، فإن هذه المتلازمة حالة مزمنة تؤثر في الأمعاء الغليظة، وغالباً ما يمكن السيطرة عليها بتغيير النظام الغذائي واتباع استراتيجيات التحكم في التوتر.
ماذا إن كان إخراج الريح أقل من المعتاد؟
عندما يصل الغاز في قولونك إلى نقطة ضغط معينة ترتخي عضلتك العاصرة لإخراجه، لذلك إذا لم تكن تخرج الريح في أثناء اليوم فسيخرج وأنت نائم وجسدك مسترخٍ.
هل هناك سبب آخر لقلة إخراج الريح عندك؟ وفقاً للدكتور إيروكو: “أنت تخرج الريح بالطبيعة حين تقضي حاجتك”، لذا فقد تكون نسبةٌ من غازاتك اليومية تخرج وأنت جالس على المرحاض.
إلا أنه من المحتمل أن يكون تراجع إخراج الريح أثراً جانبياً لمشكلة خطيرة بالأمعاء، وفي تلك الحالة ستشعر أيضاً بعدم ارتياح شديد.
فإذا كنت مصاباً بالتهاب الزائدة الدودية، أو التهاب الرتج، حيث تصبح أحشاؤك متهيجةً وملوثةً وملتهبةً، فستتوقف أمعاؤك عن الحركة، ولن يخرج منك ريح. لكنك على الأرجح لن تلاحظ قلة الغازات لأنك ستشعر بألمٍ مبرحٍ، وبالتالي عليك استشارة الطبيب بأسرع وقت.