اعتصم المئات من الناشطين الإنسانيين العاملين في كاليه أمام ميناء المدينة، رفضا لقرار محافظة المنطقة القاضي بمنع توزيع الطعام على المهاجرين. ورفض القضاء الفرنسي طلب الجمعيات الإنسانية العاملة في المدينة بتعليق قرار المحافظة، بحجة أن الخدمات الأساسية للمهاجرين مازالت مؤمنة.
نظم حوالي 250 ناشطا فرنسيا السبت 26 سبتمبر اعتصاما أمام ميناء مدينة كاليه، شمال فرنسا، احتجاجا على قرار محافظة با دو كاليه القاضي بحظر تقديم الطعام للمهاجرين في وسط المدينة.
واستنكر المعتصمون، الأعضاء في نحو 70 جمعية خيرية ومؤسسة حقوقية، ما وصفوه بفشل المسؤولين المحليين في توفير أدنى الخدمات الأساسية للمهاجرين الذين يعيشون في المدينة وحولها.
وكتبت النائب في البرلمان الأوروبي، مانو أوبري، التي كانت مشاركة في الوقفة الاحتجاجية “تم تغريمنا لإعطاء سندويشات! لدى الشرطة ما تفعله أفضل من فرض عقوبات على توزيع الطعام على من يعيشون في فقر مدقع”.
وأضافت “عار عليك سيد ديرمانان تجريم الأعمال الإنسانية الطارئة والتضامن”. وأرفقت تغريدتها بفيديو يظهر فيه رجل شرطة وهو يحرر غرامة لناشطين قدرها 135 يورو.
القضاء يرفض تعليق القرار
وكانت المحكمة الإدارية في مدينة ليل (شمال)، قد رفضت الأسبوع الماضي تعليق القرار الذي أصدرته محافظة المنطقة، بحظر تقديم الطعام للمهاجرين في وسط كاليه، بحجّة وجود جمعية مكلفة من قبل الدولة تعمل على تأمين الخدمات الرئيسية، لنحو ألف مهاجر في مدينة كاليه.
قرار المحكمة أثار غضب الناشطين الحقوقيين والجمعيات، التي أعلنت نيتها الاستئناف أمام مجلس الدولة.
للمزيد>>> حظر توزيع وجبات الطعام في كاليه: الجمعيات تستأنف أمام مجلس الدولة
وأصدرت الجمعيات بيانا الأسبوع الماضي، جاء فيه إن استئناف القرار أمام مجلس الدولة هو “لتكريس مبدأ الأخوة (أحد المبادئ الفرنسية الثلاث) ولإظهار أن المطاردة المستمرة والقاسية (للمهاجرين) غير فعالة…”
أضاف بيان الجمعيات “سنستأنف على حجج قاضي المحكمة الإدارية، ونظهر أن التوزيع (الطعام) الذي تنظمه الدولة غير كاف… ما نوزعه على المهاجرين ليس للتسلية، بل لسد حاجة أساسية عند هؤلاء الأشخاص”.
قرار يهدف لاحترام النظام العام وقواعد التباعد الاجتماعي
ودافع مسؤولون محليون عن قرار حظر إطعام المهاجرين في وسط المدينة، باعتبار أنه ضروري للحفاظ على النظام العام ولضمان تطبيق قواعد التباعد الاجتماعي بشكل صحيح لمنع انتشار فيروس كورونا.
وأضافوا أنه يمكن للنشطاء تقديم المساعدة للمهاجرين خارج المناطق المحددة.
ووفقا لبيان محافظة الشرطة، يمنع على الجمعيات توزيع الوجبات الغذائية على المهاجرين (في حوالي 20 شارعا ورصيفا وساحة في وسط مدينة كاليه)، تقيدا بالنظام العام وللحد من المخاطر الصحية المرتبطة بالتجمعات غير المصرح بها.
“تفكيك المخيمات اليومي يساهم بنشر الأمراض”
مايا كونفورتي، المسؤولة في جمعية “سكن المهاجرين” العاملة في كاليه، قالت لمهاجر نيوز في وقت سابق، “انتقلنا إلى منطقة الميناء التي تبعد أمتارا من وسط المدينة. ذهبنا إلى أركان صغيرة وضيقة. هذه الألعاب سخيفة، نحن نحاول توزيع الوجبات للمهاجرين بالخفاء… وسنبقي على توزيع تلك الوجبات طالما أن هناك مهاجرين في المنطقة”.
أما كلير ميلوت، من جمعية “السلام” العاملة في كاليه أيضا، فأكدت أن “الشرطة أجبرت الناشطين الإنسانيين على التوقف عن إطعام المهاجرين”، على الرغم من توزيعهم الوجبات خارج المناطق المنصوص عليها في مرسوم الشرطة.
وأضافت خلال حديثها لمهاجر نيوز الأسبوع الماضي “في بداية الأسبوع، أتت الشرطة لمراقبتنا أثناء توزيع الوجبات بحجة أنه ليس لدينا الحق للقيام بذلك، مع أننا لم نكن نتواجد في المناطق المنصوص عليها في المرسوم… انتهى الأمر بمغادرة الشرطة، لكنهم كانوا عنيفين”.
وحول موضوع احترام قواعد التباعد الاجتماعي ومساهمة الجمعيات بتطبيق القانون من هذه الناحية، قالت مايا كونفورتي “نحن نحترم إجراءات التباعد، لكن لا يجب إغفال أن المهاجرين في كاليه يعيشون في ظروف مروعة: كل أربعة منهم ينامون في خيمة ومن المستحيل اتباع قواعد النظافة”. وأوضحت أن التفكيك اليومي للمخيمات يدفع المهاجرين إلى إعادة التجمع والتراكم فوق بعضهم البعض في مناطق مختلفة، وبالتالي، تساهم هذه السياسة برفع مستوى المخاطر الصحية، “إذا كان المهاجرون الآن في وسط المدينة، فذلك لأنهم طردوا من أماكن أخرى في ضواحي كاليه. كل هذا خطأ المحافظة”.
ويتواجد حول ميناء كاليه نحو 1200 مهاجر من دول عدة بينها إيران والعراق وأفغانستان والسودان وإريتريا، ومعظمهم ينتظرون فرصة عبور المانش للوصول الى بريطانيا.