تعرف على ابن مزارع الفراولة وعامل مصنع الكرتون الذي سيقود كوكب اليابان

انتخب الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم في اليابان، الإثنين 14 سبتمبر 2020، المتحدث باسم الحكومة يوشيهيدي سوغا، رئيساً للحزب خلفاً لـ”شينزو آبي” رئيس الوزراء السابق الذي اعتذر بسبب مرضه.

وانتخب شوغا زعيماً للحزب بحصوله على 377 صوتاً من أصل 534 في الانتخابات التي شارك فيها نواب الحزب وممثلوه في الدولة، فمن هو هذا الرجل الذي سيقود اليابان في الفترة المقبلة؟

يتهرب من الأسئلة الصعبة وكاتم سر آبي!

كان سوغا، الذي تولى منصب كبير أمناء مجلس الوزراء لما يقرب من ثماني سنوات، الرجل الثاني فعلياً في الإدارة، فكان ينجح في التهرب من الأسئلة الصعبة في الإحاطات الصحفية التي تعقد مرتين يومياً، ويقدم المشورة لآبي ويكبح جماح البيروقراطية المتمردة في اليابان، بحسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.

ظهر سوغا على أنه المرشح الأوفر حظاً ليحل محل آبي، الذي أعلن استقالته لأسباب صحية، منذ حصوله على دعم الفصائل الرئيسية في الحزب الليبرالي الديمقراطي. ضد منافسيه، رئيس السياسة بالحزب، فوميو كيشيدا، وشيجيرو إيشيبا، وزير الدفاع السابق، ضَمن سوغا عملياً الموافقة على توليه منصب رئيس الوزراء في مجلس النواب بالبرلمان يوم الأربعاء.

رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي

ويرى كثيرون في الرجل البالغ من العمر 71 عاماً استمراراً لسياسة آبي، وهي نظرة لم يفعل الكثير لدحضها في سعيه لتولي هذا المنصب القيادي. إذ قال إن السياسة الاقتصادية لسلفه -التي هي مزيج من الإنفاق الحكومي الضخم والسياسة النقدية بالغة التساهل والإصلاحات الهيكلية- ستظل كما هي.

يقول كويشي ناكانو، أستاذ العلوم السياسية في جامعة صوفيا في طوكيو: “السبب الوحيد وراء حصول سوغا على رئاسة الوزراء هو أنه تعهد بمواصلة سياسات آبي، وهذا يعتبر تقييداً غير عادي بسجل وإرث الحكومة السابقة لرئيس وزراء جديد”.

أما في السياسة الخارجية، فسيواصل سوغا إعطاء الأولوية لعلاقات اليابان الأمنية مع الولايات المتحدة في مواجهة الصين الصارمة وكوريا الشمالية المسلحة نووياً، رغم إقراره يوم الأحد بافتقاره إلى “المهارات الدبلوماسية” التي ساعدت آبي على إقامة علاقة شخصية وثيقة مع دونالد ترامب.

ابن مزارع الفراولة الذي سيقود اليابان

ورغم ارتباطه السياسي الوثيق بآبي، إلا أن خلفية سوجا مختلفة عنه كلياً. إذ كان آبي ابناً لوزير خارجية وحفيداً لرئيس وزراء، وهذا كفيل بجذب الانتباه إليه حتى في برلمان مليء بالسياسيين بالوراثة. لكن سوغا سياسي عصامي، إذ إنه الابن الأكبر لمزارع فراولة ومعلمة في يوزاوا، البلدة التي تقع في محافظة أكيتا الريفية، الذي رغم افتقاره إلى النسب السياسي فهو الآن على أعتاب قيادة ثالث أكبر اقتصاد في العالم.

يقول هيروشي كاواي، زميل سوغا السابق في المدرسة الثانوية، عنه: “لقد كان هادئاً للغاية. كان شخصاً لا يمكنك ملاحظة غيابه من حضوره”.

بعد تخرج سوغا من المدرسة الثانوية في يوزاوا -حيث أصبحت القمصان والحقائب اليدوية  تُزيَّن باسمه- سافر إلى طوكيو، حيث عمل في مجموعة من الوظائف بدوام جزئي، كان منها عمله في مصنع للكرتون وفي سوق تسوكيجي للأسماك، ليتمكن من سداد مصاريفه الجامعية.

وبدأت حياته المهنية في السياسة عام 1987، حين ذكرت تقارير أنه أبلى نصف دزينة من الأحذية أثناء جولاته الانتخابية للحصول على مقعد في مجلس مدينة يوكوهاما، حيث نجح في ذلك وأصبح يُعرف بـ”عمدة الظل”.

كيف سينجح في مهمته الصعبة؟

وهذه الخلفية المختلفة نسبياً قد تساعده في إخراج اليابان من ركودها الطويل الذي تفاقم بسبب جائحة فيروس كورونا، وفقاً لتوبياس هاريس، الخبير في الشأن الياباني في شركة Teneo Intelligence الاستشارية في واشنطن ومؤلف كتاب جديد عن آبي.

يقول هاريس: “إذا استمر سوغا، فسيعود ذلك جزئياً إلى أنه ليس سياسياً بالوراثة. إذ إنه شق طريقه في السياسة بنفسه، وبالتالي فهو أكثر استعداداً للعمل بجد أكبر وأكثر قدرة على التواصل مع الناخبين من آبي. وفي مسيرته السياسية، وحين كان مستشاراً رئيسياً لآبي، فقد كان يركز باستمرار على قضايا الدخل التي تهم الناخبين أكثر من أي شيء آخر”.

ارتبطت حظوظ سوغا السياسية ارتباطاً وثيقاً بآبي منذ فوزه بمقعد في مجلس النواب عام 1996، ويعتبره الكثيرون المؤثر الرئيسي في قرار آبي الترشح لرئاسة الوزراء للمرة الثانية بعد انتهاء فترته الأولى بشكل كارثي بعد عام فقط.

رئيس وزراء اليابان إينزو أبي وزوجته

ورغم الساعات العديدة التي أمضاها سوغا في الإحاطات الإعلامية، التي تتخللها أحياناً صدامات مع الصحفيين السياسيين، لم تساعد طريقته الجامدة في معرفة الكثير من الخبايا عن الرجل الذي يقف وراء الشخصية العامة.

ولكن منذ إعلانه عن ترشحه في نهاية أغسطس/آب، تغيرت صورته تغييراً محدوداً، من سياسي تنفيذي غامض كان أبرز أعماله العلنية هو الإعلان عن اسم حقبة ريوا الجديدة العام الماضي، إلى أقرب شخص يضمه الحزب المحافظ المهيمن في اليابان إلى الرجل الذي يتولى قيادة قاطرة اليابان.

ويُشار إلى أنه قال في بداية حملته: “بإمكان شخص عادي مثلي السعي ليصبح رئيساً للوزراء.. هذه هي ديمقراطية اليابان، أليس كذلك”؟.

وسوغا، البالغ من العمر 71 عاماً، هو الأكبر سناً من بين المرشحين الثلاثة، لكن يُقال إن عمله الدؤوب يمتد إلى ما هو أبعد من حياته السياسية. فرغم إقراره بأن الفطائر إحدى نقاط ضعفه، ورد أنه يحرق السعرات الحرارية الزائدة ببدء يومه وإنهائه بأداء تمارين البطن مائة مرة.

 

شاهد أيضاً

“الإمبراطور الأبيض”.. مقاتلة الجيل السادس الصينية المصممة للهيمنة على السماء والفضاء

تشهد المنافسة بين الصين والولايات المتحدة تصعيداً ملحوظاً في العديد من المجالات، من أبرزها التسابق …