تفاصيل أزمة الجامعة العربية المالية فى أعوام العسرة وأبرز الدول الممولة والمتأخرة والمبتزة؟

وصلت الأزمة المالية بالجامعة العربية إلى حد مطالبة أمينها العام أحمد أبوالغيط الدول الأعضاء بضرورة سرعة سداد حصصها، حتى لا تتفاقم الأمور، فهل هناك أسباب سياسة وراء هذه الأزمة، وما هي أبرز الدول الأعضاء التي تمول الجامعة العربية، وكيف يتم توزيع حصص الدول في ميزانية الجامعة العربية.

وقال السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد للجامعة العربية، إن الأمين العام للجامعة طرح خلال الاجتماع الأخير لمجلس وزراء الخارجية العرب مسألة خطورة الوضع المالي للجامعة العربية، حيث تبلغ نسبة سداد المساهمات 35% من إجمالي المساهمات المقررة.

وأضاف لقد “جاءت وعود مباشرة وسريعة من عدد من الوزراء الذين تعهدوا بمعالجة الأمر، ومتفائلون بحل هذا الموضوع قريباً.

أين تنفق الجامعة العربية ميزانيتها؟

تقدر موازنة الجامعة العربية لعام 2019 بنحو 60 مليون دولار، بانخفاض نحو 4 ملايين دولار عن موازنة عام 2017، إضافة إلى 40 مليون دولار للمنظمات العربية المتخصصة، حسب الأمين العام للجامعة العربية.

وحسب تقارير صحفية “فإن نحو 90% من الموازنة تذهب كرواتب للموظفين، ولا يبقى سوى قيمة ضئيلة جداً للقيام بالنشاطات والفعاليات والبرامج المختلفة التي تغطي كل مجالات التعاون بين الدول العربية تقريباً”، كما “يوجد عجز في الصندوق العربي للمعونة الفنية في إفريقيا، الذي يفترض أن يكون أداة رئيسية في تعزيز حضور الجامعة بالقارة، والوقوف في وجه توغل الأدوار الإقليمية غير العربية المناوئة الجامعة في إفريقيا، حيث تتحفظ العديد من الدول على المساهمة في موازنة الصندوق، حتى تلتزم بقية الدول العربية بسداد حصصها فيه”.

و”الميزانية كانت دائماً مشكلة منذ بداية تأسيس المنظمة”، وفقاً لجمال بيومي، مستشار الأمين العام للجامعة العربية سابقاً.

ففي البداية تكفّلت مصر ببناء المقر بالقاهرة، عندما انطلقت الجامعة عام 1945 بعضوية الدول العربية المستقلة آنذاك، ثم تشكّل نظام للتمويل غير عادل، إذ كانت القاهرة وحدها تدفع 25% من الميزانية، والنسبة المتبقية تلتزم بها الدول العربية مجتمعة. حسبما يقول جمال بيومي، في حديث سابق لموقع “إندبندنت عربية”

وأضاف “ظل هذا الوضع قائماً حتى عام 1967، إذ كانت مصر في حالة نكسة، وبدأت تتضرر من هذا الإنفاق، وجرى الاتفاق على نظام جديد لم يكن عادلاً أيضاً، نصّ على أن 6 دول عربية كبرى صاحبة أكبر دخل قومي، ومن بينها مصر، تدفع معظم الميزانية”.

وهذه الدول، والتي كانت أغلبها من البلدن العربية التي ظهر بها النفط مبكراً هي السعودية والكويت وليبيا والعراق والجزائر، إضافة إلى مصر بلد المقر، كما يظهر من ترتيب حصص الدول في ميزانية الجامعة العربية.

ويمكن فهم أسباب الأزمة بالنظر إلى أن بعض الدول العربية التي كانت توصف بالغنية في السابق عانت من الحروب والأزمات خلال العقود التالية لاتفاق توزيع الحصص، فالعراق وليبيا كانا عضوين أساسيين في تمويل الجامعة العربية، وقد توقفا عن سداد حصصهما بسبب ظروفهما التي لا تخفى على أحد.

ونحو نصف الدول الأعضاء لا تقوم بسداد ميزانيتها منذ سنوات، بينما يبلغ إجمالي القيمة المُحصلة سنوياً نحو النصف فقط في أفضل الأحوال، كما أنّ الدول الملتزمة تتأخر في السداد عدة أشهر.

ومطلع هذا العام، قال أبوالغيط “إن 12 دولة لم تسدد مساهماتها للجامعة العربية منذ سنوات”.

وحتى العام 2000 لم تكن الميزانية تتجاوز 35 مليون دولار، ولكن تفاقمت زيادة النفقات مع سقوط دول عربية رئيسية دولة تلو الأخرى في الفوضى، لتضع الجامعة في أزمة حقيقية.

اللجوء للاحتياطي لصرف الرواتب

ووصلت أزمة الجامعة العربية إلى أنه في صيف 2017 لم يكن لدى الجامعة ما يكفي لسداد الرواتب. واضطر الأمين العام للجامعة العربية عام 2018 إلى اللجوء للاحتياطي النقدي للجامعة، والذي يقدر بنحو 40 مليون دولار، واقتراض 2.5 مليون دولار لسداد رواتب الموظفين، والمصروفات المطلوبة للأمانة العامة.

كما سبق أن أدت الأزمة إلى استقالة عدد من الموظفين، قيل إن عددهم 15، لتجنب تخفيض مستحقات نهاية التقاعد في ظل إجراءات الجامعة العربية التقشفية.

وهناك محاولات لحل دائم للأزمة، ففي العام الماضي، وقع العراق مذكرة تفاهم مع الجامعة العربيّة بإعفائهمن ديون الصناديق العربية بنسبة 75%، مقابل تفاهم ضمني بسداد حصته في ميزانية الجامعة العربية، ولا يعرف هل نفذ ذلك أم لا.

ابتزاز من أبرز الدول الأعضاء التي تمول الجامعة العربية.. قصة القذافي وعمرو موسى

ولكن يعتقد أن بعض الدول “تستخدم مسألة سداد حصتها لأغراض إدارية وسياسية تتعلق بالمنظمة، مثل تعيين سفراء من مواطنيها في مناصب بالجامعة، أو احتجاجاً على موقف أو خلاف معين، أو للضغط من أجل إلزام دول أخرى بالسداد، أو لإجبار الأمانة العامة على ترشيد النفقات، خصوصاً عبر إنهاء خدمات المستشارين والمتعاقدين”، حسبما ذكر مصدر دبلوماسي عربي، لموقع “إندبندنت عربية”.

وعلى سبيل المثال، تأخرت ليبيا في عهد رئيسها السابق معمر القذافي عن سداد التزاماتها للجامعة العربية، حتى بلغت حوالي 25 مليون دولار أمريكي قيمة مديونيات عن أربع سنوات، بسبب تحفظها على عدم منحها وظائف في الهيكل الإداري للجامعة، وتعبيراً عن رفضها لبعض السياسات الخاصة بعلاقات الجامعة العربية مع الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي شكل إحراجاً لها وللجامعة العربية قبل استضافتها للقمة العربية الدورية، التي عُقدت في سرت عام 2010، ودفع ذلك الأمين العام في ذلك الوقت عمرو موسى للسفر للقاء القذافي لبحث الأمر.

ومؤخراً قيل إن السعودية تتأخر في سداد حصتها.

وكان هناك مقترح بأن يكون “الوزن التصويتي للدول على قرارات الجامعة محدداً بعدد من النقاط”، وفقاً لحجم المساهمة في الميزانية، كما هو الحال في الاتحاد الأوروبي، لكن الدول “ترفض هذا المقترح”، بحجة أنه “لا يتفق مع مبدأ السيادة المتساوية للدول الأعضاء، وأن القرارات تتخذ في الغالب بالإجماع أو التوافق، ولا يتم اللجوء إلى التصويت إلا في حالات تعذر التوافق”.

ولكن يُراعى نسبياً بشكل عرفي في توزيع المناصب حصص الدول (دول الخليج تحظى بنصيب أكبر من وزنها السكاني عادة في المناصب، ولكن أقل من حصتها المالية).

والجزائر كانت تنال في كثير من الأحيان منصب الرجل الثاني في الجامعة، باعتبارها من أكبر المساهمين، وأكبر مساهم من المغرب العربي (بعد تدهور وضع ليبيا)، إضافة إلى وزنها السياسي والسكاني، ولكن حالياً فقدت هذا المنصب بعد وفاة نائب الأمين العام أحمد بن حلي.

وبصفة عامة، تشكو دول الخليج من أن حصتها في المناصب أقل من مساهمتها في الميزانية، بينما تشكو دول عربية أخرى أن وزنها السكاني وما تعتبره وزناً سياسياً أقل من حصتها في المناصب.

ولكن على مدار السنوات الماضية، يلاحظ أن الكويت تمثل أهمية خاصة في ميزانية الجامعة، باعتبارها أكبر دولة تساهم في ميزانية الجامعة (مع السعودية)، وأكثرها التزاماً بدفع حصصها (ففي بعض السنوات كانت الدولة الوحيدة التي التزمت بحصتها)، كما أنها في الوقت ذاته من أقل الدولة تسييساً لمسألة ميزانية الجامعة، علماً أنها تبدي ملاحظات حازمة للأمانة العامة، ولكن أغلبها متعلق بالنواحي الإدارية والمالية، أو نصيبها في وظائف الجامعة أكثر منها لأسباب سياسية (خاصة أن الكويت تعتبر محايدة بين المحاور العربية أو الحالية إلى حد كبير) .

ويعتقد أن دولة خليجية كبرى تستخدم حصتها الكبيرة في ميزانية الجامعة لفرض شروط على الأمانة العامة فيما يتعلق بالأجور وعدد الموظفين، بما في ذلك صرف بعض الموظفين، وعلى عكس الشائع، فإن الأسباب وراء ذلك ليست سياسية فقط، بل إدارية أيضاً، لأن مصر الحليف القوي لهذه الدولة غالباً ما لا تكون راضية عن هذه الشروط، خاصة أن عدداً كبيراً من موظفي الأمانة العامة، خاصة من غير المعينين، من المصريين.

وسبق أن نقلت وكالة سبوتنيك الروسية عن مصدر بالجامعة العربية قوله أن هذه الدولة الخليجية اشترطت إما تخفيض قيمة عقود جزء من العمالة إلى النصف أو عدم التجديد لهم.

ولفت المصدر إلى أن هناك دولاً خليجية أخرى تعارض تلك الممارسات، الأمر الذي وضع الجامعة الآن في مأزق مالي كبير، وأعاق الكثير من أنشطة تلك المؤسسة العربية الكبرى.

حصص الدول العربية في ميزانية الجامعة العربية سنوياً

لا يوجد بيان حاسم متاح للإعلام يذكر حصص الدول في ميزانية الجامعة العربية حالياً، بالنظر إلى أن الجامعة العربية تحاول تجنب إحراج الدول بهذه المسألة علناً، ولكن يعتقد أن دولة الكويت والسعودية تتحملان الحصة الأكبر.

وهذه الحصص الواردة في التقرير هي الالتزامات المقررة على الدول، وليس التي يتم دفعها فعلياً، ولقد تم رصدها بناء على مصادر تشير إلى مساهمات الدول العربية خلال السنوات الماضية.

الكويت والسعودية: 8 ملايين دولار لكل دولة منهما، أي أن كلاً من الدولتين على حدة توفر 14 % من الموازنة الإجمالية للجامعة العربية البالغة 60 مليون دولار.

ليبيا: 7 ملايين دولار

العراق: 6 ملايين دولار

مصر: 5 ملايين دولار

الجزائر: 4.8 مليون دولار

المغرب: 3 ملايين دولار

الإمارات: 3 ملايين دولار

قطر : 2.933 مليون دولار

اليمن: 2.2 مليون دولار

السودان وتونس: 900 ألف دولار كلٌّ منهما

الأردن، جيبوتي، الصومال، جزر القمر، لبنان وموريتانيا: و600 ألف لكل منها

سلطنة عمان: 300 ألف دولار

 

شاهد أيضاً

“الإمبراطور الأبيض”.. مقاتلة الجيل السادس الصينية المصممة للهيمنة على السماء والفضاء

تشهد المنافسة بين الصين والولايات المتحدة تصعيداً ملحوظاً في العديد من المجالات، من أبرزها التسابق …