الزمان عام 2050. المكان، مدينة تل أبيب. مدينة متطورة للغاية، وقلب الشرق الأوسط الاقتصادي الأهم على الإطلاق. والمدينة الأكثر تحصينًا نتيجة شبكة معقدة من معاهدات عدم الاعتداء والحماية المتبادلة بين دول المنطقة، ورمز القوة العسكرية التي لا تقهر، في محيط ليس في وارده فكرة المقاومة أو حتى الممانعة، سواء بمحض الإرادة الحرّة، أو بسبب الأحلام الاقتصادية، أو بسبب الالتزامات الأمنية الموقع عليها في معاهدات السلام العربية الإسرائيلية، تحت شعار «لمَ نتقاتل بينما يمكننا أن نتعامل؟».
المحصلة النهائية تنتشر في الأرجاء كيانات اقتصادية بمسميات مختلفة: «سلطة»، و«دولة»، و«إمارة» أو حتى «مملكة» كلها مرتبطة بالمركز الإقليمي الأهم، إسرائيل. كلٌّ في موقعه في منظومة الشرق الأوسط الكبير يؤدي ما هو مرسوم له بعناية ودقة فائقة، كساعة سويسرية فاخرة الصنع. بحسب ما تفترضه نصوص ما يعرف إعلاميًا بصفقة القرن، أو مبادرة ترامب.
المشهد أعلاه قابل للتحقق بناءً على تصور رؤية ترامب لكيفية إعادة تركيب المنطقة، وبناء على التوقعات لنمو الاقتصاد الإسرائيلي والعربي الذي يشي بتطور مستمر للاقتصاد الإسرائيلي، ويفترض نموًا بطيئًا للاقتصادات العربية إذا لم تسارع للسلام مع تل أبيب. الوعود التي تبوح نصوص الوثيقة ببعض تفاصيلها، تنبئ عن أن العرب إذا تبعوا الوعود الاقتصادية الواردة في الرؤية ربما سيكون مصيرهم كالبشر في فيلم «الماتركس». حيث لا يدرك معظمهم حقيقة أنهم يعيشون في عالم من وهم، وأن أجسادهم ليست سوى بطاريات إنتاج للطاقة في مكان بارد مظلم ومعتم، بالرغم من الحلم الوردي الذي تعيشه أدمغتهم الموصولة بالآلة الكبرى، وهو ما سيشرحه التقرير التالي.
على الأرجح لن يكون إنسان المنطقة العربية المستهدف بالوثيقة أكثر من وحدة طاقة مشابهة، غرضها تزويد نظام «الآلات المتقدم» بما يحتاجه من الحماية والقوة الدافعة لعجلة الإثراء. سيمتص هذا النظام، الذي صُمِّم بعناية فائقة لمصلحة الآلة المصدر، شعوب وأنظمة المنطقة بينما تمضي عمرها في الفقر، وهي تحاول أن تضع قدمًا على أعتاب هذه الجنّة الاقتصادية التي طالما وعدت بها ولا تستطيع. في هذه الأثناء يرتقي من هم حول السلطة وبيدهم مقاليد القوة في درجات الثراء والرخاء، أمّا فقراء المنطقة ينحدرون على دركات العوز بشكل مستمر. في الواقع تبوح الوثيقة بكل ذلك وأكثر.
يقول الكاتب في صحيفة نيويورك تايمز «برت ستيفنز» في مقال لقي صدى واسعًا أن على الفلسطينيين والعرب ألا يضيعوا الفرصة التي تقدمّها مبادرة البيت الأبيض خصوصًا أنهم تاريخيًا، بحسبه، خسروا في كل مرّة قالوا لا للمبادرات الأمريكية والدولية المشابهة. لكن يبدو أن الواقع العربي يقول عكس ما ذهب إليه برت في مقالته الرائجة، وأن خساراتهم من الانخراط في العملية السلمية تفوق مكاسبهم.
رحلة الـ«نعم» العربية.. ماذا خسر العرب سياسيًا من التنازلات؟
في يونيو (حزيران) 2009 كانت إحدى قاعات جامعة بار إيلان الرئيسية ممتلئة عن بكرة أبيها بانتظار محاضرة يلقيها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالتنسيق مع مركز «بيجن-السادات لدراسات السلام» بعد شهور قليلة من تدمير قطاع غزة إثر انتهاء عملية «الرصاص المصبوب» آنذاك. يحدثنا نتنياهو هنا بوضوح عمّا يريده وما تريده إدارات إسرائيل المتعاقبة من العملية السلمية والمشروع الإسرائيلي في المنطقة:
«على القيادة الفلسطينية أن تقول كفى لهذا الصراع.. وتعترف بحق الشعب اليهودي بدولة له على هذه الأرض، وأن تقول إنها مستعدة للعيش معنا في سلام حقيقي. إني أتطلع لتلك اللحظة التي ينطق فيها الفلسطينيون هذه الكلمات البسيطة لشعبنا وشعبها. بعد ذلك سيكون الطريق مفتوحًا لحل كل المشاكل مهما تبدو معقدة».
أضاف نتياهو حينها: «هذا الاعتراف يجب أن يرافقه تطبيق عملي.. ويجب أن يكون واضحًا أن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين يجب أن تحل خارج حدود دولة إسرائيل. وليكن واضحًا كذلك أن أي مطالبات لإعادة توطينهم داخل حدود إسرائيل يهدد استمرارية إسرائيل باعتبارها دولة للشعب اليهودي.
وقال: «دعوني أقول إن روابط الشعب اليهودي مع أرض إسرائيل تمتد لأكثر من 35 ألف عام. يهودا والسامرة هي حيث عاش إبراهيم وإسحاق ويعقوب وداوود وسليمان، هذه ليست أرضًا غريبة عنّا، إنها أرض أجدادنا… المآسي التي عانى منها شعبنا بسبب عدم امتلاكه القوة توضح لماذا من حق إسرائيل أن يكون لديها قوة دفاع سيادية عن النفس. في وطننا يعيش مجتمع فلسطيني كبير لا نريد أن نحكمه أو نفرض عليه حضارتنا. هناك ما يوحدنا معهم أكثر مما يفرقنا. جئت هذا المساء لأوضح هذه الوحدة، ولأوضح أن مبدأي السلام والأمن سابقان على أي اتفاق سلام مع المجتمع الإسرائيلي».
وأوضح حينها نتنياهو «الأسس التي توجه سياستنا بهذا الخصوص. المبدأ الأول؛ أن يعترف الفلسطينيون بإسرائيل دولة للشعب اليهودي بوضوح ودون مواربة. والمبدأ الثاني هو نزع السلاح. الأراضي التي تخضع لسلطة الفلسطينيين يجب أن تكون منزوعة السلاح. لتحقيق السلام يجب أن نتأكد من عدم قدرة الفلسطينيين على إدخال الصواريخ إلى أراضيهم، وأن لا يشكلوا جيشًا، وأن لا يغلقوا مجالهم الجوي علينا، أو أن يتحالفوا مع قوى مثل حزب الله وإيران».
في الواقع منذ أن ثبتت إسرائيل مخالبها في خاصرة المنطقة العربية عام 1948، وتحولت إلى ما يشبه الأمر الواقع الذي لا فكاك منه خصوصًا بعد توسعها في أعقاب حرب عام 1967، كانت فكرة تحقيق الدولة القومية اليهودية المتفوقة عسكريًا واقتصاديًا وسياسيًا على جيرانها العرب الهدف الذي وضعته الإدارات الإسرائيلية المتعاقبة نصب عينيها في أي حرب أو مفاوضات خاضتها مع العرب منذ وقت مبكر، ولم تتوقف إزاء ذلك القرارات والمبادرات الدولية عن التدخل ومحاولة فض النزاع. خصوصًا من واشنطن التي عرضت العديد من مبادرات السلام مع العرب تحت مظلة الإغراءات الاقتصادية المتواترة التي حابت الجانب الإسرائيلي على حساب الجانب العربي. خصوصًا منذ مبادراتها الأولى بعد حرب الأيام الستة وطوال فترة حرب الاستنزاف، أو ما يعرف بمبادرة روجرز.
أسست الهزيمة العسكرية الثقيلة للعرب في العام 1967 لمشوار طويل من التنازلات يمكن القول اليوم إنها جاءت في مصلحة إسرائيل أكثر مما حققته من مصالح للجانب العربي. إذ انتهت الحرب بصدور قرار مجلس الأمن رقم 242، القاضي بوقف إطلاق النار وانسحاب إسرائيلي من الأراضي العربية التي تم احتلالها آنذاك والاعتراف العربي بإسرائيل، وعدم ربط قضية فلسطين بالصراع العربي الإسرائيلي. نص القرار في بنوده على احترام سيادة دول المنطقة على أراضيها، وحرية الملاحة الدولية في مضيقي صنافير وتيران المصريين حينها، وحل مشكلة اللاجئين، وإنشاء مناطق منزوعة السلاح، وسلام عادل ودائم في الشرق الأوسط.
إلا أن إسرائيل تنصلت من الالتزام بالقرار الأممي رقم 242 ورفضت الاعتراف به، واكتفت بوقف لإطلاق النار، وهو أشبه بتوقيع هدنة بين العرب وإسرائيل مع ترك الحال على ما هو عليه. ولم تسفر حرب الاستنزاف طوال الأعوام اللاحقة عن استرداد أي من تلك الأراضي، أو تغيير الواقع الذي فرضته إسرائيل على العرب، ما أقنع الرئيس المصري جمال عبدالناصر بقبول بمبادرة روجرز لوقف إطلاق النار في العام 1970.
وبعد عدة جولات من الانتصارات المصرية في حرب تشرين التحريرية عام 1973 في عهد السادات، نجحت الوساطة الأمريكية في إقناع الطرفين بتوقيع اتفاق فض الاشتباك المسلح عام 1974. لتبدأ عدة جولات تفاوضية أسفرت عام 1978 – 1979 عن توقيع معاهدة كامب ديفد بين الجانبين المصري والإسرائيلي. أخرجت بها تل أبيب مصر، الدولة الأهم ضمن المنظومة العربية، من معادلة الصراع العربي الإسرائيلي. وكان لذلك أهمية قصوى إذ تمكنت إسرائيل في العام 1981 من إعلان ضم القدس وأراضي الجولان المحتل قانونيًا، وفي العام نفسه دمرّت المفاعل النووي العراقي أمام ناظري القاهرة التي كُبّلت باتفاقية كامب ديفيد. ويبقى أن الشرخ في الجسم العربي أهم ما نتج عن خطوة القاهرة التي حرمت من عضوية الجامعة العربية حتى عام 1989.
في فترة الغياب المصرية هذه عن محيطها، كان صيف يونيو (حزيران) 1982 يشهد اشتباكًا عنيفًا بين مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية والقوات الإسرائيلية امتد على طول الجنوب اللبناني حتى مدينة بيروت. وافقت على إثره القوات الفدائية الفلسطينية على الخروج من بيروت بعد حصار قاس، ومعركة شرسة مع القوات الإسرائيلية المهاجمة.
أعلن الرئيس الأمريكي، رونالد ريجان، في سبتمبر (أيلول) حينها مشروعًا بعنوان «مبادرة سلام أمريكية لشعوب الشرق الأوسط» حاولت إقناع العرب والفلسطينيين بالكف عن إنكار إسرائيل، والاعتراف بها أمرًا واقعًا من موقع أنها أثبتت نفسها باعتبارها القوة العسكرية الأهم في الشرق الأوسط. جاء في بنود الاتفاقية السبعة أن لا أمل للفلسطينين بتحقيق حلمهم بالدولة إلا من خلال التعاون الأمني مع تل أبيب. لتأتي قرارات القمة العربية الاستثنائية في مدينة فاس في سبتمبر 1982، وتعترف ضمنيًا بوجود إسرائيل من خلال إقرارها بمشروع السلام مع تل أبيب، والتي بالمناسبة رفضت مشروع ريجان كما رفضت مبادرة روجرز من قبل.
شهدت هذه الحقبة تحولًا كبيرًا على المشروع الوطني الفلسطيني منذ العام التالي لحرب 1973. إذ شهدت تنازلًا عن شعار «التحرير والعودة» لصالح اعتماد برنامج «النقاط العشر»، الذي يقضي بإقامة سلطة وطنية على أي شبر يتم تحريره، واعُتبر برنامجًا مرحليًا، ليصبح بعد ذلك حلًا نهائيًا من خلال اعتماد برنامج (حق تقرير المصير والعودة والدولة) في عام 1988. اعتبرت الموافقة الفلسطينية على قرار 242، استعدادًا للاعتراف بإسرائيل الذي تمّ رسميًا بعد سنوات قليلة بتوقيع «اتفاق أوسلو» عام 1993 على ضوء مبادرة من الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن في مارس 1991 بعد الإعلان عن تحرير الكويت.
طوال هذه الرحلة الشاقة لم تقدم إسرائيل تنازلًا واحدًا حقيقيًا للعرب عمومًا والفلسطينيين خصوصًا. بل مع الفلسطينيين تحديدًا تمكنت من تحقيق مكتسبات متتالية منذ أن استطاعت الخروج باتفاق مؤقت من خلال اتفاقية أوسلو 1993 يؤجل البحث في جميع المسائل الأساسية للقضية الفلسطينية، وهي الأرض واللاجئون والدولة لمدة خمس سنوات، فلم يضمن أي اتفاق حصول فلسطين على حق السيادة على الأرض، ولم يشمل أي اتفاق على ضمانات حقيقية بشأن إقامة الدولة الفلسطينية ومن دون أن تكون القدس الشرقية، على الأقل، جزءًا من مناطق الحكم الذاتي حتى اليوم.
في المقابل تمكنت تل أبيب من محاصرة منظمة التحرير الفلسطينية سياسيًا، إذ وافقت على وقف الانتفاضة ونبذ المقاومة تحت بند مقاومة «العنف والإرهاب»؛ واعتراف منظمة التحرير بإسرائيل وبحقها في الوجود بسلام وأمن «وهو الاعتراف التاريخي الذي لا يمكن التراجع عنه بعد ذلك» مقابل اعتراف إسرائيل بالمنظمة ممثلة عن الشعب الفلسطيني فقط بدل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ونجحت على ما يبدو في تفتيت الصف العربي، وإخراج القضية الفلسطينية من كونها قضية كل، إلى قضية جزء. كما يبدو أنها نجحت في تفتيت القضية المحورية إلى قضايا أخرى فرعية عديدة تطيل أمد المفاوضات دون الوصول إلى حلول حقيقية.
لتُطرح أسئلة كثيرة عن جدية تل أبيب في السلام مع العرب إذا أُخذ في الاعتبار أنها ومنذ توقيعها على معاهدة السلام مع مصر شنت ثلاث حروب على لبنان (1982، 1996، 2006)، وخمس حروب في فلسطين (إعادة احتلال المدن في الضفة الغربية عام 2002، وأربع حروب على غزة: 2006 و2008/2009، 2012 و2014). كما اغتالت العديد من الشخصيات الفلسطينية والعربية في الضفة والقطاع وبعض الدول العربية مثل لبنان والأردن وتونس والإمارات العربية المتحدة.
باختصار خرجت إسرائيل من رحلة المفاوضات باعتراف بأن لها حقًا «تاريخيًا» وحقيقيًا في الأرض الفلسطينية، وهو من نوع الاعترافات التي يمكن النكوص عنها بعد ذلك مهما فعل الطرف الآخر، وعلى الجانب الآخر خرج العرب من المفاوضات أكثر تفتتًا وانقسم الداخل الفلسطيني أيضًا بعنف، بعد أن كانت منظمة التحرير هي حاملة لواء الثورة الفلسطينية التي توحد الشعب خلفها، وسرعان ما تحول الذين كانوا في شبابهم مقاتلين ومقاومين في منظمة التحرير، إلى موظفين ورجال أمن في جهاز بيرقراطي يتضخم تحت إشراف السلطة الأمريكية، شيء أشبه بالدولة لكنه في الحقيقة شبه دولة.
إذًا هل ربح العرب اقتصاديًّا كما وعدتهم أمريكا؟
جادل رئيس المركز العربي للأبحاث في الدوحة، المفكر عزمي بشارة، في محاضرة لاستعراض التاريخ العربي في المفاوضات مع تل أبيب أن الجانب العربي، وبالأخص الفلسطيني في معظم جولات التفاوض وافقوا على ما رفضه الجانب الإسرائيلي في المبادرات الأمريكية. وكانت خسائرهم لا يوازيها إلا ما تحققه إسرائيل من مكاسب عن كل جولة نزال. الأرقام والوقائع، في الانفوجراف الموضح هنا لا تكذب ما ذهب إليه الرجل. فمنذ أول معاهدة سلام مع المحيط العربي وحتى اللحظة تسجل تل أبيب تقدمًا على جيرانها العرب تقريبًا في كل المجالات.
رغم أن الإغراء بمستقبل اقتصادي زاهر في جميع المبادرات الأمريكية لكل دول المنطقة، كان الأساس في الترويج لعملية السلام في الشرق الأوسط، إلا أنه تحقق لإسرائيل بقدر لم يتحقق للأنظمة العربية التي وافقت على إنهاء حالة الصراع معها. في رحلة مبادرات السلام الأمريكية هذه منذ منتصف السبعينيات من القرن العشرين حتى اليوم، تحسّن الاقتصاد الإسرائيلي بمعدلات عالية، بينما لم يتمكن اقتصاد الدول العربية التي وافقت على العملية السلمية من مجاراته. ففي الوقت الذي أنتجت إسرائيل فيه عام 1979 محليًا ما قيمته 16.8 مليار دولار، قفز في 2018 إلى 337 مليار دولار. بينما مصر التي أنتجت محليًا أزيد عن 18 مليار دولار بقليل عام 1979، وصل ناتجها المحلي الإجمالي في 2018 بحدود 250 مليار دولار فقط بالرغم من توفرها على موارد طبيعية وبشرية تفوق ما لدى إسرائيل.
في نوفمبر (تشرين الثاني) 1992 أصدرت مؤسسة التراث الأمريكية «هيريتج» تقريرًا حول الشرق الأوسط بعنوان «لماذا النمو الاقتصادي أمر حاسم للسلام العربي الإسرائيلي» يخلص إلى أن الاضطرابات مثل الانتفاضة وقتها، والمجموعات الفلسطينية المقاومة تعيق النمو الاقتصادي للمنطقة بشكل عام، وتضر بمصالح الجميع، وتحول دون إمكانية تحقيق أي تسوية أو سلام في مستقبل المنطقة. وينتهي التقرير إلى ضرورة دعم الوضع الاقتصادي الإسرائيلي، وعليه فإن فكرة المزيد من المناطق الصناعية المؤهلة «QIZ» في إسرائيل والمنطقة قد تعود عليها وعلى واشنطن بالنفع وعلى دول الجوار التي ترغب بالسلام.
وكانت الوثيقة الصادرة على ضوء عدة جولات حينها من محادثات السلام وقبل أقل من عام من توقيع اتفاقية أوسلو 1993، تأمل أن تتمكن معاهدات السلام من منح العرب وإسرائيل إمكانية الولوج لأسواق جديدة متبادلة، والاستفادة من الفرص الاقتصادية التي سيوفرها السلام لكل الأطراف.
وفّر السلام لإسرائيل فرصة الولوج إلى أسواق منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط الاستراتيجية، والتي يبلغ حجم التبادل التجاري فيها أزيد عن 100 مليار دولار سنويًا. إذ استوعبت هذه السوق مضافًا إليها تركيا 10% من صادرات السوق الإسرائيلية عام 2016. إذ صدّرت له ما قيمته 7 مليارات دولار من المنتجات واستوردت منه ما قيمته 4 مليارات دولار. اقتصاديًا امتدت العلاقات الاسرائيلية التجارية لتل أبيب حتى دول مجلس التعاون الخليجي الذي بلغ حجم التبادل التجاري الإسرائيلي معها في 2018 حوالي مليار دولار.
لهذا يرى كثيرون أن المصلحة الإسرائيلية الاقتصادية قد تعاظمت بعد توقيع اتفاقيات السلام مع جيرانها العرب. فبعد أن كانت ميزانية الدفاع الإسرائيلية تشكل 20% من الناتج الإجمالي المحلي بعد حرب 1967، وارتفعت إلى 30% بعد حرب 1973 ما يعني إرهاقًا اقتصاديًا قاتلًا لدولة إسرائيل. فإن تلك النسبة قد انخفضت إلى 10% بعد توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل، وانخفضت مرّة أخرى إلى قرابة 6% بعد توقيع معاهدة السلام مع الأردن وفلسطين.
هذه المكاسب الاقتصادية الإسرائيلية المتعاظمة قابلتها أرقام اقتصادية عربية خجولة في التجارة البينية بينها وبين إسرائيل. فالأرقام الاقتصادية الفلسطينية بعد الدخول في عملية التسوية السلمية تؤكد عدم تحقق أي من التوقعات بالازدهار الاقتصادي. إذ يشير تقرير صادر عن مؤسسة توني بلير للتغير العالمي عام 2016 بعنوان «تقييم تجارة إسرائيل مع جيرانها العرب»، يقيم وضع التبادل التجاري والاقتصادي بين إسرائيل ومجموعة دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا «مينا»، إلى الاعتماد المتزايد للاقتصاد الفلسطيني على مثيله الإسرائيلي بصورة كبيرة.
فقد مثلت السوق الإسرائيلية 60% من مصدر واردات الفلسطينيين الموثقة، وكانت الوجهة لـ85% من صادراتهم الموثقة. وإذا أردنا حساب مجمل العملية التجارية بما فيها تلك التي لا تمر عبر القنوات الرسمية، فإن ثلثي الواردات الفلسطينية تأتي من إسرائيل، وتذهب 90% من الصادرات الفلسطينية إلى السوق الإسرائيلية، بحسب التقرير. دون أن تتمكن العملية السلمية من تحقيق الاستقلال الاقتصادي للفلسطينيين.
أردنيًا، فعمان التي وقعت معاهدة وادي عربة للسلام عام 1994، لم تشكل صادراتها إلى تل أبيب عام 2016 مثلًا أكثر من 114 مليون دولار، أي 1.5% من مجمل صادرات الأردن ذلك العام. واستوردت من السوق الإسرائيلية ما قيمته 30 مليون دولار أي ما نسبته 0.2% من مجمل وارداته من خلال اتفاقيات المناطق الصناعية المؤهلة كويز، علمًا أن الـ114 مليون دولار ليست كلها من صادرات أردنية محلية الصنع، فتلك شكلت فقط 69 مليون دولار، والباقي كان عبارة عن إعادة تصدير لمنتجات قادمة من دول مجلس التعاون الخليجي إلى إسرائيل عبر الأردن بحسب ذات الاتفاقيات الاقتصادية من خلال المناطق الصناعية المؤهلة الكويز.
ولم يكن الوضع أفضل على الجبهة المصرية، إذ بلغت واردات مصر من إسرائيل في العام 2016 ما قيمته 40 مليون دولار أي ما قيمته 0.1% من مجمل وارداتها من السلع، وبلغت واردات إسرائيل من السلع والخدمات المصرية معًا كذلك 0.1% من مجمل وارداتها آنذاك. ولا تختلف النسبة كثيرًا في حالة الصادرات المصرية لإسرائيل من السلع والخدمات التي بلغت ما نسبته 0.3% فقط من مجمل صادراتها إلى العالم في ذلك العام. الواقع الذي يثير تساؤلات حول جدوى السلام اقتصاديًا، من وجهة النظر العربية على الأقل، حتى هذه اللحظة.
الحصاد المر
تفصح الأرقام عن نتائج الجولات «النَعَميّة» العربية – الإسرائيلية على جبهة القضية الفلسطينية والقضايا العربية عمومًا. فسياسيًا يميل الميزان لصالح المكاسب الإسرائيلية على حساب الخسائر العربية في محاور الاشتباك الثلاث الرئيسية؛ الأرض، والإنسان، والدولة. فبعد عقود من العلاقات الإسرائيلية العربية زاد معدل الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية خلال سياسة الاستيطان وفرض الأمر الواقع غير الشرعية. إذ تقوم على أراضي الفلسطينيين اليوم في الضفة الغربية قرابة 200 بؤرة استيطانية يسكنها أكثر من نصف مليون مستوطن.
خلال عام 2019 شرعنت واشنطن وجود المستوطنات بإسقاطها صفة «غير الشرعية» عنها، ولم تعتبرها في رؤية ترامب عائقًا في طريق عملية السلام، كما اعترفت بالأراضي العربية السورية المحتلة في الجولان جزءًا من دولة إسرائيل بحكم الأمر الواقع، وأعطت الحق لتل أبيب بضم أراضي الأغوار الفلسطينية بشكل رسمي.
ولم يتمكن المجتمع الدولي حتى اللحظة من حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين أو تقديم مبادرة عادلة بخصوص ذلك تقنع القيادة الفلسطينية على الأقل. بل تعاني وكالة الغوث الدولية لإعانة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» من عجز مالي يهدد بزيادة معاناة أكثر من 6 ملايين لاجئ فلسطيني في أماكن لجوئهم. في محاولة لفرض توطينهم في أماكن لجوئهم تماشيًا مع الرغبة الإسرائيلية المدعومة أمريكيًا.
وليس الحال بأفضل فيما يخص حلم إقامة الدولة الفلسطينية الذي صار بعيدًا عما يتصوره الفلسطينيون خصوصًا بعد الخطوة الأمريكية بالاعتراف بالقدس عاصمة موحدّة لدولة إسرائيل. ومن ثم نقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى مدينة القدس، وإغلاق مكتب بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني هناك، في سبتمبر 2018.
اليوم وبعد قرابة الثلاثين عامًا من السلام مع تل أبيب، يجد الفلسطينيون أنفسهم منقسمين على رقعتين جغرافيتين، وتتقاسمهم سلطتين مختلفتين في الضفة وفي قطاع غزة، وتحكمهم رؤيتين مختلفتين للخروج من هذا الواقع، وتجد رام الله نفسها وحيدة من دون محيطها العربي على طاولة المفاوضات الإسرائيلية لانتزاع حقوقها.
عربيًا أدت معاهدات السلام إلى انقسام النظام العربي إلى نظام ممانع وآخر معتدل أدى إلى غياب الاستراتيجية العربية الموحدة، واختلاف الأولويات العربية بحسب مصلحة كل دولة. لذا يعتقد البعض أن معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية «مكنّت القاهرة من استعادة سيناء بالكامل، بمواردها السياحية والاقتصادية، وهو أمر لم يكن من الممكن حدوثه بالقوة المسلحة»، كما مكنته من «التخلص من عبء المجهود الحربي، والذي وجهت أمواله فيما بعد للتنمية الاقتصادية، والحصول على المساعدات الاقتصادية من الأمريكية التي ساهمت في التنمية الاقتصادية المصرية».
إلا أن هذه المكاسب لا تقنع قسمًا آخر يؤمن أن مصر في مقابل السلام، خسرت دورها الإقليمي، ووضعت سيناء رهينة في يد إسرائيل، تستطيع أن تعيد احتلالها في أي وقت تشاء، بمساعدة أمريكا بموجب بنود الاتفاقية. ومكنّت إسرائيل من أكتاف مصر الاقتصادية. بدءًا من اتفاقية الكويز التي تشترط توفر المنتجات المصرية على نسبة من المواد الخام الإسرائيلية حتى يمكنها دخول السوق الأمريكية معفاة من الضرائب. وليس انتهاءً بخسارة القاهرة إمكانية تحولها لمركز تجارة الغاز في المنطقة مؤخرًا بسبب ولادة الاتحاد الإسرائيلي اليوناني القبرصي لتجارة الغاز والذي استثنيت منه مصر، فضلًا عن أن كل مشاريع التنمية الاقتصادية التي حدثت في مصر بعد السلام قد ترافقت مع خطط المؤسسات المالية الدولية وما تبع ذلك من عواقب جسيمة في الاقتصاد والمجتمع رغم حالة السلام.
أردنيًا حَمّلت إسرائيل عمّان عبء اللاجئين الفلسطينيين، ولم تتوقف عن الترويج عن كون الأردن وطنًا بديلًا للفلسطينيين في محاولة لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين على حساب المصلحة الأردنية. وحرمته من الاستفادة من أراضي الغمر والباقورة حتى العام الفائت عندما قرر العاهل الأردني إيقاف العمل بالملحق الخاص بالمنطقتين نتيجة الخلافات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو.
وتسعى إسرائيل جاهدة إلى بسط سيطرتها على أراضي الأغوار على طول الحدود مع الأردن في تهديد مباشر للأمن والحدود الأردنية. ولا تكف عن التلويح بسحب الوصاية الهاشمية عن المقدسات الإسلامية في مدينة القدس، وهي المطالبات التي جاءت صراحة في نصوص وثيقة البيت الأبيض الأخيرة. وتحاول كل من واشنطن وتل أبيب الضغط على الأردن اقتصاديًا لتحقيقه. لم تسعف الجوانب الاقتصادية لمعاهدة السلام والآمال التي علّقت عليها الاقتصاد الأردني الذي يعاني من أزمة اقتصادية خانقة خلال السنوات الأخيرة، بقدر ما صارت ورقة للضغط بها على النظام الهاشمي لإجباره على تقديم تنازلات سياسية.
الخسائر الحضارية الكبرى في الانتظار.. تحليل كمي لمحتوى صفقة القرن
تشكل مبادرة «سلام من أجل الرخاء» الأمريكية ذروة المبادرات الأمريكية من حيث تحيزها الواضح لإسرائيل على حساب المصالح العربية بحسب الكثير من المراقبين. لكن الرؤية الحضارية التي تحاول الوثيقة طرحها على أبناء المنطقة فيما يخص معتقداتهم تجاه القضية الفلسطينية عمومًا، ووضع مدينة القدس خصوصًا قد يكون أخطر ما فيها بعيدًا عن محاورها السياسية والاقتصادية.
تتبنى رؤية ترمب الرواية الإسرائيلية بخصوص القضية الفلسطينية، كما هو معروف تسميتها في المنطقة العربية، أو ما يعرف بالصراع الإسرائيلي العربي حتى ثمانينيات القرن الماضي، وما صار يعرف بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني منذ أوسلو 1993. نقصد بالرواية، ليس فقط الجانب السياسي منها، بل ذلك (التاريخي – الحضاري) أيضًا. لذا فالنص محمّل بالإشارات التوراتية والتاريخية التي تخدم الرواية الرسمية الإسرائيلية، والتي على أساسها وضعت الحركة الصهيونية الأسس لقيام دولة إسرائيل.
فيما يتعلق بقضية مثل قضية القدس، التي ورد اسمها في المبادرة 2461 مرّة، بحسب إحصاء كمي أجريناه عليها، ينتقل وصف المدينة من كونها مركزًا دينينًا تاريخيًا لليهود في العالم تحت بند «سمات القدس الدينية»، إلى وصفها «عاصمة سياسية ومركزًا روحيًّا» بعد أن وحّد الملك داوود قبائلها.
وبحسب نص الوثيقة التي تكرر فيها كل من كلمة معبد وكنيسة 559 مرّة مقابل كلمة مسجد 129، تشكل المدينة والمناطق حولها للمسيحيين عاصمة روحية دينية شهدت ميلاد المسيح والمسيحية. وتشير الوثيقة الأمريكية صراحة دونما مسوغ إلى فترة السيطرة المتبادلة على مدينة القدس إبّان الحروب الصليبية بين المسلمين والمسيحيين، كأنما تريد أن تقول للعرب، أن المدينة كانت محل نزاع فقط عندما كان أصحابها الأصليون، أي الإسرائيليين، غائبين. لذا وفي أكثر من موقع تروّج الوثيقة أن القدس كانت في أبهى عصورها عندما كانت تحت حكم اليهود، ويجب أن تعود كذلك في تحيز واضح لدولة إسرائيل.
وتصف أهمية المدينة بالنسبة للمسلمين من كونها كانت «معراج نبي الإسلام»، وبسبب أن القرآن أشار إليها في نصوصه. لذلك أولت كثير من الخلافات الإسلامية المتعاقبة المدينة اهتمامها ورعايتها بحسب الوثيقة، وليس لأي سبب جوهري. تنحاز الصياغة، التي جاء فيها لفظ يهودي 1591 مرّة، بشكل فاضح لصالح تل أبيب وأحقيتها التاريخية على حساب كل من المسيحيين، الذين ذكروا في نص الوثيقة 645 مرّة، والعرب المسلمين الذين ذكروا تحت كلمة مسلم/ون 517 مرّة. فالوثيقة تعتبر القدس بالنسبة لإسرائيل مركزًا سياسيًا وروحيًا، في حين أنها دينية فقط بالنسبة للعالم المسيحي، وذات بعد ديني فقط للمسلمين، أمّا سياسيًا فلم تكن المدينة أبدًا عاصمة لحكم إسلامي ذي شأن، بل اهتمام فقط بحكم الوازع الديني، بحسب الوثيقة.
لا تتوقف الوثيقة الرسمية على تبني الرواية الإسرائيلية بخصوص الصراع مع العرب حول فلسطين فقط، بل توفّر أدوات إعادة صياغة الوعي العربي ومحتواه من خلال بنودها التي تتعلق بجانبي التربية والتعليم، فتواتر الإشارات طوال فقرات ونصوص الرؤية التي تصرّ على أن الأراضي الفلسطينية يهودية خالصة، تدفع باتجاه إعادة صياغة وعي أبناء المنطقة، بحيث تكون تكون دولة إسرائيل التوراتية قبلته وكعبته. وأركانه الثلاثة الأساسية هي القدس عاصمة إسرائيل الأبدية والموحدة، ولا لاجئين اقتلعوا من مدنهم وقراهم، وأن لا حق في العودة للفلسطينيين إلى «أراضي يهودا والسامرة» العبرية.
يأتي قسم «التعليم وثقافة السلام» في المبادرة للتأكيد على هذا المفهوم. بحسب الرؤية الأمريكية يجب أن تُوَظّف أدوات الإعلام العربية بما فيها الحكومية والمناهج والكتب المدرسية، بحيث تروج لثقافة «السلام والتعايش». الهدف كما يقول نص الرؤية هو «تهيئة بيئة عربية من قيم التعايش والاحترام المتبادل» مع إسرائيل. إلّا أن اللافت أن هذا الجانب يخص إعادة صياغة الوعي عند الجانب العربي فقط ولا يتطرق للمناهج ووسائل الإعلام الإسرائيلية بطبيعة الحال، وعليه فإنه من المفترض أن يقوم الإعلام العربي والمناهج بإعادة صياغة وعي الأجيال القادمة حول ثلاث نقاط أساسية بديلة فيما يخص القضية الفلسطينية هي: أن القدس تاريخيًا كانت وستبقى عاصمة إسرائيل الأبدية والموحدة، وأن أرض فلسطين وطن قومي ليهود العالم، وأن عودة اليهود إليها وعد توراتي وليس استيطانًا.
تبين لغة الأرقام هذا الانحياز الذي تطفح به الوثيقة الرسمية الأمريكية لصالح إسرائيل على حساب شعوب المنطقة. فقد ذكرت كلمة إسرائيل 8323 مرّة في نصوص الرؤية مقابل 7109 مرّات لكلمة فلسطين. ويميل الميزان لصالح كلمة الإسرائيليين التي وردت 5191 مرّة على حساب كلمة الفلسطينيين التي جاءت فقط 3795 مرّة، وعلى حساب كلمة عرب عندما يعنى بها القومية 172 مرّة فقط. تريد هذه الوثيقة التي ورد فيها ذكر كلمة سلام 4431 مرّة أن تقنع الإنسان العربي بأنها لتحقيق الأمن والسلم المجتمعي بين شعوب المنطقة، من خلال بوابة الاقتصاد التي ذكرت 2739 مرّة والازدهار التي جاءت 1035 مرّة على الرغم من ورود كلمة أمن 5566 مرّة متفوقة على الجميع في عدد التكرارات.
تؤكد هذه النتائج ارتباط كلمة أمن مع صفة «الإسرائيلي» 391 مرّة بينما ترتبط نفس الكلمة مع صفة «فلسطيني» فقط 47 مرّة كأنها تؤكد أهمية الأمن الإسرائيلي على حساب الأمن العربي. وفي مقابل تعبير «السلام الفلسطيني» الذي ورد مكررًا 1505 مرّات، لا نجد تعبير «السلام الإسرائيلي» ولا حتى مرّة واحدة. ما يدعم مزاعم المعسكر الرافض للوثيقة الذي يقول أن المطلوب من هذه المبادرة هو أن تسهر دول المنطقة على أمن إسرائيل، مقابل محاولة تحقيق السلام للفلسطينيين.
الوثيقة كسابقاتها من المبادرات الأمريكية تتعكز على الإغراءات الاقتصادية التي لم يستطع العرب حتى الآن الإمساك بشيء من سرابها، مقابل تل أبيب التي راكمت ولا تزال تراكم المكتسبات. فقد حلّت إسرائيل في المركز 32 عالميًا من حيث الناتج الإجمالي المحلّي بحسب أرقام البنك الدولي لعام 2018. متقدمة على دول معسكر السلام العربي (مصر والأردن والسلطة الوطنية الفلسطينية) الذين حلّوا في المراكز (44، 91، 124) تباعًا بحسب التقرير ذاته.