رئيس عدل الدستور ليحكم منذ 27 عاماً ومازال وزعيمة المعارضة فرَّت للخارج واحتجاجات تعم البلاد ما الذي يحدث بروسيا البيضاء؟

ندلعت احتجاجات في مدن روسيا البيضاء واعتقل العشرات بينما فرَّت زعيمة المعارضة إلى خارج البلاد بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية يوم الأحد 9 أغسطس/آب 2020، بإعادة انتخاب ألكسندر لوكاشينكو الذي يحكم البلاد منذ 27 عاماً، وفق ما ذكره تقرير لموقع Business Insider الأمريكي الإثنين 10 أغسطس/آب.

هزيمة وليس انتصاراً: يبدو أنَّ إعادة انتخاب رئيس بيلاروسيا ألكساندر لوكاشينكو لولاية أخرى، يوم الأحد 9 أغسطس/آب، كانت هزيمة وليس انتصاراً: فهو زعم أنه حصل على 80% من الأصوات، مما أشعل أحداث عنف بين عشية وضحاها من مؤيدين للمعارضة مُتشكِّكين في نتائج الانتخابات ولا يصدقون ببساطة هذه الأرقام. 

على الصعيد الرسمي، هزم لوكاشينكو قائمة من المنافسين، بما في ذلك خصمه الرئيسي سفيتلانا تيخانوفسكي، زوجة معارض مسجون أُجبِرَت على الاختباء في العاصمة مينسك بعد سلسلة اعتقالات استهدفت فريق حملتها الانتخابية يوم السبت، 8 أغسطس/آب. 

قبل أن يعلن الثلاثاء 11 أغسطس/آب وزير خارجية ليتوانيا ليناس لينكافيتشوس على تويتر أن زعيمة المعارضة في روسيا البيضاء سفيتلانا تيخانوسكايا توجهت إلى ليتوانيا وسط الاحتجاجات التي تعم بلادها وأنها بخير.

كما لم يتمكن فريقها من التواصل معها هاتفياً الإثنين بعدما غادرت مبنى اللجنة الانتخابية. وكانت قد قالت للصحفيين إنها تعتبر نفسها الفائزة بالانتخابات وليس لوكاشينكو.

اعتقال المعارضين: فيما اعتُقِل ما لا يقل عن 120 شخصاً في احتجاجات امتدت إلى مدن برست وغوميل وغرودنو (هرودنا) من بين مدن أخرى في بيلاروسيا.   

بينما شوهد على الشبكات الاجتماعية مقاطع فيديو للمتظاهرين وهم يواجهون الشرطة في أعقاب إعلان النتائج. 

زعموا أنَّ حزب لوكاشينكو، الذي يحكم منذ 27 عاماً، بدأ في تكديس بطاقات اقتراع مسبقة الاختيار قبل عملية التصويت واستدلوا على ذلك بأعداد الأصوات المتضخمة في عدة دوائر انتخابية. 

في إحدى الحالات، سجَّل ناشط مقطع فيديو لموظف في عملية التصويت يتسلَّل من الجانب الخلفي لمقر اقتراع على سلم، بينما يمسك بأكياس لما زعم الناشط أنها بطاقات الاقتراع الفائضة.

يتساءل المحللون وجهات استخبارية كيف ستتصرف روسيا ورئيسها غير المُتوقَّع فلاديمير بوتين إزاء هذه الاضطرابات.

لوكاشينكو تلاعب ببوتين والغرب: أثارت قدرة لوكاشينكو الطويلة الأمد على التلاعب بالاتحاد الأوروبي إلى غربه وروسيا إلى شرقه وتأليبهما ضد بعضهما البعض للحصول على المساعدة الدولية حفيظة بوتين بدرجة متزايدة، خاصة أنَّ هذا الأخير يضغط منذ فترة طويلة من أجل اتحاد اقتصادي وسياسي أوثق مع بيلاروسيا، وذلك حسبما ذكر مسؤول في المخابرات العسكرية في الناتو (حلف شمال الأطلسي)، يقيم في دول البلطيق. 

بينما انهارت المحادثات بين روسيا البيضاء وروسيا في يناير/كانون الثاني بعد أن طلب لوكاشينكو من موسكو دعماً اقتصادياً أكبر بكثير من الـ10 مليارات دولار التي تتلقاها بيلاروسيا سنوياً في صورة نفط وغاز طبيعي مدعومين.

طلب مسؤول الناتو عدم ذكر اسمه لأنه غير مُخوَّل بالإدلاء بتصريحات علنية، مقابل التحدث بحرية عن الأزمة. وأكد تحليل هذا المصدر مسؤولان استخباراتيان آخران في حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي.

الخطر مضاعف: قال مسؤول الناتو: “الوضع ليس جيداً بصفة عامة، لكن الخطر مُضاعَف لأنَّه لا أحد يعرف ما الذي سيفعله بوتين تحديداً”.

أضاف المسؤول: “كانت عملية الاقتراع مزورة، لكن هذا ما توقعه الجميع من الاتحاد الأوروبي إلى شعب بيلاروسيا إلى الكرملين. بعد 27 عاماً من النجاح المتواضع في الحفاظ على حيادية بيلاروسيا بين روسيا والغرب، انقطع تواصل لوكاشينكو مع شعبه. وهذه أزمة طبيعية لديكتاتور مثله. لكن الغريب هو موقف روسيا المرتبك”.

اتفقت المصادر الاستخباراتية الأوروبية الثلاثة على أنَّ ما أجَّج الوضع بين البلدين هو اعتقال نحو 33 مواطناً روسياً في 29 يوليو/تموز، بزعَم أنهم مرتزقة تابعون لشركة عسكرية خاصة مدعومة من الكرملين تعمل في الشرق الأوسط، في منتجع صحي خارج مينسك.

قال المسؤول في الناتو: “[لوكاشينكو] أمر باعتقال هؤلاء المرتزقة الذين يُزعَم أنهم كانوا في طريقهم إلى الشرق الأوسط؛ مما أثار فزع بوتين. ويبدو أنَّ العديد منهم عملوا مع الانفصاليين في دونباس [أوكرانيا] وصدرت أوامر اعتقال بحقهم في كييف. 

يمثل منع إرسالهم إلى كييف للمحاكمة، حيث من شبه المؤكد أنهم سيحرجون بوتين، أولوية إلى جانب إيقاف الفوضى الآن في مينسك. أما الأولوية القصوى فهي إبقاء بيلاروسيا قريبة من روسيا وخارج فلك الاتحاد الأوروبي”.

بوتين مستفيد من الوضع: يتفق المسؤولون الاستخباراتيون الثلاثة على أنَّ النزاع حول الانتخابات يصب في صالح أجندة بوتين.  

كما قال المسؤول: “لوكاشينكو يصطدم بشعبه ويثير غضب الاتحاد الأوروبي؛ لذلك إذا أراد البقاء في السلطة فسيتعين عليه العودة زاحفاً إلى بوتين للحصول على الدعم السياسي والمالي. أما إلى أي مدى [بوتين] مستعد للسعي لإبقاء [لوكاشينكو] في السلطة فيعتمد على ما سيحدث بعد ذلك، لكن من الواضح من الصياغة الصارمة لبيان التهنئة الذي أرسله الكرملين اليوم أن بوتين ينتظر حماساً متجدداً من مينسك نحو أجندتها الإقليمية”.

لم يكن تصريح بوتين غامضاً؛ إذ جاء في البرقية التي نشرتها وكالة أنباء TASS الروسية: “أتوقع أن تتيح حُنكتك السياسية المزيد من التطوير للعلاقات الروسية البيلاروسية ذات المنفعة المتبادلة في جميع المجالات، فضلاً عن زيادة تعزيز التعاون تحت مظلة الدولة الاتحادية لروسيا وبيلاروسيا”.

بينما قال مصدر موقع Business Insider الأمريكي: “أتصور أنَّ لوكاشينكو سينتزع بعض الدعم من بوتين، وسيعيد في النهاية المرتزقة الروس المعتقلين”.

Check Also

“الإمبراطور الأبيض”.. مقاتلة الجيل السادس الصينية المصممة للهيمنة على السماء والفضاء

تشهد المنافسة بين الصين والولايات المتحدة تصعيداً ملحوظاً في العديد من المجالات، من أبرزها التسابق …