يحتل ملف الإخوان المسلمين حالياّ أولوية كبيرة في أجندة أحزاب ودول أوروبية كبرى، حيث تحاول بشتى الطرق مواجهة الجماعة، لكن هذه التحركات تتصادم مع جمود بعض الأجهزة التنفيذية للاتحاد الأوروبي.
وفي وقت تتخذ فيه ألمانيا والنمسا خطوات في ملف مكافحة الإخوان، تقدم لوكاس ماندل، عضو حزب الشعب النمساوي المشارك فى الإئتلاف الحاكم “ÖVP”، ولينا ديبوت، ومونيكا هولماير عضوا الاتحاد المسيحي الحاكم في ألمانيا، وجميعهم أعضاء بالبرلمان الأوروبي، بمقترح في أبريل الماضى يهدف إلى مواجهة التيارات المتطرفة إضافة إلى الإخوان.
وينص الاقتراح على إنشاء المركز الأوروبي للإسلام والديمقراطية ليتولى تقديم الدعم للمسلمين الداعمين للقيم الأوروبية والبعيدين على التيارات الأصولية والمتطرفة، وكشف التنظيمات التي تتبع أيدلوجيات موجهة ضد القيم ونمط الحياة في أوروبا، حسب ما نقلته صحيفة “فولكس بلات” النمساوية (خاصة).
ووفق المقترح، فإن المركز الأوروبي للإسلام والديمقراطية يركز عمله على دراسة وتحليل وكشف التنظيمات التي تروج لنفسها على أنها غير عنيفة، لكنها تعمل على تحقيق أهدافها سرا عبر وسائل عدة منها العنف، مثل الإخوان، وتنظيم الرؤية الوطنية “ميللي جورش” التركي وغيرهما.
وفي هذا الإطار، ذكر تقرير هيئة حماية الدستور “الاستخبارات الداخلية” الألمانية الصادر قبل أسابيع وفقًا لاستراتيجية طويلة المدى، تسعى جماعة الإخوان إلى اختراق المجتمع الألماني بهدف إنشاء نظام اجتماعي وسياسي على أساس تفسيرها للشريعة”.
وقال التقرير أيضا “حركة ميللي جورش تحاول استخدام الأجواء السياسية والاجتماعية في ألمانيا ومناخ الحرية، لفرض نظام إسلامي من تفسيرها”.
ولا يختلف الأمر في النمسا، حيث تعمل شبكة الإخوان، وأيضا ميللي جورش، على تحقيق نفس الأهداف، وفرض الانقسام في المجتمع، وفق فولكس بلات.
هذه التكتيكات والتحركات لتلك المنظمات تصعب عملية كشف ومواجهة التنظيمات الإسلامية المتطرفة، وهنا يكمن دور المركز الأوروبي للإسلام والديمقراطية المقترح.
ونص مقترح إنشاء المركز على “منح العقول التقدمية في المجتمعات المسلمة في أوروبا دفعة قوية في مواجهة التنظيمات المتطرفة، عبر تنظيم مؤتمر أوروبي سنوي حول “التنوير الإسلامي في أوروبا”.
كما يتولى المركز منح شهادات للمنظمات الإسلامية التي تكافح الغلو وتلتزم بالقوانين الأوروبية لتمييزها عن تلك المتطرفة، ويعد الحصول على هذه الشهادة شرطا مسبقا للحصول على أي دعم مالي أوروبي فيما بعد، وبالتالي تجفيف تمويل التنظيمات المتطرفة.
ويحظى المقترح بدعم قوي من وزيرة الاندماج النمساوية، سوزان راب، التي قالت في تصريحات صحفية لفولكس بلات “لابد من سد الفجوة في معركتنا ضد تنظيمات الإسلام السياسي في جميع أنحاء أوروبا”.
وأضافت “من الخطورة بشكل خاص أن يمتد تأثير الإسلام السياسي إلى النمسا والدول الأوروبية الأخرى”.
ماذا حدث؟
رغم قوة المقترح ووقوف أحزاب حاكمة ووزارات في النمسا وألمانيا خلفه، وحصوله على دعم البرلمان الأوروبي، لم توافق عليه المفوضية الأوروبية.
وفي هذا الإطار، قال مسؤول أوروبي كبير فى تصريحات سابقة ، أرسل البرلمان الأوروبي، مقترح إنشاء مركز الإسلام والديمقراطية، إلى المفوضية، وفق الآلية القانونية المعتادة”.
وأوضح أن “المفوضية الأوروبية تولت عملية دراسة وتقييم المقترح لكنها لم توافق عليه في النهاية مبررة أن مهام وأهداف المركز المقترح مشمولة بالفعل في تشريعات وأنشطة حالية في التكتل، مثل برنامج الحقوق والمساواة والمواطنة، وبرنامج الحقوق المستقبلية”.
فيما قالت صحيفة “فولكس بلات” إن هناك سببا آخر لرفض المفوضية الأوروبية للمقترح، يتمثل في رفضها “فكرة إصدار شهادات تفرق بين المسلمين المؤيدين لأوروبا، والإسلاميين”.
لكن موقف المفوضية أثار ردود أفعال غاضبة من أعضاء البرلمان الأوروبي الثلاثة الذين قدموا الاقتراح، وفق الصحيفة ذاتها.
لكن لوكاس ماندل، ولينا ديبوت، ومونيكا هولماير، لم يستسلما، حيث قال ماندل في تصريحات لفولكس بلات “سنواصل النضال أنا وزملائي من أجل إنشاء هذا المركز، وقدمنا المقترح مجددا”.
فيما قال المسؤول الأوروبي “بالفعل، قدم النواب الثلاثة مقترح إنشاء مركز الإسلام والديمقراطية مجددا، مرفق بدفوع ضد تقييم المفوضية، ونتولى دراسته”.
وخلال السنوات القليلة الماضية، نجحت السلطات في النمسا وألمانيا في كشف تحركات التنظيمات المعادية للديمقراطية، وفضح أساليبها في تقارير هيئة حماية الدستور “الاستخبارات الداخلية” في البلدين، بل إن فيينا أصدرت قانونا في مارس 2019، يحظر استخدام شعارات التنظيمات الإسلامية المتطرفة ومنهم الإخوان.